ومن المعروف أن بعض الألوان تؤمن الإحساس بالراحة في المنزل, وبعضها يجعل المساحة تبدو أوسع.. أما البعض الآخر فيضفي لمسة من الدفء علي أكثر الأماكن برودة والاستفادة من خصائص ومزايا الألوان في منازلنا علينا أن نبدأ بفهم لغتها وإتقان مفاهيمها.. فإذا كانت الألوان تؤثر علي حالتنا النفسية فتبعث فينا النشاط أو الهدوء.. وتدفعنا إلي الاسترخاء أو العمل.. فإن لها أيضا تأثيرا في حالتنا الجسدية, إذ يؤدي توحيد اللون في المكان بصورة مبالغ فيها إلي التسبب في تعب البصر أما الألوان الدافئة مثل (الأحمر والأصفر والبرتقالي) فهي ألوان يساعد انتشارها علي ارتفاع ضغط الدم.. في الوقت الذي تتمتع فيه الألوان الباردة مثل الأخضر والأزرق.. وكذلك اللون الأسود بمفعول عكسي.
وتحدثنا عن ذلك خبيرة الديكور ورئيسة مجلس إدارة إحدي كبري شركات الديكور في مصر رانيا فهمي فتقول إن للألوان مفعول السحر علي نفسية الإنسان, فهي تؤثر بالسلب أو بالايجاب علي حالته النفسية والمزاجية بل والصعبة في بعض الأحيان.
- عالم ألوان.. ألوان
ومن المعروف أن إتقان لغة الألوان هي من أدوات مهندس الديكور الماهر خاصة أن لكل إنسان اتجاهاته وميوله اللونية وعلي مصمم الديكور أن يستخدم الدرجات اللونية التي يرتاح إليها صاحب المكان ويلعب علي أوتارها كما يعزف للموسيقي علي أوتار العود أو الكمان فتخرج أعذب النغمات وأكثرها سحرا وجمالا.. وتضيف رانيا فهمي أن اتساع المكان المحيط بنا يعد من أهم مقومات الارتياح النفسي الذي يمكن أن يشعر به أي انسان لذلك فلابد من اللعب علي هذه الوتيرة بكل الوسائل المتاحة خاصة وسط ضيق المساحات في الكثير من المنازل الحديثة.. وهو ما يدعونا إلي استخدام الألوان الفاتحة للجدران كالبيج بدرجاته المختلفة أو درجات الترابية بوجه عام وكذلك اللون الأبيض المكسور بشعرة بسيطة من اللون البني أو السيمون.. وهي جميعا درجات لونية تدعو إلي الإحساس بالارتياح البصري الذي لا يمكن أن يتحقق كاملا بدون الاهتمام بالإضاءة التي يفضل أن تكون خافتة مصدرها الأباجورات أو الإضاءات غير المباشرة سواء من خلف الجدران أو الستائر فعادة ما تساعد الإضاءة بدرجة كبيرة جدا علي تحقيق عملية الإحساس بالهدوء والراحة وبالتالي السعادة التي يصبو إليها كل إنسان.
أما بالنسبة للألوان المبهجة التي من شأنها اضفاء روح السعادة والمرح علي المكان, فمن الممكن اللجوء إليها عند استخدام الاكسسوارات المختلفة مع الحرص علي تناغم الألوان وانتشارها في المكان بصورة مريحة للعين.. كأن يتم اختيار إحدي درجات اللون الأخضر علي سبيل المثال وتكرارها في المكان ولكن دون مبالغة كأن تكون هناك لمسة من هذا اللون في فرش الأنتريه ثم يتكرر نفس الدرجة في السجادة أو بعض الاكسسوارات الموجودة علي المناضد الجانبية.. مع الحرص علي أن يكون هناك لون ساخن يمثل مردودا لهذا اللون في أماكن متفرقة أيضا من الغرفة كاختيار درجة ملائمة من درجات اللون الطوبي علي سبيل المثال ونشرها في الغرفة بصورة فنية ملائمة تشعر من يراها بنوع من الراحة والسعادة.. حتي هو لا يعرف حقيقة مصدرها أما بالنسبة للألوان المبهجة كالأخضر الفاتحline green أو البرتقالي والأصفر وما إلي ذلك من ألوان زاهية فهي بالفعل تدعو إلي التفاؤل والسعادة ولكنها لا تناسب منازلنا التي نعيش فيها بصورة دائمة بل هي في الواقع تكون أنسب للفيلات والشقق بالمصايف حيث يحتاج الانسان كل فترة إلي تغيير الألوان المحيطة به والانتقال من حالة مزاجية إلي أخري كنوع من الخروج عن المألوف والتغيير المطلوب جدا كوسيلة فعالة لإنعاش الحالة المزاجية والإبداعية لأي إنسان.. وتسطرد خبيرة الديكور رانيا فهمي.. أن سيدة المنزل الماهرة لابد وأن تعي هذه الحقيقة وتقوم كل فترة بإضفاء بعض اللمسات الفنية الصغيرة علي منزلها لادخال البهجة والسعادة إليه.. كأن تقوم علي سبيل المثال بتغيير الستائر أو المفارش بألوانها من هادئة إلي زاهية أو العكس أو حتي تغيير بعض الاكسسوارات التجميلية وإضافة بعض النباتات المنزلية إلي أركان منزلها, خاصة أن اللون الأخضر له مفعول السحر علي نفسية أي إنسان فهو يشعره بالراحة والاستجمام فالعين دائما ما تبحث عنه في أي مكان توجد به.. والتغيير عادة ما يكون مطلوبا أيضا مع تغيير فصول العام ولكن ليس في الألوان فقط وإنما في الخامات المستخدمة في الديكور.
فمن المعروف أن الجلد والقطيفة والأخشاب بأنواعها هي خامات شتوية والرخام والأقطان والاكسسوارات الزجاجية بفضل الاستعانة بها في فصل الصيف لذلك فنحن ننصح كل صاحبة منزل ان تكون لديها اكسسواراتها الديكورية التي تقوم باستخدامها مع حلول كل موسم حيث يؤدي ذلك إلي شعور جميع من في المنزل بالسعادة الناتجة عن التغيير المستمر في البيئة المحيطة بهم.. وبالطبع من المعروف أن ديكور المنزل يختلف عن ديكور الشركة أو مكان العمل أو كذلك المستشفي أو المحال التجارية.. فلكل مكان ما يناسبه من ديكورات وألوان واضافة وهو ما يقرره مهندس الديكور المختص الذي يقوم باختيار الألوان حسب طبيعة المكان وذوق قاطنيه.
- كيف تختارين ألوان غرفة طفلك
ومن المعروف أن الأطفال بطبيعتهم يميلون إلي الألوان المبهجة والرسومات التي تدلل أحلامهم وتخيلاتهم الدائمة.. لذلك فمن المستحب دائما أن نقوم باختيار لون مبهج لجدران حجرة الطفل كاللون البني الفاتح أو الأخضر الفاتح أو الليموني لغرفة الولد والألوان الوردية والبنفسجية لغرفة البنت.. مع اختيار الرسومات التي يفضلها كل منهما لتنتشر علي جدران الغرفة بصورة جذابة ومريحة للعين علي أن تكون ألوان هذه الرسومات ملائمة للخلفية أي لون الجدران.. ولا يجب أن يختلط علينا الأمر فالطفل الذي نتحدث عنه هنا هو طفل ما بين السنتين والعشر سنوات.. أما قبل ذلك فإن الطفل الرضيع يفضل أن تكون غرفته ذات لون هادئ مريح لا تحمل جدران غرفته الكثير من الصخب.. أما طفل ما بعد العاشرة فعادة ما يكون له مزاج خاص فيفضل الأولاد الألوان الداكنة وأن تحمل جدران غرفتهم صورا لأبطال اسطوريين.. أما البنات فيفضلن في هذه المرحلة الألوان الفاتحة خاصة اللون الوردي الفاتح مع استخدام لوحات ذات ألوان مبهجة وزاهية مما يبعث علي نفوسهن السعادة والراحة بالإضافة إلي انتشار بعض الدمي كاكسسوارات مهمة لتلك المرحلة.
- الأشكال.. والطاقة الإيجابية
وقد ذكرت الأبحاث والدراسات الحديثة التي يستند إليها الكثير من خبراء الديكور منذ عدة سنوات أن للأشكال الهندسية المختلفة تأثيرا كبيرا علي حيوية الجسم وطاقته وكذلك حالة الانسان المزاجية والنفسية, وقد كان الفراعنة روادا في استنباط الأشكال الهندسية واستخدامها في هذا الميدان, وهو ما يظهر لنا من خلال معابدهم وحليهم وتمائمهم وقد ثبت أن الفراعنة لم يكونوا يستخدمون أشكال تصميماتهم المختلفة دون دراسة أو إدراك لفوائدها.. فقد كانت الأشكال الهندسية دائما مرتبطة برمز الطاقة عند الفراعنه, أو كما كان يطلق عليها باللغة الهيروغليفية.. وهو ما يفسر انتشار اشكال هندسية معينة في المباني الفرعونية مثل الأهرامات والمسلات الفرعونية.. حيث ثبت أنها مقصودة البناء علي هذا الشكل وعلي هذا النحو من الانتشار وذلك بسبب العلاقة الوثيقة بين هذه التصميمات ووجود الطاقة المنطلقة منها..
وهكذا فإن هناك الكثير من الظواهر المعمارية قد دفعت العلماء للبحث عن تأثير الهندسة المعمارية والديكورات علي النفس البشرية, بل إن هناك من العلماء من قاموا بالبحث عن تأثيرها علي الأمراض العضوية ايضا.. وارتباط بعض الأمراض بالشكل المعماري للسكن الذي يقطن فيه المريض من هنا جاء استنباط بعض القواعد الهندسية التي تعالج بها بعض الأمراض النفسية والعضوية..
والحقيقة إن ذلك يفسر شعورك بالغم والاكتئاب عند دخولك بعض الأماكن أو بالسعادة والارتياح عند دخولك أماكن أخري.. كما أن هناك لغة معروفة لدي خبراء الديكور تسمي بلغة تشكيل الفراغ الذي يستخدمه الإنسان سواء لاختيار الديكور الخاص بالمعيشة أو بالعمل وهي في الحقيقة تؤثر فينا تأثيرا كبيرا فديكور المنزل علي سبيل المثال لابد وأن يحتوي علي الوان وأشكال هندسية مريحة للعين والنفس تساعد علي الإحساس بالاسترخاء بينما يحتاج الديكور المكتبي إلي نوع من الديكور يساعد علي التركيز والانتباه لأداء العمل علي أفضل وجه..
وليس الديكور الداخلي فقط ما يؤثر علي نفسية الإنسان بل إن الشكل الخارجي للمبني عادة ما يكون له تأثير كبير أيضا, فالخطوط الواضحة المستقيمة والزوايا الحادة القاسية تنعكس علي سكانها بالعناد وبجدية الطباع والحزم في أمورهم, بينما حين تكون الخطوط منحنية وانسيابية فهي تترك انطباعات علي سكانها بالليونة والمرونة ومن المعروف أيضا أن الديكورات داخل المنزل تتأثر بالأشكال الهندسية المختلفة, فإذا كان الأثاث المحيط بنا بزوايا حادة مربعا أو مستطيلا فإن ذلك يشعرنا بالرغبة في العمل أو تنظيم كل شيء حولنا بصورة مثالية أما الشكل الدائري فهو غالبا ما يدعونا إلي التأمل والاسترخاء خصوصا إذا حملته اللوحات الكائنة فوق جدران المكان.. وعلي ذكر ذلك لا يمكن أن نتجاهل أن الشكل الهرمي دائما ما يأتي بطاقة إيجابية في المكان ليس فقط طاقة نفسية بل صحية أيضا.. فعندما قام العلماء بإقامة هذه التجربة بوضع قطعة من اللحم داخل حافظة ذات شكل هرمي وأخري داخل حافظة ذات شكل مربع.. لوحظ الفرق بأن ظلت الأولي دون فساد مدة أطول بكثير من الأخري.. والحقيقة أن الأسباب الخفية وراء تأثير الأشكال الهندسية علي نفسية وصحة البشر مازالت في طور البحث والتحديث.. ونحن دائما في انتظار المزيد خصوصا في مجال البحث عن السعادة.