اصبح من الصعب مؤخرا العثورعلي جريدة واحدة للاطلاع عليها في بيت من بيوت الأزواج الشباب بعد أن اصبحت قراءة الصحف بالنسبة لهم طريقة عقيمة لاستقاء الأخبار, فالفضائيات والإنترنت والفيس بوك خطف اهتمامهم
فالأخبار تنشر فور حدوثها, فضلا عن الحياة التي تدب في الخبر بسبب التعليقات الفورية الطريفة علي الأحداث والتي يتدوالها الشباب علي البلاك بيري فما بالك باطفالهم الصغار الذين يقتدون بهم في كل شئ.. فهل سيشب جيل المستقبل جاهلا بقيمة القراءة, فاقدا لثرائها وفنونها؟ لم يفاجئ د. عزة هيكل استاذ الأدب المقارن باداب القاهرة والكاتبة هذا السؤال فقالت: بعد الثورة التي اشعلتها صفحات الفيس بوك ازداد تقدير المجتمع بمختلف طبقاته للانترنت واصبح من النادر ان نجد شابا يمسك بجريدة لمعرفة مايدور في الوطن وفي العالم. وتشير الدراسات والاحصاءات العالمية الي ان جمهور قراء الصحف الحالي لاتقل اعمارهم عن الخامسة والخمسين وما فوق وان19% من الشباب فقط هم الذين مازالوا حريصين علي شراء الصحف في الغرب. ويقول فيليب ماير مؤلف كتاب الصحافة الضائعة ان من المتوقع ان تكون اخر صحيفة توضع علي باب قارئ عام2043..
ولذلك حرصت الصحف الشهيرة علي ان يكون لها موقع او بوابة الكترونية علي الانترنت, وهذا التطور التكنوجي كما ــ تستكمل د. هيكل تعليقها ــ له ايجابياته ولكن له ايضا سلبياته المؤثرة علي افراد المجتمع فماذنب النشء الجديد الذي سيحرم من متعة قراءة الصحيفة وتفقد صفحاتها وابوابها المألوفة و المفضلة لديه ومن متابعة كتابها والاستفادة من تعليقاتهم وتحليلاتهم المتخصصة, وعشاق قراءة الصحف يختلفون في ترتيب قراءة صحيفتهم المفضلة فمنهم من يبدأ بالصفحة الأولي لمعرفة اهم الاخبار, ومنهم من يتصفحها بالعكس بل ويبدأ بالصفحة الأخيرة ليقرأوا اولا الوفيات حتي لاتفوتهم مجاملة اصحابها, واخرون يبحثون عن الإثارة فيفتحون صفحة الحوادث أولا أو يقرأون مشاكل القراء ثم ماذا عن اخبار النجوم والفن والصفحات المتخصصة كالمراة التي تناقش مشاكلها الأسرية وأخبار الادب وآخر ماظهر من كتب. كل هذا التنوع يجده القارئ في صحيفة واحدة يقضي معها ساعة اواثنتين من وقته يستمتع فيها بالقراءة المتأنية لما يثير اهتمامه,
كما ان الاعتماد علي المواقع الإلكترونية له عيوبه فاخبارها تفتقد الي العمق والتحليل واحيانا يكون مشكوكا في مصداقيتها وغالبا ما تعتمد معظمها علي الاثارة والترويج لسياسات أو افكار معينة, بالاضافة إلي انها لا تترك للمتلقي حرية اختيار الموضوعات التي يقرأها فما تقدمه له يقرأه, كما ان ترك اطفالنا للكمبيوتر يؤثرعلي اقبالهم علي القراءة ويعلمهم التسرع فهو يحصل علي المعلومات في كبسولة كما يقال قد تنقصها التفاصيل. وتؤكد د. هيكل ان الحل الأمثل لمقاومة اندثار القراءة هو تدريب الطفل عليها يوميا لتفجير قدراته علي الفكر والتحليل بالاضافة الي ضرورة تعويده علي الاعتزاز بكتبه في كل مرحلة من مراحل حياته والاحتفاظ بها, فكل كتاب يتعلم فيه الطفل يحمل له عبقا وذكريات وقد يساهم هذا الارتباط تأصيل عادة القراءة لديه ويستفز فيه موهبة الكتابة ومن يدري ربما يصبح مؤلفا عبقريا يثري الادب بمؤلفاته ويفخر به وطنه.