بل ازداد الأمر تعقيدا وأصبحت الولادة تأخذ وقتا أطول عن ذي قبل هذا ما أوضحته الدراسة الأمريكية التي تقول إن ولادة طفل بصورة طبيعية ليست علي ما يبدو ضمن هذه المهام.
وقال باحثون من المعاهد القومية الأمريكية للصحة إن النساء الأمريكيات أمضين في السنوات الأخيرة في المخاض مدة تزيد ساعتين إلي ثلاث ساعات عما كان عليه الحال في ستينيات القرن الماضي. وقالوا إن النتائج تشير إلي أن الأطباء ربما يتعين عليهم إعادة النظر في تعريف الولادة ‘الطبيعية.’
ويقول الدكتور مصطفي عبد البر أستاذ أمراض النساء والتوليد بقصر العيني: هذه الدراسة صحيحة مليون في المئة وذلك ليس فقط مدة المخاض هي التي طالت, وإنما أيضا شهور الولادة طالت أيضا, فقديما كانت الأيام المحددة التي تضع فيها الأم مولوها هي التي تلد فيها إنما الآن يحدث بعد انقضاء التسعة شهور وثلاثة أيام تطويل أكثر فنعطي فترة 6 أيام آخرين, وإذا لم يحدث وتضع الطفل نبدأ بالتدخل القيصري, وهذه الإطالة زادت في الآونة الأخيرة كثيرا فبعد أن كانت لا تمثل إلا 3% أصبحت الآن حوالي 12% وهذه نسبة كبيرة وليست بالقليلة, ولكن حتي الآن لم نتوصل إلي ماهو سبب زيادة عدد الأيام فبدأنا نرجعها إلي نوعية الأغذية المطورة وغير الطبيعية التي تتغذي عليها الحامل ونوعية الأطعمة التي تتناولها, أيضا كما نرجعها إلي طبيعة الحياة المدنية ,
طول فترة المخاض عن ذي قبل بسبب الرحم الضعيف أو البطيء فتصبح قوة الرحم مرتخية وهذا لا يعطي ألم الولادة أو مايطلق عليه (بالطلق) وعندما تأتي آلام المخاض تكون الانقباضات غير قوية مما يبطئ من عملية الولادة ولذلك حاولنا عزل نوعية أطعمة معينة ونجعل السيدات يتبعن قواعد معينة ولكن لم يتثن لنا معرفة السبب ولكن بدأنا نرجعها بشكل رئيسي إلي أسباب أخري تساهم بشكل كبير علي طبيعة الولادة منها الأنيميا ونقص الحديد وهناك بعض العوامل في نقص الشفرات الغذائية الأخري والتي تساعد علي انقباضات الرحم, مثل الكالسيوم, فنندهش لزيادة النسبة ولا داعي للدهشة وذلك لأن قديما كانت السيدات يشربن إما لبنا أو عصيرا أو مياها, أما الآن فالسيدات يشربن بيبسي أو كوكاكولا أو فانتا أو سفن أب فلا تأخذ الكالسيوم الكافي لعملية انقباض الرحم,
أيضا نوعية اللبن التي نشربها غير طبيعية بالمرة فهي لم تعد كما كانت قديما فالحياة قديما كانت صحية أكثر, أيضا نقص الحديد لأن طبيعة الغذاء الآن أصبحت تعتمد علي الفاست فود أو مايسمي بالوجبات السريعة أضف إليه عاملا مهما للغاية وهي الرياضة لأن قديما كانت الأمهات يمشين كثيرا فمنهن من كانت تعمل سواء في القري أو في المدن فكانت حركاتهن زائدة للغاية وكان هذا يسهل لديهن مهمة الولادة للغاية وكان يجعلها أكثر أمانا كما يجعلها تتم في الوقت المحدد لها أما الآن في الحياة المدنية لم تعد تسمح بذلك فالكل أصبح يمتلك سيارة فلا وقت للمشي الآن.
هناك أيضا نقطة في غاية الأهمية والتي تزيد من وقت الولادة وهي المخدر النصفي وذلك لأنه يبطئ من عملية الولادة فعندما تشعر الأم الحامل بألم الولادة الشديد يجعل لديها دافعا كبيرا في دفع الطفل للخارج مما يساعد الأطباء علي سهولة سحب الطفل أما عندما تأخذ الأم مايسمي بالطلق الصناعي إذا لم تشعر بألم وإذا أخذت نوعا من المخدر النصفي هذا لا يجعلها تشعر بالألم مما لا يجعل لها دافعا ورغبة في إخراج الجنين للخارج مما يزيد من وقت الولادة نفسها وبذلك فهو يطيل من الفترة.
أيضا انتشار نسب الولادة القيصرية مؤخرا بشكل واسع عن زمان وذلك يعود إلي أن الطفل قديما في الولادات القيصرية لم يكن يصل له الأكسجين بشكل سليم فيولد لديه نوع من أنواع التخلف أو إعاقة معينة أو إصابة في الأعصاب وتأخر في النمو العقلي بعد ذلك في مراحل حياته, لكن الآن يستطيع الطبيب بمهنية أن يحدد ما إذ كانت هذه الولادة تصلح أن تكون طبيعية أم تكون قيصرية فأصبحت نسبة القيصرية الآن 25% أي بنسبة مايعادل 3:1 والجدير بالذكر أن نفس النسبة بمصر هي نفس النسبة بالضبط في أمريكا.
ولكن من جهة أخري أصبحت الولادة الطبيعية أكثر مرونة وسهولة عن السابق بتطور المضادات الحيوية والجراحات الحديثة, فالآن لا يصاحبها خطر مثلما كان قديما وفي الوقت الحالي لم يعد يسمح السيدات بالولادة أكثر من خمس مرات.
ويعلق الدكتور هشام مصيلحي مدير عام مستشفي الجلاء سابقا واستشاري النساء والتوليد ورئيس وحدة الخصوبة بمستشفي الجلاء التعليمي أن عملية الولادة تستغرق ثلاث مراحل بداية من باطن الرحم مرورا بأن يصل الجنين إلي عنق الرحم وافتتاح الرحم, المرحلة الثانية : خروج الجنين والمرحلة الثالثة هي خروج المشيمة وانقباضات الرحم التي تسبب انتهاء حالة الولادة تماما, وهذا الوقت يختلف تبعا لطبيعة الجنين إذا كان هو الطفل الأول أو الطفل الثاني أو الثالث, لأن الطفل الأول يأخذ وقتا أطول لأن حينها يكون الحوض غير مدرب علي الولادة فيأخذ حوالي من 12 إلي 18ساعة أما في الولادات المتكررة فنحاول أن نجعلها تأخذ من 6: 10 ساعات,
ثم إننا منذ فترة كنا نعتمد الولادة الطبيعية وانقباضات الرحم ب24 ساعة ولكن الآن نعتمد انقباضات الرحم قبلها بـ12 ساعة, فلم يعد لدينا مشكلة في الانتظار مدة أطول في الولادة لوجود التقنيات الحديثة التي تجعل الطبيب علي علم دائم بأن أي مرحلة وصلت الحامل, والآن ومع استخدم التقنيات الحديثة في إزالة الألم مثلما يسمي بالولادة بدون ألم وهي عبارة عن مواد معينة يتم حقنها في ظهر المريضة في الأعصاب التي تنقل علي الرحم وهو (الأبيدورال) ويكون خارج السائل الذي يحيط بالحبل الشوكي وهي مواد مخدرة فهي لا تمنع الانقباضات الرحمية ولكنها تمنع الألم المصاحب للانقباضات الرحمية,
وأود أن أوضح هنا أن الطلق الصناعي يبطئ من عملية الولادة لأن هناك مرحلة ماقبل الولادة تسمي ‘مرحلة ماقبل الولادة النشطة’ وهي بداية الانقباضات المحسوسة للأم وهي عند إعطاء الأم بعض العقاقير سواء في الجهاز التناسلي أو أي طريقة أخري فتأخذ فترة أطول لحث الولادة وتكون نسبة الولادة الطبيعية فيها أعلي, خصوصا أن الولادات القيصرية في الفترة الأخيرة ازدادت بشكل كبير خصوصا في الدول المتقدمة الأوروبية والأمريكية اعتمادا علي أساس تسويق أن الولادة القيصرية تكون أفضل للأم من ناحية الحفاظ علي الأنسجة الخاصة بالجهاز التناسلي,
وهذا ما نتجنبه الآن في الولادة الطبيعية بأن نجعل الأم تقوم بعمل علاج طبيعي وتمارين للجهاز التناسلي لتحافظ علي عضلات الجهاز التناسلي من الإرهاق والارتخاء مما لا يسمح بحدوث مشاكل علي المدي الطويل, مثلما يقال في الجهاز التناسلي أو في العلاقة الزوجية وبالتالي بدأ الإقبال من جديد علي الولادة الطبيعية بعد أن ازدادت الولادات القيصرية ونسبتها ارتفعت إلي 25% في المستشفيات الحكومية وفي المستشفيات الخاصة حوالي 40% لأن الطبيب يكون حذرا جدا في ألا تحدث مشاكل للجنين أو الأم،
ولكن بدأت هذه النسب في التراجع لأن الولادات الطبيعية أكثر أمانا علي متابعة الطفل والأم, وسبب تفاوت النسبة بين المستشفيات الخاصة والحكومية أن الطبيب الكبير يكون قلقا ومتخوفا علي سمعته من أي مشكلة قد تحدث فيكون تفكيره أقرب إلي القيصرية بعكس المستشفيات الحكومية والتعليمية التي بها جزء تعليمي وبها أطباء علي درجة كبيرة من الخبرة.
في الفترة الماضية كانت هناك زيادة فائقة في الولادة القيصرية بمعدل غير طبيعي لدرجة أن هناك في بعض الأماكن في أمريكا كانت تقول ‘لكي تحافظ علي حياتك الزوجية والجنسية قم بعمل ولادة قيصرية لكي لا تتعرض عضلات الجهاز التناسلي للتهتك’ وهذه تكون حقيقة في حالة واحدة عندما يكون الطبيب غير واع بكل متطلبات الولادة الطبيعية والتمارين التي يجب أن تقوم بها السيدة الحامل التي تجري للبطن وعضلات الحوض بعد الولادة ولكن الآن تتوافر كل درجات العناية الفائقة بالأم التي تلد طبيعيا عن طريق تمارينها علي كل ذلك عكس ماكان يحدث قديما من عادات خاطئة للغاية مثل عندما تضع الأم جنينها كانت تلبس مايسمي بـ’الكورسيه’ لرجوع البطن لطبيعته مرة أخري وهذا خاطئ ومضر للغاية بصحة الأم .
نأتي لنقطة المخدر النصفي فهناك نوعان للمخدر النوع الأول الذي أشرنا إليه وهو ‘الأبيدورال’ وهو الولادة بدون ألم, والذي يعطي في ظهر الأم في العصب الموصل للرحم وميزة هذا المخدر أنه يجعل الأم علي دراية بكل ما يحدث حولها وأثناء توليدها وتكون علي تواصل مع الطبيب أثناء الولادة وواعية وتري الطفل وهو يخرج, والنوع الثاني هو المخدر النصفي يدخل داخل السائل الموجود داخل الأعصاب بالعمود الفقري ويكون مصاحبا لصداع شديد, والآن يستخدم في العمليات إما بنج كلي أو نصفي والآن يستخدم في البنج إبر ذات سمك رفيع للغاية بحيث تقلل من الصداع الشديد المصاحب للولادة.
يحدد الطبيب للأم الولادة الطبيعية ولكن إذا شعر الطبيب أن هناك خطرا علي الأم أو الطفل فيحولها إلي ولادة قيصرية فورا لإنقاذ الأم والجنين من أي أخطار محتملة, وكنا قديما نقوم بعمل ما يسمي باختبار زيت الخروع, وهناك بعض الأكلات التي يمكن أن تسبب انقباضات الرحم مثل الشطة والمواد الحارة والتي تجعل الأمعاء تتحرك بطريقة أسرع مما يسرع من عملية الولادة, ولكننا لا نعتمد علي هذه الأكلات, نعتمد علي الأدوية لأننا نعرف كمية الجرعة وآثارها الجانبية, أما بالنسبة للأغلبية من مرضي السكر فيلدون ولادات قيصرية وذلك نظرا لكبر حجم الجنين وأنسجته تكون أضعف أضف إليه أن السكر لدي الأم يكون غير مضبوط .
من جانبه يري الدكتور رؤؤف الشامي كبير أخصائيي النساء والولادة أن هذا الرأي غير صحيح بل علي العكس تماما, فمع التقنية العالية بالتحاليل والسونار الموجودة في العيادات باختلافها سواء سونار ثلاثي الأبعاد أو رباعي الأبعاد, تقلصت ساعات الولادة عن ذي قبل, فالولادة لها توقيت طبيعي بدون تطويل, وعندما يتأخر فتح العنق لدي بعض السيدات أو أن يكون حجم دماغ الطفل كبيرا فإن ذلك يؤخر عملية الولادة مما يجعل التدخل القيصري ضروريا للغاية لإنقاذ الطفل والأم, فمتابعة الحمل من أول يوم إلي الشهر التاسع تجعلنا نكتشف الأمراض مبكرا من ضغط وسكر وغيرهما وهذا يجعلك تحدد نوع الولادة إذا كانت قيصرية أو طبيعية لتخرج بالأم إلي بر الأمان.
أما موضوع الطلق الصناعي فهذا لا خلاف عليه فهو يستخدم عندما لا تشعر الأم بألم الولادة وقد تجاوزت فترة الولادة المقررة لها هنا لا بد من التدخل بطلق صناعي لكن بشروط منها أن يقوم الطبيب بتقييم الأمر من حيث الحوض والمهبل وفتحة العنق وما إذا كان الرحم يستطيع تحمل الطلق الصناعي أو لن يستطيع تحمله وهنا تتم ولادتها بطريقة قيصرية وليست طبيعية وهنا لابد من الإشارة إلي أن الأم التي تعاني من سكر لابد من ولادتها قبل ميعادها بأسبوعين أو ثلاثة علي الأكثر لأن حجم الطفل يكون كبيرا وفي خطر علي الجنين وقبل تركيب الطلق الصناعي لابد أن يدرس الطبيب هذه الحالة سيأتي معها الطلق الصناعي بنتيجة أم لا.