كثيرا ما نسمع أن الشعر تاج المرأة ونصف جمالها، في حين لا تذكر الحواجب كثيرا، رغم أنها تشكل أكثر من 50% من جمالها، كما يقول داني عطية صاحب المعهد اللبناني للتجميل وأحد الاختصاصيين في وشم الحاجبين منذ أكثر من 10 سنوات. فالحواجب هي الإطار الذي يحدد الوجه ويزيد من جمال العيون أو العكس. وكونها لا تدرج ضمن أساسيات جمال المرأة يعود إلى أنها نادرا ما تشكل هاجسا في فترة الشباب لأنها تكون كثيفة وحتى عندما تكون رفيعة وخفيفة، فإن رسمها بالقلم سهل وكاف. المشكلة تبدأ بعد الأربعين بالنسبة لبعض النساء اللاتي يلاحظن أنها أصبحت خفيفة أكثر من اللازم أو لا تنمو بسرعة وبطريقة متوازنة بسبب المبالغة في تشذيبها في العشرينات والثلاثينات. وهنا يصبح القلم غير كاف أو عبئا يوميا، مما يستدعي تدخلا جراحيا لزرعها في حالات نادرة أو وشمها وهو الغالب.
ويعتبر الوشم من التقنيات المتبعة منذ عقود لسهولته، حيث يعتمد على وخذ الإبر المعبأة بحبر خاص، إلى حد أن الكل أقبل عليه في فترة من الفترات. حتى اللاتي لا يعانين من أي مشاكل في هذا الصدد، تعاملن معه كموضة لرفع حواجبهن إلى أعلى بهدف الحصول على نتيجة تشبه تأثير الـ«بوتوكس» من دون بوتوكس. المشكلة في السابق أن هذه التقنية كانت تعطي إطلالة متكلفة وغير جذابة، لأن الرسم فيها يكون كثيفا ودراميا لا يناسب كل النساء كما يتحول بعد سنوات إلى لون مائل إلى الرمادي أو الأزرق أو الأحمر. لحسن الحظ أن التقنيات تطورت لتعطي مظهرا طبيعيا بفضل ما أصبح يعرف بتقنية الوشم الثلاثية الأبعاد.
وهذا ما تؤكده الخبيرة دونجا، التي تقوم بهذه العملية في عيادة «لوند أوسلر» Lund Osler الواقعة بمنطقة «نايتسبريدج» وسط لندن بنجاح. فهي توافق داني الرأي وتقول بأن الحواجب كانت دائما مركز جذب للناظر، مما يجعلها في غاية الأهمية: «لهذا ليس غريبا أن يركز خبراء الماكياج، على هذا الجزء كثيرا لتحقيق إطلالة درامية أو أنثوية ناعمة. وليس أدل على هذا من عروض الأزياء، التي نتأثر بكل ما تطرحه بما في ذلك الماكياج وتسريحات الشعر، فضلا عن مظهر النجمات. فالكثير من الفتيات، مثلا، يحاولن الحصول على حواجب كيت ميدلتون، أو ميغان فوكس، أو جنيفر انيستون أو سلمى حايك، لأنه أصبح من غير الممكن تجاهل أهمية هذا الجزء من الوجه. فالحواجب إن لم تفتح العيون وتزيدها اتساعا، فهي حتما تغير تعابير الوجه، فتجعلها إما قوية أو ناعمة أو باهتة». ولأن الموضة الحالية تبتعد عن الحواجب الرفيعة التي انتشرت في العشرينات والثلاثينات من القرن الماضي، كما روجت لها صور نجمات السينما في ذلك الوقت مثل مارلين ديتريش وغريتا غاربو وغيرهما، بل وحتى موضة الستينات التي تميزت هي الأخرى بالحواجب الرفيعة، فإن الكثيرات ممن بالغن في شذب حواجبهن وترفيعها يجدن أنفسهن في مأزق الآن لأن الشعيرات لا تنمو بسرعة أو تتوقف عن النمو تماما. وهنا يأتي دور خبير رسم الحواجب الذي يمكن أن يملأ الفراغات، بل وحتى إعادة رسم الحواجب تماما بعد اختيار الشكل المناسب للوجه.
يشرح داني عطية، أن هناك 3 طرق متبعة في وشم الحاجبين «منها المعروفة بالوشم العادي (tatoo original) ويعتمد على تعبئة الفراغات الموجودة بتحديدها أولا بالرسم ثم تعبئتها بحبر خاص بواسطة الوخز بالإبر. الطريقة الثانية تسمى بالـ(مظللة) أو (shadowing) وترتكز على إحداث خطوط شعر موازية للموجودة فتكون بمثابة ظلال لها». ويتابع عطية: «هنا نقوم بعملية الوشم تحت الشعيرات الموجودة. أما الثالثة وهي الأكثر رواجا في الوقت الحالي، فتعتمد على الأبعاد الثلاثية، بحيث يتم وشم الحاجب بدقة وبإبرة واحدة رفيعة، بحيث نرسم شعرة شعرة حتى تبدو النتيجة طبيعية للغاية. ونحرص في هذه الطريقة على رسم حدود الحاجب الأصلية ليقوم الاختصاصي بعدها برسم الشعر اللازم حسب المطلوب ومن ثم تثبيته بالوشم تماما كأنه يقوم برسم لوحة ما، ودائما من خلال استخدامه إبرة ذات رأس واحد رفيع عكس التي تستعمل في الطرق الأخرى والمؤلفة عادة من عدة إبر».
ولا شك أن هذه العملية، التي تستغرق نحو الساعتين تعتبر من أدق وسائل الوشم، وتبرز براعة الاختصاصي الذي يقوم بها، كما تتطلب منه التأني ورؤية مسبقة عما يمكن أن ينتج عنها حتى لا يقع بالمحظور. فالوشم ثابت لا يمكن محو أخطائه سوى بالليزر، وهذا بحد ذاته يتطلب أن يتم بطريقة صحيحة. ولأن نتائجها جيدة في الغالب وتعطي مظهرا طبيعيا أصبحت الكثير من الأنيقات يطلبنه، فإن موضة رسم الحاجبين بقلم الكحل تراجعت بشكل ملحوظ، كذلك موديل الحاجبين المرفوعين إلى أعلى على شكل سيف، كما يسميه البعض، لأنه عوض أن يعطي انطباعا جيدا، يوحي بالقسوة والتصنع. تقنية الوشم ذات الأبعاد الثلاثية، في المقابل، تأخذ بعين الاعتبار تفاصيل الوجه عامة، ثم ترسم حسب شكل العين وشكل الحاجب كما كان في السابق مع بعض التعديل. أما زراعة شعر الحاجب فهي معتمدة من قبل النساء اللاتي يرغبن بحل جذري لمشكلة تساقط الحواجب وعدم نموها، ويؤخذ فيها الشعر من خلف الرأس ليزرع في الحواجب. ورغم أن النتيجة طبيعية 100%، فإنه على المرأة أن تقصها بانتظام لأن الشعر يصبح طويلا وإذا ترك على سجيته فقد ينسدل فوق العين. وهنا يبدأ الشعر في النمو بعد مرور ثمانية أشهر على عملية الزرع وتكلف أكثر من الـ2000 دولار ولا يمكن أن تتم إلا على يد طبيب مختص بزرع الشعر.
من الناحية الجمالية، يعتبر داني عطية أنه لا يميل إلى الحواجب الكثيفة، رغم أنها موضة الموسم. السبب حسب رأيه أنها صارمة وتضفي بعض الرجولة على إطلالة المرأة، ولذلك يفضل أن يكون الوشم رفيعا في البداية بشكل معقول، خصوصا أنه يمكن التلاعب به برسمه بالقلم إن استدعت الموضة. وينصح أيضا بعدم اتباع الموضة بشكل أعمى لأنها متغيرة، وما قد يكون موضة في هذا الموسم قد لا يكون كذلك بعد موسمين. المهم أن تختار المرأة ما يناسب شكل وجهها. أما بالنسبة للون الأسود الداكن الذي لا يعطي مظهرا جذابا للحواجب، فيقول: إن اللون يجب أن يكون بنفس درجة لون شعر الرأس أو قريبا منه قدر الإمكان حتى لا يبدو نافرا.
من جهتها تشرح دونجا: «أن فضلا كبيرا في النتيجة الطبيعية التي يتم الحصول عليها حاليا، ويصعب فيها التفريق بين الشعر الطبيعي والمرسوم، لا يعود إلى مهارة الخبير فحسب، بل أيضا إلى أننا أصبحنا نمزج عدة درجات من الصبغات عوض الاكتفاء بدرجة واحدة. وهذا ما ساعد على التخلص من المظهر المتصنع».