عندما يكون المرء قنوعا يكون سعيدا وراضيا بحياته وما يمتلكه, لذلك يجب علينا أن نعلم أولادنا أن يكونوا راضين بما يمتلكون بالرغم من كل الإغراءات التي تحيط بهم وإعلانات التليفزيون التي تمتلئ بالمنتجات التي لا يملكونها وعلينا أن نكون قدوة لهم فنجعل الحياة في المنزل بسيطة حتي يتعلم منا الأطفال فعل نفس الشئ.
فكما يقول الدكتور أحمد يحيي عبد الحميد أستاذ علم الاجتماع بجامعة قناة السويس أن قيم الإنسان وطموحاته واتجاهاته تتغير وفق المتغيرات المادية في المجتمع, كذلك قناعات الإنسان وإحساسه بالرضا عن واقعه ينشأ من خلال مجموعة الإشباعات التي يوفرها له المجتمع وتوفرها له الأسرة في, ونظرا للمتغيرات السريعة والمتلاحقة العلمية والمادية والثقافية خاصة مع ثورة الاتصالات والمعلومات وانتشار ثقافة الاستهلاك, والتي صاحبها شعور الفرد بأنه من الضروري أن يحصل علي أكبر قدر من هذه المتغيرات سواء كانت تتفق مع إمكانياته واحتياجاته و لاتتفق, وسواء استطاعت الأسرة أن توفرها أم لا, كل ذلك أثرعلي درجة القناعة والرضا والشعور بالمسئولية خاصة لدي الأطفال والشباب من الجنسين, وكثيرا ما يحدث صدام نفسي واجتماعي وقيمي بين هؤلاء وبين أولياء أمورهم نتيجة لعدم أو ضعف إشباع احتياجاتهم, وهكذا يستمر هذا الشعور يصاحب كل الأجيال و يتحكم فيه بالدرجة الأولي الضغط الإعلامي للسلع الاستهلاكية من ناحية وتقليد الآخرين من جهة أخري.
لذلك يؤكد د.أحمد يحيي عبد الحميد أهمية الدور التربوي للأسرة والمدرسة والإعلام لتنظيم الوازع الديني والشعور بالقناعة ليصبح ضرورة من ضروريات تربية المجتمع نحو مزيد من العمل والإنتاج لتحقيق الإشباعات, ومن هنا تصبح ثقافة الإنجاز والعمل والإنتاج هي القيم الأكثر إلحاحا وضرورة في هذه المرحلة حتي يواجه مشكلة القناعة وغيرها.
ويضيف أنه لابد من تعليم الطفل أن يكون قنوعا ويشكر ربه علي كل شئ صغيرا كان أم كبيرا في حياته, وعلي ما يتوفر له بسهولة دائما مثل الطعام والشراب والأدوات المدرسية والألعاب التي تشغل وقته وتسليه, فيجب عليه أن يعلم أن هناك أطفالا لا يمتلكون نفس تلك الأشياءالبسيطة من وجهة نظره, مع حرص الأم علي أن تطلب من طفلها المساعدة في أعمال المنزل المختلفة, وأن تعلم أنها إذا اذا انجزت كل شئ بدلا منه فإنه لن يتعلم أن يكون قنوعا أو يقدر ما تفعله من أجله, فالطفل عندما يشارك في أعمال المنزل المختلفة فإنه يعلم أن تلك الأعمال تستغرق وقتا ومجهودا, وعليها كذلك وضع حدود وقواعد معينة لطفلها منذ الصغر, فيمكنها مثلا أن تجمع كل أفراد العائلة وتعطي كل منهم مهمة معينة في المنزل, وتخبر طفلها أنه لن يتمكن من اللعب أو مشاهدة التليفزيون إلا بعد أن ينتهي من أداء هذه المهمة, بالإضافة إلي واجباته المدرسية, وإذا بدأ الطفل في الشكوي من العمل فعليها ألا تشعره بالذنب بحرمانه من فعل شئ يحبه لأن الطفل عليه إدراك أن الشكوي والتذمر لن تعفيه من المسئولية, بالإضافة إلي أنه يمكن أن نطلب منه مرة أو مرتين في العام التبرع بجزء من ملابسه وألعابه للجمعيات الخيرية, وبهذه الطريقة يشعر أنه يسعد الآخرين.
وأخيرا يؤكد أستاذ علم الاجتماع علي أنه إذا بدأ طفلك في التذمر من أن أقاربه أو أصدقائه يمتلكون أشياء لا يمتلكها ويريدها, فعليك أن تخبريه أنه لن يستطيع الحصول علي كل ما يريده, وإنما عليه أن يحمد الله علي ما يمتلكه لأن غيره لا يمتلك شيئا.