هناك مقولة قديمة تقول : “المال يمكنه شراء أى شىء إلا الصحة” .. فما أهمية مال العالم إذا واجهت الإنسان الذى يملكه حالة مرضية مستعصية، فالراحة النفسية والجسدية وراحة البال أهم من المال .. وأظهرت الأبحاث أن الدماغ هو الأداة الأكثر قوة وفاعلية فى تحسن الصحة.
يذكر الدكتور آنيل كومار- الطبيب المتخصص فى أمراض القلب بدبى – حالة سيدة تبلغ 30 عاماً كانت تعانى من قصور حاد فى وظائف القلب، ويقول : “كان يعمل قلبها بنسبة 15% فقط، وعندما دخلت المستشفى كانت الرئة ممتلئة بالماء، وواجهت الموت بعد خروجها من غرفة العناية المركزة، إلا أنها قررت بإرادة قوية مواجهة المرض، واتبعت النصائح الطبية التى تلقتها من الأطباء، واحتفظت بكتيب يحتوى على جرعات ومواعيد الدواء الخاص بها، وتابعت مراقبة ضغط الدم من المنزل، كما تابع الأطباء معها من خلال الهاتف يوما بعد يوم، وتدريجياً تحسن أداء عمل قلبها إلى أن وصل إلى 35%، وتلاشى قصور قلبها الذى كانت تعانى منه، مع العلم أن أداء القلب الطبيعى يبدأ من 50%، ويرجع الفضل فى شفائها إلى أسلوب التفكير الإيجابى الذى اتبعته بمساعدة أفراد عائلتها.
ويقول الدكتور آنيل أنه من الواضح أن المرضى يتبعون الأسلوب الإيجابى والتفاؤلى فى التفكير تجاه مرضهم ينجحون أكثر من غيرهم فى تخطى المرض، والأهم أن المرضى الذين لديهم ثقة فى الطبيب المعالج والعناية الطبية المقدمة لهم، يتحسنون أسرع.
ويذكر الدكتور مانيجو لودها- طبيب نساء وتوليد بدبى- أن إحدى مرضاه كانت سيدة تعانى من التعرض للإجهاض المتكرر، وكانت تخشى أن تحمل مرة أخرى وينتهى بها الأمر كسابقه (الإجهاض)، فأعطاها بعض الدورس فى التفكير الإيجابى والتفاؤلى، ووعدها بأن حملها القادم سينجح إذا ما التزمت بالتفاؤل تجاه هذا الحمل، ولحسن الحظ، سرعان ما حملت من جديد، وكان هذا الحمل بمثابة تحد، حيث كانت المهمة الأصعب، هى الإبقاء على معنوياتها مرتفعة، ونجح فى ذلك بالبحث عن كل الحالات المشابهة لحالتها والتى انتهت بالنجاح، وقام بعرضها عليها فى كل زيارة.
وأكملت شهرها الرابع من حملها، وبعد انتهاء فترة الخطر اقتنعت وأفراد أسرتها بمدى قيمة التفكير الإيجابى التفاؤلى، والتزموا بهذا التفكير إلى النهاية، وأخيراً وضعت طفلة تتمتع بصحة جيدة، ويا له من تحد كبير !.
يقول الدكتور مانيجو : “لاأستطيع وصف شعورى بالسعادة لهذا النجاح وأن الأمر انتهى على خير”. وتقول ويفيكا ( طيبة نفسية بدبى) : “إنه لتحد كبير أن تقنع أحداً بالطريقة الإيجابية التفاؤلية فى التفكير، خاصة عندما تكون حياته فى خطر، إلا أنه من خلال الأساليب والطرق النفسية والعقلية الصحيحة يمكن التأثير على الأفراد، وبالتالى ستتحسن صحتهم، فعندما تؤمن بأنك ستتحسن وبأن الوضع سيعود إلى سابق عهده، فعندئذ توجه كل طاقتك وتصرفاتك لدعم هذا النجاح”.
ومن الأمثلة الحية على ذلك حالة ليلى بنداك (58عاماً)، والتى تعمل مصورة، والذى أضاف التفاؤل إلى حياتها الكثير، وساعدها على تخطى الصعاب ومواجهة أخطار الحياة خلال 27 عاماً، وتأمل فى مساعدة المعاقين فى أنحاء الشرق الأوسط .. تقول ليلى : ” ليس هناك أحد إيجابى أو متفائل 100% طوال الوقت، فكنت أمر بأوقات من الأكتئاب، حيث كنت أعتمد على الناس فى قضاء كل أمور حياتى، بدءا من الطعام مرورا بلبس الملابس وحتى فى الاستحمام، وأعرف أنهم يشعرون بالتعب والملل من فعل كل شىء لى، وهذا ما كان يشعرنى بالحزن والألم، إلا أنى سرعان ما تأقلمت مع الوضع، وعلمت أن الحياة لابد وأن تسير، وعلمت أن هناك مهمة لى لابد من إنجازها، وهى مساعدة المعاقين فى الشرق الأوسط، فنظرت إلى الأمام، وبعد زيارتى إلى مراكز مساعدة المعاقين فى دبى وأبو ظبى ، شعرت بمدى المعاملة الجيدة للمعاقين، وهذا ما رفع من روحى المعنوية”.
وتضيف ليلى : “لقد خلقنا الله فى هذه الدنيا لإنجاز شىء ما، سواء كنا أصحاء أو معاقين”
ويكمن التفكير الإيجابى و التفاؤل فى التصرفات التى تتسم بالتكيف والتأقلم مع الظروف المحيطة، وذلك من خلال إيجاد الحلول البديلة بدلا من التركيز على المشاكل، فمن السهل على الإنسان أن يقع فى بؤرة المشاكل والتفكير فى المعتقدات السلبية، وبذلك يكون من المستحيل التفكير فى الآراء الأخرى، فى حين يؤدى التفكير الإيجابى والتفاؤل إلى التخلص والتعافى من الأحداث المؤلمة.
وجد أن التفكير الإيجابى نافع جدا مع الأفراد الذين يعانون من مرض السرطان، فمن خلال دراسة بعض الحالات وجد أن النظرة التفاؤلية للحياة تحسن من الحالة المزاجية والنفسية، وتساعد على التأقلم مع المرض والتخفيف من أعراضه كالإحساس بالدوران والآلم والقىء.
فهناك علاقة بين الأحاسيس الإيجابية والسلبية وبين قابلية الفرد للإصابة بالعدوى، كمثال على ذلك حالة شاهيناز أحمد(60عاما )، والتى عانت من سرطان الثدى حين اكتشفته لأول مرة عام ،1984 ولم يكن فى ذلك الوقت وعى كبير بمرض السرطان .. تقول : “لقد شعرت ببعض الكتل فى ثديى الأيسر، وكان ذلك بداية الكابوس، وعندما رجعت إلى كاليفورنيا حيث أعيش وعرضت نفسى على الطبيب، نظر فى عينى مباشرة وقال لى : ” شاهيناز.. أنتى مصابة بسرطان الثدى” .. فشعرت وكأن السقف قد سقط على رأسى، وبعد إجراء بعض الفحوصات و التحاليل أكد الطبيب الإصابة بالمرض، واقترح إجراء عملية جراحية، وبعد العملية جاءنى زوجى بأخبار سعيدة قائلا : “لقد أزيلت كافة الخلايا السرطانية وأنى لست فى حاجة إلى العلاج الإشعاعى أو الكيميائى”.
وتضيف شاهيناز بصوت يدل على الشكر والعرفان : “لولا الإيمان ومساعدة زوجى لى لما استطعت تخطى الأمر، وأعتقد أن هناك حكمة ما فى إصابتى بالمرض، فالآن أجد نفسى أتجه بشدة إلى مساعدة السيدات اللاتى تعرضن للإصابة بالمرض، ولا أدخر جهداً فى الحديث عن سرطان الثدى، كما أقوم بتوزيع إرشادات حوله، وأقوم بزيارة المريضات فى المستشفى، وأحاول جاهدة أن أنشر الوعى الكافى حول هذا المرض، وأوضح للناس أنه مرض يمكن الشفاء منه وأن هناك دائما ضوء فى نهاية النفق المظلم”
وتضيف : “إننى الآن آكل بشكل جيد وأمارس التمارين الرياضية، إلا أن الشىء الأكثر متعة بالنسبة لى هو الوصول إلى السيدات اللاتى يعانين من المرض لمساعدتهن”.
ويرى الباحثون والأطباء أن الناس الذين ينظرون إلى الحياة من خلال منظار أسود ولا يرون إلا الجانب المظلم منها يعيشون مدة أقل من أولئك الذين ينظرون إليها بتفاؤل ..
وكمثال على ذلك حالة الدكتورة (ريد) البالغة من العمر34عاماً ،والتى اكتشفت إصابتها بمرض السكرى، مما أدى بها فى البداية إلى الشعور بالرعب فتقول : ” لقد شعرت بالرعب عندما اكتشفت أنى مصابة بالسكرى، فقد كنت نحيفة وأشعر بصحة جيدة، ولم يكن فى الحسبان أن أصاب بالسكرى، وشعرت بالأسى عندما عبرت إحدى زميلاتى فى العمل عن آسفها لإصابتى بالمرض، وقالت لى أن المرضى المصابين بالسكرى يموتون أصغر لأن أعضائهم تكبر بصورة أسرع، فشعرت بالإحباط إلى درجة أنى فكرت فى ترك العمل الذى أحببته، ولكن سرعان ما تبدلت حياتى رأسا على عقب عندما قابلت زميلة لى وهى (ديانا)، والتى بدت بصحة جيدة، إلى أن رأيتها يوماً تحقن نفسها بالأنسولين عند تناولها وجبة الإفطار، وقالت لى بكل بساطة وهدوء أنه (عرض وليس مرض)، فانعكس تفاؤلها على فأصبحت أعمل بجد وأقوم بعمل اليوجا من وقت لآخر، وأقوم بالسباحة ثلاث مرات أسبوعياً..
انظر للحياة بتفاؤل ! .. أقبل عليها وتمتع بها ! وابتعد عن التشاؤم والاستسلام للأحزان؛ تبعد عنك الأمراض والآلام.