يبحث الكثيرون في العصر الحالي عن الأثاث العملي لتحقيق الغرض منه، بحيث ينسجم ويتوافق مع التكوين المعماري الحديث نظراً لطبيعة الوحدات السكنية المحدودة المساحة، ولكن الإشكالية التي يقع فيها الكثيرون هي كيفية استغلال المساحة الضيقة بطريقة صحيحة، من خلال انتقاء الأثاث الملائم وعملية توزيعها في ردهات الفراغات، حتى يمكن أن يمارس فيها المرء أدواره وأنشطته، مستغلاً الفراغات الموجودة بطريقة مثالية، لتجاوز مشكلة ضيق المساحة.
و تشير المنسقة ابتسام أحمد قائلة: لا شك أن الكثيرين يبحثون عن الأثاث الذي يتمتع بعدة سمات كالعنصر الوظيفي والجمالي وأيضاً الراحة الذي ينشدها كل فرد. ولكن في حال كان الهدف هو العنصر الوظيفي في القطعة فلا بد من البحث عن الأثاث العملي وأن يكون شكله معتمداً على وظيفته وليس من زاوية الشكل الجمالي فقط، خاصة في المساحات الضيقة والفراغات المحدودة التي نجدها في أغلب المساكن في وقتنا الحالي، ونجد أن السوق يضم قطع الأثاث بكميات كبيرة وتصاميم مختلفة لا حصر لها، حتى بتنا لا نستطيع التفريق بين أنماط هذه القطع من الأثاث نظراً للتشابه في التصميم ونوعية الخامات المستخدمة والتطور التكنولوجي في صناعة الأثاث، الذي يقوم بإنتاج عدد مختلف من القطع التي تتسم بالمرونة في الاستخدام، فنجد بعض القطع تصنع مفردة أو تكون وحدة واحدة في مجموعة متشابهة من حيث التصميم والخامة واللون.
بساطة وراحة
وتضيف ابتسام: نجد أن أكثر الاتجاه في التصميم هو الاعتماد على تركيب أجزاء القطع مع بعضها البعض في حيز وفراغ واحد، وأغلب هذه القطع القائمة على الطراز الحديث قابلة للتفكيك والتركيب، والاستبدال مع بعضها بسب تعدد استخداماتها. وتؤكد ابتسام أنه قبل الشروع في اختيار الأثاث، لا بد أن يدرك المرء أهمية البحث عن المنتج الجيد ذي المتانة والجودة العالية حتى يضمن احتفاظه بمظهره وألوانه، وأن يكون مؤدي وظيفته بشكل جيد ومريح لفترات ومدة زمنية طويلة، دون الحاجة إلى صيانتها أو استبدالها. والنوعية الجيدة بلا شك مرتبطة بالقيمة والتكلفة العالية لها، في حين بعض قطع الأثاث التي سرعان ما تتهالك وتفقد بريقها تباع بأسعار زهيدة. فلا بد أن يسعى المرء في البحث عن المنتج الجيد حتى يضمن تحقيق الغاية من استخدامها ووظيفتها في المنزل. كما يفضل أن تكون قطع الأثاث بسيطة وبعيده نوعا ما عن التركيب المعقد، ونظراً لضيق مساحات الفراغات لا بد من اختيار قطع الأثاث صغيرة الحجم والخفيفة حتى يسهل عملية تحريكها عند التنظيف.
أبعاد الغرف
وحول التخطيط المثالي لتحديد نوعية الأثاث ومدى الحاجة له ترى ابتسام، أن هناك بعض الخطوات التي يمكن أن تساعد الأفراد في تحديد احتياجاتهم من الأثاث وفقاً للمساحة والفراغات الموجودة، فقبل المباشرة والتوجه إلى الشراء، لابد من رسم الغرفة أولا وتحديد الفراغ المطلوب وذلك وفقاً للقياسات وباستخدام صورة المربعات أو الرسم البياني أو يمكن تطبيق القياسات على رسم يمكن أن يبلغ نسبته لربع بوصة إلى قدم واحد، كما لا بد ألا ننسى رسم المنافذ والفتحات الموجودة في الفراغ كالنوافذ والأبواب وأماكن التوصيل الكهربائية مع رسم كل قطعة أثاث حسب القياس واقتطاع صورها. كما أن تحريك المفروشات على الورق يؤدي إلى الحصول على أفضل ترتيب مناسب، وهذا يساعد على تحديد حاجاتنا من المفروشات وطريقة توزيعها وحجمها. ويجب مراعاة أن للغرفة أبعاداً ثلاثة والترتيب الذي يبدو مناسباً على الورق قد لا يكون كذلك فعلاً عندما يقاس على الأثاث، وللتأكد من دقة التنظيم يفترض أخذ قياس ارتفاع الجدران والمفروشات في رسم منظوري. عندها يمكن أن تكون الصورة واضحة نوعا ما أمام الفرد في التعرف إلى احتياجات المساحة المحددة أو الفراغ من أثاث وخطوات وتوزيعه فيه.
نقطة محورية
وتشير ابتسام أحمد قائلة: عادة ما تتنوع طرق العيش وأنماط الحياة مما يجعل لا ثمة قانون واحد ثابت يلائم كل الظروف، إلا أن هناك بعض الخطوات والركائز في عملية التنظيم والترتيب التي يمكن أن تطبق على تلك الاختلافات، وذلك بترك خط المرور مفتوحاً، فلا يتم وضع أي قطعة من شأنها أن تعيق حركة الأفراد أثناء الانتقال من فراغ إلى آخر، بحيث لا تسبب حركة الانتقال أي إزعاج للجالسين في أي فراغ، ويمكن أن تضم كل غرفة نقطة محورية ويتمثل ذلك في موقد أو نافذة أو قطعة أثاث بارزة ومميزة. كما هو معروف أيضا أن قطع الأثاث الكبيرة يجب أن توضع في خط مواز للجدار لتحتل مساحة أصغر وتنسجم أكثر مع خطوط الغرفة. كما يمكن أن يتم جمع المفروشات مع بعضها على شكل مجموعات، لتلعب كل مجموعة دوراً بارزاً في قدرة الغرفة على التكيف مع الظروف المتعددة، ومن المعروف أن الأثاث العصري متنوع الاستعمالات ويلبي مختلف الرغبات.
تناسق وتناغم
وتوضح ابتسام: عادة ما يتم ترتيب الأثاث وجمعه حسب الطريقة التي يستعمل بها، فمجموعة ركن المحادثة تعتبر هي نقطة البداية في ركن الحياة اليومية، وكذلك طاولة المائدة في غرف المائدة، والأسرّة في ركن غرف النوم ولا يمكن أن نشرع في الترتيبات الإضافية قبل الانتهاء من القطع الرئيسية في الفراغ، فتساعد عملية ترتيب الأثاث على تحقيق ما نرغب في خلقه من جو وطابع عام متناسق ومتناغم وبيئة يتوفر فيها قدراً من الهدوء والراحة.
كما يمكن أن يقسم الفراغ إلى عدة أقسام مخصصة لوظائف وأنشطة متعددة، وهذا ما يطبق على المساكن الضيقة ومحدودة المساحة، فصالة المعيشة مثلاً يمكن أن يمارس فيها أصحاب المنزل مختلف الأنشطة، بالإضافة إلى ركن الجلوس وركن الطعام وركن القراءة والمطالعة. فيما لو قسمت بشكل جميل وجذاب لا يؤثر على جمالية الفراغات الأخرى من المنزل.
المرايا تحقق الاتساع
تقول المنسقة ابتسام أحمد: لا بد أن نشير إلى ضرورة خلق مظهر يوحي بالاتساع عندما تضيق الغرف، وذلك بوضع أقل عدد ممكن من قطع المفروشات التي تتسم بخفة وزنها ودقة قوائمها، مع مراعاة وضع الأثاث قرب الجدران والزوايا لترك أكبر قدر من المساحة مفتوحاً، مع تلافي الإكثار من استعمال الكماليات، ولا يمكن أن ننسى أيضاً دور المرايا في المساحات الضيقة مع ضرورة انتقاء المكان الملائم لها، فهي تعمل على خلق إيحاء بالاتساع وزيادة مساحة الفراغ.
