كل فرد ميوله واتجاهاته ورؤيته في البحث وانتقاء النمط الذي يتوافق مع ذاته، ويجد فيه أجواءه، والذي يساعده على ذلك، هو تنوع هذا العالم الجمالي الذي يختزن في طياته الكثير من مفاهيم ومعان هندسية وخطوط فنية متعددة، يستطيع عبره المرء أن يجلب مشاهد تاريخية وتراثية غارقة في الثراء ومتشحة بالمنمنمات والزخارف الدقيقة أو ينطلق إلى رحاب العصرنة والتطور المتسمين بالبساطة والعملية.
حيث لا تكتمل الصورة واللوحة المنشودة ما لم يتم الربط بين عناصر الديكور ومفرداته بطريقة متوازنة ومنسجمة مع بعضها البعض وفق أسس منهجية صحيحة. ففي أجواء ساحرة وفريدة على بحر الممزز في الشارقة حيث ترسو على شواطئه مفاهيم غارقة في الهدوء والراحة، يطل بيت د. صبحي دجاني لتكتمل اللوحة والمشهد الفني الراقي الذي أرادها المالك، كقطعة تعبر عن منظر البحر الساحر لحظة غروب الشمس في أعماقه، لينسج من خيوطها وألوانها الدافئة تفاصيل وفراغات مملكته.
راحة وسكينة
ودائما ما يعكس ديكور المنزل شخصية قاطنيه، الذين يبحثون عن ذاتهم وراحتهم خلف الأبواب الموصدة، حيث الراحة والسكينة والهدوء، ولذة التواجد في أحضان منزل، منفرد بذوق، ورؤية ملاكه، مع خلق نوع من التمازج بين محطات مسطره بالثراء والأناقة لاستقبال الضيوف وأخرى نسجت بمفهوم الاسترخاء المطوية بنمط عملي بسيط. ولعل ما يتميز به هذا البيت، أنه مصمم على أنظمة هندسية حديثة، قائمة على فتح المكان على مصراعيه وعمل بعض الحواجز أو الفواصل من مواد ديكورية لا تسهم في حد البصر أو كسره وإنما تعمل على رسم أبعاد جمالية رائعة ومريحة ومتسلسلة تنقل المرء ببصره من مكان إلى آخر ومن زاوية إلى أخرى، ما يتيح لأصحاب المنزل التعامل مع الفراغات المفتوحة بمزيد من الحرية والانطلاق ووضع الأفكار ومرونة تغير أماكن ومفردات الأثاث من حين إلى آخر، والأمر متاح، أيضا لوضع نوعين مختلفين من الأثاث في ذات الصالة، أي يمكن تقسيم الصالة إلى عدة أجنحة كاستخدامها كجلسة عائلية من جهة ووضع طاولة الطعام من جهة أخرى في ذات المكان، مع وجود ممرات فسيحة لاستيعاب الحركة الدائمة في ردهاته.
ألوان ترابية
وقد حاول ملاك المنزل أن يستغلوا كافة جدران الردهات الداخلية بطريقة فنية رائعة، ما خلق نوعا من التنوع في أجزاء المكان لكن لم يخرج عن روح المكان ونمطه. فنجد كافة عناصر الديكور موشحة بالألوان الترابية، سواء كانت الأرضيات، أو الجدران، وقطع الأثاث والإكسسوارات. كما يحرص ملاك المنزل على المزج بين التدرجات اللونية التي ظلت محافظة على إطارها وحدودها، دون إقحام ألوان أخرى قد تسبب نوعا من النشاز، أو تسهم في تسلل الملل إلى أجواء البيت. حيث يشي المدخل بالأناقة في ظل وجود كونسول بسيط تعلوه مرآة مربعة الشكل ويتكىء عليها عدد من قطع الإكسسوارات الثرية، محققة نوعا من التوازن فيه، ويقودنا هذا المدخل إلى بهو مستطيل الشكل، والذي منح إيقاعا بالاتساع وامتداد الرؤية، وهو يطل على مدخلين بأقواس واسعة مشبعة بزخارف جبسية كلاسيكية الطابع، لنلج عبره إلى مساحة الاستقبال الرئيسية المفعمة بالكلاسيك الحديث، والممتدة على مساحة جداريه واسعة، ونظرا لكون الفراغ مستطيل الشكل، فإنه جعل هناك سهولة في توزيع مفردات الأثاث فيه، فقد وزعت في الفراغ جلستان في كل زاوية من الفراغ وتم فصل المحطتين بأريكة مستطيلة الشكل وضعت بطريقة عرضية، فيما تأخذنا المحطتان من صالون الاستقبال إلى تصميمين مختلفين حيث يتألف الجزء المطل على الشرفة من أريكة تتسع لما يزيد على أربعة أشخاص، ومصمم على شكل حرف “ل”، فيما يقابله مقعد لشخص واحد من البيج، مكسوة بمخمل باللون البيج الفاتح فيما تحتضن الوسائد المربعة التي اتخذت عدة ألوان منها الكحلي الداكن والبيج والبني المحروق والعسلي، هذه الألوان المستوحاة من لوحة معلقة كخلفية على جدار الجلسة، الأمر الذي أثرى الجلسة وأكسبها تنوعا لونيا جميلاً، ويتكىء مقعد آخر على الجدار الجانبي باللون البني الداكن وتتوسط الجلسة طاولة مستطيلة من الخشب تتسم ببساطتها ونعومة تصميمها، كما تتوزع في الزوايا مناضد صغيرة فيما تفترش الطاولة قطعة من السجاد، وتعلوها آنية وقطعة من الإكسسوار.
جلسة ثرية وبسيطة
كما تسدل ستارة بسيطة وناعمة من الشيفون خلف الجلسة، ويتداخل فيها اللونان البيج والبني، حتى لا تحجب الإنارة الطبيعية. وفي الجهة المقابلة للجلسة يقبع صالون آخر، بألوان أكثر دفئاً، ويتكىء على جدار طُلي بصبغة بنية والجدار المقابل باللون الحلبي الداكن. وقد جاءت هذه الجلسة عريضة ثرية وبسيطة، حيث يلفها من الخارج قطعة من الجلد الممزوج باللون الداكن العسلي، المستمد من خامة المقعد من الداخل، والمغطى بالمخمل فيما أثريت الجلسة بقطع من الوسائد المزخرفة. ولم تخل الجدران أيضا من اللوح الأقرب للتشكيل منها لموضوع وفكرة معينة، وقد أثرت الجدران العارية، وأكسبتها بصمة فنية ليكتمل بها المشهد. كما شُغلت الزاوية بساعة قائمة في بيت زجاجي ذي إطار خشبي، لتعود بنا عقارب الزمن إلى الوراء مجددا وإلى رحابة الكلاسيك.
كما يطل صالون الاستقبال الرئيسي على فراغ خارجي لتكون محطة للطعام، حيث يتألف الفراغ من طاولة مستطيلة الشكل وبسيطة من الخشب الداكن تحتضن ثمانية مقاعد مكسوة بالمخمل ومستوحاة من تفاصيل الجلسة الرئيسية، لتخلق أجواء أكثر اتساعا ورحابة.. وعلى الجدار الجانبي لطاولة الطعام هناك مرآة مستطيلة الشكل بإطار خشبي، وزعت على جوانبها إنارة جدارية.
بيئة رومانسية حالمة
تحلق اللمسات الجمالية في فراغات المكان من خلال تصاميم متنوعة لمفردات الأثاث المرهونة بالفخامة والأناقة، فقد يشهد الزائر زاوية أمام السلم عبارة عن كرسيين، أقرب من الشكل الفنتازي في تصميمهما حيث يرتديان فراء النمر، في حين تفترش المكان قطعة من السجاد أشبه بفراء حيوان. ولم تخل الرتوش الأخيرة التي تكسبت المكان تفاصيل أكثر جمالا وفخامة، ومنها الشموع، فعدا عن وظيفتها الأساسية في إنارة المكان، فإنها وسيلة تتمتع برائحة عطرية خاصة، تحمل رائحة الفواكه ومنها برائحة الورد وبعض روائح العطور على اختلاف أنواعها. فالشموع على اختلاف أشكالها، أصبحت جزءا لا يتجزأ من إكسسوارات البيت. فسرعان ما تخلق بيئة رومانسية حالمة وهادئة لتصيغ رائحتها بحروف التميز في زوايا المكان.