منْ يدق اليوم ناقوس الخطر، من خلال عرض التأثيرات الصحية لالتزام الزوجة بالصمت عند حدوث المشاحنات الزوجية، من نوعية “صمت الحملان”، هم الباحثون الطبيون من ولاية ميريلاند الأميركية، ذلك أن دراستهم الأخيرة حول صحة وسلامة أولئك النسوة، تقول بصريح العبارة: ان معدلات الوفيات بين النساء اللواتي يلتزمن جانب الصمت أثناء المشاجرات الزوجية تبلغ أربعة أضعاف الوفيات بين غيرهن من النساء اللواتي لا يلجأن إلى الصمت والتحمل على مضض لكل ما يجري في تلك المواقف.
ولذا فإن النسوة اللائي يُجبرن أنفسهن على الهدوء والتزام جانب الصمت وتحمل كل إهانات الزوج أثناء المشاجرات الزوجية عليهن أن لا يعتقدن بأنهن يُحسن صنعاً بذلك، بل عليهن إعادة التفكير في ما يُمكن أن يكون من عواقب لذلك على صحتهن وسلامة أرواحهن، إذْ بالإضافة إلى ارتفاع خطورة الوفاة جراء إجبار المرأة لنفسها على الهدوء خلال المشاحنات الزوجية، فإن خطورة الإصابة بالاكتئاب وبحالة القولون العصبي ترتفع كذلك بين أولئك النسوة.
ليس هذا فحسب، بل إن إصابات الأزواج بأمراض شرايين القلب أعلى بما يُقارب ثلاثة أضعاف، حينما تأتي زوجاتهم إلى المنزل وهن منزعجات من المنغصات التي يواجهنها في عملهن الوظيفي.
وهما نتيجتان دفعتا الباحثين من الولايات المتحدة للقول، في دراستهم المنشورة ضمن العدد الحالي لمجلة الطب البدني النفسي، بأن التواصل بين الأزواج والزوجات، والتناقضات والمشكلات الناشئة في ما بينهم، مرتبطة بالتسبب في تأثيرات صحية عكسية أو إيجابية على قلوب كل من الرجال والنساء.
القلوب والزواج
وكان الباحثون قد صرحوا بأن الغاية من دراستهم هي تحديد ما إذا كان الزواج بحد ذاته، أو التوترات والمشاحنات فيما بين المتزوجين، لهما علاقة بالإصابة بأمراض شرايين القلب وبالوفيات. وأرادوا الوصول إلى نتيجة من خلال متابعة، لشريحة واسعة من المتزوجين والعزاب، لمدة عشر سنوات.
وقالوا أن الدراسات السابقة كانت قد أوضحت، بما لا يدع مجالاً للشك، أن ثمة ارتباطاً بين التوترات الزوجية وتطور الإصابات بأمراض القلب نحو الأسوأ لدى المرضى من الجنسين.
إلا أن القليل من الاهتمام البحثي قد تم توجيهه نحو فحص العلاقة بين أنواع وتفاصيل معينة من التوترات الزوجية، وسلوكيات الأزواج والزوجات حيالها، وبين الإصابة بأمراض شرايين القلب أو معدلات الوفيات بشكل عام ولأي سبب كان.
وتمت الدراسة بالتعاون مع باحثين من قسمي القلب والأعصاب بكلية الطب بجامعة بوسطن وبدعم من المؤسسة القومية للقلب والرئة والدم. وقامت الدكتورة إلينا إيكر، الباحثة الرئيسة في الدراسة من مركز إيكر لمشاريع الدراسات الطبية الوبائية في غيثيرسبيرغ بولاية ميريلاند، وفريقها بمتابعة حوالي 3700 رجل (48%) وامرأة (52%) ، ممن هم ضمن شريحة المشمولين بالمتابعة في دراسة نسل فرامنغهام Framingham Offspring Study .
وبالرغم من أن غالبية المشاركين كانوا في مرحلة الأربعينات أو الخمسينات من العمر عند بدء الدراسة، إلا أن المدى الفعلي لأعمار المشمولين في الدراسة تراوح ما بين سن 18 و 77 سنة. ومن بينهم، كان حوالي 3000 شخص من المتزوجين، والبقية من العزاب.
والمعلوم أن دراسة فرامنغهام إحدى الدراسات الطبية الواسعة والمستمرة منذ حوالي خمسين عاماً حتى اليوم، والغنية بالمعلومات للباحثين في تتبع الإصابات بأمراض شرايين القلب وفق دراسة مدى تأثير عوامل مرضية وبيئية متنوعة على مجموعة من آلاف الأشخاص من سكان مدينة فرامنغهام في ماساتشوسس بالولايات المتحدة. والدراسة مستمرة بشمولها نسل الشريحة الواسعة تلك.
و تم في البدء رصد حالة الزواج والتوترات في العلاقة بين المتزوجين ومدى تفشي عوامل خطورة الإصابة بأمراض الشرايين القلبية، مثل السمنة وارتفاع ضغط الدم والتدخين ومرض السكري وارتفاع الكوليسترول.
ثم في خلال مدة عشر سنوات، تمت متابعة نسبة الإصابات بأمراض القلب أو بالوفاة لأي سبب كان، لمعرفة دور الزواج والتوترات في العلاقة الزوجية ونوعية سلوكيات المتزوجين في التفاعل معها. وذلك لمعرفة تأثيرها في خفض أو رفع الإصابات بأمراض القلب أو في الوفيات عموماً.
الزواج ليس المشكلة
وضمن النتائج التي توصل إليها الباحثون، بعد تحليل المعلومات المتعلقة بالرجال والنساء المشاركين، تبين بشكل مُؤكد أن الزواج بحد ذاته شيء صحي ومفيد للرجال.
والأشد أهمية بالنسبة للأزواج هو أن نسبة الوفيات بين الرجال المتزوجين كانت أقل بنسبة تتجاوز 50% مقارنة بوفيات غير المتزوجين من الرجال. وفي المقابل، وبالنظر إلى النساء المتزوجات، لم يلحظ الباحثون تلك التأثيرات الإيجابية العالية للزواج فيهن أو في صحة قلوبهن.
كما لم يلحظوا في نفس الوقت أن لـ “توترات الاختلافات الزوجية” marital strain تأثيرات سلبية في قلوب الزوجات. بيد أن الباحثين رصدوا حالتين مختلفتين من تلك المشاكل والمشاحنات الزوجية، ذوات تأثيرات مختلفة وغاية في السلبية على قلوب النساء من جهة وعلى قلوب الرجال من جهة أخرى.
الأولى هي حالات الرجال الذين تشكو و”تتعصب” زوجاتهم من مشاكل أعمالهن الوظيفية والصعوبات التي يُواجهنها فيها. والثانية هي حالات الزوجات اللواتي يلتزمن جانب الصمت حال معايشتهن لمشاكل ومشاحنات زوجية.
وقالت الدكتورة إيكر إنها المرة الأولى التي يُنظر إلى تأثير كل من صعوبات الزوجة في عملها الوظيفي وإلى التزام الزوجات بالصمت حال المشاحنات الزوجية، كعوامل ضمن ما يُعرف باسم “توترات الاختلافات الزوجية” في دراسة متابعة طويلة الأمد لمعرفة مدى الإصابة بأمراض شرايين القلب أو للوفيات.
وأضافت بأن النتائج “فريدة”، وأنها، وفريق البحث معها، يعتقدون أنهم بذلك وجدوا علامات مميزة وواضحة في الحياة الزوجية لها تأثيرات على صحة المتزوجين والمتزوجات ومدى طول أعمارهم. وقالت الدكتورة إيكر إن من المهم صحياً تعلم كيفية التصرف أثناء الخلافات الزوجية للتخفيف من توتراتها وتداعياتها على الصحة.
وربما تُفيد جلسات المشاورة مع المختصين النفسيين في ذلك. وعلى الأطباء التنبه إلى احتمال وجود خلافات زوجية بين مرضاهم، كي يتم تحويل الزوجين إلى المتخصصين في معالجة مثل هذه الأمور.
كما طالبت أن تكون هناك فوائد طبية عملية وتطبيقية لمعرفة مثل نتائج هذه الدراسة وغيرها. وعللت ذلك بأن العاملين في الوسط الطبي غير مدربين بشكل مخصوص ومحدد على مناقشة الجوانب النفسية الاجتماعية، كحالة الزواج، بالرغم من أنهم أكثر قدرة على الملاحظة والاتصال المباشر لجلاء ومعرفة تقلبات حالة الزواج التي يمر بها المتزوجون وتقلبات عواطفهم فيها.
وهو ما اقترحت له أن تُضاف أسئلة تتعلق بحالة الزواج ضمن فقرات الأسئلة عن الجانب الاجتماعي للمرضى عند أخذ تاريخ المرض وقبل فحصهم. ونبهت إلى ضرورة الاهتمام بصحة غير المتزوجين من الرجال على وجه الخصوص، باعتبار أن الزواج بحد ذاته عامل يقي صحة المتزوجين من الرجال.
صمت الزوجات
واعترفت الدكتورة إيكر بأن هذا الإجبار الذاتي على التزام الصمت “self-silencing” خلال المشاجرات الزوجية قد كان مفيداً للمرأة فيما مضى في تحسين فرصها للبقاء. وربما أيضاً يكون من الضروري للمرأة اللجوء إلى ذلك السلوك السلبي حال ارتباطها مع رجل استغلالي ومؤذ جسدياً، على حد قولها.
لكن ما كان صاعقاً في نتائج متابعة الباحثة وفريقها لحال النساء خلال مدة عشر سنوات هو أن النسوة اللائي يُجبرن أنفسهن على الصمت هنّ أكثر عُرضة للموت، وبمقدار أربعة أضعاف، من النسوة اللائي يُعبّرن عن أنفسهن بكل حرية خلال مشاجراتهن مع أزواجهن.
وهو ما عبرت الدكتورة إيكر عنه بالقول إن هؤلاء النسوة ربما اعتقدن أنهن بصمتهن والتزامهن به حال المشاجرات الزوجية يفعلن ما هو أفضل للإبقاء على حالة من السلام المنزلي. لكنهن يدفعن ثمناً غالياً في سبيل ذلك مقارنة بمن يُعبرن آنذاك عما يجول في خواطرهن.
وقالت الدكتورة إيكر بأن الدراسة الحديثة هي الأولى من نوعها في العالم التي فحصت بالدراسة نوعية السلوكيات في العلاقة الزوجية وتأثيراتها على الإصابات بأمراض القلب ومعدل الوفيات.
وفي حين أن كثيراً من الدراسات السابقة نظرت بعموميات في علاقة الزواج بإصابات أمراض القلب، إلا أنه كانت لدى فريق البحث أسئلة أخرى متعددة تتعلق بما يعتقدون أنه يدخل بشكل أعمق في فهم ديناميكيات المشاعر أثناء الزواج، وما يجري حقيقة في يوميات وأحداث الزواج نفسه.
وفيات الأزواج
ولاحظ الباحثون أن الرجال المتزوجين كانوا “أثقل وزناً” من العزاب. وأن لديهم معدلات عالية من مقدار ضغط الدم مقارنة بالعزاب. وان أرقام نتائج تحاليل الكوليسترول والدهون أسوا أيضاً من تلك التي لدى العزاب.
ومع هذا كله فإن الباحثين لاحظوا أيضاً أن وفيات الرجال المتزوجين أقل بنسبة 50% مقارنة بوفيات العزاب! بمعنى أن الزواج قلل بـ”ذاته” من الوفيات بأمراض شرايين القلب لدى الرجال.
وهو ما لا يُمكن تبريره فقط بأن العزاب أكثر تدخيناً من المتزوجين، كما لاحظ الباحثون، بل علينا الاعتراف بأن ثمة في حالة الزواج مجموعة من العوامل الإيجابية المفيدة لصحة قلب الرجل، والقادرة على التغلب ومعادلة تأثير كل تلك العوامل السلبية لديهم. وهي ما لا يُمكن حقيقة حتى اليوم تعريفها أو وضع مقياس طبي لها.
كما توصل الباحثون إلى نتيجة قد يستغربها البعض، لكنها قد تكون منطقية لو تأملنا، حول مدى تأثر صحة الرجل بتكرار شكوى زوجته من توترها ومتاعبها التي تواجهها في عملها وضغوطاته، إن كانت الزوجة من العاملات خارج المنزل.
وهو أن إصابات الشرايين كانت أعلى بين الرجال الذين تأتي زوجاتهم إلى المنزل وهن منزعجات أو متوترات من عملهن ويتحدثن عما يُواجهن من صعوبات فيه، مقارنة بالأزواج الذين لا تُواجه زوجاتهم تلك المتاعب والمشاكل في العمل.
وتحديداً فإن الإصابات بأمراض الشرايين التاجية في القلب بين أزواج النسوة المنزعجات والشاكيات من عملهن، كانت أعلى بمقدار 2.7 ضعفاً، مقارنة بأزواج غيرهن من النساء السعيدات بعملهن أو غير المتوترات فيه.
وقالت الدكتورة إيكر إن متاعب وتوتر الزوجة من عملها ربما تُزعج الرجل بشكل بالغ، ما يُؤثر على صحته، لأنه يعتبر نفسه في وضع لا يستطيع تقديم الحماية لزوجته أو إزالة تلك العقبات من طريقها، خاصة وهو الرجل الذي مهمته بالأصل حماية الأنثى.
هل «صمت الحملان» هو ما يريده معشر الرجال من الزوجة؟
النتائج التي توصلت إليها الدراسة الحديثة حول التأثيرات السلبية على صحة الزوجة حينما تلجأ إلى إجبار ذاتها على الصمت في مواجهة عاصفة الخلافات الزوجية يجب ألا تمر مرور الكرام على عقول وقلوب الأزواج الذين يتحلون بشهامة الرجولة وسمو أخلاقها العالية.
والزوجة أولاً وأخيراً بالنسبة للزوج هي شريكة الحياة، قبل أن تكون أم الأولاد أو الراعية والمدبرة لشؤون المنزل وتقديم كل ما فيه خدمة وراحة أفراد الأسرة.
والخلافات الزوجية، وإن كان البعض لا يزال يراها شأناً لا يتعدى الجانب الاجتماعي أو من ضمن “خصوصيات حياة الزوج الشخصية”، فإن الطب لم يعد يُصنفها كذلك. وكمثال، وكان قد عرض بتاريخ الأول من فبراير لهذا العام نتائج دراسة الباحثين من جامعة واشنطن، المنشورة في عدد نفس الشهر من المجلة الأميركية للطب الوقائي، حول الآثار الصحية بعيدة المدى لتعرض النساء إلى العنف المنزلي من قبل الرجال.
وقال الباحثون إن كلفة الرعاية الطبية والصحية للنسوة اللاتي سبق لهن المعاناة من عنف الرجال الذين يُعاشرونهن هي أعلى من كلفة رعاية غيرهن من النساء، كما أن ترددهن على المراكز العلاجية وحاجتهن للرعاية منها هي أكبر من غيرهن.
وما تطرحه الدراسات اليوم أبعد من مجرد ارتفاع الكلفة المادية لرعاية الزوجات طبياً، بل يصل إلى ارتفاع مستوى الوفيات بمقدار ثلاثة أضعاف بين منْ لا حيلة لديهن سوى الصمت أمام الزوج.
والمشاكل الزوجية كما يقول الباحثون من مايو كلينك قد تأخذ أحجاماً وأشكالاً مختلفة. بعضها وقتي يسهل حلها، والبعض الآخر منها قد يكون مزمناً ويصعب التعامل معها. وعشرة الزوجين تُولد فيما بينهما طرقاً مختلفة في سلوكيات أي منهما أثناء تلك الخلافات وكيفية التأقلم معها وأسلوب إنهائها.
وعدم النجاح في التأقلم مع المشكلات الزوجية يأخذ أسباباً مختلفة، لكن في الغالب يُمكن إجمال دواعي الإخفاقات في عدة عناصر، أهمها ضعف نوعية التواصل فيما بين الزوجين، إما بتحاشي طرف الحديث مع الآخر، أو عدم تعلم إما أحدهما حُسن الإنصات للطرف الآخر أو فهم ما يُحاول الآخر إيصاله له بالكلام أو التعبير أو الفعل.
والإشكالية في تحاشي أحد الزوجين مناقشة أسباب المشاحنة أو عدم الاعتراف بالأصل أن ثمة مشكلة. وهو ما يُؤدي إلى استمرار عدم الارتياح أو إلى الشعور بالتعاسة في العيش مع الآخر. وبالتالي ستتميز العلاقة الزوجية بأنها ضعيفة في حل المشاكل المتكررة.
وما سيزيد الحالة تعقيداً هو عدم وضوح الرؤية لكلا الزوجين حول مسؤولية كل واحد منهما، خاصة في جانب المرأة. وعدم شعور الزوج والزوجة بذلك الدعم النفسي والعاطفي من قبل الآخر. وغالباً ما سيتأثر الرجل سلباً جراء فقده لقيام المرأة بدورها الأسري واعتمادها التام عليه.
الحالة غير المستقرة هذه والمتعددة الأسباب في كيفية تأقلم الزوجين مع الخلافات، تصنع بيئة زوجية هشة وقابلة لمعايشة المشاكل بصفة مزمنة.
وفي حين أن الجميع ينشد الكمال في الزواج، إلا أنه لا تُوجد حالة من الكمال بأي درجة أو أية صفة في علاقة زوجية تتعامل مع متغيرات طبيعية متعددة لدى الرجل ولدى المرأة. سواءً في الحالة النفسية أو البدنية أو الروحية أو العملية الوظيفية أو المادية أو الاجتماعية أو غيرها.
والجانب الأهم في الأمر برمته هو أن إجبار المرأة لنفسها أو من قبل الزوج على التزام الصمت وتحمل المشاحنات لن يقضي على سعادة الزوجة فقط، بل ربما على حياتها.
النجاح في تخفيف حدة الضغوط الحياتية علامة الزواج الصحي
يبرز ضمن المقالات الطبية اليوم ما يُطلق الباحثون النفسيون الطبيون عليه مُصطلح “الزواج الصحي” healthy marriage. وهو ما تمت دراسته من قبل الباحثين الطبيين لسنوات، وتوصلوا من خلاله إلى أن منْ يعيشوا زواجاً سعيداً يعيشوا عمراً أطول من غيرهم أو من العزاب.
وذلك لأنهم يُعانون بنسبة أقل من حالات فشل القلب والسرطان وغيرهما من الأمراض المزمنة، ويُكونون شبكة أشد متانة من مصادر الدعم العاطفي والنفسي.
وكانت دراسة للباحثين من جامعة هارفارد قد أكدت أن معدل الوفيات بشكل عام لدى النساء المتزوجات أقل بنسبة 20% مقارنة بغير المتزوجات.
وتحديداً كانت المتزوجات أقل وفاة بأمراض القلب أو الانتحار أو تليف الكبد. لكن ومع هذا كانت استفادة الرجال أكبر، لأن اعدد وفيات المتزوجين هي أقل، نتيجة تلك الأسباب بمعدل ثلاثة أضعاف، عند مقارنتهم مع العزاب.
وبالرغم من وضوح حقيقة أن المتزوجين أصحاء أكثر من غيرهم، إلا أن الاختلافات هي في تعليل أسباب تلك الفوائد. وكثير من الخبراء النفسيين يرون أن التفسير الأقوى هو في القدرة المكتسبة على التعامل السليم مع التوتر والضغوط.
ولذا يقولون إن العلامة المميزة للزواج الصحي هي أن تكون كل الطرق في تعاملاته، تُؤدي إلى تخفيف التوتر والضغوط على كلا الزوجين.
ويُعطي الباحثون من مايو كلينك ثلاثة أمثلة لما قد يكون سبباً في مساعدة الزواج كمؤسسة والزوجين كشريكين في الحياة على تخفيف حدة الضغوط الحياتية وتوتراتها على كل منهما، وبالتالي النجاح في معايشة زواج صحي.
– الأول هو التعامل الأفضل مع الدخل المادي، سواءً بالمشاركة في تحمل التكاليف أو بمجرد المشاركة في حُسن تدبير الإنفاق والادخار.
– والثاني عبر توسيع شبكة الدعم النفسي والاجتماعي من خلال توسيع العلاقة مع الأقارب وأصدقاء الأسرة، والأهم من خلال إنجاب الأبناء والبنات بكل التأثيرات الإيجابية لهم في إعطاء دعم نفسي وعاطفي متواصل لكل من الأم والأب.
– والثالث تغيير الاختيارات نحو الأفضل في سلوكيات الحياة اليومية، وذلك من خلال تبني القيام بأنشطة صحية في المأكل والمشرب والرياضة والرحلات والسفر والاهتمام بالصحة ومعالجة الأمراض والمتابعة الطبية وغيرها.
ولعل من أوضح الأمثلة ما أشارت إليه تقارير مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية بالولايات المتحدة عام 2004 بأن المتزوجين أقل بنسبة 50% للتدخين مقارنة بالعزاب، وأقل في الإقبال على تناول المشروبات الكحولية أو الإقدام على سلوكيات قد تُؤدي إلى التقاط أحد الأمراض الجنسية المُعدية.
والجانب المهم في الأمر هو أن ثمة فروقا جوهرية في الجانب الصحي بين عشرة الرجل مع المرأة تحت مظلة الزواج، وبين عشرته خارج تلك المظلة القانونية.
وهو ما أكدت عليه دراسة مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية بالولايات المتحدة فيما يتعلق بالفوائد الصحية بأنها حال علاقة الحب والعشرة من دون زواج أقل بكثير من الزواج. وأعطت أسباباً طبية علمية عدة لتلك الفروق في الاستفادة الصحية للمرأة والرجل.