يظل اكتمال الحمل وسلامة الولادة للأم والوليد الجديد، أمل كل الأمهات، مع كل حمل جديد، ويظل هاجس الولادة المبكرة أو عدم اكتمال الحمل، الهاجس الذي يفزع السيدة الحامل طيلة أيام الحمل. ومما شك فيه أن تقدم العلوم الطبية وتطور اختراعات الأجهزة التشخيصية الحديثة والأدوية الفعالة، وتطور الوعي الصحي، عوامل قد ساهمت في انخفاض نسبة الولادة المبكرة بمعدل يقترب من 15 %، إلا أن هذا المعدل ينخفض إلى ما دون ذلك في البلدان النامية والفقيرة، حيث تعلو نسبة موت الأطفال الصغار بسبب نقص التغذية، وعدم وجود الإٍسعافات الضرورية لإنعاش الأطفال الذين يولدون قبل أوانهم.
فما حقيقة الولادة المبكرة؟ وما الأسباب الأكثر شيوعاً؟ وما الأخطار المتمثلة في الولادة المبكرة؟ وكيف يمكن للطبيب المعالج تشخيصها وتوقعها؟ وما الأساليب الطبية المناسبة للتعامل مع الأم والطفل في مثل هذه الحالات؟
الدكتورة افتتاح فضل علي، اختصاصية النساء والولادة توضح جوانب عديدة حول “الولادة المبكرة”، وتقول:”الولادة المبكرة هي ولادة الطفل قبل اكتمال مرحلة الحمل بشكل كامل في رحم الأم. أي خروج الجنين من الرحم قبل مرور 37 أسبوعاً. وتحدث الولادة قبل الأوان عادة ما بين الأسبوع الثامن والعشرين والخامس والثلاثين من الحمل، أو بالأخرى في الشهر السابع أو الثامن من الحمل، لأن ولادة الطفل قبل بلوغه الشهر السابع تعد إجهاضا وليس ولادة، ولا يكون الطفل فيها قابلا للعيش بتاتا. وهذه الحال تحدث بنسبة تتراوح ما بين 6% إلى 15%.
التشخيص
ويتم التشخيص عن طريق الفحص المخبري لنوع من البروتين يؤخذ عن طريق مسحة مهبلية من الأم الحامل، وهو فحص غير مؤلم يعطي إشارة عما كانت الأم في حالة ولادة مبكرة أم لا، وعمل تشخيص بـ”الالتراساوند” للكشف عن طول عنق الرحم ووزن الطفل، والكشف عن تقلصات الرحم عن طريق جهاز إلكتروني خاص بذلك. ومن علامات الولادة قبل الأوان أننا نلاحظ أن جلد الطفل يكون رقيقا، ويميل إلى الحمرة، كما أننا نجد أن عظامه لينة ورقيقة، وتنفسه سطحيا، ومن السهولة أن نلاحظ أن صراخه يكون ضعيفا، وحركاته بطيئة بشكل عام، كما نلاحظ أنه لا يستطيع أن يرضع بسهولة، فضلاً عن عدم استقرار درجة حرارة جسمه. ومن السهولة أن يلاحظ الطبيب أن وزن الأطفال الذين يولدون قبل أوانهم يكون في أكثر الحالات أقل من 2500 غرام، ويتراوح وزنهم عادة ما بين الكيلو غرام ونصف الكيلو غرامين، ويكونون أكثر من غيرهم عرضة للمخاطر والمشاكل والمتاعب الصحية، ونسبة كبيرة منهم يموتون عادة بعد ولادتهم بأيام عدة لعدم اكتمال نموهم”.
العوامل المسببة
عن العوامل المسببة للولادة المبكرة، وكيفية تجنبها، تقول الدكتورة افتتاح:” الولادة المبكرة غير معروفة الأسباب في معظم الحالات، لكن غالباً ما نجد أن ارتفاع ضغط الدم الأم الحامل إذا كان عمرها أكثر من 35 سنة أو إذا كان عمر الفتاة الحامل أقل من 18 سنة، فضلاً عن سوء التغذية ونقص وزن الأم، كما يسبب الحمل المتعدد مثل حمل التوائم، وبنسبة 57%، مقابل 9% للحمل الأحادي، كذلك تحدث الولادة المبكرة عندما يكون هناك تشوهات خلقية للجنين أو لرحم الأم، أو لقصر عنق الرحم، فضلاً عن يتسبب السكري الناتج عن الحمل في حدوث الولادة المبكرة، وأمراض النسج الداعمة، والالتهابات التي تسبب عدم اكتمال الحمل بنسبة تتراوح ما بين 25 -40% تقريباً. ولا ننسى العوامل النفسية الأخرى مثل القلق والخوف والتوتر والإجهاد، والوقوف الطويل، أو ممارسة الرياضات المرهقة، وقد يلاحظ استهتار الحامل بتطور الحمل، أو عدم زيارة الطبيب بانتظام وتنفيذ إرشاداته وتوصياته أو عند الإصابة ببعض الأمراض الباطنية أو الأمراض المعدية أو للإجهاضات السابقة المتكررة وضعف الرحم، والحمل التوأمي، وولادة الطفل من مقعدته أو من رجليه وليس من رأسه، كما يحدث في 99% من الولادات الطبيعية. كذلك نقص تكوين الرحم، كالرحم المزدوج ووجود أورام رئة أو ورم في المبيضين”.
الأعراض
وتضيف الدكتورة افتتاح: “تحدث الولادة المبكرة أيضاً بسبب إصابة الحامل بالتجرثم المهبلي قبل الأسبوع العشرين من الحمل فإنها معرضة للولادة المبكرة بمعدل يفوق 4 أضعاف الحالات العادية. وترتفع خطورة الولادة المبكرة إلى 8 أضعاف عندما تصاب الحامل بالتجرثم المهبلي قبل الأسبوع السادس عشر من الحمل. كما أن التجرثم المهبلي البكتيري أثناء الأسابيع الأولى من الحمل قد يؤدي إلى زيادة حالات الإجهاض بمعدل 10 أضعاف الحالات العادية. ومن ثم تتأتى أهمية المتابعة الصحية للحامل قبل وأثناء أشهر الحمل”.
أما عن أعراض الولادة المبكرة، والأخطار المتمثلة فيها، فتقول الدكتورة افتتاح: “عادة ما تشكو الحامل من وجود تقلصات للرحم، وتكون أربع مرات أو أكثر، وخروج سائل مائي أو إفرازات معينة من المهبل، والإحساس بوجود ضغط في منطقة الحوض، مع الشكوى من آلام أسفل البطن وأسفل الظهر، ويتطور الأمر إلى النزيف المهبلي الذي يؤدي إلى حدوث الولادة المبكرة، مع اتساع عنق الرحم من دون الشعور بأعراض الولادة. أما الأخطار المتمثلة في الولادة المبكرة، فتتمثل في حدوث الوفيات، حيث تحدث في السنة الأولى من الولادة، ومعظمها تكون في الشهر الأول، وهي ما بين 10-25%، ووجود الأمراض المصاحبة للولادة المبكرة بالنسبة للمواليد “الخدج”، وهي حالات في معظمها غير قابلة للشفاء مثل التخلف العقلي، وعدم القدرة على النمو أو بطء النمو، ووجود أمراض في شبكية العين، واختلال الجهاز العصبي والجهاز الهضمي للأطفال والتمثيل الغذائي، ومعاناتهم من متلازمة الضائقة التنفسية الحادة، وأمراض الدم، ووجود بعض الالتهابات مثل الالتهابات الصدرية والتهابات المسالك البولية”.