بما لذ وطاب من صنوف الطعام، تتواصل فعاليات مهرجان«فنون الطهي – 2012» الذي يتميز موسمه الرابع المستمر حتى 23 فبراير الجاري، بحضور نخبة من أهم الطهاة العالميين من حملة نجوم «ميشلين» علامة التميز في التصنيف العالمي للطهاة. ويقدم الطهاة خلال المهرجان نماذج من إبداعاتهم في تحضير الموائد العامرة، من داخل مطابخ أكثر من 20 منشأة سياحية في الإمارة، وهؤلاء المشاهير ومعظمهم يزور أبوظبي للمرة الأولى أعربوا عن إعجابهم بهذا الحدث الجامع لأهم الإنجازات في عالم المأكولات، مؤكدين أنهم بقدر ما يضيفون إلى المهرجان، فهم يستفيدون من مشاركتهم فيه لأنه يحتل ركناً بارزاً على أجندة الضيافة الدولية.

عناوين كثيرة تحتلها ورش العمل التي يحييها الطهاة الضيوف، وكلها تصب في إطار التميز بالنكهة والشكل. وهي عبارة عن دروس متخصصة في الطهي يقدمونها يومياً على منصات تغص بالحضور من المهتمين. ووسط هذه الأجواء التي تسيطر عليها الروائح الذكية والأصوات المنبعثة من أوركسترا الطناجر وقرقعة الأطباق، نستغل الفرصة بين ورشة وأخرى للتحدث إلى الطهاة النجوم.

موائد عامرة

يورد الشيف الفرنسي وليام ليدويل، الحائز نجمة ميشلين، والذي يوصف بأنه “أعاد رسم ملامح المطبخ المعاصر” أنه منبهر بحجم التنظيم الذي لمسه في المهرجان.

ويقول “لقد شاركت في الكثير من معارض الطهي على مستوى العالم، ويمكنني الاعتراف بأن «فنون الطهي – أبوظبي» إذا ما استمر على هذا النهج من الرقي، فلابد من اعتباره واحدا من أفضل المهرجانات ذات الصلة”.

ويذكر أن القيمة العملية التي يكتسبها أي حدث يتعلق بالطهي، تبنى على خبرة المشاركين والإطار التحضيري الذي يوضعون فيه. وأكثر ما لفت انتباه الطاهي الفرنسي عدا عن فخامة حفل الافتتاح والدقة في متابعة التفاصيل، جودة الخدمات التي يتميز به قطاع الضيافة في أبوظبي.

وأضاف: لم أكن أتوقع أن أبوظبي وصلت إلى هذا الحد من التقدم على مختلف الأصعدة. حتى أن ما شاهدته هنا من ترتيب ونظافة واهتمام بتجهيز الموائد الفاخرة، لم أشاهده إلا في أرقى قصور الضيافة في أهم عواصم السياحة التي زرتها”.

ويشير الشيف ليدويل الذي اعتاد أن يطهو لنخبة المجتمع المخملي في أكثر من مدينة أوروبية، إلى أنه كان سعيدا في تحضير مائدة العشاء التي أقيمت في فندق كراون بلازا بجزيرة ياس، مضيفاً أنه مكاناً رائعاً يقع وسط جزيرة ساحرة تابعت بعضا من الأحداث التي استضافتها عبر الشاشة، ومن الضروري أن أنتهز فرصة وجودي في أبوظبي للاطلاع على مدينة عالم فيراري، التي سمعت أنها الأكبر من نوعها، وكان الشيف ليدويل ترافق في تقديم فعاليته مع الفنان الايطالي إنيو مارشيتو الذي أدى عرضا كوميديا ترفيها أمتع الحضور.

كوميديا الطعام

يقول فنان الكوميديا العالمي إنيو مارشيتو “من المتعارف عليه أن حفلات العشاء الفخمة التي تقام في مهرجانات الطهي، لابد أن تترافق مع عروض ترفيهية تثري الأجواء، وهذا ما أتخصص في تقديمه ضمن إطار فني إبداعي أتعب على تحضيره للمناسبات الخاصة.

ويذكر مارشيتو أنه حين تلقى الدعوة للمشاركة في “فنون الطهي – أبوظبي” أبدى ترحيبه مباشرة بهذا العرض الذي يعتبره فرصة مناسبة له للتعرف إلى جمهور عاصمة الإمارات، ويتحدث عن إعجابه بالحركة العمرانية اللافتة التي تشهدها الامارة والتي تترافق مع النهضة الثقافية والسياحية فيها.

ويضيف “آمل أن تكون لي زيارات قريبة إلى أبوظبي إذ إنه من المحتمل أن أقدم عروضاً مماثلة في إحدى الفعاليات المهمة التي يعلن عنها لاحقا”.

وقاد إنيو مارشيتو تطوراً كبيراً في فن الأوريجامي الياباني، وحوله إلى عروض مسرحية توصف بأنها “رسوم متحركة حية”. ويستخدم مارشيتو منهج الكوميديا الديناميكية الحركية والأزياء المبتكرة تدعمها موسيقى تصويرية الكترونية، ليحلق بجمهوره في تقليد ساخر لأبرز النجوم والشخصيات التاريخية المشهورة. وأدهش مارشيتو، الحائز جائزة كان لأفضل عرض ترفيهي وجائزة “الأسد الذهبي” من مهرجان البندقية للترفيه، الجمهور في 70 دولة. ونال إشادة وكالة الأنباء العالمية “أسوشيتد برس”.

بهارات ونكهات

الشيف الأميركي دانيال باترسون الحائز نجمتين من تصنيف “ميشلين”، قدم يوم أمس السبت حلقة تعليمية ناجحة في “نادي وفندق ضباط القوات المسلحة”. ووسط محاضرته القيمة التي ركز فيها على أهمية استخدام المكونات الطبيعية في صياغة الأطباق، يقول “إنها المرة الأولى التي أزور فيها منطقة الشرق الأوسط. وأعتبر نفسي محظوظا لأنني أتيت إلى أبوظبي حيث أشعر بحفاوة الترحيب وكرم الضيافة.

وهذه أمور كنت أسمع عنها من قبل، وها أنا اليوم أعيش التجربة وأقدر المجهود الضخم الذي يبذل للوصول إلى هذا المستوى المشرف”.

ويورد الطاهي باترسون مؤسس مطعم “سي أو آي” الشهير في سان فرانسيسكو أنه يحرص خلال وجوده في أبوظبي على تقديم الأصناف نفسها التي يحضرها في مطعمه. وهو يقوم بنفسه في إعداد مختارات من أطباقه الشهيرة داخل مطابخ منتجع “سانت ريجس” – جزيرة السعديات. ومنها المحار ولحم الضأن والشمندر المشوي على الحطب وتارت الجبن الأبيض، حيث يعمد إلى تعديل بعض النكهات بما يتناسب مع الذوق العام السائد في المنطقة. ويقول “إن البهارات المحلية التي استعملتها هنا، لذيذة جداً وهي تضفي نكهات شهية للأصناف التي أحضرها. وسوف أشتري كمية منها وآخذها معي وأنا متأكد من أنها سوف تحظى برضا زبائننا الذين يعشقون المأكولات العربية”.

ومن المعروف عن الشيف باترسون أنه يعتمد على المواد الطازجة من المزارع المحلية، وتتنوع قائمة مطعمه من السلطعون الطازج إلى “الرافيلوي” بالفطر البري وفواكه البحر المشوية. وكلها يستلهما من منطقة شمال كاليفورنيا. وهنا يذكر أنه أعجب بالثروة السمكية والزراعية التي تنعم بها أبوظبي والتي من شأنها أن تكون مصدر إلهام للطهاة المحليين.

مأكولات تراثية

من جهته يورد الشيف الياباني الشهير هال ياماشيتا خلال جلسة الطهي التعليمية التي قدمها أمام جمهور المهرجان، أنه منبهر بأسواق التمور والأسماك والخضار التي جال عليها خلال زيارة سابقة له إلى أبوظبي. ويقول “الآن باتت الصورة واضحة بالنسبة لي عن سبب النجاح الحقيقي الذي يتميز به قطاع السياحة والسفر في الإمارة. فليس هنالك من ضيافة راقية إلا مع وجود الأرض الطيبة والخيرات الطازجة التي تغني الأطباق”. ويذكر الشيف ياماشيتا، أن نصيحته للقائمين على هذا النوع من المهرجانات، هو الإضاءة على الموروث الشعبي للمطبخ الإماراتي. ويستطرد “أعرف جيدا أن هذه البلاد تتمتع برصيد جيد من المأكولات التراثية، ولابد من الحفاظ عليها منعا من الاندثار”.

ومناسبة كلام الطاهي الياباني أنهم في اليابان يخشون على أصنافهم الأصلية من الضياع وسط الهجمة الكبيرة للمطابخ الايطالية والفرنسية.

ويؤكد على أنه بحكم عمله يسعى جاهدا إلى الإضاءة على أساليب الطهي اليابانية التقليدية أينما ومتى استطاع، قائلا “إنها طريقتي في محاولة الحفاظ على ثقافة الطعام في بلادي على غرار الاهتمام الحاصل في كوريا. والتي تصر على بقائها عند نمط مأكولاتها التقليدية السائدة في البلاد منذ قرون”. ويمتلك الشيف ياماشيتا 7 مزارع في اليابان لتزويد مطعميه في طوكيو وكوبي بمختلف أصناف المكوّنات بدءا من الخضروات وصولا إلى المحار.

برنامج اليوم

يشهد برنامج اليوم الأحد من فعاليات “فنون الطهي – أبوظبي”، حلقة تعليمية يقدمها الشيف شين غريفين في “نادي وفندق ضباط القوات المسلحة” من الساعة 9:30 – 11 صباحا. كما تقدم الطاهية سوزان حسيني في المكان نفسه ورشة عمل حول أهم مفاهيم المطبخ، وذلك من الساعة 11:30 – 1 ظهرا. وسوف يكون الذواقة من جمهور المهرجان على موعد مساء اليوم في فندق “ياس فايسروي”، مع إبداعات النجم التلفزيوني الأسترالي الشيف جورج كالومباريس. وذلك خلال عشاء راق بدءا من الساعة 7- 11 مساء.

جولات سياحية

على هامش أجندة العمل التي يلتزم بها الطهاة الضيوف، فهم يقومون يوميا بجولات سياحية على أبرز المعالم في أبوظبي. وتأتي هذه الزيارات وفق ترتيب مسبق بناء على طلب من حملة نجوم “ميشلين” والذي يعرفون الكثير عن مرافق الإمارة ويتطلعون إلى رؤيتها من قرب. ومن بين العناوين اللافتة التي تستقطب ضيوف المهرجان، “جامع الشيخ زايد”، “مدينة عالم فيراري” – جزيرة ياس، فندق “قصر الإمارات”، “منارة السعديات”، وعدد من أهم المنتجعات ومنشآت الضيافة في أبوظبي.