إذا كنتي من المهتمين بمعرفة سلوك الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين الثانية والثالثة من عمره، فغالباً قد قرأت العديد من الموضوعات عن نوبات غضب الأطفال، وغالبا أيضا قد سألت إحدى صديقاتك أو والدتك عما يمكنك أن تفعليه تجاه تلك المشكلة بعد أن استنفذت كل الطرق للتعامل معها، لكن لاتزالين تجدين نفسك في شدة الحرج عندما تكونين في أحد مراكز التسوق أو في نزهة، ويبدأ طفلك في الصراخ أو ضرب الأرض بقدميه أو إلقاء نفسه على الأرض، ولا يعرف وقتها الأم أو الأب كيفية الطريقة الصحيحة للتعامل مع هذا الموقف.

أوضحت دراسات علمية أن 60٪ من الأولاد، و40٪ من البنات يصابون بنوبات الغضب عندما تبلغ أعمارهم واحداً وعشرين شهراً، كما أوضحت تلك الدراسات أيضاً أن 14٪ من الأطفال يصابون بنوبات غضب كثيرة عندما يبلغون من العمر سنة واحدة، في حين أن 50٪ منهم يصابون بنوبة كبيرة كل أسبوعين على الأقل. وبالتالي فالتعامل مع غضب الطفل أمرا محيرا، مرهقاً، ويمثل ضغطا نفسيا على الأبوين، لكن الهدف لا يجب أن يكون كبت مشاعر الغضب لدى طفلك، بل يجب أن يكون هدفك تقبل تلك المشاعر وفهمها ثم توجيه الطفل إلى الأساليب المقبولة للتعبير عن تلك المشاعر.

أشكال الغضب

إلى ذلك تشير هدى العلي استشارية تربوية متخصصة في سلوك الطفل بقولها إن نوبات الغضب عند الأطفال تتخذ أشكالاً عدة، فبعض الأطفال يندفع بهياج ويجر من مكان إلى آخر وقد يصرخ ويصطدم بأثاث المنزل، والبعض الآخر يلقي بنفسه على الأرض، ويتقلب، وقد يستخدم أداة تقع في يديه لضرب الأشياء الواقعة في متناوله أو ربما يضرب رأسه بالحائط، ومهما يكن الشكل الذي تأخذه موجة الغضب، فعلى الأم أن تدرك انها ظاهرة طبيعية عادية.

«إثبات الذات»

وأضافت العلي قد لا يخلو أي بيت أسري من مشكلة الغضب والانفعال بين الإخوة فكل واحد منهم يسيئ للآخر ويحكم عليه نتيجة مشاعر تسيطر عليه والهدف لكل منهما هو “إثبات الذات” التي تعتبر غريزة فطرية في الجميع يريد أن يقول لنفسه«أنا على حق» كي يؤكد لنفسه انه على حق يحاول أن يرفع صوته، يغضب، ينفعل بشده، ويصل بعد ذلك إلى رفع اليد والضرب فهي تمر بمراحل تدريجية ولكن كل تلك المشاعر التي يحملها لها أسبابها ويمكن التخلص منها بعده طرق .وأكدت العلي إن طريقة تعامل الإخوة فيما بينهم من أهم مبادئ العلاقات في الأسرة وتعليمهم المعاني الأخلاقية في التعامل له الأثر الكبير في تعاملهم مع الآخرين، لكن من أهم أسباب عراك الأبناء فيما بينهم يرجع كما توضح العلي”لفرض السيطرة ولأنهم يجهلون القوانين، ولا يعرفون كيف يعبرون عن غضبهم بصورة صحيحة، أيضا الغيرة من بعضهم أولجذب الانتباه، وليشعر بنشوة الانتصار واثبات الذات، وكذلك قد يكون نتيجة كثره مشاهدة الأفلام الكرتونية الموحية بالاستهزاء بالآخرين والعنف ، لكن أهم الأسباب الذي يعتبر جذرا أساسيا في التعامل السيئ مع الإخوة هو فقدان الذكاء العاطفي الذي يحُسن كثيرا من بناء العلاقات .

الذكاء العاطفي

وأشارت العلي : لقد كشفت أهم الدراسات والأبحاث أن التقمص العاطفي “ هي أساس تكوين الذكاء العاطفي “ لدى الأطفال وهي القدرة على فهم اهتمامات ومشاعر الآخرين وهي تساعد الطفل على إيقاف السلوك العنيف والقاسي ولتعزيز التقمص العاطفي ولتدريب الطفل على فهم سلوك الآخرين نحتاج إلى توفر العاطفة لدى الأبوين مثل الاهتمام بالحب والتواصل بالعين والابتسامة واستخدام نبرات الصوت الهادئة، ومع جود الأهل أثناء مشاهدة الأفلام الكرتونية واستثماره بشكل إيجابي ومناقشة الأبناء بالسلوكيات الخاطئة ،فقد أكدت الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال أن أكثر من 1000 دراسة تؤكد أن مشاهدة الأطفال للأفلام العنيفة تزيد من القيم والسلوكيات العدائية ولذلك على الأهل الجلوس ومحاورتهم بسؤالهم “ مارأيكم ؟ ماذا لو كنت مكانه كيف تتصرف» .

وحتى يستطيع الأبوان بناء الذكاء العاطفي لابد كما تؤكد العلي من اتباع خطوتين وهي تعزيز الوعي والمفردات العاطفية وهذا يقوم به الأهل بالقصص التي تُبين العلاقات والقيم والتي من أهمها حسن الظن بالآخرين وخير مثال على ذلك قصة سيدنا يوسف عليه السلام وقصة موسى وأخيه هارون واستخدام هذه القصص في تحفيزهم على علاقاتهم الطيبة مع بعض “ ما شاء الله عليك علاقتك قوية بأخيك”إلى جانب التقاط الصور التذكارية الطيبة مع بعضهم وهم يمارسون هواية معينة ووضعها في المنزل مع كتابة كلمات إيجابية “ أحب أخي “، إضافة إلى تعزيز الحساسية تجاه الآخرين ،يساعد في بناء الذكاء العاطفي ، وهذا يتطلب أن يكون الأبوان عاطفيين في الحكم على الآخرين وان يكونا صبورين مع أي إساءة من شخص وسؤاله قبل الحكم والابتعاد عنه أو القطيعة.

غرس القيم

وفي الصدد نفسه تشير العلي إلى إنه لابد من الاهتمام بمشاعر أبنائك وغرس القيم الإيجابية، فلو كان طفلك منزعجا من أمر قد حدث له في المدرسة فعليك التعاطف معه بالإنصات إليه والنظر إلى وجهه وهو يعبر، ثم اظهري له اهتمامك بمشاعره فتجاهلك لمشاعره وأنت تقولين له “ ليس الآن فيما بعد “ يؤثر عليه لكبت مشاعره ومحاولة إفراغها في إخوته، كذلك أشعريه انك تساندينه وانك ستضعين حلولاً معه فهو لم يعبر عن مشاعره إلا لأنه يحتاجك كمستشارة.

وتضيف“ كما لا يطيق بعض الأطفال الدارجين أن يتم مسكهم أثناء نوبة الغضب والعصبية. فيقودهم الحصار الجسدي إلى مستويات أعلى من الغضب مما يزيد الأمر سوءاً. فإذا كانت ردة فعل طفلك مماثلة لما سبق وصفه، لا تصري على السيطرة الجسدية عليه، فقط قومي بإزالة أي شيء قد يكسره وحاولي حمايته من إلحاق الأذى الجسدي بنفسه. كما لا تحاولي مجادلة أو معارضة طفلك.

واعلمي أنه إلى حين مرور نوبة الغضب والعصبية بسلام، فإن طفلك غير قادر على استخدام عقله، كما لا تردي على صراخه بصراخ إن استطعت.فالغضب معدٍ للغاية وقد تجدين نفسك أكثر غضباً مع كل صرخة يصدرها طفلك. لذلك من الأفضل حاولي ألا تشتركي معه في ذلك، فإن فعلت، ربما ستطول فترة الثورة العارمة وبعدما قارب طفلك على الهدوء سيحسّ بنبرة الغضب في صوتك فيبدأ من جديد”.

Avatar photo

By حواء مصر

محررة موقع حواء مصر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *