بين حرارة الألوان وروعة المطرزات اختارت المصممة الإماراتية لمياء عبادين أن تنسج حكايتها مع عالم الموضة والجمال، مفضلة تصميم العباءات الخليجية التقليدية ولكن حسب رؤيتها الخاصة وفنها المتميز، لتبتكر مع مطلع كل موسم مجموعة من القطع والموديلات التي تتصف بالحيوية والمعاصرة، بلمسات غنية ومترفة من فنون الشرق وتراثه الأصيل، اختارت في «المهرانا» أن تكون هندية.
فتحت عنوان «المهرانا» ظهرت تشكيلة المصممة لمياء عبادين الجديدة لموسمي ربيع وصيف 2012، آخذة استشراقات جلية من شبه القارة الهندية، لتأتي تصميماتها بمزيج بديع يخلط بذكاء ما بين الذوق العربي والهندي، لتخرج بتوليفة جديدة لها طابعها الخاص وطرازها المبتكر.
حس الترف
تقول عبادين «أسرتني بلاد الهند بكل ما تحمله من تراث وتاريخ وحضارة، حيث شغفت بثقافتهم وفنونهم وخيالهم الواسع منذ الطفولة، وسحرتني قصص المهراجا والمهرانا وحكايات تاج محل، وكنت أجد نفسي دائما أتطلع بشوق وإعجاب منقطع النظير لحسهم العالي بالترف وميلهم للفخامة، والذي نلمسه من خلال أسلوبهم المتفرد في الملابس والحليّ على وجه الخصوص، حيث الساري الهندي وحاشيته المذهبة، والأقمشة الحريرية المطرزة بالخيوط والمرايا، مع مساحات الشغل اليدوي والشك بالخرز والأحجار، بالإضافة لتلك الأوشحة الكشميرية الجميلة الموشاة بالزخارف والنقوش، والتنورات الواسعة المطبعة بالزري والألوان».
وتتابع «عملت على تطعيم عباياتي بالساري الهندي منذ بداياتي قبل سنوات، وكنت أعشق دمج الخامات الهندية من تفتا وشانتونج وأقمشة الساري مع تصميم العباية السوداء، ومنها تصميمي مثلا لعباية «الدوبتا» المستوحاة من الزي الهندي التقليدي، والذي يتمثل بالتنورة الطويلة المنسدلة مع الوشاح، لاعبة دوما على وتر جمع الأضداد وجاذبية انعكاسات الألوان الحارة مع بريق التطريزات اللماعة، لأخرج العباية الخليجية من شكلها التقليدي المعتاد وأطلقها في عوالم أكثر رحابة وحركة وشباب».
وتوضح عابدين «لمجموعة المهرانا اخترت تشكيلة من الخامات والأقمشة الوثيرة المترفة تلك التي تتسم بالفخامة والثراء، ومنها الحرائر الطبيعية، التفتا الهندية، البروكيد، مع بعض المخمليات والشيفونات، ومن تدرجات وظلال حيوية ونابضة بالحياة، بزخارف ونقشات شرقية متداخلة ومعرقة بخليط من عدة ألوان منها الأحمر الروبي، والأزرق الفيروزي، والأخضر الزمردي، والبرتقالي المرجاني، والأصفر الكهرماني، والتي ساعدتني على ابتكار أفكار جديدة لنماذج منتقاة من التصميمات التي تتصف بالأناقة والجمال، فأصنع قطعا من أزياء تقليدية وغير تقليدية في الوقت ذاته، بأشكال وموديلات تشي بملامح الأصالة العربية وروح المهرانا الهندية، فيها حس كلاسيكي مع طاقة كامنة من المعاصرة والشبابية بين طبقات القماش».
تجديد ومعاصرة
عن ضرورة الالتزام بحشمة العباية الخليجية وإطارها الوقور المحافظ، تقول عابدين «على الرغم من التجديد والمعاصرة التي أضفتهم على تصميم العباية، إلا أني لم أحاول أبدا أن أخرجها عن حدودها الملتزمة بالعادات والتقاليد، لأني مؤمنة تماما بأهمية المحافظة على الغرض من وراء ارتداها، وليقني التام بأنها في مضمونها العام إنما تجسد صورا ومشاهد معبرة عن طراز ملابس المرأة العربية وحشمة مظهرها وخصوصيته بين كل نساء العالم، حيث تكون القيم الدينية والمجتمعية هي المصوغ الذي يصون للنساء المسلمات مظهرهن الوقور».
وتضيف «بصفتي خليجية وعربية، فقد نشأت على رؤية نساء بلادي وهن يلبسن العباية السوداء ويضعن الشيلة والبرقع، مغلفات بكل الاحترام والكياسة، فلا يبدو من جسدهن إلا كفوف اليدين، ومع ذلك يظهرن بمنتهى الجمال والتألق، وهن مدللات برفيف الحرير ورفاهة الديباج، يمثلن معنى وقيمة، ويمثلن صورة معبرة عن خصوصية الهوية والانتماء».
وتوضح «باختصار تعتبر مجموعتي الجديدة لعبايات» المهرانا» تعتبر نموذجا متفردا من الأزياء الشرقية المترفة، تمنح من ترتديها مظهرا جذابا ومبهجا، فيه دفء وفرح وكأنها باقة أزهار ربيعية وسط صحراء قاحلة، تبدو فخمة ومزخرفة ولكنها تتسم بالعملية والأناقة، زادتها المطرزات والشك اليدوي رفاهية وتكلف».