عادةً ما يواجه الآباء صعوبة بالغة عند إعطاء أطفالهم جرعة الدواء، إذ غالباً ما يغلق الطفل عينيه ويطبق شفتيه على بعضهما بعضاً، كي لا يدخل الدواء إلى فمه، بل ويصل الأمر مع كثير من الأطفال إلى الصراخ المدوي، الأمر الذي يُثير بالطبع غضب الآباء ويُفقدهم أعصابهم في بعض الأحيان.
وكي يتسنى للآباء إعطاء طفلهم الدواء وفقاً لإرشادات الطبيب، سواء كان قطرة للعيون أو للأنف أو للأذن أو كان شراب مضاد حيوي، أو حتى أقماعاً، فيُمكن حينئذٍ أن تساعدهم بعض الحيل البسيطة على القيام بذلك بنجاح، ومن أبرزها ربط موعد الدواء بالمرح وبعض الطقوس المسلية التي تشغل الطفل، وتصرف انتباهه إليها.
وفي بادئ الأمر، يؤكد الأطباء أهمية أن يتحلى الآباء بالصبر، وتخصيص وقت كاف عند إعطاء طفلهم الدواء، كما ينبغي عليهم اطلاع طفلهم على عدم وجود بدائل لهذه الأقراص أو أدوية الشراب أو الأقماع من أجل الشفاء، والعودة للعب واللهو مجدداً.
وإذا كان يتعين على الطفل تناول الدواء بصفة منتظمة، فينصح البروفيسور غيرد غلاسكه من جامعة بريمن الألمانية الآباء بضرورة ربط موعد الدواء بأحد الطقوس المسلية، كأن يقرأوا له قصة مثلاً، إذ يُسهم ذلك في إسعاد الطفل؛ ومن ثمّ يتراجع انتباهه وتركيزه عن التفكير في ما يتناوله من أدوية ويتركز على القصة.
من جانبه، يرى عضو الرابطة الألمانية لأطباء الأطفال والمراهقين بالعاصمة برلين أورليش فيغلر أن مدى قبول الأطفال تناول الأدوية يتحدد في الأساس بناءً على السلوك، الذي يتبعه الآباء معهم عند إعطائهم إياها، ويضرب فيغلر مثالاً على ذلك بقوله «إذا قال الآباء لطفلهم مثلاً (الدواء رائحته كريهة)، فلن يسهم ذلك في تشجيع الطفل على تناول الدواء على الإطلاق».
بينما توصي رئيسة الغرفة الاتحادية للصيادلة الألمان، إيركا فينك، الآباء بضرورة عدم الدخول في مناقشة مع طفلهم لإقناعه بتناول الدواء، فإذا أغمض الطفل عينيه مثلاً، كي لا يأخذ القطرة، فليس هناك أي مشكلة، إذ يُمكن للأب أو الأم وضع القطرة في الزاوية الداخلية لعين الطفل المغلقة، وبذلك ستصل القطرة إلى داخل عين الطفل بمجرد أن يفتحها ثانيةً.
أما إذا كان كلا الوالدان موجودين في هذا الوقت، فينصح طبيب الأطفال الألماني فيغلر بأنه يُمكن لأحدهما فتح جفن الطفل بحذر، وحينئذٍ يبدأ الآخر في وضع القطرة داخل عين الطفل.
وإذا اضطر الطفل لتناول قطرة الأنف بسبب معاناته مرضاً معيّناً، ينصح فيغلر الآباء بضرورة إبقاء الطفل نائماً على ظهره في هذا الوقت، و«ينبغي على الآباء إغلاق إحدى فتحتي أنف الطفل ووضع القطرة في الفتحة الأخرى». بينما يختلف الأمر عند وضع قطرة الأنف للأطفال الصغار للغاية، إذ توصي الصيدلانية الألمانية فينك بوضع القطرة على أعواد قطنية، ثم ترطيب الغشاء المخاطي المبطن للأنف بهذه الأعواد.
وبالنسبة للأقماع، تنصح بأنه من الأفضل أن يتم إدخال القمع من ناحية رأسها المدبب، محذرة من «أن يعطي الآباء طفلهم نصف قمع؛ إذ يشعر الطفل بالألم، إذا لم يكن القمع مدبب الرأس». وإذا اضطر الآباء لتقسيم القمع إلى نصفين، كي لا يأخذ الطفل جرعة كبيرة مثلاً، فينبغي عليهم حينئذٍ تقسيم القمع بشكل طولي.
أما عن الجرعات، فغالباً ما يسهل تحديدها مع الأقراص الدوائية والأقماع والقطرات بأنواعها، بينما يختلف الأمر عند إعطاء أدوية الشراب، لذا يُوصى الآباء بالالتزام بتحديد جرعتها في مكان مضيء على الدوام، مع التحقق من قياس الجرعة بشكل سليم لمرات عدة.
يذكر أنه توجد نوعيات معيّنة من الحقن مخصصة لإعطاء الأطفال الرُضع أدوية الشراب، علماً بأنه من الأفضل أن يتناولها الطفل وهو في وضع قائم.
وبالنسبة للأطفال الأكبر سناً، يُمكن استخدام الملعقة معهم لإعطائهم أدوية الشراب، لكن إذا لم يتناولوه بالكامل من الملعقة، فتنصح فينك الآباء بمحاولة إعطاء طفلهم الجرعة مقسمة إلى نصفين على مرتين. وكإمكانية بديلة لذلك، يشير الباحث في مجال تأثير الأدوية البروفيسور غلاسكه بإضافة الدواء المتبقي في الملعقة إلى أحد المشروبات التي يُفضلها الطفل، مضيفا أنه على الرغم من احتواء عصائر الفواكه والشاي على بعض المكوّنات، التي قد تتفاعل مع الأدوية، إلا أنه ليس هناك وسيلة أخرى يُمكن أن تساعد الآباء على إعطاء الدواء لأطفالهم. ويشدد على ضرورة قراءة النشرة الملحقة بعبوة الدواء قبل إعطائه للطفل مع العصائر، إذ ربما تكون هناك خطورة على الطفل إذا ما قاموا بإضافة الدواء إلى العصير.
أما إذا بصق الأطفال جزءا من العصير المضاف إليه بقية الدواء، فينصح غلاسكه بضرورة الابتعاد تماماً عن إعطاء الطفل جرعة ثانية، أو أن يفكر الآباء في زيادة الجرعة للطفل من تلقاء أنفسهم في المرات المقبلة؛ إذ انهم لا يعرفون بالتحديد كمية المادة الفعّالة التي تلقاها الطفل بالفعل «ويُمكن أن تُصبح الجرعة زائدة للغاية، ما يُلحق ضرراً بالطفل».
ونظراً لقلة وزن الأطفال مقارنةً بالبالغين، ما يؤدي بالطبع إلى زيادة تأثرهم بالمادة الفعّالة الموجودة بالدواء على نحو أسرع، فيشدد المعهد الألماني لتقييم المخاطر بمدينة كولونيا على ضرورة أن يستعلم الآباء من طبيب الأطفال عن كيفية تحديد جرعة الدواء على نحو سليم، وكذلك عن عدد المرات والمدة، التي يجب أن يتناول الطفل خلالها الدواء.