رصدت دراسة تحليلية لمركز الأبحاث والدراسات السكانية بالجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء مظاهر العنف الذي يمارسه الأزواج تجاه زوجاتهم وكشفت عن أن 47.4% من السيدات السابق لهن الزواج في الفترة العمرية من 15 الي 49 عاما تعرضن للعنف الجسدي بعد بلوغهن سن الخامسة عشرة و33% منهن تعرضن لصور من العنف الجسدي قبل الزواج و18% للعنف النفسي و7% للعنف الجنسي بعد الزواج. وأوضح اللواء أبو بكر الجندي رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن 8,95% من المتزوجات عام 2007 تعرضن للختان في طفولتهن مقابل 3,97% عام 2005 وذلك من واقع بيانات المسح السكاني الصحي الذي أجري مؤخرا. كما أثبتت دراسة المجلس القومي للسكان أن 75% من النساء يتم ضربهن ويتعرضن لعنف لفظي أو جسدي أو جنسي.
وتعلق علي هذه الظاهرة د. عزة كريم أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية قائلة إن الرجل بطبيعته لا يفضل الندية في التعامل معه والرجل يعد طفلا يمكن التأثير عليه بأساليب مختلفة. وعلي المرأة أن تتفهم دورها كإمراة وكزوجة .. فعندما يتعصب عليك الزوج لا تقابليه بالعصبية حتي ينتهي انفعاله وهذا ليس بضعف منك.. وهذه هي الحكمة وظاهرة العنف تحدث وتكون عادة لأسباب تافهة وبسيطة ولكنها تزداد بتبادل الألفاظ وتراشق الكلمات الجارحة فلا يجب أن تواجهي الإهانة بالإهانة.
يجب أن تعتادي طاعة زوجك .. والزوج أيضا عليه أن يتفهم زوجته ويقبل الاختلاف في الرأي ويشعرها بوجودها ويجنب العصبية لأتفه الأسباب.
وأثبتت الدراسات أن العنف يعد من أهم أسباب انهيار الحياة الزوجية وللأسف الأطفال هم الضحايا يليه تعاطي المخدرات وانتشار حبوب الهلوسة يليهما إحساس الرجل بالنقص وتجريمه وإحساسه بعدم الكفاءة الجنسية.. وانتشار الضعف الجنسي وصلت نسبته 50% وأخيرا تهمس د. عزة في أذن كل زوجة بالابتعاد عن إهانة الرجل والابتعاد عنه في أوقات انفعالاته وتهيئة المناخ المناسب له وإذا فعلت كل هذا ولم ينبذ العنف فإنه قد يكون مريضا نفسيا.
أما د. سوسن العزالي أستاذ الصحة العامة والطب السلوكي بجامعة عين شمس فتقول إن العنف أصبح جزءا من حياتنا وبالتالي ينعكس علي العلاقات سواء من الأزواج أو الإخوة أو الآباء حتي أن الحياة الزوجية فقدت إلي حد ما الهدف الحقيقي للمشاركة الوجدانية والنفسية والروحانية وأصبحت وكأنها شركة يحسب فيها كل طرف الخسائر والمكاسب ومن هنا تتولد فكرة العنف والسيطرة. والمرأة اليوم تشعر بأنها تستثمر كفاحها فلم تعد ترضي كما كان في الماضي بمجاراة سيادة الرجل نتيجة للتنشئة الاجتماعية بداع أو دون داع.. ولكنها تريد الاستشعار بكيانها كإنسان. وحتي الأهل عندما تحدث مشكلة بين الزوجين ويتدخلون للإصلاح فقد يكون للتحفيز وتشجيع الرجل علي العنف خصوصا أهله. أي التدخل من أجل الأذي وقد يكون العنف نتيجة لأسباب اقتصادية وضغوط نفسية وعدم راحة وتطلعات غير عقلانية أو غير مشروعة فلا يكون هناك توافق. وسيادة الرجل تغذيها بالفعل أسرة الرجل في ظل تفضيل الذكر وإشعاره بأنه الأقوي. وأثبتت دراسة للمجلس القومي للسكان أن من بين كل 4 نساء ثلاثا يتم ضربهن ويتعرضن للعنف اللفظي أو الجسدي أو الجنسي.
فيجب أن تكون العلاقة يسودها المودة والرحمة وإلا تكون مثقلة بكل الأعباء من تربية الأولاد وتعليمهم وإدارة المنزل ويجب أن يتعلم الرجل كيف يسعد زوجته وأن يكون بينهما مشاركة وتبادل للأدوار من وقت لآخر خصوصا أن المرأة أصبح لها دور اقتصادي واجتماعي وتربوي داخل الأسرة. فالواقع العملي يقول إن المرأة تطورت وأصبحت لها مكانة داخل المجتمع ولكن لم يواكبها تطور فكري للرجل بأهمية دور المرأة. فالمرأة تحتاج إلي الكلمة الطيبة والتقدير ومدخل المرأة هو أذنيها وأن تشعر ممن أمامها بأنه يقدرها ويحترمها ويعطيها حقها. كما أن الغيرة المهنية ومحاولة تعطيل نجاحات المرأة تولد العنف بينهما وعلي المرأة طمأنة الرجل بأن نجاحها وطموحها وسفرها ليس لشخصها فقط وإنما لصالح الأسرة كما أن عمل الزوج ونجاحاته ينعكس علي الزوجة والأبناء. والزوج عندما يعي أن زوجته تعمل من أجل رفاهية أسرتها ونجاح أبنائها فإن ذلك من شأنه تقليل الغيرة.
ويسقط الرجل من نظر المرأة عندما تشعر بأنه بخيل أو غير وفي أو غير متعاون معها أو غير مقدر لنجاحها. كما نري انتشار الأمراض بين النساء ممن هن أكثر من الأربعين نتيجة لما يتعرضن له من ضغوط نفسية وعدم وجود تكافل أو تقدير لهن للأسف أن هذا العنف ينتشر بين جميع الطبقات سواء العاملة أو أستاذة الجامعة ويجب أن يكون هناك تكافؤ أخلاقي بين الزوجين, فالتقارب من شأنه تعديل الأحاسيس وهذه الثقافة غائبة عن مجتمعنا وترفض د. سوسن الغزالي مصطلح اغتصاب الزوجات لأنه تعبير وافد علينا وضرره أكثر من نفعه. ومن أهم أسباب العنف الزوجي هو العنف في العلاقة الحميمة واتخاذ الجنس من قبل المرأة للمنح والمنع فلابد أن تدرك المرأة طبيعة الرجل وأن بواعث الجنس عند الرجل تختلف عن المرأة.
بعض البنات يرفضن الزواج ويفضلن العنوسة لأن أمامهن نموذجا سيئا للأب, فظاهرة العنف غير مسبوقة علي المجتمع المصري والذي كان يتميز دائما بأنه مجتمع التماسك الأسري والمودة والتي كانت دائما تربط بين أفراد الأسرة الواحدة القريب منهم والبعيد وكان ذلك مصدر اعتزاز دائم وقوة للمجتمع بوجه عام وهناك عدد من الأسباب التي أدت الي شيوع هذه الظاهرة والتي وصلت إلي حالة من استخدام العنف بين أقرب الأقرباء بين الأب وابنه والبنت وأمها والزوج وأخته إلي غير ذلك مما نشاهده في وقتنا الحاضر ويكون السبب هو ضعف الوازع الديني الذي كان يمثل حصانة الأسرة علي مدي الأزمان والأجيال وكان طابع الأسرة دائما الاحترام المتبادل والمحبة العميقة التي تجعل كل فرد يضحي في سبيل الآخر فضلا عن أن تراجع الوازع الديني أثر تأثيرا سلبيا علي هذا التماسك الأسري حتي استخف البعض بالعلاقات الأسرية ونشأت أمور جديدة مثل الأنواع الجديدة من المخدرات والتي أدت بالتأكيد إلي أن يقبل الأبناء الصغار علي مثل هذه العقاقير. ويتطلب هذا الإدمان مزيدا من النفقات التي تؤدي إلي استخدام الأبناء للعنف تجاه آبائهم للحصول علي المال اللازم لتعاطي المخدرات وقد يكون بسبب البطالة وما تسببه من إحباط وقد يكون السبب الغزو الفكري وما نشاهده عبر الإعلام المرئي في السينما والإعلام التي تدعو للعنف ونعتبره ظاهرة طبيعية وقد يتأثر هؤلاء النشء بهذه الأعمال ويترجمونها علي أرض الواقع بالإضافة إلي المشكلات الناشئة عبر الإنترنت وما يبثه هذا الجهاز العجيب من أفكار تدعو إلي التفكك الأسري والحرية المطلقة في علاقة الآباء بالأبناء وبالتالي ينشأ تصادم افكار هذا بالإضافة لما نشاهده عبر القنوات المفتوحة مما يؤدي للعنف بين الزوج والزوجة باسم الحرية والاستقلالية. وذلك بعيد عما أشار إليه الله سبحانه وتعالي بقوله ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون وهذا العنف الأسري انعكس بدوره علي العلاقة بين الآباء والأبناء والتي وصفها بقوله والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذريتنا قرة عين واجعلنا للمتقين إماما (سورة الفرقان), ولاشك أن هذه المعاني التي كانت حقيقة مجسدة في علاقة الأسرة المصرية حتي وقت قريب وللأسف الشديد فهذه المشكلات أدت إلي تفكيك هذا الصرح الشامخ وبالتالي فإننا لا نجد علاجا لهذا العنف الذي ساد المجتمع سوي بالتمسك بالقيم الاسلامية وأصبح لدينا 30% من النساء معيلات لأسر كما أن هناك بعض الرجال يقولون طالما أنها خرجت للعمل فإنها تكون محتسبة لحساب الزوج وأنها ارتضت تحمل ضريبة هذا العمل وهي المساهمة في نفقات الأسرة والإعاشة ومتطلبات الحياة.
وللأسف نجد الرجال يتهربون من مسئولياتهم الأسرية ويلقون بأعبائها علي الأم وهذا يعتبر إخلالا بواجب القوامة الذي أعطاه الله للرجل لأن القوامة ليست قوامة استبداد ولكنها حماية ورعاية كما أن هناك إحساسا عند الرجل بأنه أصبح مهمشا, حيث إن المرأة تكسب كل يوم ما يمكن أن يعزز شخصيتها ويعلي قيمة عملها وإسهامها في البناء الاجتماعي للمجتمع وهذا ترك مردودا عند العديد من الرجال وكذلك عند العديد من الرجال وكذلك عند المرأة وبالتالي ترغب في كسب المزيد من الإنجازات في الحياة الاجتماعية فالرجل يشعر بأن المرأة سحبت البساط من تحت قدميه فمازالت هناك رواسب عند بعض الرجال بأن عمل المرأة هامشي وأصبحت هناك علاقة تنافسية نتيجة للعمل فمثلما تري المرأة نجاح الرجل في عمله فإن لديها الشعور نفسه وأن تصبح لديها مكانها اجتماعية مرموقة خصوصا في مجال العمل الاجتماعي خصوصا أنها محرومة علي مستوي القرار من الأسرة وهذا أدي للكثير من القلق والتوتر في العلاقة الزوجية. وطالب د. الشحات بضرورة أن يتفهم كل من الرجل والمرأة لمسئولياته في الحياة وأن المرأة عضو مشارك في المجتمع ومن حقها أن تعمل وأن يكون لها إسهامها في البناء المجتمعي وفي الوقت ذاته عليها ألا تضحي بهذه المكانة المجتمعية وألا تكون علي حساب أسرتها وعلي الرجل أن يفهم دوره داخل الأسرة وعليه مسئولية المساعدة في المنزل فهي ليست مسئولية المرأة وحدها.. فالمسئولية مشتركة بين الطرفين.
وكان الرسول صلي الله عليه وسلم يساعد أهله في مهنتهم أي يساعدهن في بعض الأعمال المنزلية وكان يخيط ثيابه ويداعب زوجاته وكان لا يكف عن البسمة في وجوههن وكان يسابق السيدة عائشة وبالتالي فإن هذه الألفة بين الزوج والزوجة ينبغي ألا تتأثر بالمتغير الذي طرأ علي حياتنا وهو مشاركة الرجل للمرأة في مجالات الحياة المختلفة ويجب علي الرجل أن يفهم أن خروج المرأة للعمل هو انتقاص من واجب القوامة التي أعطاها الله للرجل. ولأن خروج المرأة للعمل يمثل دورا مجتمعيا لا يمنعه الاسلام.
- الدين يخلو من العنف
هكذا بدأ حديثه معنا د. محمود عاشور وكيل الأزهر الأسبق وعضو مجمع البحوث الإسلامية, فالدين ليس به عنف وإنما قائم علي التسامح والحب والعلاقات الطيبة قال تعالي ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة وذلك بأن يطمئن إليها نفسا وروحا ووجدانا فتكون مستودع آماله وأحلامه وخزينة همومه وآلامه. وأن يتمتعا بحياة هادئة مستقرة ليست فيها أية صورة من صور التعدي أو الإيذاء سواء النفسي أو الجسدي أو اللفظي.. وذكر جعل بينكم مودة أي حب لا ينتهي. كما ذكر أنه لا يكره أو يعادي مؤمن مؤمنة فإن كره كره منها خلقا أعجبته في أشياء أخري.. أي يتجاوز عما لا يعجبه إلي ما يعجبه حتي تهنأ الحياة بينهما.
هذا الزواج الذي شرعه المولي سبحانه وتعالي ليس فيه عنف أو إكراه أو إجبار وليس فيه أشياء غير سوية, قال تعالي فعاشروهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضررا لتعتدوا.
وسئلت أم المؤمنين عائشة عن أخلاق رسول الله صلي الله عليه وسلم فقالت كان خلقه القرآن أي يطبقه في جميع تصرفاته وعن علاقاته بزوجاته فكن يقلن كان يجلس إلينا أي إلي زوجاته يحدثنا ونحادثه ويضاحكنا ونضاحكه يلاعبنا ونلاعبه ثم إذا نودي للصلاة خرج وكأننا لا نعرفه ولا يعرفنا كان صلي الله عليه وسلم يخسف نعله أي يسكفه ويرقع ثوبه ويقوم بيته ويجلب ثيابه ويمشي في حاجة أهله أي يشتري الأشياء اللازمة لأهله.
وكان يداعب السيد عائشة وكان يسابقها في الجري وكانت متكنزة باللحم فسبقها ثم انتقص وزنها فسبقته كما قال رسول الله إذا جاءكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه إلا أن تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير, وجاء رجل للإمام الحسن بن الزهراء بنت الرسول وقال له جاءني فلان وفلان يخطبان ابنتي فقال له أعطها لمن يتق الله إن أحبها أكرمها وإن كرهها لن يظلمها.