اقتحمت المرأة المصرية مجال العمل السياسي وخاصة العمل النيابي مبكراً تحت قبة البرلمان، حيث منحت حق الانتخاب والتصويت في عام 1957 ، وكانت انطلاقة نضال المرأة المصرية التي بدأت منذ العقود الأخيرة في القرن التاسع عشر تظهر بقوة على ساحة العمل العام .
وبالرغم من الصعوبات الضخمة التي واجهت النساء المصريات في الخروج من محيطهن الضيق المتمثل في البيت آنذاك إلى محيط أوسع متمثل في العمل العام ، إلا أن المرأة المصرية نجحت في فرض رؤيتها الجديدة وأصبحت فاعلة في المجتمع بلحظات تاريخية متعددة .
وشكلت ثورة عام 1919 لحظة فاصلة في التاريخ المصري المعاصر لما أنجزته لاحقاً من تحولات جذرية علي المستويين السياسي والاجتماعي ، وكان دور المرأة مشهوداً بالقوة بداية من هدي شعراوي النصيرة الأولي إلى سعد زغلول وزوجته صفية زغلول “أم المصريين” ، وهي أول امرأة قادت مظاهرة للنساء عام 1919 بل شجعت المصريات علي المشاركة على الحركات الوطنية .
وعند قيام ثورة يوليو منحت المرأة حقوقها الاجتماعية والسياسية كاملة ، وصدر أول دستور في مصر في يناير عام 1956 متضمناً مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق السياسية ، وأصبح للمرأة حق الترشيح والانتخاب حيث أجريت أول انتخابات برلمانية عام 1957 ، وكانت أمام المرأة مراحل لا بد من اجتيازها ، وأمام الضعف الملحوظ على عدد مقاعد المرأة في البرلمان ، رأت الحكومة المصرية تخصيص عدد معين من المقاعد للمرأة ليشهد برلمان 1979 طفرة غير مسبوقة للمرأة في العدد حيث شغلته 35 سيدة ، وحافظت حواء المصرية على وجودها عام 1984 بعدد 36 مقعد ، وفى عام 1987 حصلت المرأة على 18 مقعداً ، ومع عودة الانتخاب بالنظام الفردي هبط عدد مقاعد المرأة إلى 10 في عام 1990 ، ثم تراجع عدد المقاعد إلى 9 في انتخابات عام 1999 إلي أن وصل في الدورة الحالية إلى 8 مقاعد بنسبة تقل عن 2% من أعضاء المجلس .
وقد صدر مؤخراً قراراً بإضافة “كوتة” برلمانية للمرأة في البرلمان متمثلة في 64 مقعداً ، ليرتفع عدد مقاعد البرلمان إلى 508 مقعد ، وتشتعل حدة المنافسة بين سيدات الأحزاب وخاصة الحزب الوطني على الفوز في دوائر ترشيح “كوتة” المرأة .
والسؤال الذي طرحه تقرير برنامج العاشرة مساءاً علي قناة “دريم 2” هو : هل تمثيل المرأة في مجلس الشعب قضية عددية تحسمها زيادة عدد النائبات عن طريق “الكوتة” ، أم قضية تتعلق بنوعية النائبات اللآتي يصلن إلي البرلمان ومدي قدرتهن على التعبير على القضايا وهموم المجتمع بشكل عام وقضايا المرأة بشكل خاص.
وعن الفرق بين الترشيح للكوتة أو غيرها تقول نجوي أبو النجا المرشحة عن الحزب الوطني خلال البرنامج : اليوم تُفتح فرصة جيدة للمرأة للترشح بهذا العدد من المقاعد دون لجوئها إلى النزول لمعترك انتخابي معروف سلفاً كيف كان يتم ، حيث كان يتسم بعنف الشديد وعدم رضا المرشحين الرجال عن وجودها، والنظر لها بنظرة استخفاف ودونية ، وعندما صدر القرار السياسي بأن هناك 64 مقعد إضافة للمرأة فهذا يعتبر بمثابة حماية نفسية لها من ما يحدث خلال الجو الانتخابي من تشهير وغيره .
أما الإعلامية الموقوفة والممارسة للسياسة “جميلة إسماعيل” فتعتبر أن “الكوتة” هي أكبر فخ وكمين نصبه الحزب الوطني ليحصد به مقاعد إضافية داخل البرلمان على حساب المرأة ، لأن “الكوتة” في عرف الحزب الوطني ما هو إلا أرقام تستخدم فيها المرأة للرد بالموافقة على القرارات .
وتشبه إسماعيل الكوتة بعملية شد وجه للنظام لتحسين المظهر فى الخارج أثناء المؤتمرات ، لنقول أن لدينا 64 امرأة تحت قبة البرلمان ، لكن في واقع الأمر هي معادلة للفوز بمقاعد للحزب الوطني وهذه النسبة تساوي الموافقة.