لم يعرف في حياته مهنة غيرها.. ورثها عن والده وأجداده.. وعلى مدار عشرين عاماً ظل يعمل بها أمام لهيب النار، ليبدأ عمله بعد صلاة الفجر ويستمر طيلة اليوم في نشاط لا ينقطع.. إنه الخباز الذي يتفنن هذه الأيام في صنع كعك العيد الذي تحرص على شرائه غالبية الأسر خاصة في الأحياء الشعبية، بعد أن فرضت طبيعة الحياة السريعة عزوف الأهالى عن صنعه بالمنزل،
كما كانت تجرى العادات في السنوات السابقة، وشراء حلوى عيد الفطر جاهزة من المخابز ومحلات الحلوى، رغم أنها صارت ترهق ميزانية الأسر وتكلفها الكثير من المال.
في منطقة بولاق الدكرور، التقينا بصاحب أشهرمخبز بالمنطقة يقوم بصناعة وبيع كعك العيد، إنه الحاج ماهر علي الذي يعتز بمهنته ويرى أن صناعة الكعك تحتاج إلى مهارة كبيرة وإبداع ، ورغم ذلك يرفض رفضا قاطعا أن يورثها لأبنائه..
زبائنا من الأحياء الراقية
بدأت علاقة الحاج ماهر بالمخبوزات منذ عشرين سنة حينما كان يقوم بعمل المخبوزات العادية كالباتيه والفينو ، ولكنه نجح في تطوير مخبز والده ليضف كعك العيد لمنتجاته التي أصبح لها جمهورها ومن جميع أحياء القاهرة على مدار عشر سنوات.
يقول : ” صحيح الفرن صغير وعلى أد الحال لكن بفضل الله صيته مسمع في كل مكان وبنبيع فيه كل أنواع الكعك والبيتي فور والبسكويت طول السنة، ونزيد عليها في العيد الشكلمة والكعك المحشو والبسكويت بطعم الشوكولاتة والفانيليا والبرتقال والنشادر، التي يقبل الزبائن على شرائها سواء في وقت العيد أو في غير وقت العيد.”
وحول الاستعداد لموسم العيد يقول الحاج ماهر:” إننا نبدأ في التجهيز لموسم العيد وعمل الأصناف الخاصة به منذ اليوم الخامس أو السادس من شهر رمضان.”
ويتابع: أصبح يأتي إلينا الزبائن من الأحياء الراقية مثل مصر الجديدة والزمالك والعجوزة، والبركة في رائحة السمن البلدي الذي نستخدمه في صنع الكعك والأصناف الخاصة بالعيد، والتي تعطي للكعك نكهته المميزة التي لا تجدها في كعك المحلات، كما إننا نبيع بأسعار أرخص من المحلات الكبرى المعروفة، فمعظم هذه المحلات لاتبيع بأقل من 40 جنيه للكيلو، أما نحن فنبيع ب32 جنيه فقط، وهو ما يشجع الزبائن على الشراء من عندنا.”.
ويضيف الحاج ماهر:”أن الزبائن يزداد إقبالهم دائماً في الفترة من أواخر رمضان حتى نهاية العيد، أما في الأوقات العادية فيكون إقبال الزبائن أقل إلا في حالة وجود مناسبة خاصة كالزواج والخطوبة.”
مستقبل أفضل لأبنائي
الحاج ماهر رفض توريث المهنة لأولاده وفضل حثهم على التعليم حتى حصلوا جميعا على مؤهلات عليا وتخرجوا من كليات الحقوق والتجارة ونظم المعلومات.
وحول أسباب رفضه لتوريث المهنة لأولاده، يقول: أي أب يحب لأولاده التعليم ويتمنى لأولاده مستقبل أفضل، فالأهم هو أن يحصلوا على شهادات أولاً، وإذا لم تأت لهم فرصة للعمل في مجالهم فالمخبز موجود أمامهم مش ها نخسر حاجة.
ويضيف الحاج ماهر: “ولكن أولادي يعملوا حسابهم دائماً على مساعدتي في موسم العيد، فيبدأوا النزول والوقوف معي في المخبز من أول يوم 25 أو 26 رمضان وحتى نهاية العيد.”
مثله مثل بقية المهن .. يواجه الفران متاعب كثيرة أبرزها، كما يلفت ماهر، ارتفاع أسعار الخامات كالزبد والسكر والتي زادت هذا العام بشكل كبير مما يؤدى لتراجع ملحوظ عن الشراء، إضافة
لزيادة أجور العمالة مما يضطر أصحاب الأفران لزيادة الأسعار التي لا يقبلها الجمهور ويعتبرها غير مبررة.