كثر الحديث عن الولادات المبكرة، لكنه يندُر عن الولادات المتأخرة. ومن السهل جداً على المرأة الحامل أن تتشبث بالولادة في يومها الموعود، سواءً عبر الخضوع لولادة تحريضية أو عملية قيصرية. لكن ألا يُعتبر ذلك تسرعاً واستعجالاً قد يُكلف المرأة غالياً في صحتها ويُقيد خياراتها في الولادات التالية؟ لا شك أن غالبية النساء يعلمن هذا، لكنهن مع ذلك يأبين إلا أن يخضعن لضغط النفس وضغط المجتمع. فموعد الوضع المتوقع يكون أول شيء تسأل عنه المرأة حين تعلم أنها حامل. كما أنه يكون أول سؤال يطرحه الآخرون عندما تخبرهم المرأة أنها حامل. وموعد الوضع الموعود توقع قابل للخطأ والصواب على الرغم من كونه نتيجة عملية حسابية «دقيقة»!
الحامل العَجُول
في بداية الحمل، قد يُسيطر على المرأة الحامل شعور باستعجال قدوم موعد الوضع، ولا يخطُر ببالها أبداً أن ذلك الموعد قد يتأخر، وحتى إن راودتها الفكرة فإنها تطردها وترفض تقبلها. وعندما يبدأ العد العكسي وتشرع كل امرأة حامل في عد الأيام المتبقية، وتستشعر أن كل يوم يمر عليها هو أطول من سابقه، ويبدأ الأقارب أو الجيران بطرح ذلك السؤال السخيف كلما التقوها أو رأوها «ألم تضعي طفلك بعد؟»، وتنهمر عليها اتصالات أمها السائلة كل ساعة عن حالها والتي لا تتردد في الذهاب بنفسها إلى المستشفى للسؤال عنها في غرف الولادة بمجرد عدم رد ابنتها على اتصالها، فإن هذا يجعل الحامل تحت ضغط كبير لا يُساعدها على حسن التأهب والاستعداد لاستقبال مولودها الجديد. لكن السؤال المطروح هنا هو ما الذي يحدث إذا تأخر المولود عن موعده الموعود؟ فقد تستاء المرأة الحامل كثيراً إذا جاء يوم وضعها المحتمل دون أن يجيئها المخاض أو تشعر بأوجاع، ودون أن تظهر عليها علامات قرب الوضع، فهي لا تتقبل أن يمر هذا اليوم كسائر الأيام! وفي الواقع، على الرغم من أن الكثير من النساء يتجاوزن الموعد المتوقع من قبل طبيباتهن وأطبائهن، فإنه لا داعي لأن يقلقن أو يستعجلن إجراء ولادة تحريضية ما دام الجنين في حالة جيدة وما دامت الحامل لم تعان أية مضاعفات صحية، بل يكون من الأفضل للمرأة أن تنتظر إلى أن يجيئها المخاض بشكل طبيعي.
اختبار الاطمئنان
للتأكد من أن الجنين ينمو بشكل طبيعي خلال أيامه الأخيرة داخل الرحم، تقوم طبيبة النساء والتوليد عادةً بإجراء اختبار بسيط تستخدم فيه جهاز جس نبضات قلب الجنين لمعرفة كيفية تفاعله مع حركاته. كما يمكن أن توصي الطبيبة بإخضاع الحامل نفسها إلى موجات فوق صوتية لقياس كمية السائل الأمنيوتي (السلوي) المحيط بجنينها. ويُساعد هذان الاختباران على طمأنة الحامل وطبيبتها بشأن صحة الجنين ووالدته على حد سواء. وفي حال استمر الحمل أسبوعاً واحداً أو أكثر بعد مرور موعد الوضع المتوقع، يُفضل للحامل أن تسأل الحامل طبيبتها عن الوقت الذي تلجأ فيه إلى الولادة التحريضية إذا اقتضى الحال. ولو قررت الخضوع لهذا النوع من الولادة بسبب خوفها على الجنين من شرب السائل السلوي أو التعرض لمضاعفات مفاجئة بسبب اعتقادها أنه قضى أكثر مما يجب في رحمها، فينبغي عليها مناقشة الأمر مع طبيبتها حتى تتعرف على الطرق المتاحة الممكن اللجوء إليها في حالات الولادات المتأخرة.
وفوق كل هذا وذاك، يجب على الحامل أن تُحافظ على هدوئها وتتصرف بصفة المريضة التي تتبع نصائح طبيبتها. وعليها أن تتذكر دوماً أنها ليست الوحيدة التي يتأخر وليدها (حسب اعتقادها) عن الخروج إلى الوجود، بل هناك الكثيرات غيرها. وإذا وثقت الحامل بطبيبتها الكفؤة ثم خلت بنفسها هنيهةً وفكرت بعقلانية فإنها قد تضحك على حالها نظراً لأنها تكتشف أن طفلها المنتظَر أربك برنامجها ومخططاتها حتى قبل أن يرى النور! فما بالك بما سيفعل عندما يأتي! فما يكون عليها والحال هذه إلا أن تهدأ وتترك المشيئة الإلهية تأخذ مجراها. وفي نهاية المطاف، سيأتي هذا المولود إلى الدنيا ويتركها منتفخة الساقين والقدمين ومنخورة القوى، وقد تتمنى حينذاك لو أنها لم تستعجل قدومه.