انتشرت في بعض البلاد الإسلامية حلقات الدروس من النساء للنساء في المساجد والمدارس والدور النسائية، وبالرغم من أهميتها فإن توسع الداعيات فيها يتم بطريقة يمكن في بعض الأحيان أن تترتب عليها مشكلات وفتن بسبب جهل التي تدرس أو دخولها في أبواب من العلم. وأصبحت بعض الداعيات تتحكمن في بيوت المسلمين بفتواهن، فضلا عن المحاذير التي قد تحدث بسبب خروج المرأة من بيتها لحضور الدروس في المساجد، ومفاسد سفر بعضهن من بلد إلى بلد بحجة سماعها الدروس وحضور المخيمات الدعوية، وتعرضهن للحوادث المفاجئة والمضايقات.

حيث قالت الدكتورة رجاء حزين الأستاذ بجامعة الأزهر إن رسالة الإسلام تؤكد أهمية العلم وطلب المعرفة للمرأة والرجل حتى يصبح المجتمع كله متعلما يستطيع أن يقوم بدوره في تعمير الكون ونشر العدل والرحمة والمجتمعات تتقدم وتتطور بدرجة ما تحصله من علم ومعارف وما تتيحه لأبنائها من فرص التزود بالعلوم ويتساوى في ذلك الرجال والنساء والرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: «إنما النساء شقائق الرجال».

وقالت إن جميع النصوص والمرجعيات الدينية تساوي بين الرجال والنساء في حق طلب العلم والسعي لنيل نصيب من المعرفة والرقي، مؤكدة انه لا يوجد في الإسلام ما يمنع المرأة من ذلك، بل فتح لها الدين باب العلم واسعا حتى تتحمل مسؤوليتها وتكون عارفة بأحكام دينها.

وأضافت أن التاريخ والواقع يؤكد أن المرأة المسلمة تلقت العلم وصارت مرجعا للعلم الشرعي، فقد حرصت الرسالة المحمدية على وجود داعيات إلى الله منذ بداية انطلاقها، وكان أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- يبلغن العلم وينشرن الدين، وهناك دواوين السنة في الرواية عنهن، بل وعن الطبقات من النساء بعدهن ممن روي عنهن الرجال وحملوا عنهن العلم، وقد ترجم الحافظ ابن حجر العسقلاني في كتابه «الإصابة في تمييز الصحابة» وحده لثلاث وأربعين وخمسمائة وألف امرأة منهن الفقيهات والمحدثات والأديبات.

الحياة الاجتماعية

وأشارت الى ان المرأة المسلمة كانت تشارك الرجال في الحياة الاجتماعية العامة مع التزامها بزيها الشرعي ومحافظتها على حدود الإسلام وآدابه، حتى إن من النساء الصحابيات من تولت الحسبة، ومن ذلك ما رواه الطبراني في «المعجم الكبير» بسند رجال ثقات عن أبي بلج يحيى بن أبي سليم قال:»رأيت سمراء بنت نهيك -وكانت قد أدركت النبي -صلى الله عليه وسلم- عليها درع غليظ وخمار غليظ بيدها سوط تؤدب الناس وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر».

وأوضحت أنه لا يمكن إنكار هذا الواقع الثابت في السنة النبوية الشريفة والتاريخ الإسلامي لأن فيه ظلما وتشددا وتشويها لحقائق الإسلام، وينبغي أن يكون هناك نساء داعيات، بل من الواجب أن يكون هناك نساء متعلمات العلم الشرعي بحيث يقصدن من النساء بالسؤال، لأن كثيرا من النساء يتحرجن أن يتوجهن بأسئلتهن الخاصة بهن إلى أفاضل العلماء. كما أن المرأة أكثر قدرة على التواصل مع بنت جنسها والتأثير فيهن.

وتقول الدكتورة ملكة زرار أستاذ الشريعة والداعية الإسلامية إن أعظم المسؤوليات في الحياة الإسلامية هي مسؤولية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة الى الله، والدين السمح جعل الرجل والمرأة شريكين في تحمل هذه المسؤولية مصداقا لقوله تعالى: «والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله ان الله عزيز حكيم»، وأضافت أن هدي الإسلام حض المرأة على العلم بشرع الله عز وجل والتفقه في الدين وأن تكون عالمة بما يصحح عقيدتها ويقوم عبادتها ويضبط سلوكها بأدب الإسلام في اللباس والزينة وغيرها.

وأكدت انه يمكن للمرأة أن تترقي في العلم حتى تبلغ درجة الاجتهاد، وكتب السيرة بينت أن امرأة ردت على أمير المؤمنين عمر الفاروق وهو يتحدث فوق المنبر على ملأ من الناس، فرجع عن رأيه إلى رأيها وقال:» أصابت امرأة وأخطأ عمر».

ضوابط

وذكرت أن الإسلام وضع ضوابط لحماية المرأة وصيانة الأعراض عند خروجها لطلب العلم أو العمل والمشاركة والتفاعل مع المجتمع، مؤكدة أن الشريعة لا تفرض على المرأة ما يعرقل حركتها أو يمنعها من أداء دورها مادام ذلك في حدود الشرع، ويجوز أن تخرج المرأة للمشاركة في المنتديات والمخيمات الدعوية، الا إذا كان في خروجها ضرر أو تقصير في مسؤولياتها تجاه بيتها وأولادها وزوجها أو إذا خشيت على نفسها الفتنة.

وحذرت الدكتورة آمنة نصير الاستاذ بجامعة الازهر: من تعامل المؤسسات الدينية الرسمية مع الدعوة النسائية من منطق الترف، وقالت إن بعض هذه الجهات تكتفي بإعداد أعداد رمزية من الداعيات النساء، وتترك الساحة للجمعيات الدعوية الخاصة التي في الغالب يكون اهتمامها منصب على النساء التابعات لها سواء في إعداد الداعيات أو تنظيم اللقاءات الدينية. كما أنها لا تملك قدرة الوصول إلى الملايين من النساء.

وشددت على أهمية الدعوة النسائية وتكوين كوادر من الداعيات المسلمات، وقالت إن الدعوة إلى الله فريضة إسلامية على كل مسلمة كما هي على كل مسلم، قال تعالى: «ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر» 104 آل عمران.

وتضيف انه يحسن أن تبتعد الداعيات عن الأمور التي تحتاج لتبحر في العلم الشرعي خاصة العقيدة وأدلتها والأحكام الفقهية، وأن تتحلى بصفات منها العلم بما تدعو إليه وامتلاك خلفية إسلامية كاملة، وتوضح أن العمل الدعوي رسالة ويجب على الداعيات أن يحرصن على تثقيف أنفسهن، والاستفادة من ثورة المعلومات وخبرات علماء الدين والداعيات الأخريات، وحضور الندوات والمحاضرات.

وقالت إن حرص الداعية على أن تكون قدوة حسنة من أهم الأمور التي تحقق التأثير وتجلب القبول، مضيفة أن الاعتدال والوسطية وحسن الخلق والتواضع ولين الجانب والصبر والاهتمام بالمظهر الخارجي صفات ضرورية يجب أن تتحلى بها الداعية.

Avatar photo

By حواء مصر

محررة موقع حواء مصر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *