تكثر الأسماء التي تجد في مجال تصميم العباءات مشروعاً تجارياً مربحاً لها، إلا أن المتميز منها قد يكون قليلاً ومعروفا، بينما من يجد في تصميم العباءات متعة شخصية، ووسيلة للتعبير الإبداعي المصاحب لنظرة فنية ابتكارية أكثر منها تجارية، هو الأمر النادر، وهو تحديداً ما تصف به مصممة العباءات الإماراتية حصة العبيدلي علامتها «حصة عباية هوت كوتور»، والتي «أعتبرها وسيلتي الخاصة للتعبير عني وعن ميولي الفنية»، بحسب قولها.

وجدت العبيدلي منذ الطفولة أنها تميل دائماً إلى التميز، فلم تستهوِها سوى الفساتين التي كانت تصنعها بنفسها لعرائسها بدلاً من تلك التي تباع معها، ولم يسلم مريول المدرسة من محاولات المصممة لتحويله إلى شيء أكثر تميزاً وأبعد عن الملل، وكان تأثير والدتها بحسب ما ذكرته لـ«الإمارات اليوم»، دائماً هو الأقوى في ميولها الفنية والابتكارية، وكحال أغلب السيدات الخليجيات في فترات الثمانينات والتسعينات، كانت فكرة تنفيذ فستان ما أمراً اعتيادياً، حيث تبدأ من مرحلة اختيار الأقمشة المناسبة واختيار التصميم المناسب، وتنفيذه لدى محال الخياطة المنتشرة، فكانت رحلات زيارة محال الأقمشة والخياطة، وما يصاحبها من متابعة للمجلات العالمية وما تحتويه من جديد الموضة، واحدة من أكثر الفترات إمتاعا للطفلة حصة، وكانت البذرة التي نمت الجانب الإبداعي لديها.

 

تقول العبيدلي: «عباءاتي، كما يحمله اسم العلامة التجارية، هي رؤيتي أنا لما يجب أن تكون عليه عباءات (الهوت كوتور) الراقية التي يمكن ارتداؤها في المناسبات والحفلات والتجمعات المسائية، كما أنها تحمل نظرتي الشخصية لكيفية تحويل هذا الرداء التقليدي الأسود إلى قطعة عالمية مناسبة لجميع النساء من مختلف الجنسيات»، موضحة لا تجد من المنطقية اتهام البعض لمصممات العباءات بأنهن حوّلن العباءة إلى شكل بعيد عن ستر الجسد، «فهذه العباءات صممت لأن تلبس في المناسبات، والتي غالباً ما تكون في مجتمعاتنا الخليجية نسائية بحتة، فما الضرر في أن تبدو المرأة أنيقة من دون قيود ومعايير، وما الضرر في أن تكون عباءة المناسبات شفافة أو مفتوحة أو ضيقة في المناسبات النسائية أو الأعراس»، مضيفة أن عالم العباءة شديد التنوع، ولكل مصممة توجهها وميولها الخاصة في طريقة تصميم العباءة «ولكل مرأة قدرتها على أن تعكس شخصيتها الحقيقية على ما ترتديه، وأن تفرض المظهر اللائق والمحبب والمحترم على ما ترتديه، مهما كان شكله، والعكس صحيح»، موضحة أن لكل شخصية عباءات تناسبها «وأنا واثقة من أن عباءاتي محتشمة بما يكفي، وأنها يمكن أن تترجم إلى رداء عالمي يمكنني أن أتخيله على منصات العروض العالمية».

البندقية

فضّلت العبيدلي أن تطير بمجموعتها الأولى لربيع وصيف 2011 إلى مدينة البندقية الإيطالية بهدف تصويرها، مفضلة أن تمتزج روح العباءة وسوادها العميق بأزقة وجسور المدينة العتيقة، بينما حملت بعض من عباءاتها تلك اللمسة الكرنفالية الربيعية المقاربة بفكرتها من أجواء كرنفال البندقية التاريخي، في ميل واضح لأن تمزج وتؤكد أن العباءة التقليدية يمكن أن تكون قطعة عالمية أنيقة مقبولة في كل مكان.

نظرة فنية

في مجموعتها الأخيرة لخريف وشتاء ،2012 جردت العبيدلي عباءاتها من المحيط، وفضلت أن تركز على العباءة والتصميم، فقررت تشويه كل ما حوله، مفضلة أن تقوم بجلسة تصويرها في غرفة مهجورة، قديمة ومكسرة، بينما فضلت أن تحول عارضتها إلى «وحش جميل»، حسب وصفها، «استطاعت أن تجد الجمال وأن تروض وأن تتحول إلى كائن أكثر رقة، بعد أن تدثرت بالعباءة»، مشيرة إلى أنها تتعاون، منذ انطلاقها، مع صديقتها المصورة الفوتوغرافية آلاء إدريس، «والتي تعينني على إعطاء تصاميمي بعداً جمالياً فنياً، يمكن أن يترجم إلى شيء أبعد من القماش والقصة، فمعها أردت أن أحول مشروعي الذي قد يكون مكرراً ومشابهاً في فكرته لمشروعات كثيرة، إلى شيء أبعد وأجمل من ذلك، وأن أضيف مفهوماً فنياً أعمق، نظرتي عالمية».

تميل المجموعة الأخيرة إلى اعتماد الألوان الباستيلية الهادئة، والتي لم تخرج عن اللون الوردي الفاتح، ودرجة أخرى منه مقاربة للبيج المتورد، والبيج الفاتح المقارب للون الكريمي، بالإضافة إلى الرمادي الفاتح والرمادي الداكن، كما أضافت لمسات من اللون الأزرق، مفضلة في هذه المجموعة التركيز على القصات، تقول: «فضلت أن اعتمد في هذه المجموعة القصات المعقدة والمركبة والمبتكرة في آن واحد، والتي تعزز تميز العباءة واختلافها في سوق العباءات، كما أنها في الوقت ذاته تصعب مشكلة تقليد العباءات المنتشرة، والتي تعانيها معظم مصممات العباءات الإماراتيات».

اعتمدت المصممة مجموعة من القصات المتداخلة والمبتكرة، والتي جمعت في العباءة الواحدة بين التموجات على الصدر والتجمعات على الجذع والاتساع في الجوانب تارة، والضيق في أجزاء أخرى تارة أخرى، ما يجعلها تجمع بين حشمة الرداء الواسع، وجاذبية القصات، معتمدة فكرة الزهور البارزة من قماش العباءة والمزينة للجذع، أو التموجات الناعمة، بالإضافة إلى اعتمادها الحرائر الناعمة المنسابة تحت العباءة تبرز مع حركة صاحبتها، أو اعتمادها قماش الدانتيل الذي استطاعت توظيفه بذكاء شديد يدل على حس المصممة العالي في التصميم، حيث اعتمدت الدانتيل الفرنسي في الأكمام الواسعة المبطنة بالقماش البيج المتورد، بينما تزينت العباءة بحزام ناعم يحدد الخصر.

إضافة إلى ذلك اعتمدت المصممة فكرة التفاوت في اتساع الأكمام، والتي بدت واضحة تارة، وواسعة متماهية مع العباءة تارة أخرى، مزينة بعضها بفكرة القماش التور الشفاف المبطن، أو تلك العباءة شديدة الابتكار التي اعتمدت بالكامل على قماش التور الشفاف، والمناسبة للفترات والحفلات المسائية، حيث تكشف عن أناقة الفستان تحتها، بالإضافة إلى ذلك ركزت المصممة على عناصر التزيين الكلاسيكية، مثل اللآلئ، والتي زينت بكثافة بعض العباءات وحددت أطرها، وأجزاء منها، كما زينت بعض الزهور البارزة، إضافة إلى المعادن المستديرة التي زينت الأكتاف والأكمام في تفاوت متوازن مع عناصر أخرى، جعلها عباءات مسائية قادرة على أن تحمل صفة الـ«هوت كوتور» بجدارة.

من الشارقة

تستعد مصمّمة العباءات الإماراتية حصة العبيدلي، حالياً، لافتتاح دار أزيائها الخاصة، حيث تقوم حالياً بالاهتمام بالجانب الابتكاري من تصميم الديكور الداخلي للدار، والتي ستكون في إمارة الشارقة، حرصاً منها على أن تربط دائماً بين اسمها وبين مدينتها العزيزة على قلبها، مشيرة إلى أنها كانت قادرة على أن تفتتح متجرها «في أي مكان آخر أو في مركز تجاري رئيس في إمارة دبي، إلا أنني فضلت أن أبقي جذوري في إمارتي الشارقة، وأن يرتبط دائماً اسمي واسم دار أزيائي الرئيسة بهذه الأرض العزيزة على قلبي».

عباءات للمصممة حصه العبدلى_4
عباءات للمصممة حصه العبدلى_5
عباءات للمصممة حصه العبدلى_6
عباءات للمصممة حصه العبدلى_1
عباءات للمصممة حصه العبدلى_2
عباءات للمصممة حصه العبدلى_3

Avatar photo

By حواء مصر

محررة موقع حواء مصر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *