تؤثر بيئة الطفل على تكوين سمات شخصيته ونموه العقلي، وإثراء خياله، وبالتالي على تنمية مواهبه وقدراته، وتحقيق قدر من الاستقلالية والاعتماد على نفسه بالقيام بواجباته ومسؤولياته في التعاطي مع المفردات التي تشكل تفاصيل غرفته بقدر من الاهتمام، فتبقى هذه المحطة مهمة للطفل حتى يستطيع أن يمارس أنشطته بحرية قد يفتقدها خارج حدود غرفته.
فغرفة الطفل المثالية هي التي تتيح له مساحة من اللعب بمتعة وسعادة، وممارسة هواياته، بالإضافة إلى النوم براحة وهدوء، كما تمثل للطفل بيته الخاص ومكانه المفضل لدعوة أصدقائه، فقبل الشروع في تصميم غرف الأطفال هناك أمور قد تغفل عنها الأسر، وهي عملية تحديد وانتقاء الغرفة المناسبة للأطفال حتى يتحقق فيه قدر من الراحة والأمان والسلامة.
محاكاة خيال الطفل
وتقول رانيا عثمان مصممة ديكور: ربما قد يختلف الكثيرون على عملية اختيار وتحديد الغرفة الملائمة للأطفال، حيث نجد في كثير من الأحيان يتم اختيار الغرف الصغيرة والضيقة لهم، مما تحد هذه الغرف من حركة الطفل ونشاطه، وتقلص رغبته في محاكاة خياله الذي يجعله يعيش في أجواء خاصة وبعيدة عن الواقع الحياتي الذي يعيش فيه الكبار. فهو يحاول أن يترجم أفكاره من خلال سلوكه وحركاته التي بكل تأكيد بحاجة إلى قدر من الحرية والاتساع والمساحة المناسبة كي يستطيع أن يقفز ويتحرك دون أن تعترض طريقه قطع من الأثاث، التي تسبب في تعثره، وقد تسبب له بعض الأذى. لذا لا بد من انتقاء الغرف الواسعة والرحبة للاطفال.
ونجد أن أغلب غرف النوم تقع بالقرب من صالة المعيشة التي تعد محطة للضجيج والإزعاج، مما تقلق راحة الطفل ومنامه، لذا يفضل اختيار الغرف البعيدة نوعا ما عن غرفة المعيشة، وأن تحتوي على قدر من العوازل الصوتية حتى لا تتسلل إليها الاصوات المنبعثة من الخارج، كما يفضل أيضا أن تفرش الأرضية بالسجاد كونها تقلل أيضا من خروج الصوت أو تسلله إلى الداخل. وفي حال إذا كانت الغرفة مطلة على شارع مضاء الأنوار فيفضل وضع ستائر لحجب الضوء عند الحاجة لذلك.
عمر الطفل وميوله
وتضيف رانيا: نجد أن الاطفال يفضلون الغرف المضاءة والمشمسة نظرا لكونهم يقضون معظم نهارهم في اللعب في غرفهم، فالغرفة الموجهه ناحية الشرق، حيث تشرق الشمس بها باكرا تحتاج لستائر من النوع السميك. وفي الأيام الحارة، فإن الغرفة الموجهة غربا ترتفع درجة حرارتها ليلا إذا كانت النوافذ لا تفتح باتساع كبير. ويفضل لهذه الغرف استخدام الستائر الرقيقة لكسر حدة أشعة الشمس مع الحفاظ على الضوء. في حين الغرفة الواقعة في اتجاه الشمال غالبا ما تتمع بقدر من الاضاءة في حال توفر نوافذ متسعة، وإلا فستكون معتمة وباردة. وعادة ما تكون الغرف الواقعة في جهة الجنوب الغربي هي المفضلة للطفل.
كما أن هناك عدة عوامل تؤثر على انتقاء الغرف الملائمة للطفل منها الحالة الانشائية للغرفة، فإذا كانت سيئة الحالة، فيجب التنقيب والبحث عن الأسباب غير الظاهرة قبل البدء في عملية الديكور، كما يجب استبعاد الغرف الرطبة أو التي تعاني من أي مشاكل أخرى ممكن أن تؤثر على صحة الطفل. وبعد تخطي مرحلة الانتقاء السليم للغرف المناسبة للطفل تبدأ عملية تصميم الغرفة بما يتوافق مع عمر الطفل وجنسه وميوله، فكثيرا ما نجد الطفل يحاول أن يعبر عن ذاته وشخصيته من خلال ملامح غرفته التي تحاكي الفكرة العالقة في ذهنه.
شخصيات كرتونية
وتوضح رانيا: من المفضل أن يأخذ الآباء آراء أطفالهم حول تصاميم غرف نومهم، وعادة ما يبدأ الطفل من عمر خمس سنوات في اختيار غرفته الخاصة، التي عادة ما تكون مستوحاه من شخصيات كرتونية حققت أدواراً بطولية عشقها الطفل ورغب في ان تكون جزءا من محيطه وبيئته، حيث ينسج خياله وفكرته على ضوء المكان. ولا بد أن تخطط غرفة الطفل بعناية، بحيث تتناسب مع المتاح من الأثاث والأدوات وأيضا مع احتياجاته هو، وعادة ما يتم تزويد الغرفة بسرير ملائم لعمر الطفل ومريح في الوقت ذاته، ومكتب يتسع للقيام بواجباته المدرسية، وأن تكون الإضاءة جيدة كالانارة المخفية في الجبس أو إنارة الاسقف أو الحوائط حتى يستطيع الطفل القيام بنشاطة بشكل مريح. ونجد الطفل في مرحلة الخمس سنوات إلى العاشرة يهوى جمع بعض المقتنيات التي تتوافق مع ميولهم فيمكن وضع بعض الأرفف التي قد تحمل هذه الأشياء أو يمكن وضعها في الخانة العليا من المكتبة التي تضم القصص والكتب المدرسية، فوجود المكتبة في حيز الغرف تعمل على جذب الطفل للقراءة وحب المطالعة والرغبة في التعرف على ما تضمه هذه الكتب من أحداث وحكايات تثري خياله.
فراشات على الجدران
وترى رانيا عثمان أنه لا بد من تهيأة جدران الغرفة لتحاكي تفاصيل الأثاث ومفرداته، فيمكن أن تحلق الفراشات على جدران غرف الفتيات لتحقق عناصر الجمال والجاذبية في جوانبها وزواياها، مع توافر محطة لوضع قطعة أثاث فيه، من خلال استخدام تقنية فن الرسم على الجدران، في خطوات سريعة قد يقوم بها الفنان لتحويل خيال الطفل إلى عالم واقعي يعيش فيه.
ولترك غرفة الطفل مرتبة ومنظمة لا بد من توفر بعض الوسائل لحفظ أدوات الطفل وألعابه، كصناديق الألعاب التي تعتبر الحل العملي والسريع، حيث يمكن أن يخرج الطفل ألعابه، ويقوم هو بنفسه بإعادتها مجددا دون جهد أو وقت، كما سيكون على قدر من الانضباط والترتيب مع الأيام. ويمكن أن يتم توفير أدراج في أسفل الَأسِرة لحفظ بعض الاغطية أو حتى الأحذية.
شروط السلامة والراحة
يقضي الاطفال عادة معظم أوقاتهم في اللعب على الأرض، فمن الواجب انتقاء الأرضية الملائمة للطفل بحيث تتحقق فيها شروط السلامة والراحة، وأن تكون عملية وقوية، وكثيرا ما تلجأ بعض الأسر إلى اختيار الباركيه نظرا لسهول تنظيفه وجماله ودفئه، كما أنه آمن بالنسبة للأطفال.
كما يمكن أن توزع في جوانب الغرفة بعض قطع السجاد، ومنهم من يفضل الموكيت الذي يعتبر مريحاً، وإن كان سريع التلف والاتساخ.
ونجد في كثير من الأحيان أن العلاقات المتناغمة بين مكونات الغرفة وألوانها أكثر أهمية من التنسيق النمطي لها، فغرف الأطفال تعد واحة يجب أن تجتمع فيها مفاهيم الراحة والسلامة والمتعة حتى تكون بيئة مثالية لهم.