غالبا ما تتنافس تصاميم العباءات على التطوير والابتكار في القصة، فتتحول هذه القطعة السوداء الأنيقة في خضم هذا التنافس إلى شيء آخر، بعيداً كل البعد عما يفترض على العباءة أن تكون عليه، بين قصات مكشكشة، وأخرى كاشفة تماماً عن كل ما تحتها، وتلك المزينة بأحزمة عريضة لماعة، أو أكتاف نافرة مملوءة بالأشواك.
إلا أن العلامة الإماراتية «موزان» لصاحبتها ومؤسستها رفيعة هلال بن دري، استطاعت رغم كل جهود التطوير والابتكار والتركيز على القصة الذكية، أن تخرج بعباءات لا يمكن وصفها سوى بعباءة السيدة الراقية، بمزيج ذكي ومثالي من الأناقة، والرقي، والحشمة، والجودة العالية، وهي ما تتمحور حوله مجموعة عباءات رمضان والعيد، بقطع لا يمكن وصفها سوى بالمحافظة، لكن بقصات شديدة الذكاء تحيط بجسد المرأة بأناقة لافتة يصعب نكرانها.
بساطة
قد تكون البساطة المدروسة في عالم المبالغة ولفت الانتباه بما هو غريب أمرا نادرا، واعتمدت مجموعة «موزان» لرمضان والعيد على هذه الصفة التي يصعب تحقيقها دون الوقوع في دائرة التكرار، إلا أن مجموعة العباءات الأخيرة للدار كانت قادرة على أن تبرز بتميز وجدة على الرغم من بساطتها وهدوئها، دون مبالغة في القصات، أو لمسات التزيين التي لم تظغ على مساحات الأسود الغني من كريب الحرير الفرنسي. تحرص بن دري في تصاميم الدار على اختيار مجموعة من أرقى وأكثر الخامات ابتكارا وجودة، سواء من الأوروبية أو الآسيوية، التي قد يكون من المستحيل توافرها في السوق المحلية، في محاولة منها لتوفير قطع مميزة، يصعب أن تكون سوى لـ«موزان»، مشيرة إلى أن «الخامات المستخدمة في خطوط العلامة التجارية تتفاوت بين تلك التي يتم اختيارها وابتياعها من معارض الأقمشة العالمية المقامة في فرنسا وإيطاليا، وبين تلك الآسيوية للخطوط الأقل تكلفة على الزبائن، والتي تصنع خصيصا للدار وبأعلى جودة متوافرة، وهو ما نراهن عليه دائما، ولا نساوم فيه»، مبينة أن الدار التي أنشئت منذ مطلع التسعينات، تحولت من دار أزياء إلى أسطول متكامل من المصانع والورش والمتاجر المنتشرة في مدن الدولة «الأمر الذي لم يأت من فراغ، فالجودة العالية كانت ولاتزال أولويتنا الرئيسة، والتطوير المستمر في التصاميم والقصات والأفكار والخامات هو سر استمرار الدار في التقدم والانتشار»، موضحة أنه تم اعتماد خامات وعناصر عديدة في العباءات، على الرغم من بساطتها، إلا أنها تحتاج إلى ساعات عمل لا يستهان بها.
وأوضحت بن دري أن «تميز المرأة لا يعني المبالغة، أو اللفت الزائد عن اللزوم، بل بالظهور بشكل أنيق وراق دون ببساطة ودون جهد أو تكلف، وهذا هو شكل المرأة الذي نبحث دائما عن تطويره وتحقيقه، لأن البساطة والأناقة الهادئة المحافظة هما سر الاستمرار، وهي الصفة التي تبحث عنها المرأة دائما، مهما بحثت، وغيرت في قطعها وشكلها، إلا أنها وبطبيعتها الأنثوية تعود دائما إلى الهدوء الرزين، بمعايير الأناقة المعروفة، والقطع التي تستحق المرأة العالمية أن تتحلى بها».
لمسات
لم تخرج عناصر تزيين العباءات عن لمسات ناعمة كحلت أجزاء متنوعة من القطع التي انسدلت بنعومة ويسر، بين القصات ذات الأزار الأمامية وتلك التي تلبس بالكامل من الرأس، مع الحرص على لمسة تطوير بسيطة عززت انسيابية وتموج القطع، خلال الحركة.
قد تبدو العباءات ذات لمسات تزيين كلاسيكية ناعمة، إلا أنها في الواقع وعن قرب تتميز بجودة ودقة العناصر المستخدمة فيها والمعتمدة على العمل اليدوي شديد الإتقان ذي التفاصيل المتعددة والغنية، مكونة نقوشاً تفاوتت بين الزهور الربيعية البرية تارة، والزخرفات الشرقية المكونة على أطراف الصدر وحواشي الأكمام التي زينت طبقات أورغانزا ناعمة بتخريماتها الثلاثية الأبعاد بلمسة الأرابيسك الفاخرة، تارة أخرى، والطبعات القبلية الملونة المعتمدة على الأشكال الهندسية والمحاطة بنقوش متعددة، ولمسة التطريز والحبك الشرقي الدقيق، على خامات رقيقة من الأورغانزا الحريري، أو تلك التطريزات التي بدت على شكل أقراط كبيرة متدلية ومنتشرة بألوانها البارزة على الخامات السوداء والمزينة بلمسات بسيطة من الأحجار الكريستالية الكبيرة، أو المزينة بخطوط عفوية بأحجار دقيقة الحجم، متناظرة تارة ومتوازية تارة أخرى حول الزخرفات الناعمة، أو باعتماد فكرة الخطوط المتوازية كطبقات متعددة من ألوان وقطع تزيين مختلفة العناصر كطبقة من الترتر، فوق طبقة من الخرز، فوق أخرى من الصوف المعكر، كل منها فوق كسرة أو شريط من لون ونوعية تناسقت جميعها لتكون شكلا مبتكرا ذا لمسة شرقية على الأكمام، إضافة إلى اعتماد فكرة التنويع في الخامات الملونة السادة إلى جانب المطبعة فوق المساحات السوداء، في تفاوت كبير بين الألوان المطبع، وألوان السادة، ونوعية الخامات المعتمدة في كليهما، ما أعطى مزيجا لافتا ومتماسكا رغم التفاوت الكبير، ما أعطى العباءات تفردا شديدا لا يمكن نكرانه.
