تصاعدت وتيرة “الانقسام والجدل” لدى الرأي العام بالمملكة العربية السعودية بعدما قادت مواطنة تدعى منال الشريف سيارتها في الخبر (شرق المملكة) يوم 22 مايو/أيار الجاري، وذلك ضمن حملة أعلن عنها عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك تحت عنوان “سأقود سيارتي بنفسي”.
منال التي تعمل خبيرة للأمن الإلكتروني في أرامكو السعودية محبوسة حالياً في إصلاحية سجن الدمام لانتهاكها قانون “حظر قيادة المرأة للسيارة” في السعودية.
وأشار مراقب سياسي محلي -فضل عدم ذكر اسمه- إلى أن قيادة منال لسيارتها وموجة التصعيد الرسمي والشعبي حولها، يشير إلى وجود أطراف في أجهزة الدولة تستفيد من هذا التصعيد لتمرير عدد من المواقف والقرارات.
ويستند الحظر الحكومي لقيادة المرأة للسيارات إلى فتوى رسمية مصدقة من المؤسسة الدينية الرسمية إبان قيادة رئيسها الراحل الشيخ عبد العزيز بن باز والمعروفة باسم “بيان 1411هـ”، وتقضي “بعدم جواز قيادة النساء للسيارات، ووجوب معاقبة من يقوم منهن بذلك”.
وتلجأ عدد من السعوديات إلى “المطالبة بالقيادة” عبر تسجيل مرئي وهن يقدن السيارة، ونشر المقطع عبر الموقع الإلكتروني الشهير “يوتيوب”، وتكرر ذلك يوم 8 مارس/آذار 2009 المصادف ليوم المرأة العالمي حينما قادت الناشطة البارزة وجيهة الحويدر سيارتها الخاصة “كأسلوب ممانعة وتحد ضمني”.
تنديد وجدل
من جهة أخرى ندد مؤسس الشبكة الليبرالية السعودية الحرة على الإنترنت رائف بدوي بتصعيد الإسلاميين وترويجهم لوقوف “أجهزة خارجية تدعم قضية منال الشريف”.
وقال رائف في حديث للجزيرة نت إن الإسلاميين السعوديين يخشون نيل المرأة هذا الحق الذي سيفقدهم شرعيتهم في قضايا أخرى.
بدوي الذي ورد اسمه في سياق التحقيقات الأمنية مع منال الشريف باعتباره محرضاً، نفى ذلك وأوضح “لا أعرفها شخصياً، ولكني أتشرف بمعرفتها وأدعم موقفها وحقها المشروع هي وغيرها من السعوديات في قيادتهن للسيارة”.
وأكد أن ليبراليي المملكة لا يستخدمون مشروع المرأة كحصان طروادة سياسي على غرار ما يفعله الإسلاميون من استخدام ملف المرأة لتمرير مشروعاتهم وأجندتهم.
ورفع بدوي سقف المطالبة بشكل غير مباشر حينما وجه “رسالة للقيادة السياسية في الرياض” طالب فيها “بعدم محاباة فصائل الإسلاميين في هذه القضية الحقوقية، لأنها حق وليست قرارا اجتماعيا”.
وكان لعضو رابطة العلماء المسلمين الدكتور عبد العزيز الطريقي تحليل مختلف، وهو أن ما فعلته منال يعد إفرازا لأخطاء حدثت في العقد الماضي يقطف ثمارها الآن، مثل تغريب المرأة السعودية وابتعاثهن للخارج.
وقال الطريقي للجزيرة نت رداً على بدوي إنه “يشكر لولاة أمر السعودية استماعهم لعلماء الشرع المعتبرين”، مضيفاً أن تفسير الليبراليين السعوديين للمنطلقات الاجتماعية يتعارض مع دستور البلاد الرئيسي القائم على الشريعة الإسلامية، ومطالبهم تخالف هذه الأسس تماماً.
دعم ورفض
وفي سياق متصل انطلقت حملة “دعم وتأييد للشريف” على الفيسبوك، وصل عدد مؤيديها إلى 22 ألفا.
وحثت الحملة “المبتعثات السعوديات الدارسات في الخارج إلى إرسال مقاطع فيديو وهن يقدن سيارتهن وتنزيلها على موقع يوتيوب، وإعطاء نبذة عن كيفية تعامل الناس معهن”.
في مقابل “التصعيد النسوي المؤيد”، كانت هناك حملة مضادة على الفيسبوك أيضاً تحت عنوان “أبي حقوقي ما أبي أسوق” التي تشرف عليها ناشطات سعوديات إسلاميات، على رأسهن الداعية قمراء السبيعي.
وتهدف الحملة –وفقاً للقائمين عليها- إلى إبراز صوت السعوديات في رفضهن لقيادة السيارة، وتقديم اقتراح تطبيق النقل العام كحل لمشكلات تنقلهن، والاستفادة من تجارب الدول الأخرى في استخدامه.
ونقلت الداعية الإسلامية أميرة علوي القضية إلى المربع الدولي، رابطة بين ما قامت به منال الشريف والمطالب باستغلال مصادقة الرياض عام 2000 لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة المعروفة بالسيداو والتي لا تكتمل إلا بقيادة المرأة السعودية للسيارة.
وأضافت أن “المطالبات يستغللن أيضاً ما يحصل من ثورات في العالم العربي للضغط على أجهزة الدولة لتنفيذ مطالبهن بالنزول الميداني كخطوة للتطبيق، بعيدا عن طاولة الحوار”.
وأشارت علوي في حديثها للجزيرة نت إلى أن هناك أولويات أكبر من القيادة، كالحاجة إلى الإصلاح الاجتماعي والثقافي والاقتصادي.