سارة في حيرة من أمرها. طفلها الأول بين يديها، زوجها قربها، ومشاعر جميلة تختلجها. ولكن، ما الذي يستدعي الحزن إذاً؟ ولماذا تبكي أحياناً من جرّاء أمورٍ لم تكن تزعجها عادةً؟
إنجاب طفل قد يشكِّل خبرة مُبهجة ومُرهقة في آن واحد. يمكن أن يجلب الكثير من الفرح، ولكنه قد يشكل أيضاً تحدياً لكِ في أمور غير متوقعة. بعد وقتٍ قصير من الولادة، تشعرين أنه قد أنعم عليك بطفل جميل وشريك محبّ. لكنِّكِ، رغم ذلك تجدين نفسك تبكين من جرّاء أمورٍ لم تكن تزعجكِ عادةً.
إطمئني. كل هذه التغيرات النفسية والجسدية، المعروفة بمشاعر الحزن بعد الولادة (Baby Blues أوPostpartum Blues)، عادية خلال الأسبوعين الأولين. ووفقاً لمجلة Moms To Be، فإنَّ هذه المشاعر أمر شائع لدى 50٪ إلى 75٪ من الأمهات الجدد.
ما هي أعراض الـBaby Blues؟
– غضب.
– تقلب في المزاج.
– اضطرابات في النوم.
– رفض للشريك.
– رفض للطفل.
– قلق.
– أفكار سوداوية ووسواس شبه دائم.
– فقدان الرغبة الجنسية.
– نوبات ذعر.
– زيادة أو فقدان الشهية.
– مشكلات في الجهاز الهضمي (الغثيان، الإمساك…).
– نقص في الطاقة.
– عدم القدرةِ على التركيز.
– صداع.
– عدم وضوح الرؤية.
– آلام في المعدة.
– آلام في الصدر.
– آلام متنقلة من مكان إلى آخر.
بعد الولادة، يشهد جسدك تغيّيرات سريعة: تنخفض مستويات الهرمونات ويدر حليبك، وقد يحتقن الحليب في ثدييك، فتشعرين بالتعب والضغط. كل ذلك يولِّد هذه المشاعر لديكِ، علماً أن العوامل العاطفية تؤدي دوراً أيضاً: قد تشعرين بالقلق حيال صحة طفلك، ومرحلة الأمومة التي تخوضينها أو إمكان عدم التكيّف مع مسؤولياتك اضافة الى روتين حياتك الجديدة.
من المهم أن تدركي أن هذا النوع من الشعور ليس مرضاً، وأنه سوف يزول من تلقاء نفسه. لا تحتاجين إلى أي علاج آخر سوى الطمأنينة والراحة والدعم من الأسرة والأصدقاء… والصبر.
– خصصّي بعض الوقت لنفسك، ما لا يقل عن ساعة واحدة يومياً، للاستمتاع بما يحلو لك. قد يكون ذلك عبر قراءة كتاب جيد، المشي في الطبيعة، أو حتى الإستحمام بمياه ساخنة في الحوض. وقتك الخاص يشكل أمراً مهماً لكل أم جديدة، فتُغذي معنوياتك ويُشعرك بالرضا .
– الرياضة تساعد أيضاً في تخفيف الأعراض: المشي، ركوب الدراجة، السباحة وغيرها… كلها وسائل ممتازة لإطلاق الأندورفين (نوع من الهرمونات) الذي يساعد في رفع المعنويات ورفاهية الشخص الشاملة و تالياً الشعور بالتحسّن، سواء بدنياً وعقلياً.
– الحرمان من النوم يمكن أن يجعل Baby Bluesأسوأ. لذا، حاولي أن تنامي كلما استطعت حتى لمدة عشر دقائق.
– إلجأي إلى دعم صديقك المفضل وشريك حياتك. وشاركيه مشاعرك. أحياناً، الاحتفاظ بمشاعركِ المتناقضة قد يزيد الارتباك بينكما.
– قد يفاجئك أن تدركي أن والدتك قد تكون من ذوي الخبرة بهذه المشاعر، وربما جدّتك أيضاً. لذا، من المفيد أن تتحدثي إليهما عن مشاعركِ.
إذا استنفدت طاقتها وبدت غير واثقة من نفسها، وإذا كان هذا الطفل بكركما، فستصطدم بكل ما هو جديد. أفضل شيء يمكنك القيام به هو طمأنة الأم الجديدة بأن العديد من النساء يختبرن هذه المرحلة بعد الولادة. مجرّد الاستماع إليها وتشجيعها، أو جملة “ما تفعلينه رائع جداً” قد يكفي. حاول أن يبقى عدد الزوّار والمتِّصلين في حدِّه الأدنى. واعلم أن تحضير وجبة عشاء لها يساعد في طرد الشعور بالوحدة. ساهم في وضع جدول لأولوياتها، وتعيين الأشياء التي يجب القيام بها في مقابل الأمور التي يمكن أن تنتظر.
– عبِّر عن استعدادك للإهتمام بطفلكما أثناء قيلولتها وفي وقتها الخاص. هذا الأمر مفيد جذرياً لها ولطفلكما، ولك أيضاً.
– قل لها: “أنتِ لستِ وحدك عندما تختبرين Baby Bluesسوف تتحسن الأعراض، وتشعرين أنكِ طبيعية مرة أخرى. لا تظني لحظة أنك أم رهيبة، أو زوجة فظيعة بسبب هذه المشاعر الموقتة. الوقت، والحب، والتدابير المناسبة، ستجعلك زوجة وأم أكثر سعادة”.
بعضهم يخلط بين الـBaby Blues وبين الـPostpartum Depression، أو اكتئاب ما بعد الولادة… فكيف تميّزين بين الاثنين؟
في الأسبوعين الأوّلين بعد الولادة، قد يتوقع بعض الاضطراب العاطفي. ولكن اذا كنتِ لا تزالين تشعرين بهذه الطريقة أكثر من ثلاثة أسابيع، إلجأي إلى طبيبك لأن المشكلة تخطت الأزمة العابرة وباتت تستوجب علاجاً. والأمر نفسه ينطبق أيضاً، إذا كان لديكِ أو لأحد أفراد أُسرتكِ “تاريخ” من الاكتئاب.