يصاب الكثير من الامهات بالقلق من اصدقاء الابن أو الابنة خاصة لو كان لديها بعض الوساوس أو الاعتراضات بخصوص الصديق المقرب لابنها أو الانتيم كما يطلقون عليه, وبعض الامهات يشعرن بالغيرة لان ابنتها تأتمن صديقتها علي أسرارها ولاتأتمنها,
ولكن لاداعي لكل ذلك, فالصديق المقرب ظاهرة صحية لكل مراهق أو مراهقة كما يؤكد الدكتور أحمد خيري حافظ استاذ علم النفس جامعة عين شمس قائلا: إن اكثر انواع العلاقات الانسانية قوة بين البشر هي الصداقة, وأن أكثر أنواع الصداقة قوة واستقرارا هي الصداقة التي تبدأ في المراحل المبكرة من العمر, فالصداقة بالنسبة للمراهق ـ أو المراهقة ـ هي الملعب الرئيسي الذي ينفس فيه عن طاقاته ويكتسب من خلاله المزيد من المهارات في التعاملات مع الناس, ويتدرب علي العلاقات الاجتماعية الحميمة, كما أنها وسيلة مهمة يتبعها للهروب من ضغط السلطة الابوية أو السلطة المدرسية, ولذلك يكون المراهقون جماعات وصداقات اشبه بالتنظيمات السرية التي تتم ضد المجتمع, وينتمي المراهق لهذه التنظيمات اكثر من انتمائه لاسرته, حيث يجد فيها الفرصة الحقيقية كي يعبر عن رغباته المقبولة وغير المقبولة, فمن المعروف ـ مثلا ـ ان المراهقة قد تكشف اسرارها لصديقتها الانتيم وتخفيها عن أمها وأبيها, وإن لم يكن لديها اسرار فانها تحكي لها بصراحة عن احلامها ومخاوفها, بل واحيانا كثيرة تحكي لها اختلافها في الرأي مع أمها وابيها فهي الاقرب منها عمرا والأكثر إحساسا بها.
ويري علماء النفس أن فترة المراهقة هي الميلاد الحقيقي للفرد, والميلاد الحقيقي لايتحقق إلا بحرية الارادة, وتتجسد حرية الارادة في الاصدقاء وفي اختيارهم, ولذلك نجد احيانا ماتصاب فتاه بالانهيار العصبي نتيجة لخيانة صديقة لها بإفشاء اسرارها أو عدم وقوفها بجانبها في وقت احتياجها لها, وقد تصاب مراهقة أخري بالاكتئاب نتيجة سفر أوغياب صديقتها الأنتيم, فهي عندها ـ مهما انكرنا ـ أغلي من الأم والأب والأخوة, ولذلك يجب علينا كأولياء أمور ان ننظر بعين الاهتمام الي اصدقاء بناتنا وابنائنا المراهقين, وعلينا ان نتيح لهم فرص تنمية وتطوير هذه الصداقات, كما يجب علينا ان نعامل اصدقاءهم بنفس طريقة معاملتنا لهم, كأن نستقبلهم بحفاوة وأن نحسن ضيافتهم ونقدم لهم المشورة والنصيحة في وقت حاجتهم لها.
ويستكمل د. حافظ حديثه قائلا: ويهمنا في هذا المجال ان نشير الي عدة أمور أولها: أن الانحراف في السلوك يبدأ في مرحلة المراهقة, فالصديق هو المعلم السيئ أوالجيد للابناء, فهو الذي يسمع كلام صديقه.. وهي التي تقلد صديقتها في سلوكها وفي طريقة تعبيراتها الاساسية بل وفي طريقة كلامها وطريقة تفكيرها.
ثانيا: إنه ينبغي ألا نجعل من اصدقاء ابنائنا الحديقة الخلفية التي يلعبون فيها ويمرحون هروبا من سيطرة الآباء وديكتاتورية المجتمع.
ثالثا: إن الاصدقاء هم الصندوق الاسود لأبنائنا والذي يبدأ في التسجيل في مرحلة المراهقة, وعلينا كآباء وامهات ان ننتبه ان هذا الصندوق الاسود يلعب دورا خطيرا في مستقبل ابنائنا, كما يتكون الاتجاه ضد المجتمع من حيث التمرد علي القواعد والقوانين والاخلاق من خلال الاصدقاء, وقبل كل هذا يتشكل القاموس اللغوي للمراهق في هذه المرحلة من الاصدقاء.
ويؤكد د. حافظ أنه من الافضل لكل أم قبول أصدقاء ابنائها, والاقتراب منهم وقبول عيوب الصديقة أو الصديق, ومحاولة لفت الانتباه لبعض الامور بحيث يبقي كل شيء تحت أعين الام وليس من ورائها.