للتفاؤل وجهان؛ أحدهما إيجابي يعلم الجميع فوائده، والآخر سلبي تتخفى أضراره في عباءة بيضاء لكن تكمن بداخلها نتائج مدمرة للكيان العقلي والنفسي المادي والمعنوى للفرد، وللحذر منها دعونا نتعرف أولا على معنى التفاؤل السلبي هذا.
مفهوم التفاؤل السلبي
السلوك المثالي المطلوب للاستفادة من كل الفرص التي يمكن الحصول عليها من وجود نظرة إيجابية إلى حد كبير في الحياة دون توقع أو تقبل حدوث أي سلبيات أو عيوب في أي هدف أو مغامرة عمل يأخذها الشخص على عاتقه.
عندما تتعرض لموقف أو حدث ما، اعلم أن ما تأخذه من موقف سيكون له تأثير على خبرتك الانفعالية، وإذا اعتقدت أن شيئا ما سيسير بصورة جيدة رغم أن واقعه غير ذلك ومع هذا ظل بداخلك نفس الاعتقاد المتفائل، سوف ينتابك شعور أسوأ بكثير عن ما كنت ستمر به إذا علمت حقيقة الأمر منذ البداية.
هل للعقل قدرة على التمييز بين التفاؤل المنطقي والتفاؤل الخيالي؟
بالطبع نعم، لأن الله خلق العقل بقدرات رائعة في هذا الجانب ومنها ما يلي:
– بداخل عقلك شيء ما له القدرة على تقدير أوتوماتيكي للجانب المتفائل في حدث ما ومقارنته بتقييمك الخاص له.
– هناك أيضا شيء بعقلك يقدر معدل ذكائك وما يتعلق به من مؤشرت الثقة بالنفس.
– يمكن لعقلك معرفة عما إذا كنت غبياً أم لا.
– يشعر بالسوء عندما تتخذ القرار الخطأ.
لإثبات ذلك عليك إدراك الحقيقة بأن عقلك يقوم بمقارنة ما به من أفكار بصفة مستمرة، فمثلا إذا عملت بجد طوال اليوم ثم استرخيت عند عودتك للبيت، فالحقيقة التي لا تعلمها هي أن العمل الجاد يزيد من معدل الاسترخاء، لأن عقلك يقارن كم أنت مسترخٍ الآن بكم العمل الذي بذلته خلال اليوم ثم يمنحك مزيدا من الشعور بالراحة.
ما الآثار الجانبية للتفاؤل الغير واقعي على صحة عقلك؟
– يؤدي التفاؤل المبالغ فيه إلى تركيزك على أشياء تستمتع بها أكثر بينما
يدرك عقلك الواعي فقط مقداراً ضئيلاً من نفس هذه الأشياء.
– وبذلك أنت تضخم مشاعرك بقدر غير صحيح داخل عقلك.
– يحدث عدم توازن بين الأشياء الموجودة بعقلك مما يجعلك تتساءل بطريقة واعية وغير واعية: لماذا تستمتع بأشياء بطريقة مبالغ بها عن الآخرين؟
– تصاب بخلل في استجاباتك للأحداث الطبيعية المعتادة.
– تصاب بنوع من الملل في نظرتك للأمور.
– يحدث لديك تبلد في العاطفة.
– ترفض المناقشة في وجهات نظرك لأنك تميز بعض الأشياء في الحياة عن غيرها، كأن تنظر إلى شيء واحد على أنه لطيف وتتجاهل باقي الأغراض الموجودة رغم كونها جميلة أيضا.
– يعاني الشخص من اصطناع المشاعر المزيفة نحو كثير من الأشياء.
– حالة من اضطراب المشاعر كالنشوة الهائجة نحو شيء، أو حالة من الاكتئاب المؤقت نحو الآخر.
– الشعور بنوع من الاستياء الناتج عن الاستهانة والإساءة لكل المشاعر الأخرى داخل عقلك لمكانتها الضئيلة بالمقارنة مع مشاعر التفاؤل المبالغ بها، أو لأنك أدخلت إلى عقلك نوعاً من المشاعر ذات القوة المفرطة التي تستحوذ على مساحة كبيرة به لا يجب أن تكون كذلك مقارنة مع المشاعر الأخرى مما يسبب فقداناً للتوازن بينهما.
– خلق حالة من التوتر العقلي نتيجة لتضييق الفرصة أمام المشاعر الأخرى.
ويقوم عقلك بالمقارنة بين الأشياء الإيجابية التي تقوم بتضخيمها (مثل المقارنة بين كم العمل الذي تقوم به خلال النهار ومقدار الراحة التي تحصل عليها خلال الليل).
ما سر فشل صاحب النظرة شديدة التفاؤل؟
يرجع سر فشل أصحاب النظرة المتفائلة بطريقة مبالغة إلى الأسباب التالية:
– ينظرون إلى كل شيء في الحياة بصورة غير جدية.
– عدم احتياجهم للتمسك بالقليل من الأشياء الهامة التي تعطي للحياة معنى.
– تحول جميع المشاعر لديهم إلى نوع من الهزل، وبما أن الحياة عبارة عن مجموعة من المشاعر التي يتجاوب الإنسان معها بردود أفعال معينة تقود مسيرة حياته فإنه بذلك لن يتخذ أي خطوة إيجابية مسئولة لأنه ينظر إلى كل شيء بطريقة ساخرة هزلية.
– يعاني من تحسين تلقائي لكل ما يحدث بالحياة مهما كان سيئا.
النتيجة الحتمية لمن يفرطون في التفاؤل هي
– تقل ساعات العمل بشكل ملحوظ لدى الشخص الذي يفرط في النظرة المتفائلة.
– أقل ادخارا للمال وأكثر إنفاقا.
– غير منتظمين في تسديد ما عليهم من ديون.
– أكثر عرضة للتدخين.
– عرضة للتصرفات الخطيرة والغير صحية.
– فصل الإنسان عن واقع الحياة.
التأثير السلبي للتفاؤل المفرط على مرضى السرطان
اعتقد الناس منذ القدم أن للنظرة المتفائلة تأثيراً إيجابياً على مرض السرطان، لكن يقول الباحثون الآن أن التفائل مثله مثل أي شيء آخر يمكن أن يكون مبالغاً فيه، حيث أظهرت دراسة جديدة أن التفاؤل الغير واقعي بين مرضى السرطان وخاصة في المراحل المبكرة من العلاج له آثار سلبية خطيرة.
وتكمن المشكلة في أن هذا النوع من التفاؤل يقود المرضى إلى الرضا بالمراحل الأولى من العلاج مع أنهم لو تفهموا واقع الأمر يمكن أن يكون لديهم خيارات أفضل وتعامل واقعي مع المخاطر والفوائد التي ستعود عليهم من هذا العلاج.
وفي النهاية.. انتبه أيها المتفائل الغير واقعي للآتي
– يقودنا هذا إلى فكرة أن الشيء الأكثر أهمية لتحقيق النجاح في مجال الأعمال الحرة والحياة هو نوعية التفاؤل، حيث يخوض مرضى التفاؤل الغير واقعي توقعات خيالية للنجاح، وكنتيجة لذلك يصبح لديهم استعداد لمحاولة الكثير والكثير من الأشياء بتهور مطلق.
– لكي تحقق النجاح بالحياة أو العمل وفي أي نشاط خاص تنفق أموالك عليه، يجب أن توازن بين نزعتك التفاؤلية والجوانب السلبية لكل شيء.
– لتحقيق هذا النوع من التوازن عليك استخدام قبعات (طرق) التفكير الستة وخاصة في منطقة التفكير الإبداعي وهي:
1- القبعة البيضاء: وهي التركيز على البيانات المتاحة لديك.
2- القبعة الحمراء: يقصد بها النظر إلى المشكلات باستخدام الحدس، ردود فعل المعدة والمشاعر.
3- القبعة السوداء: التي تتعلق بالنقاط السلبية للقرار.
4- القبعة الصفراء: كمساعد للتفكير بإيجابية.
5- القبعة الخضراء: التي تعتمد على الإبداعية.
6- التحكم في إدارة الفكرة أو المشروع.
وهذا حتى تنظر إلى مشروعك من جميع الجوانب.