اذا شعرت المرأة بعدم القدرة علي أداء دورها الاجتماعي, وسيطر التوترعلي علاقتها بزوجها أو بأبنائها أو إخوتها أو زملائها, وانعكس ذلك من خلال عصبية غير مبررة وانفعالات عالية غير محتملة ممن حولها.. فلابد لها أن تأخذ الأمر علي محمل من الجدية وتفكر في الذهاب إلي الطبيب النفسي, فقد تكون في حاجة لمساعدته دون أن تدري.
فكما يوضح د.محمود عبد الرحمن حمودة أستاذ الطب النفسي بكلية طب جامعة الأزهر, قد يكون العجز الاجتماعي في جهة واحدة أي أن تكون علاقتها بزوجها- علي سبيل المثال- سيئة وأن هناك انعدام للتفاهم بينهما, أوأنها لم تعد تحتمل زملائها في العمل أو أحد أبنائها, وقد يكون الخلل في أداء دورها الوظيفي, فلم تعد قادرة علي أداء عملها إن كانت موظفة, أو غير قادرة علي تسيير أمور وشئون منزلها وتربية أطفالها ورعايتهم كما كانت من قبل, فأصبحت مهملة لا تقوم بدورها, أو أنها كزوجة لم تعد تقوي علي تحمل علاقتها الزوجية الخاصة بزوجها ولم تعد تقبلها.
كما يشير د.حمودة إلي ان بعض النساء قد تعاني من وساوس إما في صورة طقوس متكررة من التنظيف والترتيب الزائد مما يجهدها جسمانيا مع عدم رضا عما تفعل, مثل تكرار قفل أنبوبة البوتاجاز أو إعادة الوضوء أو الصلاة, وقد يكون بدرجة شديدة تسبب الإزعاج, إما لإستهلاك وقتها أو لتداخلها مع أنشطتها اليومية أو أدائها لوظيفتها المهنية أو أدوارها الاجتماعية المعتادة أو علاقاتها مع الآخرين ولا تستطيع مقاومتها.
وقد تعاني المرأة من أعراض الاكتئاب الذاتية التي تستشعرها من فقد الاهتمام أوالاستمتاع في كل الأنشطة أو أغلبها, بالإضافة إلي أعراض مصاحبة تحدث تغيرا في الأداء الوظيفي السابق لها, واضطراب الشهية وتغير الوزن واضطراب النوم وزيادة النشاط الحركي أو نقصه, ونقص الطاقة والشعور بفقد القيمة أو الإحساس بالذنب الشديد غير المناسب, وصعوبة التفكير أو التركيز وتكرار فكرة الموت.
وبالنسبة لاضطراب الشهية لدي المرأة فهو غالبا مايكون بفقد الشهية الشديد ونقص في الوزن, ولكن أحيانا تزداد الشهية ويزداد معها الوزن, ويكون ذلك نوع من الانفجار للداخل. ويشير د.حمودة إلي أن صعوبات النوم تعد أحد أعراض الاكتئاب التي تعاني منها المرأة, وفي الغالب تكون في صورة أرق وأحيانا تكون زيادة النوم, والأرق قد يشمل صعوبة الدخول في النوم أو أرق يتخلل النوم أو أرق في الصباح الباكر, أما كثرة النوم فتشمل النوم أكثر من المعتاد أو النوم المتقطع, وكثيرا مايكون سبب لجوء المرأة للطبيب هو اضطراب النوم.
وأحيانا يصاحب الاكتئاب لدي المرأة فوران( أو تأجج) داخلي يأخذ شكل عدم القدرة علي الاستقرار في مكان أو التجوال أو الطرق باليد أو شد الشعر أو حك الجلد, وأحيانا التبلد الحركي الذي يأخذ صورة بطء حركة الجسم وبطء الكلام مع فترات صمت قبل الإجابة علي الأسئلة, ويكون الكلام بصوت خافت وعلي نغمة واحدة, بالإضافة إلي نقص كم الكلام أو البكم, ويصاحب ذلك نقص الطاقة والشعور بالإجهاد دون مجهود جسماني, وتبدو المهام أمامها مهما كانت بسيطة في صعوبة المستحيل. ويصاحب الاكتئاب لدي المرأة الإحساس بفقد القيمة مع مشاعر العجز والتقييم السالب للنفس, مع انتقاد النفس لكل فشل بسيط وتضخيمه, يصاحبه شعور بالذنب.
هذه الأعراض وغيرها الكثير الذي يمكن وصفه باختصار بأنه كل ما يحدث معاناة داخلية أو ينعكس في خلل وظيفي أو اجتماعي للمرأة يخرجها عن إطار الصحة النفسية يستدعي الذهاب للطبيب النفسي.. فالنفس تمرض مثل أي عضو في الجسم وهي الأولي بالعلاج لأن سلامتها يترتب عليها سلامة بقية أعضاء الجسم وحسن أدائها.