من منا يتخيل أنه أثناء وضع رأسه علي الوسادة ليأخذ قيلولة تريح بدنه وذهنه من إرهاق وتعب اليوم أنه قد يتعرض لمخاطر صحية, خاصة من يتمتع بجهاز مناعي ضعيف. فقد جاء في دراسة بريطانية أن الوسادة التي تستخدم للنوم بعد عامين من الاستعمال تصبح بيتا للميكروبات والبكتيريا بسبب المناخ والرطوبة مما يستلزم تنظيفها كل ثلاثة شهور وتغييرها كل ثلاثة أعوام..
ويؤكد د.صلاح فودة أستاذ الصحة العامة أن ما جاء في الدراسة معلومة علمية صحيحة حيث ان استخدام الوسادة نفسها لفترات طويلة من الزمن دون تغييرها أو تنظيفها يترك تأثيرا ضارا علي بشرة الإنسان فتتسبب في تغير لون البشرة وتختفي الحيوية واللمعة والنضارة منها وتساعد في ظهور حب الشباب والبثور والتهابات خفيفة في الوجه قد تزيد مع الوقت, كما أنها تسبب حساسية الصدر خاصة لدي الإنسان الذي يقع منزله في أماكن بها مصانع والتي تنبعث منها المواد المتطايرة والملوثات من الأدخنة بالإضافة إلي العوادم الناتجة عن وسائل المواصلات والأتربة التي تنتقل عبر الهواء إلي داخل البيت فتتراكم علي الأثاث وهو ما يسبب الحساسية خصوصا لدي الأطفال, ومن الأخطاء الشائعة التي يقوم بها بعض الأشخاص عند الدخول إلي البيت الاتجاه فورا إلي السرير والبدء في النوم دون غسل الوجه من العرق والجراثيم نتيجة تعرضه للهواء الملوث في الشارع فيجب غسل الوجه قبل أن يذهبوا إلي السرير بنوع صابون قاتل للميكروبات والجراثيم مثل صابون الديتول وصابون زيت الزيتون ولابد أن نعلم أبناءنا ونوجههم لغسل الوجه قبل النوم.
ويؤكد د. صلاح أن سرعة تكون البكتيريا تختلف حسب النوع المصنعة منه الوسادة فهناك الوسادة المصنعة من القطن الصناعي أو الإسفنج الذي يستخرج من مادة البترول, إذا نام شخص علي إحداهما فحرارة وجه النائم تحدث تفاعلا مع الأنسجة مما يولد آثارا ضارة, ولذا ننصح بأن تكون الوسادة من القطن الطبيعي وكذلك غطاءها من الأنسجة الطبيعية, كما أنه يجب مراعاة عدم غسل الملابس الداخلية مع أكياس المخدات والمراتب وغيرها لأن المنطقة الواقعة بين الفخذين تفرز عرقا به جراثيم أشد من أية منطقة أخري بجسم الإنسان لذا لابد أن تستخدم في تنظيف الملابس الداخلية مواد منظفة قاتلة للجراثيم, ومن الطرق الخاطئة التي تقوم بها ربات المنازل ترك الغسيل منشورا في الهواء لأوقات طويلة قد تتعدي اليومين أو الثلاثة فتتعرض للجراثيم والأتربة والدخان المنبعث من الشارع.
ويحذر د. علي السلمي الأستاذ بالمركز القومي للبحوث من خطورة تراكم البكتيريا علي الوسائد خصوصا المصنعة من الألياف الصناعية والتي تسبب العديد من المشكلات الصحية, حيث إن هذه النوعية من الوسائد لا تمتص العرق أو الرطوبة بخلاف القطن لذلك تأتي خطورة هذه الألياف في حدوث تفاعلات معينة تؤدي إلي ظهور بعض المواد الضارة مما قد يسبب حدوث اختناق لدي الأطفال إذا كان الطفل نائما علي الوسادة ووجهه مقلوبا عليها أو علي المرتبة.
لذلك ينصح باستخدام الوسائد والمراتب المصنعة من القطن أن يتم تعريضها للشمس كل يوم لمدة ساعتين لإخراج الرطوبة الزائدة التي تتسبب في ظهور روائح غير مرغوبة, تساعد علي تنشيط البكتيريا حيث إن عدم تهوية الفراش قد يؤدي إلي الإصابة بالحساسية الربوية خصوصا للأشخاص الذين لديهم حساسية لأية رائحة مثل السجائر والعطور.. الخ, أما بالنسبة لمن يستخدمون الوسائد والمراتب والفراش المصنع من الألياف الصناعية فيجب أن يحرصوا علي النظافة عن طريق الغسيل بشكل دوري لقتل الميكروبات والبكتريا, ويجب تغيير الوسادة بعد استعمالها بعامين أو ثلاثة.
ويضيف د. السلمي أن هناك أمرا خطيرا نتعرض له وأود أن أحذر الجميع منه خصوصا ربات المنزل وهو العناكب غير المرئية ذات الحجم الدقيق والتي تسمي عناكب تراب المنزل والتي تعيش علي الوسائد وتتغذي علي قشر الشعر الذي يتساقط من الإنسان وهذه الأنواع من العناكب تعيش علي الأتربة التي تمثل بيئة صالحة لنمو هذه الحشرة وتوجد أسفل السرير وفي الأغطية والسجاجيد فوجود هذه النوعية من الحشرات مرتبط بالبيئة التي تحيط بالإنسان, لذلك لابد من تهوية المنزل بانتظام وعدم التخزين أسفل السرير أو فوق الدولاب وغيرهما من الأماكن غير المخصصة للتخزين داخل المنزل لأن هذا الأمر يجعل عملية تنظيف هذه الأماكن صعبة خصوصا لدي المرأة العاملة لكثرة مشاغلها داخل وخارج المنزل فتقوم فقط بتنظيف ما هو ظاهر علي محتويات الأثاث إلي غير ذلك وتظل هذه المحتويات والأماكن مليئة بالأتربة التي تنتشر بها هذه العناكب غير المرئية.
ويشرح د. مجدي بدران عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة الفطريات والتي تشمل مليون نوع 400 منها تهدد الإنسان وتوجد في 25% من المنازل, فقد ذكرت بعض الإحصاءات العلمية ان حساسية الفطريات تصيب من 6 إلي 10% من الأشخاص, 50% من ذوي الحساسية الوراثية, و56% من مرضي الجيوب الأنفية, وهي تمثل خطورة علي الإنسان حيث تفرز 70 مادة تسبب الحساسية في الأشخاص ذوي الاستعداد الوراثي مثل التهاب الحويصلات الهوائية التحسس وحساسية العين والصدر, وتسبب التهابات خطيرة قاتلة في المرضي ناقصي المناعة خصوصا لدي من يخضعون لعمليات زرع الأعضاء, وربما تسبب العمي أو التهابات الأغشية السحائية, وتؤثر بالسلب علي مرضي السرطان والأطفال خصوصا في مراحلهم المبكرة وذلك لضعف جهاز المناعة لديهم.
ويذكر د. بدران أن حشرة الفراش من الأسباب الرئيسية في الإصابة بالحساسية الصدرية وحساسية الأنف والجلد, وهذه الحشرة لا تري بالعين المجردة وتنتمي إلي عائلة العناكب التي لها 8 أرجل مثل العتة وهي تعيش في الأماكن الدافئة الرطبة وتموت عند انخفاض شدة الرطوبة لأقل من 50% ونادرا ما توجد في المناطق الجافة, ويبلغ متوسط عددها في الجرام الواحد من التراب المنزلي حوالي 100 إلي 500 حشرة وتفرز الحشرة الواحدة 20 قطعة من الفضلات الضارة التي تسبب عند استنشاقها حساسية الأنف أو الصدر أو كلتيهما معا, وتعيش هذه الحشرة متوسط 30 يوما وتضع الأنثي منها من 25 إلي 30 بيضة وتعيش في البيئة الخارجية خصوصا في الألياف الصناعية أو الطبيعية لذا فهي توجد خصوصا في غرف النوم بنسبة أكبر عن أية غرف أخري وتعتبر الوسائد والموكيت والمراتب مرتعا لهذه الحشرة وكذلك ورق الحائط ولعب الأطفال ويقل وجودها في السيراميك, كما تبين أن عددها يزداد كلما ارتفع عدد السجاجيد التي تستخدم في غرف النوم والمعيشة, وتشكل حشرة الفراش 10% من وزن المخدات والمراتب التي مضي عليها أكثر من سنتين, وتوجد بمعدلات تصل إلي 19 ألف حشرة في الجرام الواحد من تراب المنزل وكل واحدة منها تنجب 80 حشرة جديدة قبل موتها وهي تتغذي علي رقائق جلد الإنسان حيث يفقد يوميا حوالي جراما ونصف الجرام علي هيئة رقائق تتساقط بفعل الاحتكاك والجاذبية علي الموكيت والفراش وهذه الكمية توفر الغذاء الكافي لملايين الحشرات وتشكل رقائق الجلد 80% من تراب المنزل العالق, كما تتغذي أيضا علي الفطريات التي تنمو علي جلد الإنسان والعفونات وبقايا تحلل أجسام الحشرات مثل عتة الملابس والصراصير, وقد تبين أن ارتفاع المباني له دور مهم في الإقلال من وجود هذا النوع من الحشرات بينما تكثر وتتركز في الأدوار السفلي من المباني وهو ما يسبب ضررا لمرضي الحساسية الأنفية, كما أنها تتفاقم مع التدخين والملوثات الجوية والرطوبة وارتفاع درجات الحرارة, وللقضاء علي هذا النوع من الحشرات يجب تنظيف الأرضيات بالمكنسة الكهربائية وتكييس المراتب والمخدات بالنايلون وتجهيز أرضيات المنازل بالسيراميك والخشب الجاف واللينوليوم والمشمع الناعم حيث إنها سهلة التنظيف.
وينبه د. بدران إلي بعض الأخطاء التي يقع فيها الكثيرون كوضع السجاجيد ونشرها عند تنظيفها علي الأسمنت ومما يؤدي إلي توفير الحيز الدافئ الذي تعيش فيه حشرة الفراش ويري أن أجهزة التكييف تساعد في الإقلال من وجود هذه الحشرة, ولعلاج آثارها الضارة تستخدم حاليا أمصال حديثة وافقت عليها منظمة الصحة العالمية بدون حقن عن طريق قطرات توضع تحت اللسان مستمدة من نوع حشرة الفراش بالبيئة المحلية المصرية وتؤدي إلي تنشيط الجهاز المناعي وتحفيزه لإنتاج مواد مضادة لهذه الحشرة تحميه في المستقبل منها, وهو ما يبشر بآمال كبيرة لمرضي الحساسية للوصول إلي الشفاء.