قدم المصمم قاسم القاسم أفكاراً جريئة ومتجددة للعباءة العربية حيث جعلها كأي تصميم من تصاميم الخياطة الراقية له قيمته وجماليته. ومؤخرا طرح مجموعته الجديدة من العباءات التي تميزت بمحاكاتها لأنماط اللباس في الأندلس إبان الحكم الإسلامي، مازجا بطريقة احترافية عبق التاريخ مع فن التصميم المعاصر لتخرج مجموعته مختزلة قصصا من ألف ليلة وليلة في إطار جديد يجعلها تصلح للارتداء في المناسبات الاجتماعية.
حيث مؤخرا قدم القاسم مجموعة متميزة من وحي التراث الشرقي، تميّزت بالزخرفة والترصيع والألوان الفرِحة. تسكنها روح الأناقة الأندلسية وعباءات شرقية، طرّزها بمهارة تجمع بين بهجة التاريخ المشرقي وفن التصميم العملي المعاصر، وخاطها بألوان الفرح التي تخرج هذا الزي من إيقاعه التقليدي إلى رحاب أوسع، مستفيدا من بريق الحضارة الأندلسية.
الاهتمام بالتفاصيل
عن المجموعة الأخيرة، يقول القاسم لـ”الاتحاد”: “تعتني المجموعة بأدق تفاصيل التصميم المعاصر المستند إلى حضارة الأندلس، بدءاً من التاج الذي تعتمره السيدة الشرقية، والذي ينسجم مع لون العباءة ويكمل أناقتها، لجهة نوع القماش الانسيابي الذي يطغى على المجموعة، ويتراوح بين الشيفون، الموسلين، وغيرهما من الأقمشة الهدلة والخفيفة المفعمة بالأنوثة، وانتهاء بالألوان الفرحة التي تحاكي مختلف المواسم، وتتناسب مع مختلف المناسبات الاجتماعية والإطلالات اليومية”.
وكرس القاسم المزيج اللوني لانطباعات هذه المجموعة، حيث بدت بعض الألوان متدرجة، بينما ظهرت أخرى مشرقة بتعدد الألوان في العباءة الواحدة. وتضمنت المجموعة معظم الألوان الفرحة مثل الأخضر، الأبيض، البيج، البني، التوركواز، الأحمر والزهر على اختلاف درجاتهما، كذلك الألوان الصحراوية. ولعل اللافت في هذه المجموعة، هو الرسم التشكيلي على بعض الأقمشة، ما يترك انطباعات ساحرة على التصاميم.
وعن القصات التي يمزجها القاسم بقالب من الحداثة مع التاريخ الشرقي، يوضح “برزت القصات في المجموعة متحدة لناحية تشكّل التصاميم من طبقتين من الأقمشة، وغلب الشيفون على الطبقة العلوية، ما منح العباءة مدى وزاد من تحركها الطبيعي”.
طراز خاص
منح القاسم كل عباءة طرازاً خاص بالتصميم يراعي جميع الأذواق ومختلف المناسبات الاجتماعية الشرقية. وتميزت بعض التصاميم باتساع حجمها في أسفل العباءات، عامداً إلى منحها أطوالاً مختلفة من الأمام أو الخلف أو على الجانبين. فيما أولى التطريز اهتماماً بالغاً سواء على تاج العباءة عند الرأس أو على الصدر أو في الأسفل، ما جعل المجموعة تتمتع بإيقاع فني خاص، يجمع عبق التاريخ مع فن التصميم المعاصر.
الاهتمام بالعباءة بات عالميا، إلى ذلك، يقول القاسم “الاهتمام بالعباءة لم يعد محصورا على الشرق أو المرأة الخليجية، فجماليات هذا الزي تعدت الحدود، وأصبحت تغازل خيال المصممين العالميين الذين يستلهمون منه فساتين سهرة في غاية الأناقة، كما تثير خيال المرأة الغربية. فالعباءة تختزل كثيرا من معاني السحر والغموض الذي يستحضر حكايات ألف ليلة وليلة وقصص أميرات الشرق”. ويضيف “هناك تغييرات أجريت عليها لتصبح أكثر عملية ومواكبة للعصر، وهذا ما زاد من جاذبيتها وحجم الاهتمام بها. ففي معظم دول العالم تحتل واجهات بعض المحال تصاميم العباءات التي استوحت خطوطها من وحي الشرق الأصيل، كما هناك أسماء شابة وعربية تنافس أشهر المصممين العالميين وتتفوق عليهم في هذا المجال. لقد أصبحت العباءات مثار اهتمام معظم صناع الموضة وروادها”.