غالباً ما ترتبط العباءة بتلك الصور الناعمة والكلاسيكية ذات الإيحاءات الرومانسية الهادئة، إلا أن الأمر يمكن أن يختلف تماماً عندما يرتبط اسم العباءة بالمصممة المواطنة عبير السويدي، وتحديداً خلال عرض أزيائها الأخير الذي قدمته خلال أسبوع دبي للموضة لربيع وصيف 2012 الذي اختتم أخيراً، والذي حولت خلاله العرض إلى نسخة أخرى شديدة التطرف والابتكار، فكان ذلك القماش الأسود الغامض قطعة خام عكست عليها كل تلك الأفكار الجامحة المتمردة التي تجول بداخلها، والتي لا يمكن وصفها سوى بـ «ثورة العباءة».

 

وفي مزج بين التقنيات الحديثة، وبين العروض الراقصة الشبابية الجامحة، والموسيقى القوية المحفزة، وبين طرق تقديم العارضات لابتكارات السويدي، التي حولت عارضاتها إلى ممثلات جامحات ابتعدن كل البعد عن طرق العرض التقليدية للتصاميم، قدمت المصممة مجموعة مبتكرة غير مكررة لتصاميم جمعت بين فكرة العباءة والفستان الأسود، الذي يليق بأن يكون قطعة سهرة منفردة لا تحتاج لعنصر آخر لتعزيزها، «لقد أردت من خلال العرض، أن أخرج من قوقعة العباءة الكلاسيكية الناعمة، وأن أظهر قدراتي وأن أجمح بمخيلتي في تكوين مجموعة متطورة متمردة تخرج عن أي حدود يمكن أن ترسمها المخيلة للعباءة، حيث أردت أن أبين أنه إضافة لذلك الجانب الكلاسيكي والناعم الذي أقدمه لعباءة السهرة والخروج اليومي الذي يمكن الحصول عليه عبر دار أوش الخاصة بي، فإن هناك جانباً آخر متطرفاً ومتمرداً يجد على منصة العروض مكانه المناسب للانطلاق والخروج، بعيداً عما تحتاج إليه السوق، وبعيداً عن رغبات الزبائن، منصة ألونها بألواني وأفكاري الخاصة، وأن أجمح من خلالها وأنطلق بالأسلوب الذي أرغب فيه»، وهو ما بينته السويدي لـ «الإمارات اليوم» بعد دقائق من انتهاء العرض.

موسيقى ورقص

بدأ العرض بفرقة راقصة قدمت عرضاً مصاحباً لشاشة ضخمة توسطت المنصة حملت رسوماً غرافيكية تماهت تحركاتها مع تحركات الراقصين، مقدمة وصلات من رقص البوب والهيب هوب، تتخلل فقرات العرض الذي قسمته المصممة إلى أربعة أجزاء، بدأ بمجموعة من التصاميم المزينة بالمشغولات البيضاء المتداخلة قوية الشكل، المزينة للأحزمة والأكتاف والرؤوس، فوق عباءات شيفونية خفيفة مناسبة لحفلات الزفاف، وأخرى بدت أقرب إلى الجلابية الشرقية ذات الأكمام القصيرة، والتطريزات الفضية ذات الخطوط العرضية المتوازية، وأخرى تزينت بالكامل بحبات الريش الكبيرة المزينة لطبقة شيفونية منسدلة فوق فستان أسود ضيق جزئياً، أو التي تزينت بحبات القصب الكبيرة اللماعة المزينة لمركز العباءة، أو تلك التي زينت ياقات كبيرة وعريضة من الأكتاف ونزولا لتغطي الصدر فوق عباءات مفتوحة شفافة للسهرات.

ذهب

بطبقات رقيقة من رقاقات أشبه بأقنعة الذهب الخالص، اختفت وجوه عارضات الجزء الثاني، واللاتي تزيّن بمجموعة مميزة من التصاميم شديدة الابتكار، التي تفاوتت بين تلك الشيفونية الحريرية المعتمدة على المشغولات من القصب والتطريزات المتداخلة المكونة لنقوش حادة وينت الجذع والأكتاف فوق عباءات منسدلة واسعة، أو تلك التي اعتمدت فيها المصممة قماش القطن المطاط «فلانيل» بملمسه الناعم وخامته المطاطة ذات الثقل المنسدل، مستكيناً على أجساد العارضات مبرزاً تلك الانحناءات أثناء الحركة ومتسعاً في مناطق معينة من الأكمام تارة، ومتسعاً بالكامل في أنصاف عباءات ضيقة من جانب واحد وواسعة منسدلة من الجانب الآخر، زينتها بمجموعة من الحبات الذهبية التي رسمت حدود جهة واحدة من العباءة في أحد التصاميم، بينما تزين هذا الجانب بسلاسل ذهبية كثيفة تنسدل على شكل قلائد ناعمة كثيفة وطويلة تصل من الأكتاف حتى الجذع في تصميم آخر، أو تحولت تلك الكرات الذهبية، إلى حزام عريض جدا يزين الخصر، كما اعتمدت المصممة عناصر تزيين أخرى ذهبية أقرب إلى الكرات أو الترتر الكبير، والتي زينت به لبادات الأكتاف النافرة، وما تبقى من حاشية العباءة في الجزء الذي يضيق منها، متحولا لشكل أقرب إلى التنورة ابتداء من الركبة ونزولا للنهاية، خاتما فكرة العباءة المكونة من طبقتين، أو تلك الشبيهة مع تزيين الأكتاف والحاشية العريضة بالقصب الذهبي الكثيف، المزين أيضا بالريش الأسود الناعم.

بنك

في الجزء الثالث من العرض، قدمت المصممة مجموعة شديدة التطرف من العباءات التي استوحت فكرتها من أزياء «البنك» التي غالبا ما تتزين بالأشواك المعدنية النافرة الضخمة، وهو العنصر ذاته الذي زين عباءات السويدي في هذه المجموعة الأكثر تمرداً لها حتى الآن، مستعينا بتلك الفكرة، لتزين بها الأكتاف والأحزمة التي خصرت العباءات، إضافة إلى ظهور العباءات، وحوافها الأمامية، كما استعانت بمجموعة أخرى من الأشواك الصغيرة لتزين طرفا جانبيا واحدا من إحدى العباءات التي بدت أقرب إلى الجلابية الحريرية الواسعة، بينما تزين الجزء الأيمن من العباءة بنصف حزام من ذات الأشواك الكثيفة، محددا نصف خصر العارضة، كما قدمت المصممة في هذا الجزء من العرض، عباءة شديدة التميز انسدلت مستقيمة دون عناء، بينما تزينت الأكتاف ذات اللبادات الكبيرة بكمية هائلة من الخيوط الثقيلة السوداء التي بدت أقرب إلى الشعر وانسدلت طويلة وكثيفة على الجانبين وصولاً إلى الركبة وتحت ذلك.

قائدات العالم

احتفت السويدي بالمرأة في الجزء الرابع والأخير من عرضها، حيث تراقصت العارضات على نغمات أغنية تتغنى بالمرأة «نحن نقود العالم»، بينما تزينت العارضات بعباءات ذات طابع شرقي تارة، وقوي واثق تارة أخرى، بين تلك التي تزينت بالترتر النحاسي الممتد من أعلى الرقبة ونزولاً إلى الجذع وصولاً إلى ما تحول إلى حزام يخصر العباءة، والتي بدت في خطوطها أقرب لفكرة الأحزمة الملتفة على الأكتاف والجذع والتي يرتديها المقاتلون لتحمل أسلحتهم، أو ذات الفكرة في الاعتماد على خامات جلدية لماعة، أو خامات تزينت بالأشواك الدقيقة، أو تلك التي تزينت بالقلائد الدقيقة الكثيفة، أو التي تزينت بتنورة من الريش البرتقالي الناعم، فكانت قادرة على أن تحول العرض، إلى عالم نسائي خاص، تمردت فيه على المعتاد، وخرجت فيه المرأة من فقاعة اللائق والمفترض، إلى عالم أكثر حرية وأقل سيطرة.

عباءه من تصميمات عبير السويدى_1
عباءه من تصميمات عبير السويدى_3
عباءه من تصميمات عبير السويدى_2
 

 

Avatar photo

By حواء مصر

محررة موقع حواء مصر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *