تؤثر الإضاءة أياً كان مصدرها على تفاصيل الفراغات الداخلية وألوانها، فقد تؤثر سلباً على عناصر الديكور ومفرداته، فكثيرون يجهلون مدى أهمية خلق التوازن بين درجة الإضاءة ونوعيتها ودرجة طلاء الجدران، مما يسفر عن نتيجة غير مريحة لمستخدمي الفراغ. لذا ينبغي أخذ معالم وسمات الغرفة الظاهرة قبل الشروع في اختيار الألوان الزاهية أو القاتمة، دون إغفال الأذواق الشخصية في انتقاء الألوان، لأن الأفراد المقيمين في مجالات المسكن المختلفة على دراية تامة بطبيعة الألوان المفضلة لديهم والتي تلائم نفسياتهم، لتكون مثالية للراحة والاسترخاء.

هذه المجموعة الزاهية من الألوان التي تحيط بنا، لا بد أن تهيئ وفق نمط وشخصية الإنسان وطبيعيته، بحيث تتوافق وتنسجم مع احتياجات المرء، فلا تكون بيئة طاردة ومنفرة، بل تحوي المرء وتجعل المكان مقراً جاذباً وآمناً له، واختيار الألوان لأي مسكن إنما هو تعبير عن نمط الحياة الذي يتبعه قاطنوه. ولا شك أن للضوء أثراً كبيراً على جو الغرفة، إذ توحي الألوان بمرح الغرفة وجوها المريح أو برسمتها وفخامتها، حيث تسهم الألوان الدافئة في خلق الرخاء والفخامة في الفراغ، في حين نجد الألوان الباردة تضفي على الغرفة جواً مريحاً وهادئا، بعيداً عن الرسمية.

يقول عمر أحمد «خبير ديكور وإضاءة»: عند انتقاء ألوان الغرف يجب أن نركز على عنصر مهم، وهو الضوء الطبيعي المتسلل إليها عبر النوافذ والأبواب، أو الصناعي، فلا بد من انتقاء اللون، حيث إن الضوء يظهر اللون كما هو. فإذا كانت وسيلة الإضاءة هي المصابيح الوهاجة العادية، فيفضل اختيار الألوان التي تتماشى مع نورها، وإذا رغبت في إضاءة الغرفة بمصابيح الفلورسانت فجرب الألوان التي تلائم أنوار هذه المصابيح المستخدمة في الفراغ، حتى يتناغم كل عنصر مع المكان بطريقة متساوية لتظهر الصور متكاملة مريحة غير مزعجة. ونجد المصابيح الوهاجة تؤكد اللونين الأحمر والأصفر ولا تنعكس بقوة على الأخضر والأزرق، في حين أن بعض مصابيح الفلورسانت تصدر أضواء تؤكد اللونين الأزرق والأخضر وتعكس البرودة في جو الغرفة.

كما ينبغي اعتبار تعرض الغرفة للضوء أثناء النهار في عملية اختيار اللون، بمعنى فحص اللون في ضوء النهار وتحت الأضواء الصناعية، فاختر اللون الذي يناسب الغرفة في الأوقات التي يكثر فيها استعمالها والجلوس فيها في المساء أو خلال النهار. ونجد أن فراغات المنزل عادة ما تتلقى كميات متفاوتة من ضوء الشمس في أوقات متضاربة من النهار، فيمكن طلي جدران الغرف التي تتعرض لكثير من أشعة الشمس بالألوان الدافئة، في حين نبتعد عن اللون الأصفر في هذه الغرف، أما اللون الأزرق في الغرف الجنوبية أو الغربية يجعلها أكثر برودة. وإذا لم تتلق الغرفة مقداراً وافراً من الضوء فيفضل تلوينها بألوان فاتحة خفيفة، بينما تستخدم الظلال القاتمة في الغرف المتعرضة لضوء الشمس بكثرة، فهي لا تسبب في تضاؤل ضوء الشمس المتسرب إليه.

حلول لونية

ويوضح عمر أحمد: تلعب الألوان دوراً سحرياً في التغلب على عيوب البناء وفراغات المنزل الداخلية، فهي تؤثر على نسبة المساحة الظاهرة في الغرفة، فالألوان شديدة البروز كالأزرق الفاتح والأخضر والأحمر تظهر الجدران كما لو كانت تضيق، فيظهر استعمالها الجيد ضمن الغرف المنخفضة، على أن الألوان الفاتحة كالأزرق الفاتح والأصفر وغيرها تظهر الغرفة أعلى وأطول، ونجد الألوان الدافئة تظهر الأجسام كأنها متقاربة، فاللون الدافئ الذي يُطلى به السقف المرتفع يجعله وكأنه يبدو منخفضاً، وإذا صبغ الجدار الخلفي في غرفة ضيقة وطويلة بلون دافئ فإنها ستظهر المكان مربع الشكل، وإذا أردنا التخلص من مظهر الفراغ المربع الشكل، يمكن أن نطلي الجدار الخلفي بلون مغاير للون الجدارين الآخرين. وعملية استخدام الألوان الفاتحة في دهن الجدران تخلق أجواء من المرح والراحة على المكان، كما تفسح لنا الألوان الفاتحة المجال في استخدام الستائر والأنسجة القاتمة اللون، بقصد خلق انطباعات ممتعة ومتناغمة وراقية على المكان، كما يعطي اللون الأزرق وكل الألوان التي تغلب عليها أجزاء من الزرقة على غيرها انطباعاً بالبرودة، أما اللونان الأصفر والأحمر وكل مشتقاتهما فيعطيان شعوراً بالدفء، وتشمل الألوان الدافئة كل ظلال اللونين الأصفر والأحمر ومنها الظلال البنية المختلطة وهي تزيد من حرارة الغرفة الظاهرة وتظهرها أكثر أناقة وأصغر حجماً، غير أن الألوان الباردة تحتوي كل الظلال المشتقة من اللون الأزرق كما تخفض من حرارة الغرفة وتجعلها براقة ومريحة.

الألوان الباردة تلائم غرف المعيشة

يؤكد عمر أحمد أن توزيع الألوان يتطلب قدراً من الدراسة، والتأني، للحصول على نتيجة مبهرة، حيث تناسب الألوان الدافئة والمثيرة والمبهجة مدخل المنزل، لأنها محطة لاستقبال الضيوف، في حين تلائم الألوان الباردة غرفة المعيشة، أما غرفة المائدة فيمكن أن تصبغ بلون أكثر إشراقاً وبألوان تساهم في فتح الشهية.

ويجب تجنب تقسيم المساحات التي تصبغ بلونين على نحو واضح ودقيق، أي لا تستعمل لونين أو ثلاث ألوان بالتساوي، فيسمح في بعض الأحوال طلاء الغرفة بأربعة ألوان ولكن استخدام أربعة ألوان يجعلها تفقد أي شعور بوجود مشروع لوني فعلي في المكان، فيجب إبراز لون محدد أكثر من الألوان الأخرى المشتركة في المكان، وجعل اللون الثاني أقل أهمية والثالث أدنى مرتبة عن الثاني وهكذا. حتى نحصل على تناغم وتمزاج بين مفردات وعناصر الديكور. وعلى المرء أن يحسن توزيع الألوان بتكرارها عبر الغرفة، ويعتبر ربط الألوان مهماً في تخطيط مشاريع اللون في الغرف المتصلة، كونه مريحاً للبصر ويمنح المكان الاتساع المطلوب، خصوصاً في الفراغات الضيقة.

Avatar photo

By حواء مصر

محررة موقع حواء مصر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *