إذا كنا نحرص دائما علي اتباع قواعد الذوق وآداب المعاملة في كل شيء في حياتنا في الطعام, توجيه الشكر, تبادل الهدايا, التحية, في العمل مع الآلات الساكنة من الفاكس والبريد الإلكتروني والتليفون أو حتي أثناء دخول الحمام,
فمن الأولي أن نعرف قواعد الإتيكيت مع الأشخاص ليس فقط الأصدقاء أو في مجال العمل مع الرؤساء والزملاء ولكن مع الجيران أيضا.
ومن أصول الجيرة الطيبة:
– دائما وأبدا تطبق ‘القاعدة الذهبية’ أحب لغيرك ما تحب لنفسك أو عامل غيرك كما تعامل نفسك.
– احترام خصوصياتهم.
– التسامح ومناقشة المشاكل معهم أو مصادر المضايقة إن وجدت بشكل مباشر, لا تستخدم الوساطة.
– عدم التدخل الشديد في أدق تفاصيل حياتهم ما لم يطلب منك ذلك فكل له حياته الخاصة و أصدقاؤه الذين لا يكونون أصدقاء لك أو لهم.
– إياك والضوضاء وما يسببه الأطفال من إزعاج عند الصراخ ورفع الأصوات, ولا يقتصر ذلك علي أصواتهم بل أصوات الراديو والتليفزيون والكاسيت خصوصا في أوقات الليل المتأخرة.
– وإذا كنت من هواة تربية الحيوانات أو لديك أطفال حديثو الولادة.. ستسأل ماذا أفعل معهم فمن الصعب التحكم وإسكاتهم أو السيطرة بسهولة علي الحيوان, تهدئة الطفل أو الحيوان الأليف وإغلاق النوافذ هما الحل!!.
- القمامة من الأمور المزعجة أكثر من الضوضاء فهي تؤذي حاسة الشم والبصر ناهيك عن الأمراض التي تسببها بالإضافة إلي اتساخ المنزل.
– الجيرة ليست هي جيرة المنزل والسكن, فإذا دققت في معني الجار أي الشيء المجاور لك سواء في سكن, في مكان عام, في النادي, علي الشاطئ أو من يكون بجوارك بالشارع. و كل هذا له قواعده مثل المنزل تماما التزام الهدوء و النظافة.
- أخلاقيات غائبة
الدكتور إسماعيل الدفتار أستاذ السنة النبوية يؤكد أن الآداب والتوجيهات الإسلامية إذا سادت بين الناس عموما قضت علي كل أسباب النزاع والخلاف وأنهت التجاوزات والمشاحنات اليومية التي نشاهدها في شوارعنا وأماكن العمل وجيران السكن, وكل من نتعامل معهم طوال اليوم, فالإسلام أمرنا بالتسامح والرحمة وفرض علينا أن نتعاون مع كل من تفرض علينا الظروف أن نتعامل معهم ونلتقي بهم, ولكن للأسف لم تعد هذه القيم والسلوكيات والأخلاق الإسلامية هي التي تحكم تصرفاتنا وعلاقاتنا بزملاء العمل وجيران السكن ومن نذهب إليهم لقضاء مصالحنا وإنجاز أعمالنا حيث يعتقد البعض أن العنف والبلطجة هما الأسلوب الأمثل لأخذ الحقوق.
ويؤكد الدكتور الدفتار أن واقعنا الاجتماعي المتردي يجب أن ينبهنا إلي حقيقة مهمة وهي أننا نسير في الاتجاه المعاكس وأن استمرار التمرد علي قيم ومبادئ وأخلاقيات الإسلام سيقودنا إلي مزيد من المشكلات والأزمات.
- ضعف الروابط الاجتماعية
الدكتورة عزة كريم أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية تؤكد أن ضعف الروابط الاجتماعية بين الجيران يؤدي إلي كثرة المشكلات بينهم وتقول: لم تعد العلاقة بين الجيران قوية كما كانت في الماضي ولذلك ضعفت الروابط الاجتماعية ومن الطبيعي في ظل سيطرة الأنانية والغيرة والحسد وغياب القيم والآداب الإسلامية أن تتعدد المشكلات وتتنوع وتصل للأسف إلي أقسام الشرطة وأجهزة التحقيق, ولو كان الجيران يقومون بواجباتهم في الإصلاح بين المتنازعين ويعطون لكل ذي حق حقه, ما وصلت هذه المشكلات إلي أجهزة الأمن والنيابة.
وترجع الدكتورة عزة كريم سوء العلاقة أو ضعفها بين الجيران إلي سيطرة مفاهيم وقيم نفعية علي سلوكيات الناس, فالغيرة طبيعة بشرية لكنها بدلا من أن تدفع الإنسان إلي أن يعمل ويكدح ويحسن من دخله ويرتقي بواقعيه الاقتصادي والاجتماعي تدفعه للأسف إلي رذيلة الحسد والحقد علي جيرانه, فمن يمتلك منزلا أو شقة سكنية متواضعة يحقد علي من يمتلك مسكنا أفضل منه, ومن يمتلك سيارة قديمة ومتواضعة يحقد علي من يمتلك سيارة حديثة, ومن يحضر لأولاده طعاما جيدا يحقد عليه جيرانه من أصحاب الدخل المحدود, وهكذا.
لكن لو آمن كل هؤلاء بأن الرزق بيد الله, وأنه وحده هو الرازق الواهب, وأن واجب الإنسان أن يعمل ويكدح ويحسن من وضعيه الاجتماعي والاقتصادي بدلا من أن يحقد علي غيره, لو فعل كل إنسان ذلك ورضي وقنع بما رزقه الله به لقلت المشكلات بين الجيران.
وأشارت الدكتورة عزة كريم إلي أن التجمعات السكنية الحديثة التي تضم فئات بينها فوارق كبيرة من ناحية المستويين الاجتماعي والثقافي تساعد علي وجود تنافر وخلافات مستمرة بين السكان, فالعمارات والأبراج السكنية الضخمة والفاخرة أصبحت للأسف تضم نوعيات غريبة من الناس, وليس كل من يملكون المال لديهم الوعي الاجتماعي والثقافي والديني الذي يفرض عليهم معاملة جيرانهم بأسلوب حضاري.