على الساحل الغربي للنرويج، يقع منزل مكون من طابقين، يتميز بواجهة هندسية ومساحة خارجية لونها أبيض فاتح، تطل على واجهة مائية في مجومنا، واحدة من مئات الجزر المنعزلة المطلة على المياه الزرقاء العميقة لخليج سوغنيفجورد. ما يجعل هذا المنزل مميزا أنه يعيد إلى الأذهان تصميم دار أوبرا أوسلو، بالتفافاتها التي تشبه نبات السمسق (المردقوش). غير أن المقارنة تتجاوز المظهر: فهذه الحوائط أيضا تضج بالموسيقى، وتقوم بعدة أدوار ووظائف، لأن صاحبيه يعيشان فيه كأسرة كما يستعملانه كشركة خاصة، الأمر الذي شكل لهما تحديا كبيرا في كيف يمكنهما الجمع تحت سقف واحد بين الشخصي والعملي من دون أن يتأثر أو يؤثر الواحد على الثاني. لم تكن العملية سهلة بالنسبة لنجال هانسن ويلبرغ، (35 عاما)، ولين ديفيك ويلبرغ، (31 عاما)، اللذين يعملان في مشاريع تعتمد على شبكة الإنترنت.

لكن، لأن الزوجين لم يبدآ حياتهما العملية والأسرية إلا منذ خمس سنوات، فإنهما يشعران بأنه بإمكانهما الاستمرار في تحقيق الهدف، وتحت السقف نفسه، وهو ما يشيران إليه بالقول إن منزلهما بمثابة وطنهما الخاص. بعد الانتهاء من بنائه في مايو (أيار) عام 2010 وهي العملية التي كلفت نحو 5 ملايين كرونة نرويغية، أي ما يوازي 900.000 دولار تقريبا، أصبح المنزل، الذي تبلغ مساحته 2.648 قدما مربعا، يضم كلا من مسكن مكون من أربع غرف نوم، ومقر عمل رئيسي للزوجين، وهما المؤسسان المشاركان لموقع Beat.no، الموقع المتخصص في البث الموسيقي المماثلة لتلك التي يقدمها موقع «سبوتيفاي» في دولة السويد المجاورة. ويبرع الزوجان في تطوير مشاريع ناشئة، فمن بين مشاريعهما التجارية الأخرى «أسك أولي»، وهي خدمة الأسئلة والأجوبة القائمة على النصوص. ولأن هناك مشاريع أخرى في بالهما، فإن الزوجين عملا جهدهما لكي يحصلا على نوع من التوازن في حياتهما، الأمر الذي أوحى لهما بفكرة «بناء منزل يقوم بوظيفتين». وعلى هذا الأساس طلبا، في نهاية عام 2008، من تود سوندرز، المهندس المعماري الكندي المولد والمقيم في بيرغن، رسم مخططات لمنزلهما. سلما له الأمر تماما على شرط أن تكون المساحة المخصصة لمكتبهما وعملهما اليومي، بعيدة عن الأعين. وحتى يفهم رغبتهما تماما، أكدا عليه أنهما لا يرغبان في أن يكون ولا جزء منه، مهما كان صغيرا، ظاهرا للعيان عندما تطأ أقدام أي زائر عتبة البيت. كان قرار الفصل بين المنزل والمكتب يهدف إلى راحتهما، كما كان ذلك لأجل ابنهما، آدن، (5 سنوات)، وابنتهما، أدا، (عامان). وكان الحل هو تخصيص طابق للمكتب، في ملحق على شكل مكعب ينبثق عن الطابق الثاني. أما في ما يخص الجزء المخصص لبيتهما العائلي وحياتهما الخاصة، فيمكن الوصول إليه من خلال المدخل الأمامي، حيث توجد ردهة واسعة ونافذة تطل على منظر بانورامي لسوغنيفجورد، أطول خليج في الدولة. تم التفكير في كل التفاصيل التي من شأنها أن تجعله مريحا وعمليا، فدرجة جودة تهوية المنزل تزيد مثلا، من خلال ألواح خشب التنوب التي يقترب لونها من الأبيض، والتي تغطي المنزل بأكمله. ويمكن الوصول إلى غرف المعيشة من خلال البهو الفسيح المؤدي إلى غرفة الطعام وغرفة المعيشة الواقعتين في مخطط مفتوح، لكن تتقاسمان أكبر مساحة في المنزل. وتسلط كرة ذات زخارف لامعة معروفة باسم «يونيفرس تشاندلير» تم شراؤها من البوتيك الدنماركي «فان دوارس»، الضوء على طاولة طعام حديثة من صنع شركة «كاليغاريس إي» الإيطالية. أما مقاعد طاولة الطعام ذات الأرجل الخشبية الداكنة والمقاعد البيج ذات الوسائد الرقيقة، فتم تنسيقها بكراسي لونها أزرق زاه من صنع شركة «ستوك»، وهي نوع من الكراسي النرويجية طويلة القوائم الخاصة بالأطفال، وتظل مع الطفل حتى سن المدرسة. وتضفي الأرفف الخشبية المملوءة بصور الأسرة ولعبة على شكل خروف يتمايل لابنة الزوجين الرضيعة، لمسة أسرية دافئة على غرفة المعيشة. ويعتبر المطبخ الطويل والضيق، المواجه لركن غرفة المعيشة، هو أكثر المساحات جمالا بالمنزل، إذ تم تخصيص فجوات في الجدران لوضع أدوات المطبخ المصنوعة من الفولاذ الذي لا يصدأ. وتعلق ويلبرغ أنها وزوجها أرادا مطبخا «يكون كل شيء فيه في متناول أيديهما». يؤدي رواق آخر تابع لغرفة المعيشة إلى أربع غرف نوم – غرفة للضيوف وغرفة لكل طفل من الأطفال، وفي أبعد ركن، توجد غرفة النوم الرئيسية. وتتميز كل غرف النوم بأنها مفروشة بقليل من الأثاث، وكل قطعة من هذا الأثاث لها وظائف ثانية، أي إنها ليست مخصصة لغرض النوم وحده. وحتى تبقى غرف النوم بسيطة وغير مكدسة بالأغراض، وضعت جميع الأشياء الأخرى، مثل خزانة مملوءة باللعب، ومكتب للأطفال مخصص لأداء الواجبات المنزلية – في الرواق. كانت هذه فكرة ويلبرغ، التي استقتها من ماضيها، حيث نشأت في منزل مماثل، كما تقول.

وعلى طول الرواق، تم تصميم حمام حديث ليكون بارزا وليعمل على نحو يسمح لأكثر من شخص من الأسرة باستعماله في وقت واحد. هناك حوض صغير لغسل الوجه، وآخر كبير للاستحمام، فضلا عن دش في ركن خاص. وكانت ويلبرغ سعيدة على وجه الخصوص بسمة معمارية بعينها: رف غائر في حائط الدش يضم أنواع الشامبو والبلسم وغيرها من منتجات الاستحمام. وفي الوقت الذي يركز فيه الدور الأول على إرضاء ذوق كل من الزوجين المحبين للعزلة وابنهما المحب للديناصورات وابنتهما الاجتماعية، خصص الدور الثاني للزوجين فقط، لأنه خاص بعملهما. ويمكن الوصول إليه من خلال سلم خشبي واقع على الجانب المقابل للمدخل الأمامي، يؤدي إلى غرفة وسائل إعلام مليئة بشاشات كومبيوتر ضخمة من «أبل» وأثاث مترف. وهذا هو المكان الذي يجري فيه الزوجان المكالمات الجماعية المرئية ويعقدان فيه الاجتماعات. وتتوافر فيه أرفف خشبية من محلات «إكيا» مدهونة باللون الأسود ومرصوص عليها صور وكتب تصميم متخصصة. وتطل النوافذ الممتدة من الأرض إلى السقف على غابات الجزيرة والجبال الوعرة ومياه الفيورد الممتدة، إلى جانب حيوانات ألموظ المنتشرة بشكل دائم والحيتان التي تظهر من حين لآخر. «في الأيام الصافية، إذا بحثت عن النسور، فستجدها»، يقول ويلبرغ. وأثناء فصل الصيف الاسكندنافي القصير، تستفيد الأسرة من السطح الخشبي أعلى المنزل، الذي تقيم فيه أحيانا حوض سباحة للأطفال.

Avatar photo

By حواء مصر

محررة موقع حواء مصر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *