اختلفت الآراء حول ترشيح المرأة لرئاسة الجمهورية، فالبعض يرى أن المرأة بطبيعتها مخلوق ضعيف وعاطفى أكثر منه عقلانى نظرا لتركيبتها الفسيولوجية بما تمر به من تغيرات جسمانية فى مراحل مختلفة من حياتها تؤثر فى سلوكياتها وفى أسلوب تفكيرها،
بينما يرى البعض الآخر أنه طالما أن المرأة نجحت كقيادية فى مواقع مختلفة كوزيرة وقاضية أو رئيسة جامعة فهذا كفيل بإثبات قدرتها على تولى رئاسة الوزراء أو أن تصبح رئيسة للجمهورية.
دكتورة آية ماهر أستاذة الموارد البشرية بالجامعة الأمريكية والناشطة فى مجال التنمية البشرية تتفق مع الرأى الثانى موضحة أن التاريخ ملىء بالكثير من الشخصيات التاريخية النسائية اللاتى حكمت دولا وامبراطوريات وأثبتن أنهن لم يكن أقل من الرجال من حيث الحكم والدهاء ورباطة الجأش والدبلوماسية فمن أشهر ملوك مصر حتشبسوت التى حكمت من 1503 ق. م. حتى 1482 ق وقد واجهت مشاكل عديدة فى بداية حكمها حيث كان يراها أغلب الناس مجرد امرأة جميلة ولا تستطيع حكم البلاد ولذلك كانت تحاول دائما ان تلبس وتتزين بملابس الرجال لإقناع الشعب بأنها تستطيع أن تحكم،لذا تميز عهدها بقوة الجيش والبناء والرحلات التى قامت بها.. كذلك الملكة نفرتيتى زوجة اخناتون والتى كانت معروفة بجمالها وقد حكمت مصر فى القرن الرابع عشر قبل الميلاد فى مصر الفرعونية. أيضا الملكة كليوباترا التى كانت أقوى ملكات مصر وحكمت مصر بعد وفاة والدها بطليموس الثانى عشر عام 51 قبل الميلاد.
أما فى القرن العشرين، برزت كثير من القيادات النسائية على مستوى دول العالم التى تقلدن منصب رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء بالترشيح والانتخاب بناء على اسهاماتهن المجتمعية أو السياسية مثل انديرا غاندى رئيسة وزراء الهند 6691 ـ 7791 و0891 ـ 4891 ومارجريت تاتشر رئيسة وزراء بريطانيا والتى لقبت بالمرأة الحديدية (1979 0991) وكروزان أكينو رئيسة الفلبين (1986 ـ 1992) وبناظير بوتو رئيسة وزراء باكستان8891ـ 6991).
تضيف دكتورة آية لقد أجمعت آراء الخبراء والمتخصصين السياسيين بأمريكا أنه يجب على أى رئيس جمهورية سواء رجل أو امرأةأن يتحلى بخمس صفات ومهارات محددة الذكاء السياسى والاجتماعى والاعلامى، الصدق والشفافية، القدرة على التواصل مع العامة بجانب الإصرار وموهبة القيادة.
فاذا بدأنا بالذكاء السياسى والاجتماعى والاعلامى نجده ضرورة لأن الخبرة السياسية وحدها لا تكون مجديةدون أن يكون لديه القدرة على التقدير والتحليل المتعمق للموقف الراهن بما فيه من ايجابيات وسلبيات، والموازنة بين الأبعاد المختلفة لأى قرارات أو خطط مستقبلية، بالاضافة إلى الذكاء الاجتماعى لفهم المواقف التى تحتاج الى حزم أو مرونة أحيانا، هذا بالاضافة الى الذكاء الاعلامى حيث أن الأقوال والأفعال التى تكون مقبولة فى القاعات المغلقة قد لا تكون مقبولة عند الحديث لوسائل الاعلام.
أما الصدق والصراحة والشفافية: فهى أساس لنيل احترام وتقدير الشعوب ولا غنى عنها لأى قائد أيا كان موقعه فأى تقصير فى أى وعد انتخابى يعنى فقدا للمصداقية وهدما لنموذج القائد الذى يجب أن يحتذى.
فيما يتعلق بالتواصل مع أبناء الشعب فهو ضرورة تحتاج لمهارات حيث يجب أن يلم باللغة التى يجب استخدامها مع الجموع باختلاف أعمارهم وخلفيتهم، وبعد وقبل كل شىء يأتى الاصرار والتصميم على النجاح: فالقائد أو الرئيس الناجح لابد أن يكون دؤوبا لا يمل ولا يكل للوصول إلى الهدف المراد تحقيقه، بل يتحدى الصعاب ويتوقع المشاكل والأزمات ليعمل على ايجاد حلول لها، والأهم من ذلك كله تحفيز الآخرين على ذلك، فعلى سبيل المثال نجد ان كلا من الرئيس الأمريكى روزفلت ومارجريت تاتشر كان معروفا عنهما هذه الصفة.
أخيرا تأتى صفة القيادة:وهى من أهم صفات الرئيس وخاصة النوع الديمقراطى بأن يتقبل اختلاف الآراء وتقبل الرأى الأخر، وأن يكون لديه من الخبرات القيادية من مهارات الإدارة من التخطيط المستقبلى والتنظيم والمتابعة والمراقبة، ولديه كذلك من المهارات القيادية والصفات الشخصية التى تجعلسه شخصية كاريز ماتيكية مثل غاندى وعبدالناصر فيحتذى بهم من القيادات الأخرى فى الاخلاص والتضحية والأمثلة والتوافق النفسى والاحترام وتحمل المسئولية.
وللدكتورة آية نصيحة تقدمها لكل سيدة ترغب فى الترشح للرئاسة: «إنك قادرة على التحدى ونجحت بالفعل على تولى الكثير من المناصب القيادية، وكى تصلى إلى القرار السليم، لابد أن تكونى صريحة جدا وواقعية مع نفسك ،هل أنت مؤهلة لتولى هذا الدور وهذه المسئولية الهائلة وخصوصا اننا لدينا الكثير من التحديات؟
هل لديك من الخبرات السياسية والحياتية أو المجتمعية كى تقومى بإنجاز واجباتك كرئيسة للجمهورية على أكمل وجه؟ هل أنت مقدرة أن الكرسى أو المنصب لوحده لا يمكن أن يشترى احترام الناس وتقديرهم لك بدون أن تحققى لهم الكثير والكثير؟
هل أنت مدركة انه عندما يتقلد الشخص منصبا وهو ليس بجدير به فيصبح هذا المنصب مثل الحبل الذى يشنق به نفسه أولا قبل أن يخنق المحيطين به؟
وهذا الحديث موجه أيضا لكل الرجال الذين يفكرون بذات الأمر.
وفى النهاية، سيدتى القيادية ان وجدتى نفسك مؤهلة لهذا الدور بالفعل من واقع تقديراتك الرشيدة وتقدير المحيطين لك، فبادرى بترشيح نفسك فقد تعيدى لتاريخ المرأة بمصر مجد حتشبسوت أو نفرتيتى أو كليوباترا.