تشير إحصائيات مديرية المرور والدوريات، إلى تسبب النساء في وقوع 216 حادثاً مرورياً خلال عام 2011 على مستوى إمارة أبوظبي، تراوحت بين الصدم، والدهس، وتجاوز الإشارة الحمراء، ليشكل ذلك انخفاضاً بنسبة 27 % عن عام 2010، الذي سجل 243 حادثاً. ووفقاً لتأكيدات مسؤول في مديرية المرور والدوريات بشرطة أبوظبي، فإن تعديل المرأة لمكياجها أثناء القيادة، بالإضافة إلى استغلال بعضهن لتوقف السيارات عند الإشارات في الزينة، والانشغال في ترتيب وضع الشيلة أمام مرآة السيارة، وعدم الالتزام بربط حزام الأمان من أهم أسباب وقوع الحوادث، على الرغم من التحذيرات المرورية من المخاطر المترتبة على ذلك، كما أن هناك من السيدات من تهوى السرعة الزائدة خاصة على الطرقات الخارجية، ومنهن من تسعى لإثبات ذاتها وأن لديها القدرة على التفوق على الرجل.
أكد مسؤولون في مديرية المرور والدوريات بشرطة أبوظبي أن ضغوط الحياة اليومية، وإيقاعها السريع، ومشاركة المرأة للرجل في الأعباء الأسرية اليومية، أسهمت في دفع أعداد كبيرة من النساء لقيادة السيارة، إما بغرض الوصول إلى مكان العمل، وتوصيل الأبناء إلى مدارسهم، أو لتوفير احتياجات الأسرة، ما يجعلهن سبباً في وقوع الكثير من الحوادث المرورية.
الهاتف والشيلة
كشف المقدم أحمد الزيودي، رئيس قسم الحوادث الجسيمة في مديرية المرور والدوريات بشرطة أبوظبي، عن جملة من الأسباب تؤدي إلى وقوع حوادث المرور النسائية، يكون بعضها جسيماً، من ضمنها: الانشغال بأمور ثانوية، كاستخدام الهاتف المتحرك، أو تعديل المكياج، أو الشيلة أثناء القيادة، وعدم استخدام حزام الأمان، بالإضافة إلى السرعة الزائدة، والارتباك في حالة وقوع أمر طارئ، كالتجاوز غير المتوقع من قبل بعض السائقات.
وفي ما يتعلق بالحوادث التي يتسبب فيها الأطفال بصورة غير مباشرة لعدم التقيد بالجلوس في المقاعد الخلفية أثناء قيادة أمهاتهم للسيارة، يقول الزيودي: بعض الأمهات يبقين أطفالهن في المقعد الأمامي كنوع من أنواع التعبير عن الحب، بالرغم من أن القانون يمنع منعاً باتاً جلوس الطفل على المقاعد الأمامية اعتباراً من سن الولادة حتى عمر 12 سنة، كما يتوجب وضع الطفل من سن الولادة وحتى عمر سنة في المقعد الخلفي، ويجب أن يكون وجهه ناحية الخلف، وعند بلوغه العامين يظل على المقعد الخلفي لكن مع إدارة وجهه ناحية السائق، ويجب ربط الحزام بشكل صحيح.
وأشار الزيودي إلى أن مديرية المرور والدوريات تحرص على توعية السائقات بقواعد وضوابط المرور من خلال البروشورات بجميع اللغات، فضلاً عن المحاضرات، وفعاليات أسابيع المرور، كما وفرت المديرية عدداً من المحققات المؤهلات من الشرطة النسائية لأخذ أقوال السائقات أثناء تواجدهن في مكان الحادث، أو في المستشفى أو في أقسام المديرية، حفاظاً على خصوصية المرأة.
آراء النساء
السرعة الزائدة، والقيادة بطيش، والاستهتار بأرواح الآخرين، تتعارض دائماً مع الجهود التي تبذلها الجهات المتخصصة في مجال التوعية المرورية والحملات المكثفة التي تحذر من خطورة السرعة الزائدة وانعكاساتها السلبية على الفرد والمجتمع، خاصة أن هناك فئة من النساء لا تلتزم بالقوانين والأنظمة المرورية فترتكب أخطاءً أثناء القيادة ولا تراعي السرعة المحددة على الطريق، والنتيجة حوادث تحصد الأرواح وتخلف المصابين.
الثلاثينية ندى سلطان، موظفة، واحدة من النساء اللاتي يقدن السيارة بسرعة كبيرة عند حصول مكروه لأسرتها، حيث في بعض الأحيان، لشعورها بالخوف على حدوث أي مكروه لا إراديا تجد نفسها قد قطعت الإشارة الحمراء.
عن ذلك تقول: «قيادتي بهذه السرعة ليست من باب التباهي، ففي إحدى المرات شرب ابني الصغير مادة كيميائية، تستخدم لتنظيف الثياب معتقداً أنها مياه شرب، ولم أجد نفسي من شدة خوفي على إصابته بمكروه، إلا وأنا في السيارة وأقودها بسرعة جنونية متجهة نحو أقرب مستشفى، مما اضطرني لقطع الإشارة وهي حمراء، لأحصل في نهاية الأمر على مخالفة حجز السيارة، وتسجيل نقاط مرورية على مركبتي».
وذكرت نهى قاسم، ربة بيت، أن سيارتها سحبت من قبل سلطات المرور بسبب زيادة السرعة، وقطع عدد من الإشارات الحمراء، وعدم الاتنتباه للإشارات المرورية. وبررت سرعتها بالتزامها بموعد كان لديها في إحدى العيادات، حصلت عليه بصعوبة، مما تطلب منها الوصول في الوقت المحدد، وإلا سيضيع عليها الموعد، فما كان منها إلا أن استقلت سيارتها وقادتها بسرعة تجاوزت السرعة المحددة، لكنها وعلى الرغم من ذلك، تؤكد إيمانها التام بوجوب احترام أنظمة وقواعد المرور حفاظاً على أرواح الناس، مشيرة إلى أن هذه هي المخالفة الثانية، مختتمة كلامها «ربما كنت مسرعة نوعا ما».
من جانبها، تؤكد مريم جابر حسين 43 عاماً «أن هناك عددا كبيرا من الرجال يظنون أن قيادة السيدات للسيارات هي السبب الرئيسي في وقوع عدد من الحوادث، في حين أن قيادة الرجال هي من أهم الأسباب في الحوادث، لأن منهم من يقود بتهور، ويتعصب أثناء القيادة، بالإضافة إلى أنهم يسعون دائماً لزيادة السرعة أثناء القيادة كنوع من التباهي، لكننا كسيدات نقود السيارات بحرص شديد منعا للتصادم أو الحوادث».
وقالت بدرية عبدالرحمن محمد 33 عاماً، إنها تقود سيارتها بمنتهى الحرص والهدوء، حفاظاً على سلامتها وسلامة من هم حولها، لكنها تعرف بالفعل أن قيادة المرأة للسيارة تكون في أغلب الأحيان أكثر من سيئة، لأن هناك عدداً من النساء يكون رد فعلهن بطيء جداً، وليس لديهن حسن تصرف في المواقف المفاجئة والصعبة، وذلك يرجع لضعف قلوبهم، فبالتالي يكون هذا سببا لبعض الحوادث.
العدسات الملونة
من جهته، يلقي المقدم جمال العامري، مدير العلاقات العامة في مديرية المرور والدوريات، الضوء على أسباب أخرى، تسهم في زيادة الحوادث التي تسببها السائقات من النساء: كعدم التركيز، وتشتت الذهن في اتجاهات مختلفة، بين البيت والعمل، والأبناء، ومحاولة التواصل معهم عبر الهاتف ما أمكن ذلك، دون الالتفات إلى حركة السير التي تتطلب قدراً عالياً من الانتباه. وأوضح العامري، أن أغلب الحوادث النسائية تقع أثناء الذهاب، أو العودة من أماكن العمل، بسبب الكثافة المرورية في وقت الذروة، وانشغال فكر المرأة في هذا الوقت بالذات بالأمور المهنية والعائلية، مما يدفعها إلى التسبب في الحادث مع تعطيل حركة السير، الذي تترتب عليه خسائر مادية، ووظيفية بسبب تأخرها، وتأخير غيرها من الوصول في الوقت المناسب.
وأكد أن حالات القيادة خلال الطقس المتقلب، تعد أحد أسباب وقوع الحوادث النسائية الجسيمة، إضافة إلى تركيب عدسات ملونة لاصقة تساعد على تعتيم الرؤية، مع عدم ترك مسافة كافية بين المركبات، فضلاً عن السرعة الزائدة وجلوس الأطفال في المقاعد الأمامية، مع تنقلهم بين المقعد الأمامي والمقاعد الخلفية، أثناء القيادة. ولتفادي وقوع الكثير من الحوادث التي يكون بعضها مروعاً، ينصح العامري السائقات بضرورة الانتباه والتركيز أثناء القيادة، وعدم الانشغال بالهاتف النقال، لافتاً إلى أن بعض السيدات يحملن أكثر من أربعة هواتف في الوقت نفسه، كما يؤكد على ضرورة التقيد بمقاعد الأطفال.
الفئات الشابة
من جانبه، أوضح الرائد عبدالله يوسف السويدي، مدير فرع تحقيق وإيداع القضايا، في مديرية المرور والدوريات بشرطة أبوظبي، أن السائقات يكن في أغلب الأوقات شاردات البال، لانشغال الفكر بالكثير من الأمور الحيوية المتعلقة بالمسؤولية الأسرية، والاجتماعية والوظيفية في الوقت نفسه، ما يجعلهن أكثر عرضة لحوادث الطرق سواء كن متسببات لتلك الحوادث أم متضررات.
وفي ما يتعلق بالفئات العمرية الأكثر تسبباً للحوادث المرورية، يقول السويدي: الفئات الشابة التي تتراوح أعمارها بين 18 – 25 عاماً هن الأكثر عرضة وتسبباً للحوادث، وذلك لانشغالهن بغير الطريق، وعدم قدرتهن على السيطرة في حالة وقوع الحادث ليتحول من بسيط إلى جسيم يؤدي إلى إصابات خطيرة، أو حالات وفاة في بعض الأحيان.
اختتم السويدي حديثه بتوجيه رسالة إلى السائقات، خصوصاً الأمهات، بضرورة الالتزام بقواعد القيادة السليمة، وعدم الانشغال بأمور تؤدي إلى حوادث غير مبررة، لا سيما وأن القانون يطبق على الجميع رجالاً ونساء.
خصوصية المرأة
في سياق متصل، تؤكد المساعد أول، مستورة جمعان المنصوري، محققة في مديرية المرور والدوريات بشرطة أبوظبي، أن جميع الموظفات اللواتي يعملن في قسم التحقيق النسائي تلقين دورات تدريبية عالية المستوى، سواء من ناحية آلية التحقيق أم كيفية التعامل مع السائقات من النواحي النفسية، أو من ناحية قواعد وأنظمة السير والمرور، مشيرة إلى أن المديرية وفرت مكتباً خاصاً للتحقيق مع النساء، تتوافر فيه الخدمات المطلوبة كافة، كما يوجد مكان خاص للتوقيف في حالات حدوث وفاة، أو إصابات جسيمة ما يصون كرامتهن وخصوصيتهن. ومن منطلق خبرتها وتجربتها في التعامل مع الحوادث المرورية التي تتسبب فيها فئة النساء تقول المنصوري: تقع حوادث النساء في أغلب الأحوال نتيجة لعدم الانتباه، والسيطرة، وتتراوح حوادثهن بين الصدم، والدهس وتجاوز الإشارة الحمراء، والقيادة من دون رخصة، إضافة إلى السرعة الزائدة في حالات قليلة مقارنة بالرجال.
وبسؤالها عن ردود أفعال السائقات المتسببات في الحوادث الجسيمة، تقول المنصوري: في أغلب الأحوال تصاب السائقة بحالة انهيار عصبي، مع شعور غير طبيعي بالخوف والرهبة، وهذا أمر طبيعي لأن المرأة مخلوق رقيق وحساس، كما تخشى دائماً من الوقوع في مثل هذه المواقف، خصوصاً في حالات الوفاة، والإصابات البليغة. إضافة إلى ذلك، فالتفكير في التوقيف والحبس أمر مزعج بالنسبة للرجال، فما بالك بالسيدات اللواتي يرفضن الفكرة جملة وتفصيلاً، خاصة وأن القانون لا يفرق بين ذكر وأنثى، ولهذا يتوجب أخذ الحيطة والحذر.