التشنج الحراري هو أحد الشكاوى الطبية الطارئة التي يواجهها طبيب قسم الطوارئ، وهي حالة شائعة عند الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ستة أشهر وخمس سنوات، وهو يصيب ما نسبته 2 إلى 5 أطفال من كل 1000 طفل.
ولا يوجد سبب واضح لذلك. وتكمن الصعوبة هنا أن الأهل يحضرون طفلهم وهم في حالة هلع شديد بسب الحالة التي شاهدوا طفلهم عليها ظانين أنهم سيفقدونه.
إن مهمة طبيب الطوارئ تكمن أولا وقبل كل شيء في تهدئة الأهل، ثم البدء بمعاينة المريض للتأكد من أنه محافظ على مجرى الهواء مفتوحا، وأنه لا توجد إفرازات أو قيء قد يدخل إلى مجرى التنفس فيغلقه، ثم التأكد في الوقت نفسه من أن المريض يتنفس بشكل طبيعي، بعد ذلك تبدأ أولى خطوات العلاج بوضع إبرة وريدية لإعطاء الأدوية عن طريقها لإيقاف التشنج في حالة استمراره.
ودواء (لورازيبام Lorazepam) الذي يعرف أيضا باسم «أتيفان» و«تيميستا» يعتبر من أفضل الأدوية التي يمكن استخدامها في هذه الحالات، حيث يتميز مفعولها بفترة عمل توصف بالقصيرة إلى المتوسطة، ويُتبع بإعطاء دواء آخر هو (ديازيبان Diazepam) واسمه الشائع «فاليم» وهذا يتميز بإمكانية إعطائه للمريض عن طريق فتحة الشرج في حالة استعصاء إعطائه عن طريق الوريد، وتعطى للمريض أدوية خافضة للحرارة.
ثم تؤخذ العلامات الحيوية للمريض (درجة الحرارة والنبض وضغط الدم) للتأكد من استقرارها دون نسيان أخذ معدل السكر في الدم.
التهابات فيروسية
وبعد ذلك يبدأ الطبيب في التأكد من سبب ارتفاع درجة الحرارة التي أدت إلى حالة التشنج عند الطفل وذلك بإجراء الفحص السريري أولا ومراجعة نتائج التحاليل التي أجراها عند وصول المريض، وفي حالة تمكن الطبيب من التوصل إلى السبب فإن ذلك يغني عن إجراء أي تحاليل مخبرية للمريض.
ومن هنا يكون العلاج لهذا المريض هو إعطاء الأدوية الخافضة للحرارة فقط، حيث إن أكثر من 90 في المائة من الحالات هي بسبب التهابات فيروسية في الجهاز التنفسي العلوي كالتهاب اللوزتين والأذن والحلق، أو الإنفلونزا، أو الالتهاب الرئوي، وأيضا بسبب النزلة المعوية، وأحيانا بسبب ارتفاع درجة الحرارة الذي يحدث لبعض الأطفال بعد أخذ التطعيمات مثل التطعيم الثلاثي أو الحصبة، أو حتى بسبب ارتفاع درجة حرارة الجو في الصيف شديد السخونة. وهذه الحالة لا تحتاج إلى مضادات حيوية.
علامات مهمة
الأعراض التي يجب توفرها في التشنج الحراري كي لا يثير قلق الطبيب والوالدين، ومنها:
ـ أن تكون التشنجات ناتجة عن الارتفاع في درجة الحرارة، وتكون درجة الحرارة في حدود 38.5–39 درجة مئوية.
ـ أن تكون التشنجات عامة في كل الجسم وليس في جزء معين فقط.
ـ أن لا تدوم هذه التشنجات أكثر من 10 إلى15 دقيقة.
ـ عدم تكرار التشنجات خلال المرض الحراري.
وإذا لم توجد هذه الأعراض أو كانت نسبة وعي المريض أقل من المعدل الطبيعي، وظلت على ذلك لمدة طويلة أو وجد الطبيب ضعفا بأحد أطراف المريض فإن ذلك يحتم إجراء تحاليل مخبرية أكثر تعقيدا قد تصل إلى إجراء أشعة مقطعية للدماغ وأخذ عينة من سائل النخاع الشوكي لاستبعاد وجود الحمى الشوكية.
التعرض للتشنجات
وتوجد خصائص تجعل بعض المرضى أكثر عرضة من غيرهم لتكرر نوبات التشنج الحراري التي في حالة وجودها يكون لزاما على الطبيب تنبيه الأهل إلى ذلك ومنها:
ـ كون عمر المريض أقل من عام واحد.
ـ وجود تاريخ مرضي للتشنجات الحرارية بالعائلة.
ويجب التنويه إلى أن مدى ارتفاع درجة الحرارة لا يجعل الطفل عرضة أكثر من غيره لنوبة التشنج الحراري، أي أن كون درجة الحرارة 39 درجة مئوية ليس أسوأ من 38 درجة، بل إنها تدل على مدى سرعة هذا الارتفاع.
ونسبة تحول هذا إلى مرض الصرع في المستقبل هي أقل من 5 في المائة. ولا يوجد علاج لمنع حدوث التشنجات الحرارية، وإنما يكون العلاج فقط موجها لسبب حدوث الارتفاع في درجة الحرارة.
توعية الوالدين
إن من المهم هنا شرح الحالة للوالدين بأنها حالة حميدة ولا تنطوي على أي مضاعفات، ويُنصحون بالاهتمام بالمحافظة دائما على خفض درجة حرارة الطفل، إذا ما ارتفعت، قبل حدوث التشنج وذلك بوضعه في مكان بارد، مع عمل كمادات ماء فاتر. ولا ينصح باستخدام الثلج.
ويدرب الوالدان على كيفية وضع (الفاليوم) عن طريق فتحة الشرج، وعلى كيفية قياس درجة حرارة الطفل بطريقة صحيحة.
وينصح الوالدان بعرض الطفل على الطبيب فورا في الحالات الآتية:
ـ إذا استمرت التشنجات أكثر من 5 دقائق.
ـ إذا واجه الطفل صعوبة في التنفس، أو ازرق لونه.
ـ إذا حدثت أي إصابة للطفل وهو يتحرك بسبب التشنجات.