يعاني قطاع كبير من المعوقين الفقر أو التمتع بأنشطة الحياة التي يستطيع الإنسان العادي المتوفرة له حقوقه كاملة أن يفعلها، كما يفتقرون إلى العطف والحنان والصداقة الحقة، ومن يتفهم مشاكلهم النفسية والجسدية.
إن الرعاية الصحية هي جزء أساسي من الرعاية التي يجب أن يحصلوا عليها وقد تكون مكلفة أحيانا، وهذا جانب آخر يفتقر إليه كثير من المعوقين في مجتمعنا، حيث إن رعاية المعوقين هي من أهم واجباتنا وتوفير حقوقهم مسؤولية الجهات المختصة وعلى رأسها وزارة الشؤون والتنمية الاجتماعية فلا تقتصر مساعدتهم على تخصيص مبلغ مالي شهري، ولكنهم بحاجة إلى من يعيد لهم حياتهم التي فقدوا جزءا منها نتيجة إعاقتهم أيا كان نوعها.
ولابد من برامج وخطط ترعاهم وتساعد أسرهم في مواكبة حياتهم، فكثير من المعوقين رابضون ببيوتهم وقسم منهم محروم من فرصة التعليم بسبب عدم تمكنهم من الحركة جزئيا أو كليا، حيث إن المدارس غير مؤهلة لاستقبال المعوقين وتوفير سبل ووسائل التعليم المناسبة لهم.
الأطفال المعوقون اجتماعياً:
يعرف الطفل المعوق اجتماعيا بأنه الطفل الذي يفتقد لنمو شخصية متوازنة والإظهار الكامل لإمكاناته بسبب عوامل في بيئته الاجتماعية تعوقه، مثل عدم كفاءة الأبوين، نتيجة للحرمان الثقافي والاجتماعي.
والإعاقة الاجتماعية تشمل أيضاً الأطفال اليتامى نتيجة موت أو فقدان أحد أبويهم، والأطفال المهملون من الفقراء المعدمين، وينبغي الإشارة إلى أن الأطفال المعوقين جسدياً وعقلياً يواجهون إعاقات اجتماعية إلى حد أنهم يكونون منبوذين اجتماعيا.
سبل الوقاية من الإعاقة بشتى أنواعها
– إن من أحد أهداف الخدمات الصحية للأم والطفل هي الوقاية من حالات الإعاقة والعلاج المبكر للأمراض لمنع تطور المرض إلى الضعف والعجز والإعاقة، وللوقاية ثلاثة مستويات:
المستوى الأول: وقاية أولية ابتدائية:
والهدف منها منع حدوث الإعاقة من خلال تطبيق إجراءات وقائية قبل التخطيط للحمل، قبل الولادة وأثناء الولادة وفي مراحل الطفولة حتى البلوغ، والوقاية الأولية تشمل ما يلي:
1- الاستشارات المتعلقة بالوراثة:
فالحد الأقصى لعمر الأم لولادة أطفال أصحاء من الناحية الوراثية هو ما بين 20 إلى 30 سنة، ولكن بعد عمر 30 إلى 35 عاماً هناك احتمالية كبيرة لولادة أطفال غير طبيعيين من الناحية الوراثية مثل متلازمة دوان، وفي المجتمعات التي يكون فيها زواج الأقارب شائعاً يجب الحد من هذه الظاهرة من خلال التثقيف الصحي، فالناس المعرضون للإصابة بالأمراض الوراثية يجب أن يحددوا، وتقدم لهم كل الفحوصات المتاحة والنصائح الكافية حول الأخطار المستقبلية.
2- التطعيم:
فمن أهم أسباب الإعاقة مرض شلل الأطفال الذي يمكن الوقاية منه بواسطة التطعيم له ولسائر الأمراض الأخرى كالحصبة الألمانية.
3- التغذية:
التغذية المناسبة للأم الحامل مهمة جدا لإنعاش الطفل المولود خصوصاً لخفض نسبة الولادة المبكرة المرتبطة ارتباطا وثيقاً بالإعاقة العقلية.
4- الرعاية الصحية:
الرعاية الصحية للأم والطفل خلال جميع المراحل قبل وأثناء وبعد الولادة، مع تجنب حدوث الأمراض المعدية، وتجنب تعاطي الأدوية المسببة للتشويهات الخلقية، وتجنب الأشعة السينية، والتدخين، بالإضافة للعناية الخاصة للأم الحامل المعرضة للخطورة خصوصاً أثناء الوضع، ومنع الحوادث المرضية.
المستوى الثاني: الوقاية الثانوية:
الهدف الأكبر لجميع الأطفال مهما كانت حالتهم ومشاكلهم الصحية هو جعلهم أصحاء جسمانياً وعقلياً واجتماعيا، وهذا يشمل:
1- التشخيص المبكر للإعاقة:
ويتحمل المسؤولية هنا الآباء بعرض أطفالهم على اختصاصي الأطفال للتشخيص ويتطلب ذلك التاريخ الكامل للمرض وتقييم درجة الإعاقة، وفحوصات للقدرات الطبيعية للطفل وهذا يأتي من خلال الرعاية الصحية الأولية والرعاية الصحية المدرسية.
2- العلاج:
الأطفال المعوقون يحتاجون علاجات خاصة متيسرة مثل:
– العلاج الطبيعي:
وهو معالجة المرض بالوسائل البدنية والميكانيكية (كالتدليك والتمارين الرياضية، والماء والضوء، والحرارة والكهرباء) ومثاله تمرينات للعضلات الضعيفة كما في حالات شلل الأطفال، وتصحيح التشوهات.
– العلاج المهني (العلاج بالعمل):
وهي طريقة في المعالجة قوامها تكليف المريض بأداء نوع معين من العمل الخفيف يصرفه عن التفكير في نفسه ويعجل شفاءه، فالمريض يعمل حسب قدرته ويجب أن يتذوق ممارسة أعمال فنية كالتلوين والرسم، والخياطة، وأشغال الخشب، وصناعة الفخار وغيرها من الأعمال الفنية.
– تعليم ملكة الكلام أو القدرة على الكلام لكي يتحدث بصورة طبيعية.
3- الجراحة الترقيعية:
وهي إضافة عضو صناعي إلى الجسم البشري مثل الأطراف الاصطناعية المساعدة المسماة (أداة إلكترونية للمريض ثقيل السمع لتكبير الأصوات) وغيرها من المعدات أو الأجهزة الأخرى، والمصطلح الحديث لهذا الفرع من الطب هو العلاج الطبيعي وإعادة التأهيل، حيث إن الهدف منه هو تحسين الحالة البدينة للمريض.
– التدريب والتعليم:
الطفل المعوق يدرب ليعيش حياة مستقلة وهذا يسمى بالتوجيه الوظيفي، حيث يمرن على القيام بأعمال اجتماعية أو دينية بنفسه ولا يكون عبئاً على الآخرين.
المستوى الثالث من الوقاية: إعادة التأهيل:
لمنع تطور العجز إلى إعاقة دائمة، وهو الاستخدام المتناسق لجميع الإجراءات الطبية والتعليمية والاجتماعية والمهنية لتدريب وإعادة التدريب للأشخاص لبلوغ أعلى المستويات الممكنة من القدرات العلمية والنشاطات النافعة بهدف خفض تأثيرات العجز الجسدي وتمكين المعوق من تحقيق التكامل الاجتماعي ليشارك بفعالية في النشاطات السائدة في الحياة الاجتماعية.
إن عملية التأهيل تشمل الأتي:
– إعادة التأهيل الطبي لاستعادة الوظيفة.
– إعادة التأهيل المهني لاستعادة القدرة على كسب الرزق.
– إعادة التأهيل الاجتماعي لاستعادة العلاقات الأسرية والاجتماعية.
– إعادة التأهيل النفسي لاستعادة كرامة الإنسان وثقته بنفسه.
وهناك عدة فروع لهذا الطب التخصصي يجب توفرها لتساهم في هذه العملية وتشمل العلاج الطبيعي، المعالجة المهنية، علاج ملكة الكلام، علم السمع، علم النفس، علم التربية، الأعمال الاجتماعية والإرشادات المهنية.
وأخيراً فإننا نرى أن الأسرة يجب أن تساهم في تحمل مسؤولية الأطفال المعوقين بالعمل على تربية ورعاية هؤلاء الأطفال لأنها تحول دون زيادة أناس منحرفين أو شواذ أو خارجين على الجماعة، بل إن المجتمع بأسره يتحمل المسؤولية ونطلب منه أن يعمل على إيجاد متخصصين فنيين ومدربين، وفتح مدارس خاصة بالمعوقين وتأسيس نوادٍ لهم وإقامة بحوث ودراسات في موضوع الإعاقة.