في الآونة الأخيرة حرص العديد من أولياء الأمور علي البحث عن وسيلة لتسليح أبنائهم تسليحا بكل ما تحمله الكلمة من معان‏,‏ فقد إزداد خطر البلطجية في الشارع المصري

وبدأ أطفالنا يتعرضون لمخاطر لم نعهدها من قبل, فزادت حوادث اختطاف الأطفال أثناء خروجهم من المدرسة أو نزولهم من أوتوبيس المدرسة بعد تهديد السائق وترويع التلاميذ, مما دفع الأمهات الي أن يضعن الأسلحة البيضاء الخنجر والمطواة قرن الغزال والأمريكان ستيك- وهي عصاة عند دفعها للأمام تؤذي أي مهاجم أومعتد في حقائب أبنائهم جنبا إلي جنب مع السندوتشات كل صباح, وفي الشارع يحمل بعض من الشباب المسدسات والطبنجات في أماكن لاتستطيع أن تصل إليها الأعين في الجيب الخلفي للبنطلون أو أعلي الشراب كما كانوا يخبؤن السجائر وقد أصبح من السهل شراء مختلف الأسلحة من علي الأرصفة أو عن طريق وسيط فالحته علي حد تعبيرهم يتراوح سعرها ما بين 300 و700 جنيه, يشتريها الأبناء في الغالب بعد موافقة الآباء وإقناعهم أن الشارع أصبح فوضي وانهم لايأمنون علي أنفسهم فيه, أما البنات فالصاعق الكهربائي أو المخدر الرشاش هو أداة الدفاع عن النفس المناسبة والذي يضمن لهن التجول في الشارع بأمان, فماذا يعني أن يتسلح الأطفال لحماية أنفسهم ؟ وهل يؤثر ذلك بالسلب علي طفولتهم وسلوكياتهم المستقبلية بعد أن تعودوا حمل السلاح في عمر مبكر؟ وهل يستطيعون بالفعل حماية أنفسهم أم أنه مجرد لعب عيال قد يؤذي غيرهم من الأطفال عندما يستخدمونه في المزاح أو في المشاجرات الصغيرة التي تحدث عادة بينهم خاصة في المدرسة؟ والسؤال الأخير.. كيف يمكن لأطفالنا أن يحافظوا علي أنفسهم دون استخدام سلاح؟

د. أحمد خيري حافظ أستاذ علم النفس جامعة عين شمس يقول: إن المناخ العام للمجتمع المصري الآن مناخ يتيح للعنف والعدوان فرصة للظهور مما يشكل خطرا واضحا علي المجتمع الذي نعيش فيه, فالمجتمعات تقوم علي ضوابط وعلي فكرة الثواب والعقاب, و الشعور بالأمن والأمان, ولكن للأسف الشديد هذا مانفتقده جميعا في المرحلة الراهنة, فإنكسار الشرطة أآداة الضبط والربط في المجتمع, واختلال القضاء وانشغاله في مشكلات عديدة, حول المجتمع من مجتمع متحضر إلي مجتمعات صغيرة متنافرة بدائية, يعتمد فيها الفرد علي حماية نفسه أو عائلته, وانتشار الجريمة وانتشر معها السلاح الذي أصبح في متناول الجميع, وكان لابد أن يصيب الصغار من طلاب المدارس جانب من ذلك, فالطفل يعيش الحياة كما يعيشها الكبار, والخوف يتسلل إلي الجميع, وبالتالي فقد تحولت المدرسة من مؤسسة للتربية والتعليم إلي مؤسسة للصراع والقتال, وهنا يجب أن نلتفت أننا نقدم أبناءنا لغير مادربوا عليه, فالتلميذ وسيلته العلم والتعليم, ولكن التعليم الآن يتراجع ليحل محله العنف والجريمة, وأخطر شريحة سوف تصاب بالضرر في المجتمع المصري الآن هي شريحة الأطفال والمراهقين,فقد أثبت العديد من الدراسات تأثر الأطفال بمشاهد العنف التي يشاهدونها في الأفلام علي الفضائيات وازدياد رغبة العنف لديهم في حالة إكثارهم في مشاهدة هذه الأفلام.. فمابالكم بمن يملكون هذه الأسلحة وتلازمهم في المدرسة وأثناء خروجهم مع الأصدقاء؟


د خيري يؤكد أن الأمر خطير ويتطلب سرعة العلاج والدعوة إلي إعادة حياة هؤلاء الأطفال الآمنة لهم وتوفير الهدوء والإستقرار, والمجتمع الآن مطالب بأن يوفرلهم هذه الحماية, علي أن يتم سحب جميع أنواع السلاح بمختلف أشكاله من صغار السن وكباره, وأن يوضع عقاب رادع للتجار الذين يبيعون السلاح لهؤلاء الأطفال ولمن يحملون هذه الأسلحة, كما أننا في حاجة إلي جهود علماء النفس والتربية لتوضيح مخاطر تعامل الأطفال مع الأسلحة ولإعادة السلام النفسي والهدوء الإجتماعي للجميع, والمطلوب من الأمهات الآن علي وجه التحديد الحرص علي إشاعة السلام والطمأينة بين أبنائها, وتحذيرهم من مخاطر حمل مثل هذه الأسلحة, فمن يحمل صاعقا كهربائيا الآن أو يحمل سلاحا أبيض سوف يحمل عندما يكبر سلاحا مضادا للطائرات ولن يكتفي بهذه الأسلحة الصغيرة, وأننا بإعطاء أبناؤنا مثل هذه الأسلحة نفجر العنف بداخلهم ونعطيهم الشرعية للإستخدام, والعنف كما يعلم الجميع آداة تدمير المجتمعات الإنسانية في تاريخها الطويل, وفي النهاية يوصي د.خيري حافظ: بأنه إذا كان هناك ضرورة للدفاع عن النفس, فلنعلم أبناءنا تلك الرياضات السامية والعظيمة للدفاع عن النفس مثل الكاراتيه والجودو وغيرهما فهي تقوي من شخصياتهم ومن بناء أجسامهم بحيث يكون لديهم القدرة علي الدفاع عن النفس دون أذي الآخرين, وتكون وسيلتهم في الشعور بالأمان من خطر البلطجة والفوضي في هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها بلادنا.

Avatar photo

By حواء مصر

محررة موقع حواء مصر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *