النمط الكلاسيكي يعود مجددا برحابته، وفخامته وأصالته، لتتوج به الردهات الداخلية، وتنطلق من وحي رغبة الأفراد في أن تتشح منازلهم بعباءة هذا النمط الذي ما زال له وزنه وقيمته بين عشاقه، والاستمتاع بهذا الأسلوب الأنيق بكلاسيكيته المعاصرة، التي تتجه إليه أغلب الأذواق، رغبة في مجاراة الحياة المعاصرة وتطور الأثاث فيه، والتي لم تعد محصورة في جانب واحد فقط وهو المودرن أو حتى الكلاسيكي البحت، وإنما نجد التوجه إلى عملية الارتقاء بشكل النمط القديم الكلاسيكي الذي يتحلى بالفخامة والثراء، ويتماشى مع خطوط الموضة الحديثة، التي ترسم ملامح البساطة والراحة، والرغبة في الاسترخاء بعد عناء يوم طويل، والجلوس في رحاب غرفة المعيشة، وقد اكتنزت بمعاني الأناقة الممزوجة بالراحة التي يتوق لها كل فرد في مملكته.
هذا النهج الذي دائما ما يسير عليه المصمم توماس لوندجرين صاحب خطوط مفروشات إحدى شركات الأثاث والديكور الكبرى، من خلال التعاطي مع مفردات وعناصر الديكور التي تعتمد على البساطة والراحة، والوثيرة في تصاميمها، والفخمة بألوانها، فهي تمد النفس بقدر من الانتعاش والاسترخاء والراحة، بحيث تترجم بأسلوب ملفت للنظر، المواد الفاخرة جنباً إلى جنب مع عناصر أنيقة مستوحاة من نمط الحياة المعاصرة، فقد أعاد لوندجرين فتح طيات الإبداع في قطع الأثاث ذات الروح الكلاسيكية التي ما زال يفضلها الكثيرون، ممن يرغبون في أن يعيشوا في محيط أكثر فخامة وثراء.
روح القديم
فقد أراد لونجرين، أن يجاري الحياة المعاصرة بكافة ظروفها ومواقفها وتداعياتها، ومعرفة ما يدور في مخيلة الكثيرين من رغبة وإصرار على إيجاد قطع تتلاءم مع متطلباتهم الحياتية وتوفر لهم الأجواء التي يرغبون أن يأووا إليها بعد عناء يوم حافل بالعمل والضغوط الحياتية، فجاءت مفردات الأثاث مستلهمة من روح القديم بجمالياته وأناقته، إلا أنها غارقة في البساطة والنعومة والهدوء متشحة بالألوان الدافئة التي سرعان ما تعيد للنفس هدوءها. وتجتمع فيها مختلف الخامات، كالنحاس والمعدن والخشب، والجلد، التي امتزجت فيما بينها لتنتج في نهاية الأمر قطعة فنية راقية بجمالية ومتانة وجودة عالية. ولابد عند شراء أي أثاث أن يتقيد المرء بطراز معين، حتى تكتمل اللوحة الفنية بطريقة متوازنة ومنسجمة مع بعضها البعض، من خلال التقيد بأدق تفاصيل نمط الديكور الذي نود أن نعيش في أرجائه، سواء كان النمط الكلاسيكي أو الحديث فكل منهما له خطوط وقواعد خاصة بها لا يمكن تجاوزها أو تجاهلها حتى لا يظهر المكان بصورة غير مألوفة، من هنا لابد من انسجام الأثاث مع الأصباغ التي تكسو الجداريات والإكسسوارات والمفروشات.
سحر القديم
ويضيف لوندجرين: بالرغم من التطور الهائل الذي يشهده عالم الأثاث الذي يبهرنا به المصممون بقطع مبتكرة في شكلها وألوانها، إلا أن لونجرين استعان بسحر القديم والذي يعتبر الاختيار الأول لدى الكثيرين نظرا لروح الفخامة وعنوان القوة والمتانة ودفء تفاصيله الذي ينبض بأسرار القديم وسحرة، فالكثيرون مولعون بهذا النمط من الديكور الذي لا يكتمل أناقته ووجوده إلا إذا تآلفت جميع أجزائه بدءا بالأثاث ووصولا إلى اكسسواراته. ونجد أن النقش والحفر على الأثاث يدويا هو أبرز ما يميز هذا النمط من الديكور المصنوع من خشب الزان والبلوط والماهوجني. مؤكدا أن تاريخ الأثاث هو المنبع الذي يستمد منه المصمم أفكاره، حتى يستطيع أن يبدع من خلال مزج أساسيات هذا النمط مع أفكاره وذوقه، أو ما هو مطلوب في سوق الأثاث، ولو عدنا إلى بداية القرن التاسع عشر، لوجدنا أن هناك أنواعا عديدة من الأخشاب المشتملة على الخشب المطعم سواء بالأصداف أو المعادن أو النحاس. ومنذ نشأ هذا النوع من الخامات فقد برعت صناعة الاثاث اليدوي وتعتبر هذه الفترة من أكثر الفترات فخامة ودقة في الأثاث حيث تميز الأثاث بالحجم الكبير والثقيل والمشغول والمطعم بأنواع مختلفة من الأخشاب والأصداف، كما تنوعت طرز الأثاث على مدار قرون، ومما لا شك فيه أن الأثاث يظل مرآة تعكس صورة الحياة لمجتمعات مضت عليها قرون من الزمان، فالمشاهد للأثاث الكلاسيكي القديم يشعر بمدى القوة والعظمة والمتانة، كذلك المتابع للأثاث الفرنسي بعد عصر النهضة الأوروبية يشعر بالرقة والنعومة والبذخ، فهكذا كان الاثاث وما يزال صورة معبرة لكل عصر من العصور.
ملامح طراز جديد
ويوضح لوندجرين، أننا نجد الطراز لا يبدأ في وقت محدد ولكنه يمر بمرحلة انتقالية تبلغ عدة ســنوات وقد تزيد أو تقل تبعا للعادات والتقاليـد وطبقا للظروف الحضارية لكل طراز، حتى يتخذ الشكل والمميزات الخاصة به.
كما أن ظهور الطراز الجيد لا يمنع من استمرار وبقاء بعض ملامح الطراز السابق إلى جواره، أو حتى امتزاجه به، وإن كان يطغى عليه في بعض الأحوال.
واستعرض لوندجرين بعض أوجه تاريخ الأثاث ومنه الطراز الفرنسي الذي بدأ عليه ملامح تقدم الفنون، والذي كان بداية القرن الخامس عشر وحتى نهاية الثامن عشر حيث كان الأثاث من أكثر الفنون ازدهارا في هذه الفترة، فقد عرفت بعض وحدات الأثاث التي لم تكن معروفة من قبل وظهرت نوعيات كثيرة تؤدي وظائف متعددة مثل المناضد المختلفة الاستعمال والمقاعد المتحركة والمتعددة الأشكال.
ويمتاز هذا العصر بالفخامة لجماله وأحجامه الكبيرة. حيث نجد الجلود والوبر وبعض الخامات الأخرى، التي استخدمت في تغطية بعض قطع الأثاث تعيدنا إلى حياة الأرياف، وتميزت بكبر حجمها، حتى تحقق الراحة والاسترخاء الذي قد يحتاج إليه الفرد بعد يوم عمل طويل وشاق.
خطوط وتصاميم فرنسية
استوحى لونجرين من الفن الفرنسي خطوط أثاثه التي جمع فيها بين الأناقة والراحة، ليقدم في نهاية الأمر توليفة رائعة من قطع الأثاث التي يمكن أن تجتمع في غرفة واحدة بطريقة منظمة ومدروسة، بحيث تظهر كوحدة واحدة لتكتمل المنظومة ولتقوم الردهة بوظيفتها ودورها سواء كانت غرفة نوم أو صالة معيشة أو أي فراغ في المنزل. فالأجواء لابد أن تكون واحدة في نمطها وتسير وفق النهج أو الوتيرة الواحدة، فلا تطغى قطعة على أخرى.