هناك فرق بين الحب الرومانسي الذي لا يتجاوز الإعجاب أو الرغبة، وبين الحب الحقيقي، أو بين أن تحب أن تكون برفقة شخص ما والعشق. هناك الكثير من الفوارق بينهما التي قد لا يدركها الشخص الغارق في علاقة أو المتعلق بحبيب لا يدري بعد إن كان يستطيع، أو يريد، أن يرتبط معه بعلاقة طويلة ودائمة. إليك بعض الفوارق بين العلاقتين.


ديمومة
الحب الرومانسي شعور زائل، وهو يجمع شخصين وغالبا لا يدوم إلا لشهور، إلا إذا اتسعت العلاقة لتشمل مشاعر شخصية أكثر حميمية. الحب الحقيقي يدوم لسنوات وغالبا لنهاية العمر. لذلك من الضروري أن يتمهل أي شخصين يريدان الارتباط بسبب علاقة حب ليتأكدا إن كان ما بينهما سيجعلهما يلتزمان بعضهما ببعض فعلا.

 

حميمية
الحميمية في علاقة هي حب حقيقي تختلف تماما عنها في علاقة حب رومانسي. الانجذاب الجسدي بيّن وظاهر في العلاقتين، ولكن الحميمية في الحب الرومانسي تبقى عند الحد الجسدي، حتى أن العشاق غالبا ما يحاولون أن يجدوا شيئا حميما خارج هذا الانجذاب الجسدي. لذلك الحب الحقيقي يتجاوز هذا النوع من الحميمية التي تتعلق بما هو جسدي وتكون أعمق بكثير من ذلك.


استقرار
الحب الحقيقي أكثر مصداقية وثباتا من الحب الرومانسي الذي يمر بتقلبات كثيرة وحالات هبوط وصعود، لذلك يعاني الطرفان في هذا النوع من العلاقات من أجل جعل العلاقة أكثر استقرارا، حتى أنهما يتساءلان في كل فترة عما إذا كانا قادرين على الالتزام بها. على العكس تماما في الحب الحقيقي يجد كل طرف أنه قادر على الاعتماد على الآخر في أسوأ الظروف ليكون سندا وملجأ له.


أشياء مشتركة
لكل نوع من العلاقتين سبب مختلف للانجذاب، الحب الرومانسي قائم أساسا على الانجذاب والكيمياء بين شخصين. وأحيانا يختار أحدهما الآخر لأنه لطيف أو ظريف أو موجود حوله كثيرا وقادر على تقديم الكثير له. في الحب الحقيقي يجد الشخصان أن هناك الكثير من الأشياء المشتركة بينهما وتجمعها قيم وأخلاقيات كثيرة يهمهما أن تكون في الشريك الآخر.


قيم علاقتك
في منتصف علاقة ما قد تسأل نفسك إن كانت هذه علاقة حب حقيقية أو شيئا آخر. فالحب الحقيقي شيء آخر غير مشاعر الانجذاب، هو أن تعرفا بعضكما جيدا وأن يكون لديكما رأي في الآخر وحكم عليه، وهو شعور يجعلك تشعر بشكل جيد وبالحرية، وبأنك قادر على أن تكون نفسك أو على طبيعتك. هو علاقة انجذاب صحية تسعى لبنائها ويجب أن تسأل نفسك وانت تقيم هذه العلاقة ما الذي يعنيه لك هذا الشخص وكيف تشعر وانت معه وهل تشبع هذه العلاقة كل حاجاتك النفسية. لكي تتأكد أنها علاقة حب حقيقية ضع بعض الأمور في اعتبارك.
– اكتب العوامل التي ترتبط بالحب الحقيقي كالثقة وتقبل كل منكما للآخر ومدى الالتزام والشعور بالأمان بوجود الآخر جسديا ونفسيا.
– كوّن قائمة بالسلوكيات وأساليب التواصل التي تجعل علاقة الحب صحية، ومنها القدرة على الاختلاف من دون غضب وعمل تسويات على امور مختلف عليها والاستمتاع بممارسة ما تحبانه معا وتقبل أنه يمكن أن يقضي أحدكما وقتا وحده مع أصدقائه أو أسرته من دون الآخر والعمل أيضا على توفير وقت لكما معا. يجب أن تقيم ما يحدث في علاقتكما وإن كان يتضمن هذه الأمور.


– يجب أن تقيم درجة الحميمية في علاقتكما، فهل أنت مهتم بأن تشاركه مشاعرك والتحدث عن أهدافك في الحياة، وهل تتعاطفان مع مشاعر بعضكما البعض وتتحدثا باهتمام عن مخاوفكما؟
– انتبه جيدا عما إذا كان وجودك مع الشخص الآخر يشعرك بارتياح مع نفسك. بمعنى أن تقوم بمراجعة نقدية لوضعك النفسي في هذه العلاقة، واحكم بنفسك إن كانت العلاقة تسعدك فعلا في أغلب الوقت، وهل تستطيع أن تتصرف على طبيعتك أم أنت مضطر الى التمثيل والتصنع حتى تسعد الآخر؟


– من جهة أخرى يجب أن تنتبه أيضا لعلامات العلاقة غير الصحية، ومنها الاعتماد على الشخص الآخر أو الأذى النفسي أو الجسدي أو الإجبار الجنسي أو تحكم شخص في الآخر أو الغيرة وكذلك التهديد والخوف وانعدام الثقة. انسحب فورا من علاقة فيها اساءة أو خوف.
– تحدث مع شريكك عن مشاعره إذا كنت تشعر بشيء عميق تجاهه وقررت الاستمرار في العلاقة، وتحدث أيضا عن الأخلاق والقيم التي تعنيك واهدافك في الحياة وكيف ترى مستقبلكما معا إذا أراد الاستمرار معك او تكوين علاقة دائمة. ناقشا السبل لتقوية علاقتكما واعملا على البحث عن سبب الشك في أن علاقتكما يمكن أن تكون جدية ودائمة.
– استمع إلى صوتك الداخلي فلاوعيك قد يكون خير من يرعاك ويرشدك، اسأل نفسك كيف تشعر وهو قريب منك. لا تتجاوز أبدا هذه الخطوة وهذه التساؤلات والمشاعر. فقط ركز على شعورك الأولي عندما تراه فلو كان حبا حقيقيا ستشعر بسعادة وهدوء ورضا وارتياح.

رأي علم النفس
د. كامل فراج- أستاذ علم النفس الفسيولوجي في جامعة الكويت- تحدث عن الحب، هذا الشعور الغامض الذي يجذب انسانا نحو آخر ويثير عاصفة من المشاعر الجميلة والحميمة التي تكون بلا سبب واضح كما قال:
– ليس للحب سبب محدد، لكنه شعور بالارتياح واللذة لوجود شخص معين ومحاولة للتقرب منه وشعور بالتوافق معه ونسيان الزمن طبعا في وجوده. لا يوجد زر فتح وإغلاق لهذا الشعور، لذلك قد يحب الإنسان أحيانا الشخص الخطأ أو شخصا يسيء إليه أو يحبه رغم عيوبه، بل أحيانا إن من يحب حبا صادقا يتمنى لو كان هناك زر إغلاق ليرتاح من حب الشخص الخطأ.
ثم تحدث الفراج عن عملية الحب من ناحية الهرمونات أو من الناحية العلمية التي تفسر عملية الانجذاب هذه، فقال:
– وقت الحب يفرز الجسم هرمون الدوبامين الذي يجعل الإنسان يشعر باللذة والنشوة والاسترخاء، وكذلك هرمون الحب فينيل إيثيلين الذي يسبب جنون الحب. وهذا الهرمون له عمل مزودج، فهو أولا يحفز الرغبة في التعلق بالآخر وكذلك يحفز إفراز الدوبامين الذي يجعل الشخص يدمن على من يحب. إضافة الى ذلك فهو يخفض الألم النفسي أو الجسدي فيجعل العاشق يتحمل الكثير من الألم.
هذا الهرمون يعطي الشخص المشاعر الإيجابية ويجعله في حالة نشوة ويغيّب عيوب المحبوب عن عيون حبيبه، بل إنه قد يراها محاسن وهو يخلق حالة اللهفة ويركز انتباه الشخص على أحد معين هو حبيبه.


أقصى مدة قد يستمر فيها إفراز هذا الهرمون هي أربع سنوات، وبعض الناس يتوقف إفراز هذا الهرمون عندهم بعد شهور وآخرين قد يستمر لعشرات السنوات. وعموما نسبة افراز هذا الهرمون تختلف من شخص إلى آخر وكما يرتفع افرازه بسرعة يهبط بسرعة أيضا وينتهي الحب.
ثم تحدث عن الحب الحقيقي والإعجاب والذي قد يلتبس على البعض الفارق بينهما:
– الإعجاب مقدمة للحب، لذلك قد يعتقده البعض حبا، ولكن الأخير فيه التزام بالعلاقة بينما الأول أجوف. هذا الالتباس هو الذي قد يجعل بعض الناس يرتبطون خطأ بعلاقات دائمة يظنون أنها بنيت على حب ثم يكتشفون لاحقا أنه لم يكن كذلك.


وعن الفارق بين حب المرأة والرجل قال:
– المرأة أكثر عمقا في الحب، لكن لا يوجد دليل علمي على أن افراز هرمون الحب لديها أكثر، وهناك فارق آخر وهو أن هرمون أوكسيتوسين، وهو أيضا هرمون حب يفرز أثناء الرضاعة والطلق ويولد حب الأمومة، هذا الهرمون لايغيّب العقل ويجعل الحب أكثر واقعية وديمومة. وهو أيضا هرمون العطاء والكرم بينما هرمون فينيل إيثيلمين هو هرمون الأنانية والغيرة. وقد لاحظ العلماء وجود ارتباط بين هرمون الأنوثة الأستروجين والأكسيتوسين، فكلما زاد الأول زاد الثاني.


الانسحاب من علاقة حب أو انتهائها لسبب ما قد يكون أكبر مخاوف العاشقين وأكثر ألامهم وجعا، ولكن كيف يمكن تجاوز هذه المرحلة الصعبة؟ أجاب الفراج:
– الانسحاب من حالة حب تتشابه أعراضه بالانسحاب من حالة إدمان، وغالبا ما تكون فترة الشفاء منه بحدود ثلاثة أشهر، لكن لا توجد عموما فترة معينة أو محددة لنسيان الحب ولكن إن كان الأمر صعبا نفسيا وزادت المدة يعالج الشخص بمضادات اكتئاب.

Avatar photo

By حواء مصر

محررة موقع حواء مصر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *