“أعز من الولد ولد الولد” هذا المثل يمثل علاقة خاصة يعشقها الأجداد والأحفاد فهي علاقة قوامها الحب و الحنان و التدليل والعطاء و الإستجابة لجميع مطالب الحفيد بعيدا عن قائمة الأوامر و النواهي التي يضعها الأب و الأم كقواعد ضابطة لتربية أبنائهما.
حول هذا التناغم و الإنسجام في العلاقة بين الجد و الحفيد يحدثنا ا. د.جمال شفيق أحمد استاذ علم النفس الإكلينيكي و رئيس قسم الدراسات النفسية للأطفال بمعهد الدراسات العليا للطفولة بجامعة عين شمس قائلا:في البداية نحن نتكلم عن ثلاثة أجيال يعيش كل جيل منهم مرحلة عمرية مختلفة لها طبيعتها و خصائصها واحتياجاتها و لابد من إقامة معادلة توازن بين الأجيال, و هنا يقع العبء الأكبر علي جيل الوسط أو الأبناء فهم القاسم المشترك و همزة الوصل بين الأجداد و الأحفاد فهم أقرب للوصول لتفكير الأجداد و النزول لمستوي تفكير الأحفاد و الأكثر قدرة علي العطاء لأن جيل الأطفال نموهم لم يكتمل و جيل الأجداد في مرحلة تدهور إلي حد ما حيث انه كلما كبر السن كلما ضعف الجسم بأمراض الشيخوخة وأصبح في حالة اشبه باحتياجات الأطفال مثل الحاجة إلي العطف والرعاية.. والأجداد يعتبرون الأحفاد امتدادا طبيعيا لهم وينتظرونهم بفارغ الصبر ليمنحوهم الحب و التدليل والرعاية والعطف والحنان ويميلون دائما لتلبية أي طلب أو رغبة لهم وهذا يكون من فرط حبهم و ليس بقصد الإفساد, كما أنهم قد زالت عنهم الضغوط والمسئوليات فيتصرفون معهم بهدوء وروية والأحفاد يشعرون بهذه المشاعر الفياضة ويستمتعون بقضاء أوقاتهم مع اجدادهم وسماع قصصهم التراثية وحكاياتهم الممتعة التي تقدم لهم الكثير من القيم الإيجابية والمعلومات الشيقة هذا كله قد يكون علي عكس اسلوب الأباء و الأمهات الذين يعانون دائما ضغوطا نفسية واقتصادية وإجتماعية وضيق الوقتوبالتالي قد يتعاملون مع الطفل بشيء من الحزم والشدة أحيانا, بالإضافة إلي تحكمهم في تلبية رغباته واحتياجاته لوضع قواعد ضابطة لإسلوب التربية ومن هنا ينشأ الخلاف بين الأبناء والأجداد حول تربية الأحفاد و يشعرون بأنهم يهدمون ما يصنعونه لتربية أطفالهم.
ويضيف د.جمال أنه: ليس من اللائق أن يطلب الأبوان من الجدين التوقف عن تدليل أطفالهم وإلقاء اللوم عليهما و لكن من الممكن التحدث معهما بهدوء واستسماح وليس بصيغة الأمر وفي غياب الأحفاد فمن الضروري التعامل النفسيمعهما لحثهما علي الشعور بالمشكلة الناتجة عن التدليل الزائد ويوضحون لهم أنهم يشعرون بمدي سعادتهم حين يغمرون الأطفال بالحب والحنان والدلع ويطلبان منهما النصيحة من واقع خبراتهما السابقة لوضع اسلوب أمثل للمشاركة في تربيتهم دون الخروج عن القواعد المألوفة حتي لا نضر بمصلحة الطفل وإذا استمر الأجداد في التدليل بطريقة تتعارض مع تلك القواعد فلابد أن يتعايش الأبناء مع هذا الاسلوب حتي لا يقع الأطفال في هوة الخلافات بينهم, وفي النهاية الأطفال لن يتبعونا سوي اسلوب التربية الذي وضعه الأب والأم بصرف النظر عن تدليل الأجداد, كما أنه من الضروري البعد عن القسوة و اقامة نوع من التوازن في معاملة الأحفاد وبهذا لن يكون للإجداد اسلوب مغاير معهم لغمرهم بالحب والحنان.
وفي النهاية يختم د.جمال حديثه برسالة من الأبناء للإجداد: لقد أديتم ما عليكم ونجحتم في تربيتنا وهذا يعتبر وسام نفخر به ونرجو منكم تكرار تقديم العطاء والإسهام في اكمال المسيرة والتعامل مع الأحفاد بقدر من المسئولية وبعض الحزم و عدم اغداقهم بصورة مبالغ فيها بالهدايا وتلبية كل طلباتهم و نذكركم بتربيتكم لنا ونرجو تكرار هذه التجربة الناجحة في التعامل مع الأحفاد حتي نستطيع ـ بإذن الله تعالي ـ انتاج جيل من الأحفاد صالحين داخل الأسرة ونافع لنفسه ولمجتمعه.