إذا كان مناخ التعصب الرياضي قد ساهم بدرجة ما في أحداث بورسعيد الأخيرة باعتقاد الكثيرين في مختلف المجالات‏..‏ فكيف يمكننا إذن الحد من ظاهرة التعصب هذه لدي ابنائنا منذ الصغر؟‏!‏

كما يعرف مفهوم التعصب د.عبد الله عسكر استاذ علم النفس بآداب الزقازيق هو سيطرة فكرة لا تحمل نقيضها تدفع الفرد لسلوك موجه في اتجاه سلوك آخر مضاد متصلب, ويؤدي في كثير من الأحيان إلي الصدام الذي تنتج عنه الصراعات والمعارك والحروب, وغالبا ما يكون الفرد مضللا أو يفتقر الي طرق التفكير الايجابي وإعمال العقل فيما يقدم عليه.
ويضيف استاذ علم النفس ان ضعف الانتماء العام المجتمعي أو السياسي لدي المراهقين أو الجمهور يجعله ينتمي أكثر الي الفرق الرياضية, خاصة أن الروابط الكروية تشبع الحاجات النفسية للأعضاء المنتمين إليها وتجعلهم يشعرون بالقوة والانتماء لجماعة, وهؤلاء أيضا يتعصبون للفريق القومي في مواجهة الفرق الأخري, والتعصب الكروي تدعمه القنوات الفضائية والبرامج الرياضية, وكانت جزءا يخدم النظام السياسي البائد فتحولت الدولة الي فريق قومي في لعبة كرة القدم.

ومفهوم التعصب يتولد لدي الطفل منذ الصغر من خلال الأسرة نفسها والتي تنقسم في معظم الأحيان إلي فريقين, فنجد بعض الابناء مع الأم والبعض الآخر مع الأب, والأبوان أنفسهما في هذه الحالة يشبعان ذلك الانقسام, وهنا تترسخ دعائم الانقسام والتعصب, فالطفل يكتسب هذه الصفة من الأسرة نفسها, بعدها تأتي المدرسة والرفاق اللذان ينتمي اليهما التلميذ ثم المجتمع الأوسع بكل قطاعاته.
ومواجهة التعصب يجب ان تبدأ منذ الصغر كما يقول استاذ علم النفس, فتربية الطفل يجب أن تبني علي التسامح وقبول الآخر والتفكير العقلاني واختفاء مفهوم من ليس معي فهو ضدي, وهذه التنشئة الاجتماعية يجب أن تكون من خلال البيت والمدرسة والإعلام بحيث تكون هناك اقتناع لدي المشجع بأن الفريقين المختلفين يكون لديهما نفس الدرجة من التشجيع, وهنا فقط سيكون الانتماء لديه معني أو تشجيع فرقة رياضية ليس سببا لخلاف أو معارك مدمرة.


ويري د.رشاد عبد اللطيف استاذ تنظيم المجتمع ونائب رئيس جامعة حلوان سابقا أن التعصب وسيلة دفاعية سلبية تؤدي إلي انقسام المجتمع وتفتت الآراء وتؤدي الي الانهزامية علي المدي الطويل, لأن في هذه الحالة المجتمع نفسه يصاب بالوهن ويتآكل تدريجيا.. أما بالنسبة للتعصب الرياضي فهو صفة مذمومة لأن الرياضة تقوم أساسا علي التعاون والألفة والسلام, بدليل اننا نطلق علي هذه الصفات الروح الرياضية, أما التعصب في الرياضة فأساسه الحقد والكراهية والرغبة في تدمير الخصم, وهو ما يحدث في كثير من المباريات, سواء في مصر أو دول العالم المختلفة, وابرز مثال مباراة بورسعيد التي وإن كانت هناك أيد خفية في ادارتها إلا أن التعصب وسوء النية هو السبب الرئيسي للمأساة التي نجمت عنها, ولو كانت روح الحب والمودة البعيدة عن التعصب هي الغالبة ما كانت نجحت هذه الأيدي الخفية أو اللهو الخفي كما يطلقون عليه.. والحل وجود قدوة للطفل منذ الصغر داخل اسرته وفي مدرسته, فعلي سبيل المثال لا تتعصب الأم لرأيها وتعمل رأي الأب, وكذلك لا يصر الأب لرأيه علي حساب الأم ولا يتعصب الأبوان معا ضد آراء الأبناء, أما في المدرسة فلا يوبخ المدرس التلميذ لمجرد انه يعبر عن رأيه, كما يجب ان تترك الحرية للابتكار للطلاب في جميع مراحل التعليم.. وبشكل عام يجب احترام آراء الآخرين, وتدعم لغة الحوار علي جميع المستويات في المجتمع.

Avatar photo

By حواء مصر

محررة موقع حواء مصر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *