الذين زاروا معرض الإلكترونيات الاستهلاكية الأخير في لاس فيجاس، ربما تسنى لهم إلقاء لمحة على المطبخ المنزلي المستقبلي كما يتراءى لإحدى المجموعات الصناعية.
وقد طور المصممون، وبعد استذكارهم المآخذ والعيوب العملية للكثير من تقنيات المطابخ الحالية، ما يسمى بـ«المطبخ السحري» الذي سيستخدم التقنيات التي أساسها الإيماءات، وآلات للعرض، ويستلم الأوامر الصوتية لعرض المعلومات، وتنفيذ عمليات الإدارة والتحكم، والمهام ذات الطابع الشخصي.
مطبخ سحري
وقد قامت نواة من مجموعة من الشركات التي اتحدت سوية في مشروع «المطبخ السحري» بعرض المعدات الكهربائية المطبخية العاملة بالكومبيوتر، تمهيدا لعرضها للبيع، ربما قبل نهاية العام الحالي.
وقد جاء تصميم «المطبخ السحري» نتيجة أربع سنوات من البحث التعاوني من قبل شركات وهيئات مثل «هويرلبول»، و«تكساس إنسترومنتس»، و«فيريزون»، و«تايكو إليكترونيكس»، و«سينسوري»، بالإضافة إلى عدة شركات أخرى في «جمعية المباني المؤتمتة» CABA))، مثل «مجلس أبحاث المنزل الموصول»، وقد قامت هذه المجموعة التي كانت تعرف سابقا بـ«تحالف المنزل الإنترنتي» بتصميم الطور الأول من المشروع.
المطبخ هو العصب المركزي للمنزل كله. ومشيدو المنازل بحاجة إلى وصل المطبخ بالأسلاك، بحيث يمكن للمعلومات والبيانات أن تنساب بسهولة من دون أي انقطاع.
والمسألة هنا أن سطوح طاولات المطبخ المخصصة لتحضير الطعام هي غير عملية لاستخدامات الكومبيوتر (بي سي)، كما يقول ديباسيش ناغ مدير التطوير التجاري في «تكساس إنسترومنتس».
وظلت الحلول الكومبيوترية التقليدية التي لقيت القبول في أرجاء المنزل الأخرى، غير ودية تجاه المطبخ، استنادا إلى الأبحاث التي قامت بها هذه المجموعة.
«فقد وجدنا أن المستهلكين ليسوا سعيدين بوجود الكومبيوتر المحمول (اللابتوب) في المطبخ. فقد كانوا يخشون سقوطه، أو انسكاب السوائل عليه، لذلك كان الحل الأفضل وضع الشاشات على الأسطح المسطحة»، وفقا لكارول بريفيرت كبيرة المديرين في مجموعة «هويريلبول».
وتقول كارول في حديث لمجلة، إن ما يفعله الناس في مطابخهم، وفي الأماكن التي يجلسون فيها مختلف، ثم إن لكل غرفة بيئتها الكومبيوترية الخاصة بها.
ومثال على ذلك تستخدم أجهزة اللابتوب في غرفة الجلوس للعمل، أو للترفيه والتسلية. لكنها لا تناسب أبدا العمل المطبخي. والفكرة هنا هي في تأمين ما يريده المستهلكون في مطابخهم وهو غير متوفر حاليا.
وتضيف بقولها إن المطابخ تملك أكثر من مكان واحد للشاشات، مثلما تملك أكثر من منطقة عمل واحدة. فمناطق العمل تتمحور حول المركز، حيث يقع الموقد والثلاجة. ومثل هذه المناطق ليست صديقة ومناسبة تماما عندما يتعلق الأمر بوضع الشاشات الكومبيوترية مع عتادها التقليدي.
ولكن كيف بمقدور صانعي المعدات المطبخية استخدام مثل هذه الأسطح؟ الحل هو في استخدامها في تلقي الصور من آله عرض، استنادا إلى ناغ.
إذ ستحصل العائلة بدلا من آلات العرض العادية على مصابيح وأضواء تعمل بالصمام الثنائي المصدر للضوء LED)) مركبة تحت الخزانات، وعلى السقوف لترسل إشعاعها إلى الأسفل.
«وينطوي المبدأ على أشخاص يستخدمون الكومبيوترات بدلا من كتب وصفات الطعام، والبطاقات المؤشر عليها، والملاحظات التي تعلق على أبواب الثلاجات» وفقا إلى ناغ. وتشمل الخطط الأولية غرف غسيل الثياب المستقبلية أيضا، والأوقات المخصصة لذلك، ولفترات تناول الطعام.
وكانت العروض في معرض لاس فيغاس قد وضحت جدا أن «المطبخ السحري» هو فكرة مستقبلية، ولكنه ممكن التطبيق أيضا. والذي يجعل هذا المطبخ المستقبلي مختلفا عن المطابخ الأخرى، هو أن جميع الوظائف المطبخية هي في متناول اليد، وأن كل مبدأ فيه يرتكز على تقنيات يمكن تنفيذها وموجودة حاليا في المختبرات حول العالم، ولكنها لم تستثمر بعد تجاريا على نطاق واسع، كما يلاحظ ناغ. أي لا توجد بعد مواصفات ومقاييس محددة بعد، كما تقول كارول لمجلة «تيك نيوز وورلد» الإلكترونية.
أوامر بالإيماءات
ولكن ما الذي نتوقعه؟ لقد قامت «تكساس إنسترومنتس» بزرع كومبيوترات صغيرة تتواصل مع آلات العرض الرقمية الموجودة تحت الخزائن، وعلى أبواب المعدات الكهربائية المطبخية، وعلى أسطح المطبخ.
وتضمن المنتوج المركب على السقوف تشكيلة من آلات العرض الصغيرة تعمل بمبدأ (LED)، ومتصلة بالانترنت. والجهاز هذا عبارة عن علبة مربعة، أو قبعة كبيرة، كما يوضح ناغ.
ويمكن للمستهلكين ترتيب النظام لعرض المعلومات استنادا إلى حاجاتهم، وبالتالي توجيه حزمة أشعة أجهزة العرض إلى السطوح والطاولات المستخدمة في الطهي وإعداد الطعام. لكن لوحات المفاتيح والماوسات ليست من واجهات التفاعل الطبيعية، لذلك سيستخدم الأشخاص إيماءات اليد والصوت. ولكن هل يمكن لشركة «تيكساس إنسترومنتس» العمل مع «هويرلبول» لتنفيذ ذلك؟ يتساءل ناغ.
وفقا لما شاهده الناس في معرض لاس فيغاس للأجهزة الالكترونية الاستهلاكية فإن الجواب نعم. فقد عرضت عدة معدات مطبخية برهانا عمليا بأن هذا الأمر ممكن.
ولعل أحد المميزات الجذابة التي عرضها المطبخ الجديد هو إمكانية قيام المستخدمين بوضع جهاز جوال كالهاتف مثلا، على ما يشبه الوعاء الذي يعمل كأداة وصل، بينما يقوم كومبيوتر مخبأ بالمطبخ بقراءة ما يفضله أفراد المنزل من أنواع الطعام.
وتتيح أساليب أخرى للطاهي استخدام ضوابط التحكم بالمعدات المطبخية من دون استخدام يديه للقيام بأعمال متعددة. ومثال على ذلك يمكن للشخص الواقف قرب حوض غسل الأطباق استخدام مجسات استشعار شبيهة بأداة التحكم في لعبة «وي» للتحكم بشدة نار الطهي: زيادتها، أو تخفيفها. ومن المهمات الأخرى الرد على الهاتف أثناء إعداد الطعام في المطبخ، من دون الحاجة إلى الإسراع إلى غسل اليدين وتنشيفهما للقيام بذلك.
والصور التي يمكن للمستهلكين اختيارها لعرضها على السطوح قد تكون من شتى المشاهد.. من إعداد مائدة الطعام وترتيبها، إلى عرض معلومات عن أوصاف الطعام والشراب.
تطويرات مقبلة
وبعد هذه المرحلة ستقوم الشركات المنضوية في المشروع هذا بالتركيز في الوقع الذي تركته هذه الفكرة. وبناء على هذه النتائج سيجري إجراء تجارب فعلية تمتد إلى أشهر عديدة في بضع منازل مختارة.
والأمل من وراء ذلك هو قيام «المطبخ السحري» بإلهام المطورين في العالم كله بتطبيق هذه التقنيات المتوفرة تجاريا لطرحها في الأسواق، خاصة وأن الأبحاث والدراسات أظهرت أن الطلب على مثل هذه التطبيقات شديد وينمو باستمرار، وفقا إلى تود موزر المدير التنفيذي لشركة «سينسوري».
وقد تنطوي المراحل اللاحقة على تطبيقات متنوعة من العمليات الكومبيوترية السحابية، والتعرف على الأصوات، والصور الثلاثية الأبعاد، وتقنية الإيماءات، فضلا عن آلات عرض ومستشعرات تمكن كومبيوتر المطبخ من التعرف على أصحاب البيت لدى دخولهم إلى المطبخ.
وهذا ما سيتيح لأفراد العائلة الدخول إلى المحتويات الشخصية مثل التقويم اليومي، والبريد الإلكتروني، حال دخولهم إلى المطبخ. ليس هذا فحسب، بل يمكن لهذا النظام أيضا تحية رب المنزل بعبارة: «صباح الخير، قهوتك جاهزة، ولكن لا تنس موعدك اليوم مع طبيب الأسنان في الساعة التاسعة صباحا. وهل ترغب بوضع الحليب والسكر مع قهوتك؟»
يبقى الهدف من تقديم الوحدات الأولى من هذه التقنية أن تكون بأسعار مقبولة، وخلال 16 شهرا تقريبا من الآن، بسعر 499 دولارا ربما، لينخفض إلى 299 دولارا في ما بعد، وحتى إلى 199 دولارا، كما يتوقع ناغ.