تنبهي جيدا إلي أن طفلك قبل أن يتم الخامسة من عمره يتردد في الكذب‏..‏ وعند بلوغه الثامنة يفهم أن الكبار يكذبون لتفادي المضايقات أو المشاجرات‏..‏ وعند بلوغه الحادية عشرة يكذب للخروج من مأزق يقع فيه أو لإخفاء حقيقة صعبة‏.

هذا ما كشفت عنه عالمة النفس الفرنسية’ دانا كاسترو’ في دراستها والتي أسفرت أيضا عن أن60% من الفتيات والفتيان من سن6 إلي8 سنوات يكذبون بالصدفة أو دائما, وأن هذا الكذب له ثلاثة أهداف الأول تفادي التعرض للعقاب, والثاني تأكيد لشخصيته, والثالث حماية للشخص الذي يحبه.

وللوقوف علي مدي واقعية نتائج هذه الدراسة بالنسبة لأطفالنا كان اللقاء مع د.عماد مخيمر أستاذ ورئيس قسم علم النفس بكلية الآداب جامعة الزقازيق, الذي أكد واقعية الدراسة لأقصي درجة, ويضيف قائلا: الكذب هو عدم قول الحقيقة أو العمل بها, والطفل عندما يكون عمره3 أو4 سنوات فليس هناك معايير واقعية للحقيقة لديه لأنه هنا ينطلق بخياله إلي أشياء غير واقعية. ومن سن5 أو6 سنوات يتكون عند الطفل الضمير, وطالما الضمير تكون فذلك يعني أن هناك معايير واضحة ومحددة ويقينية للصواب والخطأ.. وبعد6 سنوت يبدأ الطفل في إدراك أن هناك ما يسمي بالكذب والصدق والحقيقة وغير الحقيقة, أي أنه بعد دخول الطفل المدرسة تصبح المعايير واضحة لديه ويستطيع أن يميز مابين الصح والخطأ والحقيقة والكذب ويدرك أنه يقول الحقيقة أو يكذب ولذا فالطفل الذي يكذب وهو عمره4 أو5 سنوات يجب عدم معاقبته لأن قدراته العقلية وذكاؤه وقدرته علي الاستنتاج لم تتم بشكل كاف.
ويوضح د مخيمر أن هناك نسبة كبيرة من الأطفال ليس لديهم نظام قيمي أخلاقي متمثل في الضمير يسمي في علم النفس’الأنا العالية’ والتي تقول:’ افعل الصواب ولا تفعل الخطأ وإذا فعلت الصواب أشعر بالراحة وإذا فعلت الخطأ اشعر بتأنيب الضمير’.. وهنا يدرك الطفل أن الآخرين يكذبون لأن المحيطين به هم الأب والأم والأشقاء, فهو مطلع علي الحقيقة.


ويؤكد أستاذ علم النفس أن النظرية الإنسانية في علم النفس تقول:’ الإنسان بطبيعته خير وصادق ويسعي إلي تحقيق ذاته’ وعلماء النفس يشبهون الإنسان بالبذرة التي إذا ارتوت خير وصدق ومحبة تزدهر وتثمر صدق وتطابق بين الأقوال والأفعال.. ولذا فالطفل يمكن أن يكتسب الكذب من البيئة المحيطة به سواء في البيت أو المدرسة أو الشارع, حيث يختلط عليه الأمر ويظن أن الكذب شيء عادي.


و الكذب أنواع, منه’ المرضي’ الذي يبدأ في مرحلة الطفولة, حيث يظل الشخص يكذب طوال الوقت, ويستمر معه طوال العمر, وخطورته أنه يستهلك الطاقة الإيجابية لدي الفرد.
وهناك’ الكذب الأبيض’ وهو الكذب الذي يؤدي إلي شيء إيجابي, فعلي سبيل المثال عندما يجد الشخص إثنان من أصدقائه متخاصمان فيقول لأحدهما في غياب الآخر أن صديقه هذاقال له أنه يحبه ويقدره وما فعله تجاهه كان بدون قصد, وذلك حتي يقربهما من بعضهما وينتهي الخلاف.
وأسباب الكذب لدي الطفل متعددة, فهو يكذب أحيانا كذب انتقامي من شخص قد يكون آذاه وهو لايستطيع مواجهته, وهنا ينتقم منه بالكذب وأحيانا يكذب من شدة العقاب والتهديد به والخوف منه.
وعدم تلبية الحاجات الأساسية لطفل من الممكن أن تجعله يكذب.. وكذلك الطفل غير الآمن الذي يشعر دائما بالتهديد من البيت أو المدرسة, فمثلا إذا لم يقم بعمل الواجب يكذب ويقول للمدرس’ كنت عيان’.. وأيضا من الممكن أن تؤثر وسائل الاعلام علي الطفل الكبير, فهو يري أن بعض المسئولين يصرحون بتصريحات معينة ثم يصرحون بأخري مخالفة لها, وهنا يعتبر الطفل أن هذا سلوك عادي وممكن أن يتبعه.


والعلاج كما يوضح د.مخيمر يختلف باختلاف العمر, فبالنسبة للصغار إذا كان الطفل في سن4 سنوات علينا أن نحاول بقدر الامكان جعله يتخيل ولكن يقول الحقيقة, وإذا كان في الثامنة أو التاسعة من عمره يجب لفت نظره عندما يقول شيئا غيرالحقيقة, والأفضل أن يتم ذلك علي انفراد معه حتي لانجرح مشاعره ونأخذ منه وعدا بأن ذلك لن يتكرر, ونقص عليه قصص الأنبياء وما يتميزون به من صفة الصدق وعلي رأسهم سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم, وننبهه إلي أنه إذا استمر في الكذب سيفقد أصحابه وسيصبح طفلا منبوذا, وإذا أخذ بالنصيحة نكافئه بفسحة أو هدية أو بأي شيء يحبه ويفيده في نفس الوقت. ويجب ألا تكتفي الأسرة بالتوجيه فقط ولكن عليها أن تحرص علي أن تكون قدوة بالنسبة له في الصدق والتطابق بين الأقوال والأفعال, أما العلاج بالنسبة للكبارفيتم من خلال المواجهة لأن الكذاب عندما يواجه بأقواله غير الصحيحة يعيد التفكير والنظر فيما يقوله ثم يقول الحقيقة بعد ذلك.


ومن جهة أخري أفادت بعض الدراسات أن البنات يتكلمن كثيرا ولكن يكذبن أقل من الأولاد لأنه من الممكن أن تبالغ البنت في بعض الأشياء ولكن لأنها أكثر تقبلا للقواعد وأكثر إلتزاما فهي قليلة الكذب, أما الولد فهو دائما أقل التزاما فيضطر أن يكذب حتي يغطي علي عدم التزامه.. وبتطبيق هذه النظرية إذن فالبنات أقل كذبا من الأولاد.

Avatar photo

By حواء مصر

محررة موقع حواء مصر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *