يتعرض الشكل الخارجي للأنف لتغيرات تحدث بتأثير عدد من العوامل، منها ما هو وراثي ومنها ما هو نتيجة الحوادث، ومنها الضربات المباشرة على الأنف والوجه، كما أن بعض الأمراض والأورام قد تؤدي إلى تغير شكل الأنف. وكل ذلك يستوجب التعديل الجراحي. ولقد أصبحت عمليات تجميل الأنف من أكثر العمليات رواجا وطلبا في العالم إن لم تكن أكثرها. وقد تحدثنا في عدد سابق حول هذا الموضوع، إلا أن تعدد جوانبه وأهميته على المستوى الاجتماعي يتطلب منا التطرق إلى الجوانب الأخرى العامة منه.
* أنوف الشعوب حتى نتعرف على مستجدات تجميل الأنف التقت «صحتك» الدكتور طارق بن عبد الله عاشور استشاري الأنف والأذن والحنجرة وتجميل الأنف ومناظير الجيوب الأنفية بمستشفى الملك فهد بجدة، الذي أوضح لنا في البداية أن أشكال الأنوف تختلف وفقا للعرق والقوميات، فالشعوب الصينية وشعوب شرق آسيا وأنوف شعوب أوروبا والشعب العربي في الجزيرة مثلا يختلف بعضها عن بعض، وبالتالي تتباين صفات الجمال لكل منها. وتتميز شعوب الصين وشرق آسيا بأنوف صغيرة الحجم منبسطة، حيث إن عظمة الأنف لا تعلو كثيرا عن سطح الوجه ويتميز الأنف بالفتحات الصغيرة أيضا. والشعب الإنجليزي مثلا يفضل أفراده وبالذات النساء أن تكون مقدمة الأنف قصيرة ومدببه ومرتفعة قليلا عن سطح الأنف وأن تكون الزاوية بين الشفة العليا والجزء القائم بين فتحات الأنف منفرجة.
أما الأنف العربي الخليجي فيتميز بالكبر قليلا بالنسبة لباقي الوجه وفيه قليل من التقوس، وهو مشهور بالأنف الطويل، ونجد أن الرجال بعد التعرض لضربة مباشرة أو حادثة سيارة أدت إلى كسر بالأنف يفضلون أن يكون التصغير العظمى غير كامل وأن يكون هناك قليل من التقوس والارتفاع (كما هو واضح في الصورة الثانية لما بعد عملية التجميل).
* دواعٍ طبية وعن الحالات التي تحتاج إلى تجميل من الناحية الطبية، قال د. عاشور إن من المهم جدا أن نتعرف على الحالات التي تتطلب تعديلا تجميليا جراحيا في الأنف، حيث إن هناك الآن مراكز عالمية كبيرة تهتم فقط بمقدمة الأنف حتى لو كان ذلك لا يتناسب مع باقي الأنف، وبعد إجراء الجراحه لا يكون هناك تناسب مع باقي أجزاء الأنف. ومن الحالات ما يلي:
> يجب الاهتمام بالجزء الأوسط الغضروفي، حيث إن هذا الغضروف يلعب دورا كبيرا في عملية التنفس، وأي ضمور أو تضخم به قد يقلل من دخول الهواء من خلال الأنف ويضيق المجري التنفسي.
> فتحات الأنف أحيانا تكون أكبر من اللازم فيلزم تضييقها وعكس ذلك.
> أي انحراف بعظمتي الأنف أو تضخم نتيجة لكسر مثلا قد يؤثر على مجال الرؤية، ويشتكي المريض أنه يرى جزءا من أنفه أثناء النظر إلى الأشياء.
> أيضا التشوه الشديد لعظمة الأنف يؤدي إلى ضيق التنفس.
> كما أن ارتخاء الجزء الغضروفي العلوي لفتحة الأنف يؤدي إلى قفل الفتحة أو تضيقها أثناء الشهيق وصعوبة التنفس.
وكل هذه الحالات تحتاج طبيا إلى جراحة تجميلية.
* تاريخ تجميل الأنف
* أوضح د. طارق عاشور أن فكرة تجميل الأنف نشأت منذ آلاف السنين في الهند، وبدأت تحديدا منذ أكثر من مائة عام بعمليات تجميل الجزء العظمي فقط (طريقة جوزيف)، ثم أتى غولدمان وبدأت معه عمليات التعامل مع مقدمة الأنف والجزء الغضروفي منها، وهذه تعرضت لمحاولات تغيير وتعديل كثيرة على مدى السنين، ولا شك أن ذلك التطور والتحسين والمقارنة قد أوصلونا إلى علم كبير ضخم أصبح جزءا مستقلا بذاته يعمل به آلاف الأطباء في العالم. وهنا أريد أن أقول إنه كلما تم التركيز في العمل على جزء واحد من أجزاء متعددة في الأنف أو غير الأنف، كانت النتائج أكثر جودة وتصب في مصلحة المريض.
منذ ثلاثين عاما كنا نعمل في مجال الأنف والأذن والحنجرة والرأس والرقبة، والآن أصبحنا نعمل في جزء من أجزاء الأنف، وهكذا يكون التطور.
* رضا المريض
* سؤال مهم لكل من المريض والطبيب، ولا بد من الجلوس مع المريض وإعطائه الوقت الكافي، مع عمل صور فوتوغرافية قبل وبعد العملية، ويفضل عدم الانسياق التام وراء رغبة المريض وشرح ما يناسبه وما لا يناسبه، ومناقشته بكامل التفاصيل في احتمالية نتائج العملية وأن الأنف يمر بعد العملية بمراحل عدة حتى يستقر على شكله النهائي، كما أنه أحيانا يلزم تجزئة العملية إلى مرحلتين أو أكثر حتى تكون النتيجة مُرضية للطرفين.
* اختيار الطبيب
* من هو الطبيب الذي يقوم بإجراء هذه العملية؟ يقول د. طارق عاشور إن ذلك يتوقف على ماذا نريد أن نعمل، فإذا كان هناك انسداد في التنفس مصاحب لاختلاف الشكل الخارجي ويلزم العمل داخل الأنف وخارجه وتعديل الانحرافات في الحاجز الأنفي والقرنيات وباقي أجزاء الأنف فاختصاصيّ الأنف هو المفضل لعمل ذلك.
وعموما فإنه يتنافس على إجراء عمليات تجميل الأنف الآن أطباء التجميل وأطباء الأنف. وتعتمد النتائج على مهارة الطبيب واختيار الطريقة المثلى للتعديل وجوانب أخرى مثل عمر المريض وطبيعة عمله ومدى تقبله للتعليمات والحرص على المحافظة على أنفه دون التعرض لأي إصابة، بالذات في الأشهر الستة الأولى بعد العملية.
* جراحه تجميل الأنف وقبل الخوض في عمليات تجميل الأنف يجب التعرف على تكوين الأنف والصفة التشريحية للأنف، فالأنف يتكون من جزء غضروفي وجزء عظمي، وهذا الأخير هو الجزء الأقرب للعين، وهو الجزء الذي بدأت به عمليات التجميل منذ سنين طويلة، حيث إنه يتغير بطرق مختلفة، فقد يكون أعلى من اللازم فيجب تصغيره أو يكون منخفض عن الشكل المتناسق فيجب رفعه مما يستوجب الاستعانة بوضع غضروف أو عظم أو مواد أخرى صناعية، ويفضل الاستعانة بجزء من الجسم نفسه حتى تكون النتيجة أفضل وأجود.
أما الجزء الغضروفي الذي يكون الجزء الثاني والثالث من الأنف من الخارج فيتكون من عدة غضاريف علوية وسفلية متصلة بالحاجز الأنفي، وهذه الغضاريف تكون مقدمة الأنف التي أصبحت الشغل الشاغل لمعظم أطباء الأنف هذه الأيام وأيضا أطباء التجميل بالذات للمرضى من النساء.
وينطبق على الجزء الغضروفي ما قلناه عن الجزء العظمي، حيث يلزم تصغيره وأيضا تحويره حتى يعطي الشكل المناسب، وهذا يلزمه الخبرة وملكة الإبداع، حيث إن عمليات تجميل الأنف تحتاج إلى الكثير من الدقة لأن الأنف أكثر الأجزاء ظهورا في الوجه ويحمل الكثير من اللمسة الجمالية.
الأنف ككل، جزء مترابط متصل بعضه ببعض، وعلى هذا فما كان يتم عمله عند بدايات عمليات التجميل تعرض للكثير من الإضافات، فعند تجميل الجزء العظمي لا بد من الانتباه إلى أن هذا الجزء متصل بالجزء الغضروفي، وعليه فلا بد من التعامل مع كل أجزاء الأنف في نفس الوقت حتى تكون النتيجة متوافقة ومتناسقة، فلا يمكن التعامل مع الجزء العظمي مثلا وترك الجزء الغضروفي على حاله، مما قد يؤدي إلى تباين في الشكل بين الجزأين أو هبوط مقدمة الأنف مثلا مما يستلزم إجراء عملية أخرى.
أحيانا يطلب المريض شيئا قد لا يكون متناسقا مع وجهه، فيجب إقناعه بما يناسبه، مثلا الكثير من النساء يرغبن في ترفيع وتضييق مقدمة الأنف بدرجة قد لا تتناسب مع باقي الأنف فتكون النتيجة غير جيدة.
ويجب أن لا ننسى أن الوظيفة الأولى للأنف هي التنفس وإدخال الهواء للرئة والشم، فيجب التعامل مع انسداد الأنف إن وجد قبل التفكير في تجميل الأنف.
ولا تظهر نتائج عملية التجميل بصورة نهائية إلا بعد مرور ستة أشهر إلى سنة بعد العملية حتى يأخذ الأنف شكله النهائي. وأخيرا فليس كل طبيب أنف وإذن وحنجرة يمكنه إجراء هذا النوع من العمليات لأنه يلزمه حضور ورش عمل خاصة والتدريب جيدا، وإذا وجد أنه يستطيع إعطاء نتائج جيدة ومأمونة فليبدأ لأن المنطقة حساسة وقليل من الخطأ يتحول إلى كثير من التشوه.