بعيدا عن الحديث حول الحالات الطبية التي تتطلب معالجة لشكل الأنف ووظيفته، فإن مشكلة «عدم الرضا بشكل الأنف» هي مشكلة عالمية بامتياز. ومن يراجع الإحصائيات العالمية التي سيجري عرضها، يدرك بالفعل حجم وأبعاد هذه المشكلة.وتفرع عن هذه المشكلة نشوء ما يعرف بـ«عملية تجميل شكل الأنف» (Rhinoplasty Surgery).
ومع وجود أعداد من أولئك غير الراضين عن شكل أنوفهم، ومع انتشار الدعايات الواسعة لإجراء عمليات تجميل الأنف، تفرع عن هذا الحل الجراحي التجميلي نشوء ما يعرف بـ«المضاعفات والتداعيات» التي تلي الخضوع لإجراء تلك العملية الجراحية.
ومن هذه «التداعيات والمضاعفات» أنواع ربما تحصل بُعيد العملية الجراحية، كالنزيف والالتهابات الميكروبية. وأنواع أخرى تحصل بعد هدوء «عاصفة العملية» وبدء ظهور النتائج الحقيقية والدائمة لها، وهي المتعلقة إما بالجانب النفسي أو بالشكل الخارجي لمظهر الأنف أو بسلامة وظيفة الأنف ضمن عملية التنفس للإنسان.
إحصائيات حديثة
وما يطرح هذا الموضوع للعرض الطبي 5 أمور أساسية يرتبط بعضها ببعض وهي:
– أولا: حقيقة الإحصائيات الطبية حول عدد حالات إجرائها بالمقارنة السنوية، خلال السنوات الـ10 الماضية.
– ثانيا: نسبة حالات ضرورة إعادة إجرائها للمرة الثانية أو الثالثة أو أكثر.
– ثالثا: ما حقيقة وجود تطورات في الأساليب الجراحية لتحسين نتائجها.
– رابعا: ملاحظة الإحصائيات الطبية للإقبال اللافت للنظر بين فئة من هم دون سن الثامنة عشرة على إجرائها.
– خامسا: شفافية المعلومات الطبية حول نسبة حصول مضاعفاتها وتداعياتها العضوية والنفسية.
وتؤكد الإحصائيات الطبية العالمية أن الولايات المتحدة تستحوذ على نحو 21% من نسبة حجم السوق العالمية لعمليات التجميل، أي أنها في المرتبة الأولى، تليها البرازيل ثم المكسيك ثم بريطانيا، ثم بقية دول العالم.
وتؤكد إحصائيات المجمع الأميركي لجراحي التجميل (The American Society of Plastic Surgeons)، إجراء أكثر من 256 ألف عملية تجميل لشكل الأنف في الولايات المتحدة، في عام 2009 وحده، منها 74% للإناث.
وبالعموم، فإن من بين جميع أنواع عمليات التجميل التي يتم إجراؤها للذكور والإناث، تعتبر عملية تجميل الأنف في المرتبة الثانية بعد عمليات تجميل الثدي. وإذا ما نظرنا إلى كل جنس على حدة، فإنها في المرتبة الثانية لدى الإناث، والأولى لدى الرجال.
وتبلغ التكلفة الإجمالية لعمليات تجميل الأنف، حسب بيانات تلك الإحصائيات، أكثر من مليار دولار. هذا عند اعتبار السعر الأدنى لهذه العملية، التي تتراوح تكلفتها في الولايات المتحدة ما بين 4 إلى 7 آلاف دولار.
ومع الإشارة إلى أن ليس كل الذين لا يرضون عن شكل أنوفهم يلجأون فعلا إلى الطبيب الجراح كي يحل لهم «معضلتهم»، بل الغالبية تتحمل ذلك إما «رضا بالمقسوم»، أو لعدم توفر القدرة المادية لإجراء العملية التجميلية، أو لعدم توفر جراح التجميل الماهر في الجوار، أو لمعرفتهم حقيقة نتائجها ومشكلاتها.
ومع الإشارة أيضا إلى أن هذه الإحصائيات صادرة عن ما يجري فقط في الولايات المتحدة خلال عام واحد، فإننا لو وسعنا النظرة، ندرك بشكل تقريبي الحجم الفعلي لمشكلة عدم الرضا بشكل الأنف في كل العالم.
إلى هنا نرى سيناريو القصة إلى حد ما «معقولا» و«مقبولا»، حيث إن هناك مشكلة في الأنف لدى البعض، ويرون ضرورة إصلاحها كي يكونوا راضين عن شكل وجوههم، وما دام يوجد حل طبي جراحي، وما دامت التكلفة المادية متوفرة لدى الشخص، فلماذا لا يجري المرء العملية التي ستزيل عنه إلى غير رجعة مشكلة يراها مهمة؟
مؤشرات سلبية
ولكن القصة ليس لها سيناريو وحيد جميل وبراق كهذا، بل ثمة مؤشرات تدل على وجود «مشكلة ما» ذات حجم مؤثر، وذلك في تبعات وتداعيات هذه العملية. وأهم هذه المؤشرات أمران يستحقان التأمل والمراجعة، وهما دواعي هذا العرض الطبي للموضوع.
– الأمر الأول، هو ما لاحظته إحصائيات الولايات المتحدة لعام 2009 من أن ثمة انخفاضا بنسبة 8% في إجراء هذه العملية في ما بين عامي 2008 و2009. وانخفاضا بنسبة 34% في ما بين عامي 2000 و2009. بمعنى أن هناك انخفاضا مستمرا في «مؤشر سوق» إجراء عمليات تجميل الأنف في الولايات المتحدة.
– الأمر الثاني، ما أثارته دراسة الباحثين من جامعة كورنيل وكولومبيا في نيويورك، والمنشورة ضمن العدد الحالي لسبتمبر/ أكتوبر (أيلول/ تشرين الأول) من مجلة «أرشيفات جراحة التجميل للوجه» (Archives of Facial Plastic Surgery)، الصادرة عن «رابطة الطب الأميركية» (AMA). وهي دراسة بحثت في الأسباب الجمالية (aesthetic) والوظيفية (functional) لطلب «إعادة» إجراء عملية تجميل الأنف (revision rhinoplasty)، أي للذين سبق لهم إجراؤها.
وذكر الباحثون في مقدمة الدراسة أن عمليات «الإعادة» هذه تشكل نحو 15% من مجموع عمليات تجميل الأنف التي تجرى سنويا في الولايات المتحدة.
وهذه نسبة متفائلة، ذلك أن الدكتور روبرت كتلر، المرشد الطبي لجراحات العنق والرأس في جامعة كاليفورنيا بلوس أنجليس ومؤسس المجموعة المتخصصة للجراحات التجميلية في بيفرلي هيز، يؤكد أن هناك احتمالا بنسبة 20% لعودة الحاجة إلى إجراء عملية أخرى لإصلاح ما خلفته العملية الأولى في شكل الأنف.
أي أننا نتحدث على الأقل عن احتمال إجراء ما بين نحو 40 ألف و60 ألف عملية إعادة إصلاح يتم إجراؤها في الولايات المتحدة وحدها سنويا.
ولاحظت الدراسة أن هناك ثلاثة أسباب رئيسية لآلاف الطلبات تلك، وهي بالترتيب من حيث النسبة: أولا، عدم تناسق وتماثل جانبي أرنبة نهاية الأنف، أي الجزء الأهم في جمال الأنف عند النظر إلى الأنف من الأمام. وثانيا، صعوبات التنفس وانسداد مجرى دخول الهواء، وهو بالفعل مشكلة.
وثالثا، اعوجاج والتواء الثلث الأوسط من الأنف، أي جزء منتصف الأنف، وهو الأهم عند رؤية الوجه من الجانب، أو ما يعرف بوضعية «بروفايل» الوجه. وهي أسباب مهمة ومنطقية لمن في الأصل همهم الأكبر جمال شكل الأنف.
الأطباء وشكوى المرضى
والشأن الآخر الذي بحثت فيه الدراسة هو مدى تطابق وجهات النظر بين التقييم الطبي المحايد وبين المريض حول مدى الوجود الفعلي للأسباب المتقدمة الذكر.
ومعلوم أن كثيرا من الناس يعتقد أن الأطباء عادة ما يختلفون في الرأي مع مرضاهم الذين خضعوا لعمليات جراحية أو تلقوا معالجات أيا كان نوعها، وذلك حينما يتعلق الأمر بشكوى المريض من نتائج عمل الطبيب الذي لا يلبي رضا المريض.
وكمثال، ربما يعتقد البعض أن الأطباء لا يوافقون على شكوى المرضى الذين خضعوا لعمليات تجميل الأنف من أنهم غير راضين عن نتائجها، نتيجة إما التشويهات التي خلفتها أو الإعاقات العضوية الوظيفية.
ولكن ما لاحظته هذه الدراسة أن الأطباء الذين فحصوا شكوى ضيق التنفس، وجدوا أن 94% من المرضى كانوا على حق! أي أن المشكلة موجودة حقيقة.
وما لاحظته أيضا الدراسة أن شكوى عدم تناسق وتماثل شكل أرنبة الأنف، وشكوى اعوجاج وسط الأنف، كانت في 80% من الحالات بالفعل موجودة وواضحة للعيان. أي أن الحاجة لإعادة إجراء العملية الجراحية التجميلية كانت ضرورية لتعديل التشويهات التي خلفتها العملية الأولى.
تحذيرات للجراحين
وكانت الدراسة منصفة جدا لهؤلاء المرضى الذين تعرضوا للأذى جراء عدم نجاح العملية الأولى، ذلك أن الباحثين خلصوا إلى قول عبارات مهمة، ليست موجهة للمرضى بل موجهة للأطباء الجراحين أنفسهم.
وقالوا ما مفاده أن «هذه النتائج تؤكد ضرورة أن يعي ويهتم الأطباء بشكوى مرضاهم وما يشغل ذهنهم بعد عملية تجميل الأنف.
كما تؤكد على ضرورة أن يبدأ الأطباء الجراحون بالاهتمام الجاد في بحث أسباب نشوء التضييقات في مجرى هواء النفَس. وأن على الأطباء الجراحين أن يشرحوا بوضوح جوانب تجميل الأنف للمرضى الذين يحتاجون إلى عملية إعادة جراحة التجميل فيه».
ويجب أن لا تتم إعادة إجراء عملية إصلاح شكل الأنف بعد إجرائها لأول مرة، قبل مضي سنة على العملية الأولى. وفق ما يؤكده الدكتور روبرت كتلر، المرشد الطبي لجراحات العنق والرأس في جامعة كاليفورنيا بلوس أنجليس ومؤسس المجموعة المتخصصة للجراحات التجميلية في بيفرلي هيلز الذي يقول بأن إجراءها قبل هذه المدة يقلل من احتمالات نجاحها في التصليح.
كما ينصح بانتقاء جراح تجميل الأنف المتخصص في عمليات إعادة الإصلاح بالذات. مع تذكر أن عملية إعادة الإصلاح ربما تكون أكثر تعقيدا من العملية الأولى.
عدم وضوح النتائج
وثمة أمر ثالث لا يقل أهمية عن الأمرين الأولين، وهو أنه لا يزال من غير الواضح، على الأقل مما هو متوفر للباحث من إحصائيات طبية، نسبة المضاعفات التي تحصل جراء العملية، ولا نسبة من هم بالفعل غير راضين عن نتائجها.
صحيح أن مصادر طب التجميل «تسرد» قائمة المضاعفات المتحملة للعملية، على المدى القصير والطويل، إلا أنه لا توجد إحصائيات دقيقة حولها.
ووجود نسبة 15% للذين يطلبون إعادة إجراء العملية هو رقم لا يدل على النسبة الحقيقية لمن نشأت لديهم تشوهات أو إعاقات وظيفية في عمل الأنف جراء العملية.
ومعلوم أن ليس كل من تحصل لديه تشوهات أو مضاعفات سيلجأ مرة أخرى لتعريض نفسه لنفس العملية. خصوصا إذا ما استحضر البعض قصص بعض مشاهير أهل فن الغناء العالمي، الذين أجروها عدة مرات، وما تسبب ذلك لهم إلا في المزيد من الأضرار والتشوهات.
كما أنه لا توجد إحصائيات دقيقة حول نسبة من هم راضون بالفعل عن نتائج شكل أنوفهم بعد العملية الجراحية، ولا حول مدى تنامي الثقة بالنفس وشكل الوجه بعد إجراء تغيير شكل الأنف، حتى ولو لم تنشأ لهم تشوهات أو إعاقات وظيفية واضحة لا مجال لإغفالها.
عملية تجميل الأنف.. ماذا يفترض أن تقدم؟
قد تكون العمليات التي خضع لها المغني الراحل مايكل جاكسون، أو التي لا يزال يخضع لها تباعا كثير من أهل الفن والإعلام في العالم أجمع، هي التي لفتت أنظار البعض إلى عمليات تجميل الأنف.
ولكن مراجعات مدونات تاريخ الطب تشير إلى أن طب «الأيورفيدا» (Ayurveda) الهندي القديم، تضمن إجراء أطباء الهند القدماء عمليات جراحية لإعادة تشكيل الأنف. وخصوصا أستاذهم الكبير، سوشروتا سامهيتا، الذي وصف هذه العملية في كتابه الذي كتبه في ما قبل 500 قبل الميلاد، الذي بالمناسبة ترجم للعربية في القرن الثامن الميلادي.
والأنف عضو يقع في منتصف الوجه، بين الوجنتين وفوق الجزء الصلب من الحنك، أي سقف الفم. وللأنف جزء خارجي ظاهر، وجزء جوفي خلفي عميق. ويتكون من نصفين منفصلين طوليا بحاجز مكون من العظم في الجزء الأعلى ومن الغضروف في الجزء الأسفل، ولكل منهما فتحة يدخل منها هواء التنفس. ويخدم الأنف في الشم، وفي ترطيب وتنقية هواء التنفس قبل وصوله إلى الرئتين.
ويتكون الشكل الخارجي للأنف من طبقة الجلد الخارجية المغلفة للنتوء (الجسر العظمي) في الجزء العلوي، وللتراكيب الغضروفية في الجزء السفلي، ولفتحتي الأنف، وللحجاب الفاصل بينهما.
وعملية تجميل الأنف يمكنها أن:
– تحقق استقامة لنتوء الجسر العظمي في الجزء العلوي من الأنف.
– إصلاح الاعوجاج أو الالتواء في استقامة وتماثل الشكل الكلي للأنف.
– إعادة تشكيل أرنبة الأنف، أو جزء مقدمة الأنف، التي إما أن تكون منتفخة بشكل بصلي، أو ساقطة بذبول، أو مرتفعة بشدة.
– تصغير أو تكبير الحجم الكلي للأنف بما يتناسق مع حجم الوجه ومكوناته.
– تغيير عرض الأنف، وخصوصا في منطقة الجسر العظمي.
– تغيير منظر الأنف حينما يرى من الجانب (البروفايل)، لإزالة إما حدبة السنام في الجسر، أو تعديل الانخفاض فيه.
– تغيير شكل فتحتي الأنف، اللتين قد تكونان واسعتان جدا أو مرتفعتان بحيث ترى من الأمام.
– تغيير شكل الزاوية في ما بين الأنف والشفة العليا.
– حالتان وطريقتان لعملية تجميل الأنف
شروط تحضيرات مهمة قبل الشروع فيها
هناك حالتان يتم اللجوء فيهما إلى عملية تجميل الأنف، هما:
– الحالة الأول: علاجية. ويكون العلاج في حالات الإصابات بالكسور، أو التهتكات الجلدية، أو عيوب عدم اكتمال تكوين الأنف منذ الولادة، أو وجود صعوبات في التنفس، أو بعد استئصال الأورام السرطانية، وغيرها من الحالات الطبية.
– الحالة الثانية: تجميلية. وهي عملية اختيارية لتجميل الأنف، التي تخضع للرغبة في تغيير شكل الأنف نتيجة لعدم الرضا بشكله.
ووفق ما تشير إليه نشرات المجمع الأميركي لجراحي التجميل (ASPS)، فإن العملية تجرى في الغالب تحت التخدير الكلي للجسم.
طريقتان للعملية
وهناك طريقتان رئيسيتان لإجراء العملية، الأولى قديمة وتسمى «الجراحة التجميلية المغلقة للأنف» (Closed Rhinoplasty) والأخرى حديثة وتسمى «الجراحة التجميلية المفتوحة للأنف» (Open Rhinoplasty).
وفي النوع المغلق يتم عمل الشق الجراحي في داخل تجويف الأنف، ثم يجري الجراح التعديلات المطلوبة لتحقيق ما يراد من العملية التجميلية. وفي النوع المفتوح يتم عمل الشق الجراحي في منطقة الجلد الفاصلة ما بين فتحتي الأنف (columella). ثم يبعد طرفا الجلد للشق، ويجري الجراح التعديلات المطلوبة من خلال هذه الفتحة للأجزاء العظمية أو الغضروفية أو غيرها.
وغالبا يفضل الجراحون النوع المفتوح، لاعتبارات مهمة في إجراء العملية بشكل أفضل، ولكن تورم الأنف والتئام الجرح يستغرق وقتا أطول في فترة ما بعد العملية.
وتستغرق العملية نفسها، أي عدا وقت الدخول في التخدير والإفاقة منه، ما بين ساعة إلى ساعتين، وقد تمتد إلى أربع ساعات في الحالات المعقدة.
شروط العملية
ويتطلب إجراء العملية أن يتم بالفعل نمو الأنف بشكل تام، وهو تقريبا ما بعد سن الثالثة عشرة أو أكثر، وكثير من المصادر الطبية تفضل إجراءها بعد سن الثامنة عشرة وليس قبلها.
هذا بالإضافة إلى التأكد من سلامة الصحة العامة للشخص، فإن من الضروري التوقف عن تناول الأدوية التي قد تتسبب في زيادة سيولة الدم وعدم تخثره بشكل طبيعي، مثل الأسبرين وغيره، لمدة لا تقل عن 12 يوما ما قبل العملية.
بالإضافة إلى الامتناع عن تناول الكحول، على الأقل لمدة أسبوع ما قبل العملية وفترة ما بعدها، إلى حين التئام الجرح، لأن الكحول له تأثير سلبي على التئام الجروح. والامتناع أيضا عن تناول مستحضرات العلاج الطبيعي المحتوية على الثوم أو زيت السمك أو الشاي الأخضر أو غيرها مما يؤثر سلبيا على تخثر الدم.
والأهم من كل ذلك الامتناع عن التدخين لفترة ستة أسابيع ما قبل وستة أسابيع أخرى على الأقل ما بعد العملية الجراحية لضمان التئام الجرح بشكل سليم. والأهم أن يكون المرء واقعيا في توقعاته لنتائج العملية في تغيير شكل الأنف. وهذه النقطة تشدد عليها كثير من مصادر طب التجميل، وتتطلب مناقشة صريحة وواضحة مع الطبيب حول وعوده بالنتائج.
مضاعفات إجراء عملية تجميل الأنف
يمكن تقسيم المضاعفات إلى أربعة أنواع: ما يحصل خلال العملية، وما يحصل بعد إتمامها مباشرة، وما يحصل مبكرا بعد إجرائها، وما يحصل على المدى البعيد. والمضاعفات إما أن تكون في وظيفة عمل الأنف، أو الالتهابات الميكروبية، أو التشوهات التجميلية، أو التداعيات النفسية، أو مضاعفات أخرى خاصة.
وبالمراجعة للكثير من مصادر طب التجميل للأنف، تشمل المخاطر الاحتمالات التالية:
– تهتك الأوعية الدموية في الأنف وحصول النزيف الدموي.
– الالتهابات الميكروبية.
– ضعف وبطء عملية التئام الجرح.
– مخاطر ومضاعفات التخدير الكلي للجسم، على القلب أو الرئة أو الدم.
– تخدير الجلد في منطقة العملية.
– تهتك وتلف الجلد، مما يؤدي إلى عدم التئام الجرح، وخصوصا لدى المدخنين.
– تغير حجم مجرى التنفس في الأنف.
– الثقب في الحاجز ما بين جانبي الأنف، أو الالتصاقات الداخلية في مجرى الأنف.
– ألم في منطقة الأنف، الذي قد يستمر لفترة طويلة.
– نشوء تشوهات الندبات الجلدية في منطقة الأنف.
– اختلال شكل ارتفاعات وانخفاضات وانحناءات الجلد في الأنف.
– تغيرات في لون الجلد، غالبا كبقع حمراء. وهذه في كثير من الحالات تزول، ولكن لدى البعض قد تكون دائمة.
– الاكتئاب.
توعية المرضى بمخاطر عملية تجميل الأنف
أحد المهتمين بموضوع تشوهات ما بعد عملية تجميل الأنف هو الدكتور دانيال بيكر، رئيس قسم جراحات تجميل الوجه بجامعة بنسلفانيا. ولقد ألف الفصل الخاص بهذا الموضوع في الكتاب الطبي «جراحات الوجه التجميلية والبنائية» (Facial Plastic and Reconstructive Surgery)، يقول إن مراجعة نتائج الدراسات التي بحثت في هذا الموضوع تشير إلى أن نسبة حدوث المضاعفات تتراوح ما بين 8 إلى 15%، وفي حال إجرائها على أيدي جراحين مهرة أو جراحين محترفين تكون أدنى من ذلك.
وهي نسبة عالية مقارنة بالأنواع الأخرى من العمليات الجراحية التي لا تقبل فيها هذه النسبة من المضاعفات، وبخاصة العمليات الحساسة، كالتي تجرى للقلب أو الرئة أو الدماغ أو الكبد أو غيرها.
وأهم ما يطرحه لتلافي وقوع مضاعفات هذه العملية والتشويهات المحتملة هو عمل الجراح على التواصل بشفافية ووضوح في حديثه وعلاجه مع مريضه، ودراسته بعناية لشكل أنف المريض وما سيقوم به من خطوات لتعديله وإصلاحه.
ولتفسير ما هو المقصود بـ«التخطيط بعناية» للعملية، يقول الدكتور بيكر: «على الجراح أن يقوم بإجراء العملية 6 مرات على الأقل للمريض الواحد»، موضحا: «الأولى: في ذهنه خلال الزيارة الأولى للمريض. والثانية: خلال المراجعة. والثالثة: بعد المراجعة الدقيقة لصور أنف ووجه الشخص قبل العملية.والرابعة: قبيل العملية مباشرة. والخامسة: خلال العملية الفعلية نفسها. والسادسة خلال مراجعاته المتكررة لنتائج العملية في المراحل التي تليها».
ويؤكد قائلا: «على الرغم من أن معظم المضاعفات قليلة نسبيا بالأرقام، وغالبا ما يمكن تعديلها، فإن التشوهات التي لا يمكن تعديلها ولا إصلاحها يمكن أن تقع بالفعل».
وذكر قصة أحد أساتذة جراحة تجميل الأنف، الذي سئل في نهاية مشواره العملي وبعد إجرائه آلاف العمليات تلك: ما عدد العمليات «المتقنة» التي قمت بها؟ أجاب بعد تفكير: «عمليتان فقط». وعلق على هذا الكلام بالقول: «يجب أن نضع في الذهن أن هناك الكثير من الحالات التي يلحظ الجراح أن ثمة خللا في النتائج، وهو ما لا يلحظه المريض أو ما لا يبدي اهتماما به».
ومن المهتمين أيضا بهذا الموضوع، الدكتور فالنتاين فيرناندز، كبير استشاريي جراحة الأنف والأذن والحنجرة بجامعة نيوكاسل في أستراليا. الذي يقول في إحدى مقالاته الطبية الحديثة في أبريل الماضي، إن «نسبة مضاعفات عملية تجميل الأنف تتراوح ما بين 4 إلى 19%. منها 10% في الجلد والأنسجة الأخرى للأنف نفسه. ونسبة المضاعفات الشديدة بالجسم (severe systemic) أو المهددة لسلامة الحياة (life-threatening) تتراوح ما بين 1.7 و5%».
وتحدث أطباء «المجمع الأميركي لجراحي التجميل» بصراحة خلال مخاطبتهم عموم الناس، عن المخاطر المحتمل حصولها خلال وما بعد إجراء عملية تجميل الأنف.
وقالوا إن «قرار الخضوع لعملية تجميل أمر شخصي، وعلى الشخص أن يقرر ما إذا كانت الفوائد ستلبي أهدافه، وما إذا كان وقوع المخاطر المحتملة مقبولا لديه. والطبيب الجراح، أو فريقه، سيشرحون بالتفصيل المخاطر المرتبطة بإجراء العملية. وسيطلب من الشخص التوقيع على إقرار للتأكد من أنه استوعب بشكل تام العملية التي ستجرى له وأي مضاعفات من المحتمل حصولها».