بعد أن صدر أخيرًا تشكيل المجلس القومي للمرأة.. تباينت ردود الأفعال في الأوساط السياسية بين المؤيدين والمعارضين، الفريق الأول يري أن إعادة تشكيل المجلس يعتبر بمثابة فرصة للنهوض بالمرأة المصرية والاهتمام بقضاياها المختلفة، أما الفريق الثاني فقد رفع الرايات السوداء أمام هذا التشكيل في ظل وجود المجلس العسكري.
وطالب بضرورة الانتظار حتي يصدر تشكيله من رئيس الجمهورية المنتخب في الشهور القادمة .
في البداية ترى سناء السعيد – عضو مجلس الشعب وعضو المجلس القومي للمرأة بعد تشكيله – أن المجلس في تشكيله الجديد يقع عليه دور كبير في النهوض بالمجتمع وتنمية قدرات المرأة ورفع وعيها السياسي وحثها علي المشاركة السياسية، وأكدت علي أهمية دوره الفعال الذي لا يمكن إنكاره أو التقليل منه أو التشكيك في وجوده.
تعويض عن البرلمان
وتضيف أن وجود 20 سيدة في هذا التشكيل الجديد للمجلس قد يكون تعويضاً عن النسبة المتدنية للسيدات في برلمان الثورة، مشيرة إلي أن هذا التشكيل يضم العديد من السيدات اللاتي لهن اهتمام كبير بقضايا المرأة وباع طويل في متابعة هذه القضايا.
وتستنكر السعيد الدعوة التي تطالب بعرض تشكيل المجلس القومي للمرأة علي مجلس الشعب لأنه قرار خاص برئيس الجمهورية الممثل في المجلس العسكري في تلك الفترة، وأن قانون المجلس القومي لا ينص علي عرض تشكيله علي مجلسي الشعب والشوري .
أما عن أداء المجلس القومي للمرأة في الفترة القادمة فتعتقد أنه سوف يؤدي دوره بشكل مميز ويخدم المجتمع بوجه عام والمرأة بشكل خاص .
بعيد عن قضايا المرأة
وتقول الدكتورة نجوي كامل – أستاذ الإعلام والوكيل السابق لكلية الإعلام جامعة القاهرة لشئون البيئة والمجتمع – إنها لا تمانع من إعادة تشكيل المجلس القومي للمرأة وتري أنه يمثل كل التيارات الموجودة في المجتمع، ولكنها تعترض علي بعض الأعضاء الذين تم اختيارهم داخل المجلس لأنهم على حد قولها أعضاء وعضوات ليس لهم أي علاقة بقضايا المرأة.
وتضيف: “أقرب مثال علي ذلك اختيار الدكتورة رضوي عاشور- المنتمية للتيار اليساري – مع كامل احترامي لها كقيمة علمية – إلا أنها ليس لها اهتمام بقضايا المرأة ..ولكن توجد سيدات ينتمين لنفس التيار ولكن لهن اهتماما كبيرا بقضايا المرأة منذ فترة طويلة مثل فريدة النقاش وفتحية العسال” .
كما أنه كان من الممكن أن يضم شخصيات إعلامية وأكاديميات لهن خبرة طويلة في الاهتمام بقضايا المرأة كالدكتورة عواطف عبد الرحمن، التي لها اهتمام واضح بهذه القضايا منذ السبعينات، لذلك لابد أن يكون هناك معايير يتم بناءً عليها اختيار أعضاء هذا المجلس .
وتقترح أستاذ الإعلام علي المجلس الجديد أن يحدد من البداية الأجندة الجديدة له، وأن يضع أولوياته بالنسبة للمرأة كسيدة وكمواطن في المجتمع ككل ..لأنه في ظل غياب هذه الأولويات سوف يزداد الوضع سوءاً، وكذلك يجب طرح هذه الأولويات للنقاش العام علي كافة المستويات.. سواء مجلس الشعب والشوري أوالجمعيات المهتمة بشئون المرأة والكليات في كافة الجامعات المصرية.
محاولة لاسترضاء الغرب
أما عزة سليمان، رئيس مجلس أمناء مركز قضايا المرأة المصرية، فتقول إن منظمات المجتمع المدني بصفة عامة تطالب بضرورة وجود آلية وطنية تمثل الحكومة وتنفذ السياسات والاستراتيجيات المعنية بالمرأة، والتي تقضي علي كافة أشكال التمييز ضدها، ولكن نرفض أن يتم تشكيل المجلس القومي للمرأة في ظل حكم المجلس العسكري للبلاد لأنه التحدي الأول أمام تحقيق الديمقراطية – علي حد قولها – .
وتضيف أن هناك بعض الشخصيات التي تم تعيينها بهذا المجلس محسوبة علي النظام السابق، وكانوا أعضاء في لجنة السياسات بالحزب الوطني المنحل وهذه الشخصيات كانت “خادمة” لملف التوريث، مشيرة إلي أن إجراءات وأدوات تشكيل هذا المجلس هي نفسها الإجراءات التي كان يتبعها النظام السابق وفيها استمرار للسياسات المخذلة التي كانت متبعة في العهد البائد، بالإضافة إلي أنه لا توجد أي معايير موضوعية تم علي أساسها تشكيل هذا المجلس .
وتؤكد رئيس مجلس أمناء مركز قضايا المرأة أن توقيت تشكيل هذا المجلس ماهو إلا محاولة لاسترضاء الغرب، ولا يشبع الاحتياجات الأساسية لقضايا المرأة، فكان من الممكن أن يتم تشكيله قبل إجراء الانتخابات البرلمانية حتي يكون له دور في تبني مجموعة من السيدات يدفع بهن للترشح، أو يطالب بضروة بقاء الكوتة حتي يكون للسيدات تمثيل حقيقي تحت القبة، أو يتم تشكيل هذا المجلس بعد انتهاء المرحلة الانتقالية لكي يتم تشكيله عن طريق رئيس الجمهورية المنتخب، ويتم إعادة هيكلته وإعطاؤه الصلاحيات التي تؤهله لمناقشة قضايا المرأة بصورة حقيقية .
تحدي للديمقراطية
وتتفق معها في الرأي عزة الجرف – عضو مجلس الشعب عن حزب الحرية والعدالة – فتري أن التشكيل الجديد للمجلس القومي للمرأة مرفوض تماماً لأن المجلس العسكري انفرد بهذا القرار ولم يستشر القوي الوطنية أو الأحزاب السياسية، وهذه المرحلة التي نمر بها لا يمكن أن ينفرد فيها أحد بالقرار.
وتضيف أنه كان من المفترض أن يتم إجراء الحوارات والمشاورات مع القوي الوطنية علي أهداف هذا المجلس وأهميته في هذه الفترة، والاتفاق علي طريقة لتشكيله تخدم قضايا المرأة حتي لا يكون المجلس الجديد صورة من المجلس القديم الذي دمر الأسرة المصرية وكان عبئا عليها أكثر منه نافع لها.
مشيرة إلي أن حزب الحرية والعدالة يرفض أيضاً توقيت الاستعجال في تشكيل هذا المجلس في الوقت الحالي، وكان من المفترض أن يتم تشكيله بعد وضع الدستور وإجراء الانتخابات الرئاسية .