تحلم كل امرأة ببشرة نضرة تنبض بالشباب والحيوية، وتخلو من التجاعيد والطيات، لذا تلجأ بعض النساء إلى الحَقن بمواد فعالة تحارب تكوّن هذه التجاعيد، ولكن هؤلاء النساء لا يعرفن أنهن بذلك يحاربن أنفسهن أيضاً.
وأوضح عضو الرابطة الألمانية لأطباء الأمراض الجلدية بالعاصمة الألمانية برلين، الدكتور ديرك ماير روغه، أن التجاعيد والطيات تظهر بفعل علامات الوجه التعبيرية؛ إذ إن كل ضحكة وكل تجهّم تحفر تجاعيد، وتترك آثاراً في الوجه، وهو ما يُطلق عليه علامات الزمن التي تثير انزعاج الكثيرين.
ويُعد «البوتوكس» (اختصار كلمتي بوتيولينيوم وتوكسين) سلاحاً فعالاً لمحاربة التجاعيد الناجمة عن علامات الوجه التي تعبر بها المرأة عن فرحتها وغضبها وتجهمها.
وتحقن هذه المادة الفعالة في عضلات الوجه مباشرة لتعيق انتقال إشارات الخلايا العصبية إلى الخلايا العضلية، ومن ثم تصاب العضلات بالشلل. ولا تنشأ أي تجاعيد بالمواضع التي لم يعد الجلد ينقبض فيها. ويستمر مفعول «البوتوكس» لمدة تراوح بين أربعة وستة أشهر، وبعد ذلك يزول أثرها ويحين موعد الحَقن التالي. غير أن أطباء التجميل يحذرون من الآثار الجانبية لـ«البوتوكس»، لذا يلزم أن تتم عملية الحقن على يد طبيب متخصص.
علاج قديم
بخلاف الكليشيهات الشائعة لا يُعد «البوتوكس» اختراعاً جديداً توصل إليه أطباء التجميل، ويقول الدكتور روغه: «يتم استخدام مادة (البوتوكس) دواء منذ 50 عاماً بالفعل، إذ يحقن الأطباء المرضى بهذه المادة لعلاج أنواع كثيرة من التشنجات، كتلك الناجمة عن السكتات الدماغية مثلاً.. وبشكل تدريجي توسعت استخدامات (البوتوكس) الطبية لتشمل الاستخدامات التجميلية».
وبما أنه لا يُسمح باستخدام «البوتوكس» دواء إلا في حالات محدودة جداً، فإنه ينبغي أيضاً توخي الحيطة والحذر في استخداماته التجميلية الخالصة. ويُعرف المعهد الاتحادي للعقاقير الطبية في بون غرب ألمانيا على موقعه الإلكتروني، «البوتوكس» بأنه مادة عالية المفعول ينبغي استخدامها طبياً على يد أطباء يتمتعون بخبرة خاصة. وأشار المعهد الألماني إلى أنه منذ السماح أول مرة باستخدام «البوتوكس» طبياً ورد نحو 120 تقريراً حول حالات شك في حدوث آثار جانبية من كل الأنواع وبكل درجات الخطورة، من بينها خمس حالات انتهت بالوفاة.
وأضاف أنه على الرغم من ذلك لم يتم التحقق في أي من هذه الحالات من وجود علاقة سببية بين هذه الآثار الجانبية واستخدام «البوتوكس». وبحسب المعهد الألماني، لم ترد أي تقارير حول وجود آثار جانبية شديدة الخطورة أو حتى مميتة لاستخدام «البوتوكس» في الأغراض التجميلية. وفي الوقت نفسه لا تتوافر معلومات حول أبعاد استخدام «البوتوكس» خارج نطاقات الاستخدام المصرح بها.
سُمّ أعصاب
نظراً لكونه سُمّ أعصاب قوياً، ينطوي استخدام «البوتوكس» بالطبع على مخاطر؛ فإذا تم استخدامه في موضع خاطئ أو بجرعة خاطئة، فقد يترتب على ذلك حدوث آثار جانبية يمتد مداها من تورمات في الوجه إلى مشكلات جسيمة في التنفس. وتقول عضو الجمعية الألمانية للجراحات التجميلية الدكتورة ريجينا فاغنر، إن حدوث هذه الأعراض الجانبية يكون نادراً جداً إذا تم العلاج على يد طبيب متخصص مؤهل جيداً. وتؤكد أنه عند استخدام تقنية الحقن السليمة في الموضع المناسب وبالجرعة الصحيحة، يقترب الخطر من الصفر.
بينما أوضح ماير روغه، أن الحقن بـ«البوتوكس» يتطلب على وجه الخصوص معرفة جيدة بعلم التشريح، كي لا يشل الطبيب عضلة خاطئة. ولهذا السبب ينبغي على مَن ترغب في أن تحقن نفسها بـ«البوتوكس» أن تذهب إلى طبيب أمراض جلدية أو إلى أخصائي جراحات تجميلية.
وتلتقط فاغنر طرف الحديث وتضيف «ينبغي أن تحرص المرأة على أن يكون الطبيب عضواً في إحدى الجمعيات المتخصصة في العلاج بـ(البوتوكس)، كي تكون في أيدٍ أمينة». وتعلل ذلك بأن تلك الجمعيات توفر للأطباء الذين يعالجون بـ«البوتوكس» التدريب اللازم من خلال دورات خاصة، وتمنحهم شهادات تؤهلهم للعمل في هذا المجال. ونظير العلاج بـ«البوتوكس» يحصل المريض على باقة كاملة من كريمات العناية ومستحضرات التقشير والصبغات. وفي الختام يجب على كل امرأة أن تمعن التفكير في فوائد ومخاطر «البوتوكس» بنفسها، وأن تدرك جيداً أن الكريمات المحاربة للشيخوخة هي الخيار الأفضل في جميع الأحوال، لكونها لا تنطوي على أخطار.