علي عكس ما كشفته الثورات العربية عن كل من سوزان ثابت زوجة الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك وليلي الطرابلسي زوجة الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي واللتين كانتا العقل المدبر طوال الأعوام الثلاثين الماضية للمشهد السياسي المصري والتونسي
أكتفت اسماء الاخرس زوجة الرئيس السوري بشار الأسد وصفية فركاش عقيلة الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي بلقب السيدة الأولي وبعض الأدوار الاجتماعية البسيطة التي تمكنها من الظهور علي فترات متباعدة علي الساحة فظلت كل منهما تبحث لها عن دور في حياة زوجها وشعبها, قد يكون للزوج الديكتاتور دور في هذا ولكن يبقي الحق علي من تصورن أن الزواج بزعيم عربي لا يعني إلا القصور والذهب وأفخر الثياب ناسين دورهن في انقاذ شعب بأكمله حتي ولو بموقف ضد المذابح التي ارتكبها أزواجهن في حق شعب يريد الحرية والعدالة فاستطعن عن جدارة الفوز بلقب( زوجة علي الهامش).
ولدت أسماء الأخرس في انجلترا لأبوين سوريين يقيمان في لندن فوالدها هو طبيب القلب الشهير( فواز الاخرس) ووالدتها دبلوماسية بالسفارة السورية في لندن, قضت أسماء طفولتها وشبابها في انجلترا حتي حصلت علي بكالوريوس في علوم الكمبيوتر من( كينجز كوليدج) بجامعة لندن وتعرفت علي بشار الاسد من خلال والدها الذي عمل معه في نفس المستشفي عندما كان بشار يدرس علوم الطب هناك, وبعد صداقة جمعت بينهما لسنوات فوجئت أسماء بطلب بشار الزواج منها بعد توليه الحكم في سوريا عام0002 وتم الزواج في اليوم التالي علي الفور.
بدأت اسماء أيامها كسيدة سوريا الأولي بتخفيها في زي فلاحة فذهبت لتقيم في إحدي القري السورية دون أن تكشف عن شخصيتها الحقيقية في محاولة منها لمعرفة طبيعة حياة الشعب السوري البسيطة ومعاناته اليومية, ثم قفزت بنفسها الي الساحة الدولية فسافرت عبر العالم للمطالبة بحقوق المرأة وتمكين المجتمع المدني وتحسين حياة المجتمع الريفي.
وبدأت الآمال تنعقد علي اللندنية الشابة ذات الوجه الملائكي التي رأي الكثيرون أن باستطاعتها تغيير مستقبل سوريا القادم مع زوجها ذي العقلية الانجليزية, وبعد مرور أكثر من عقد علي زواجهما الذي كلل بثلاثة ذكور هم( حافظ وزين وكريم) لم تستطع أسماء التأثير علي الأسد الصغير الذي ورث عن والده كل شئ فلم يكن يسمع لصوت أحد غيره ولم يسمح لنسيم الحرية أن يدخل سوريا حتي أنه استبعد تماما قيام ثورة كالتي حدثت في مصر وتونس في بلاده.
إلي ان بدأت الاحتجاجات تدق بابه ووجدت أسماء نفسها أمام شخص آخر يدافع عن كرسيه بكل شراسة وقوة دماء المذابح تسيل في الشوارع السورية عندما قرر الاسد أن هؤلاء الثوار دخلاء ومتآمرون, حاولت أسماء في البداية تحسين صورة الأسد عندما سخرت صفحتها علي الفيس بوك لدعم زوجها والدفاع عنه, حيث أعلنت عن زيارة لبيت أحد الطلبة المتفوقين بصحبة زوجها وتناولا طعام الغذاء مع الأسرة, إلا أن مشاعر متضاربة لاحقتها بعد ذلك من قبل الشعب السوري الذي رأي أنها تحاول أن تمنح صورة إنسانية وودية ناعمة لنظام لا يتسم بأي صفة من تلك الصفات. ولم تمر إلا أيام ورأينا قصة هروبها إلي لندن بصحبة أولادها تتداولها الصحف العالمية والعربية بعد أن حاول منعها ماهر الأسد شقيق بشار لكنها أصرت علي السفر, فيما أكدت بعض المصادر لجوءها للسفير البريطاني في دمشق الذي تدخل لصالحها لأنها تحمل جواز سفر إنجليزي, ووافق بشار بعد أن تأكد أنها بدأت في الانهيار وأصبحت تؤثر عليه بشكل سلبي, واستغلت أسماء فرصة عقد قران الأمير وليام ولي عهد انجلترا لتسافر بحجة حضور الزفاف والحقيقة أنها للهروب من جحيم الأسد وهو ما نفته السفارة السورية في لندن مؤكدة أن السيدة الأولي مازالت في سوريا. وانقطعت أخبار أسماء بعد ذلك ليبقي موقفها من الأحداث الدموية الأخيرة في سوريا غامضا فلم نسمع لها عن دور في وقف نزيف الدم الجارف الذي يروي أرض سوريا الآن. قلما سمعنا علي مدي24 عاما أخبارا عنها فهي قليلة الظهور الاعلامي كما أن القذافي سعي طوال فترة حكمه ليبيا الي تهميش دور هذه السيدة التي قال عنها البعض إنه لا يستهان بنفوذها وقوتها, هي صفية فركاش الزوجة الثانية للعقيد الراحل معمر القذافي.
ولدت في مدينة البيضاء من قبيلة( البرعاصة) شرق ليبيا وكانت تعمل ممرضة حين تعرف عليها القذافي في المستشفي أثر دخوله لاستئصال الزائدة الدودية عام1791, وتزوجها في العام نفسه وأنجب منها( سيف الاسلام وسيف العرب والساعدي وهنيبال والمعتصم وخميس وعائشة).
أختارت صفية من البداية البعد عن الاعلام وتجنب الظهور في المناسبات العامة وفي المقابل كانت لها نشاطات اخري, فهي تمتلك شركة طيران خاصة( طيران البراق) التي يقال إنها تنافس الشركة الوطنية للطيران الليبي كما انها تستأثر بعقود نقل الحجاج في ليبيا وتتخذ من مطار( معتيقية) مقرا لها وهو ما يبرر ما ذكره عنها موقع ويكيليكس الامريكي حين نشر تقريرا عن ثروات عائلة القذافي جاء فيه انها تسافر بطائرة مستأجرة ودائما ينتظرها موكب من سيارات المرسيدس ليقلها أينما تريد, هذا بالاضافة الي ثروة قدرت عام2991 بـ03 مليار دولار و02 طنا من سبائك الذهب وإن كانت هذه الارقام تعود لسنوات عشرين مضت فمن المؤكد أنها تضاعفت الآن.
دور صفية في دعم القذافي بعد تطورات الأحداث الدامية في ليبيا ظهر بقوة عندما دافعت عن زوجها وعائلتها من خلال مكالمة تليفونية مع قناة(cnn) هاجمت فيها حلف الناتو ـ الذي يشن غارات جوية تستهدف معاقل القذافي واتهمته بارتكاب جرائم حرب وحملته مسئولية قتل ابنها سيف العرب الذي تمنت الموت معه, وتعهدت بأن تعيش وتموت الي جانب الشعب الليبي وتوقعت تبرئة زوجها وقواته.
وبعد أيام اعلنت السلطات الجزائرية لجوء افراد من عائلة القذافي الي البلاد وعلي رأسهم صفية وابنتها عائشة التي ذهبت لتضع مولودها الاول هناك. ومنذ ذلك الحين اختارت صفية الصمت وأخذت دور المتفرج وهي تتابع أخبار تقدم الثوار يوما بعد يوم حتي وصلوا الي( سرت) معقل القذافي لتشاهد موته وابنها المعتصم ومن قبلهما خميس بعينها علي شاشات التليفزيون, مما اصابها بانهيار حاد هي وابنتها عائشة نقلتا بعدها الي المستشفي.
وفي أول رد فعل لها بعد مقتل القذافي طالبت صفية الامم المتحدة بفتح تحقيق حول ملابسات مقتل ابنها وزوجها الذي لقبته( بالمجاهد), في الوقت الذي طالب فيه المجلس الانتقالي الليبي السلطات الجزائرية بسرعة تسليم صفية وابنائها لليبيا لمحاكمتهم محاكمة عادلة.
وما بين التسليم والهروب تبقي صفية الأم والزوجة تتجرع من نفس الكأس التي سقي منها زوجها وابناؤها أمهات الشهداء الليبيين كل يوم.