يقضى الطفل أغلب يومه فى المدرسة ؛ لذلك فهو لايريد أن يعود إلى مدرسة أخرى فى البيت ، ولهذا على الأم أن تضع لنفسها سياسة تتبعها قبل بداية العام الدراسى تحرص فيها على عدة أمور مهمة لتخفيف عبء المذاكرة والواجبات على الأبناء..
ترسم إيمان محمد عبد الرحمن، الخبيرة التربوية، الخطوط العريضة لهذه السياسة على صفحات مجلة الزهور في صورة نصائح تقدمها لكل أم ..
1-أن تقنع نفسها بأن هذه العملية ممتعة للغاية ؛ لكى تسطيع القيام بها على أحسن وجه ، وأن تحب هذا العمل ، وتقنع عقلها اللا واعى بذلك ، وتتذكر أنها تقوم ببناء إنسان كرمه الله وخلقه وجعلها هى قائمة على ذلك ، فإن قامت بها بحب واستمتاع فستؤجر وستنجح وسيكون الناتج النهائى رائعاً إن شاء الله.
2- أن تحسن تنظيم وقتها وإدارته، وأن تخصص وقتاً للمذاكرة لأطفالها ، وأن توفر فى هذا المناخ المناسب فلا تجعله محض مذاكرة فقط ، بل يجب أن تدخل فيه من وسائل المتعة ما يهيىء عقل الطالب للعملية التعليمية ، وتكرس عن طفلها أهمية هذا العمل بأن تعطيه كل اهتمامها أثناء عملية الاستذكار.
3- أن تقوم فى أى وقت ، سواء بعد انتهاء وقت المذاكرة أو فى الصباح أثناء وجود الأبناء فى المدرسة، بعملية تحضير لما سوف تدرسه لهم فى اليوم التالى حتى تكون أكثر تمكناً واستعداداً لإدخال أفكار إبداعية إليهم .
4- أن تتحلى بالصبر والحلم ؛ فهما من أهم الوسائل لإيصال المعلومة ، وعليها أن تعلم أن ما تجده سهلاً وبسيطاً قد يكون صعباً وغير واضح للأبناء ، وبالتالي عليها أن تنزل إلى مستواهم فى التفكير وأن تكون هناك سعه صدر حتى يتمكن الأبناء من التعبير عن عدم فهمهم لنقطة ما ، فتستطيع أن تكررها عليهم مرة أخرى.
5- أن تراعي قدرة الطفل على مواصلة الاستذكار تبعا لسنه ومرحلته العمرية ، فطفل الثمانى سنوات يستطيع أن يستوعب من خلال فترة أطول من طفل الخامسة ، ويجب أن تتوقف هى قبل أن يطلب منها هو ذلك ، ولكن لا بأس إن طلبها .
لا تقتطعي من وقت أخيه
6- إذا كان هناك طفلان فى مرحلتين من التعليم فعليها أن تقسم العمل بينهما ، فلا تذاكر للأول ، ثم يأتى الثانى فى المنتصف ليسألها فتبدأ العمل معه ، وتخصص لكل واحد منهما وقته الخاص به ، فمثلا تطلب من الكبير حل ما كلف به من واجبات مدرسية ، وفى الوقت نفسه تقوم هى بالشرح للأصغر ، ثم بعد الانتهاء منه تكلفه بعمل ، أو توفر له أسلوباً من أساليب المرح ؛ حتى تستطيع إنجاز واجباتها مع الطفل الآخر، ولا بد هنا من ملاحظة مهمة جداً أنها عندما تكون مع أى من الطفلين لابد أن توليه كل اهتمامها ، وعندما تتكلم معه أو يكلمها لابد أن تنظر إليه باهتمام بالغ ، فهذا يرسخ عنده الثقة بالنفس وأنه محل اهتمام الآخرين ، ولا تقتطع من وقته لأخيه حتى ينتهى وقته المخصص له.
7- أن تعلم أن كل واحد منا يحتاج إلى التشجيع والثواب باستمرار ؛ فعليها ألا تنسى أن تقدم مكافأة بين الحين والآخر ، ولا تغفل هذا الجانب حتى تحصل على نتائج مذهلة ، وليس من المهم أن تكون هذه المكافآت غالية الثمن أو شيئاً مادياً ، ولكن يمكن أن تكون كلمات أوأشياء رمزية .
8- الأم بذكائها تستطيع أن تدخل فى عقل طفلها اللاواعى أن المذاكرة شىء عظيم جداً ، وأنها من الأهمية بمكان ، وذلك باستمرار حديثها عن أن كيان الإنسان يكبر بالعلم ولا مانع من أن تجعل المذاكرة نفسها فى كثير من الأحيان وسيلة للثواب ، فمثلاً عندما يهمل عمل شىء تقول له ذاكر: لن أذاكر لك اليوم، فهذا مع تكراره يرسخ فى عقله اللاواعى أن المذاكرة هى أحسن ثواب يستطيع الحصول عليه ، فيحب المذاكرة تدريجياً فتجد نفسها لا تبذل جهداً كبيراً فى جعله يقبل على الاستذكار والتفوق.
9- أن توفر وسائل تسلية عديدة للاستذكار بأسلوب شائق ، مثلاً : لطفل ما قبل المدرسة لا يوجد مانع من وجود وسائل للمذاكرة شائقة كبطاقات الحروف والأرقام وهى متوافرة بصورة أو بأخرى فى المكتبات ، كما يجب عليه مراعاة ما إذا كان هناك طفل صغير جداً ، فلابد من توفير وسائل تسلية له حتى لا يعيق أو يشتت تركيزها مع إخوته ، ويستحسن أن تكون أشياء من جنس العملية التعلمية مثل كراسة رسم وألوان ، فهذا يساعدها فى المستقبل .
مهام تصنع النجاح
10- ان تهيىء الأم دائماً لأولادها فرصاً للنجاح عن طريق تكليفهم بمهمات محددة تتناسب مع أعمارهم ، حتى يتكون عندهم إحساس مبكر بالمسئولية والثقة بالنفس ، ولا بأس من أن تكون هذه المهمات داخل البيت.
11- إلقاء نظرة على تكليفاتهم المدرسية وواجباتهم حتى تتأكد من أنهم يفهمون أخطاءهم التى أخذها عليهم المعلم ، لذا عليها أن تحرص على التواصل مع معلميهم فى المدرسة.
12- تخصيص مكان محدد للمذاكرة وعمل الواجبات ، وأن تغير وتعدل ديكور المكان باستمرار بما يدخل السرور والبهجة عليهم ، وقد يساعدها ذلك أحياناً فى إيصال معلومات معينة كأن تعلق لوحة لخريطة ما يجد ابنها صعوبة فى استيعابها ، وأن تلقى عليها النظر باستمرار وتحدد لطفلها مكان وطنه فى العالم ، وتتحدث معه باستمرار عما يدور من أحداث الساعة ، فهذا سيساعدها كثيراً فى شرح الدراسات الاجتماعية.
13- الحرص على تكوين مكتبة منزلية فى البيت ومكتبة صغيرة في مكان الاستذكار ودعمها باستمرار بالمشاركة معهم ، من خلال تدريبهم على ادخار جزء من مصروفهم لشراء قصة أو قاموس ، أو بعض المراجع الصغيرة التى تساعد فى شرح الكلمات والأفكار الصعبة التى تواجههم أو توجهها ، وتشترى لهم أو تشترك معهم فى شراء بعض مجلات الأطفال التى تناسب عمرهم وتكون مفيدة لهم فى الوقت نفسه ، على أن تجمع الصغير مع الكبير في هذه المكتبة لأن ذلك ينمى العلاقة بينهما بشكل كبير .
وختاماً نقول : إن العلم هو هدف كل أم وأب فى التعامل مع أولادهما ليحفظوا لنا الزمن القادم وأجياله ، ولا يستهان بدور الأم فى التربية ، وكذلك لا تستهن الأم بنفسها ففى كتاب ( عظماء اشتهروا بأمهاتهم ) ليحيى حسين ، ذكر فيه شخصيات أثرت فى التاريخ وغيرت مجرى الحياة والسبب تربية البيت ، ولقد أكد الدكتور ماجد الكيلانى فى تحليله لشخصية صلاح الدين أن سبب تميزه كان التربية التى تلقاها فى منزله وخاصة من أمه ، وكذلك سفيان الثورى نشأ يتيماً ، وكان سر تفوقه أمه التى كانت تقول له : ” يا سفيان اطلب العلم وأكفيك أنا الرزق من خلال المغزل.”